|
رســالةٌ إلى جوان ماكنلي |
|
|
برليـــن 01.07.2010 عزيزتي جوان صباح الخير آمُلُ في أن تظلّي بخير ، وأنتِ في مرفأ الصيد العتيق ، جْـرِنْـزْبي ، ومنزلِكِ الأول ، منزل أمِّكِ وأبيكِ. لتكن أيّامُكِ هناكَ مفعَمةً بالحنانِ الذي تَنشدينه. اليومَ ، الأول من تموز ، أبدأُ شهري الثاني ، من إقامةٍ ببرلين. وأمسِ ، احتفلتُ مع ابنتي شيراز ، بعيد ميلادها. كان الاحتفال بسيطاً. ذهبنا إلى منطقـــة " التيجل القديمة " وتناولنا بيتزا في مطعمٍ إيطاليّ متواضع . أردنا أوّلاً Alt-Tegel أن نتعشّى في ذلك المطعمِ الذي تعشّينا فيه ،أنتِ ، أنا ، شيراز ، قبل عامٍ ، إلاّ أن الصيف كان ساخناً، وأنتِ تعرفين وجباتِ المطعمِ الثقيلةَ . بدأتُ آلَفُ العيشَ اليوميّ ، في هذه العاصمة الأوربية العريقة . أشعرُ أن سكّانَ برلين أقلُّ تحفُّظاً ، وأرحبُ صدراً ، من سكّانِ عواصمَ مثل لندن وباريس. قد أكون متعجِّلاً في الـحُكمِ ، لأني زائرٌ . أحكامُ الزائرِ غيرُ أحكامِ الـمُـقِـيمِ كما تعرفين. على أيّ حالٍ ، أنا لا أشعرُ ، هنا ، في برلين ، بأني أجاورُ مَن احتلّوا مدينتي " البصرة " ، وأعادوا استعمارَ العراق. وأنتِ تعْلمينَ أنني منحتُ ، حزبَ المحافظين ، صوتي ، في الانتخابات البريطانية الأخيرة ، ليسَ لأني أعدتُ النظر في قناعاتي اليسارية الراديكاليّة ، بل لأنني لم أُرِدْ أن أمنحَ صوتي لحزبِ حكومةِ المحتلّين. أذكرُ أننا تحدّثْنا طويلاً حول الأمرِ. أنتِ أيضاً ، لم تصوِّتي لحزب العمّال. كنتِ تقولين : هذا ليسَ حزباً للعمّال. عزيزتي جوان تسلّمتُ رسالتَكِ ، أمسِ ، وسُعِدْتُ لأنكِ دائبةٌ ، كعهدِكِ ، على الكتابة ، وإدامةِ حَـمْـلتِكِ لاستعادةِ حقوقِكِ . كما سَـرَّني أنكِ تخطِّطينَ لرِحلةٍ طويلةٍ . مَن يدري ... قد نكون معاً في رحلةِ الـحُـلْـمِ هذه ! قبلاتي . |
|
تحت شجرةٍ لا أعرفُ لها اســماً |
|
|
ربما كانت شجرةَ بلّوطٍ. هي ، بالتأكيد ، ليست صفصافةً ليست صنوبرةً أو ســروةً ليست شجرةَ الزانِ السامقةَ إلخ... إلخ... هل عليّ أن أقولَ أيضاً : إنها ليست نخلةً ؟ ..................... ..................... ..................... تحت هذه الشجرةِ أنا والعصافير. فوقَ هذه الشجرةِ أنا والعصافير. السماءُ الصافيةُ تجعلُ الورقَ الأخضرَ يَـشِـفُّ حتى كأني أُبصِرُ الورقةَ التاليةَ عبرَ الورقةِ الأولى. " يا شجرةً مُزهِرةً بالطيور" الإسبانيّ خوان رامون خمينيث ، أنطقَ الألمانيّةَ الجهمةَ أغرودةً ... سأظلُّ جالساً تحت هذه الشجرةِ الشجرةِ التي لا أعرفُ لها اسماً الشجرةِ التي لا تعرفُني. ................... ................... ................... العصافيرُ فقط تَطْـمَـئِنُّ إليّ. برلين 01.07.2010 |
الـمِـيــراث |
|
|
في أواخر الثمانينيّاتِ ، أطَلَّ على المجموعة العراقية الصغيرة في قبرص " نيقوسيا " ، وكلُّها تحت خيمةٍ فلسطينيةٍ ، شخصٌ غريبٌ . شابٌّ يحملُ جوازَ سفرٍ أميركيّاً ، ويتخذُ السوادَ لباساً ، ويحمل أوراقَ رســمِهِ في حلِّـه وترحالِه . هذا الشاّب اسمه : هيثم عبد الجبّار عبد الله ليس من عراقيّ يخطئ في تشخيصِ الشابّ . إنه ابنُ عبد الجبار عبد الله ، عالم الفيزياء الشهير ، أوّل عميدٍ للجامعة الوطنية، جامعة بغداد ، بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958. كان هيثم يريد أن يطلَّ علينا ، نحن عراقيّي المنفى القبرصيّ . لم نحْسِن وفادتَه كعادتِنا . تحرير السماوي وحدَها اهتمّتْ به ، كما يليق. التقيتُ هيثماً أكثرَ من مرّةٍ. ثم رحلَ هيثم عنّا ، عائداً إلى نيويورك حيث يقيم. في أحد الأيام أعطاني صديقٌ كان هناك، تخطيطاتِ بورتريه لي ، من عمل هيثم. احتفظتُ بالتخطيطات. * قبل سنين أتيحتْ لي فرصة زيارة نيويورك . سألتُ تحرير السماوي( المرحومة) إن كانت لا تزال على اتصالٍ بهيثم . نعم . وأعطتْني رقم هاتفِه هناك. أخذتُ تخطيطاتِه معي. ربّما أرادَ الاحتفاظ بها . هاتَـفـتُـُه. التقَينا في " القرية" على كأسَي بيرة. فرِحَ برؤية التخطيطاتِ ، لكنه آثَرَ أن أحتفظَ بها ، أنا . وماذا تفعلُ يا هيثم ، هنا ؟ قال: أنا أعملُ في متحف الميتروبوليتان ! أخبرتُه أنني زرتُ المتحفَ ، وأريدُ أن أذهبَ إلى متحف الفن الحديث " الموم" اختصاراً. قال: سأرتِّبُ زيارةً خاصّةً لكما ( كنتُ مع أندريا، آنذاك ، وهي رسّامةٌ محترفةٌ ). وقد صدَقَ حُرٌّ ما وعَدَ. الحـقَّ أقولُ إنّ هيثم عبد الجبّار عبد الله تلقّى ميراثاً صعباً ثقيلاً وعليه أن ينهضَ به ... النجمُ الـمندائيّ ليس لُعبـةً يُتَـلَهّـى بها وهيثم يعرف ذلك. * في " المتروبوليتان " وفي الجامـعـة ... وفي مَظهرِهِ الزِّمِّـيتِ يفعلُ ما يريدُ. يفعل ما يرى أننا نريدُ. ولم يخطئ . لم يخطئ ، البتّـةَ تخطيطات هيثم القبرصيّة أحوالُ الكائنِ في مستوطنةٍ إغريقيّةٍ بالمتوسِّط
|
اخر تحديث الخميس, 23 دجنبر/كانون أول 2010 21:57 |
|
غُــرفــةُ إســماعيــل |
|
|
Alexenderenen Str. 115 نافذةٌ في الغرفةِ لا بابٌ ... إنْ حاولتَ دخولَ الغرفةِ فابحَثْ عن مفتاحٍ للنافذةِ. ( البابُ تظلُّ ، كما كانتْ مؤصَدةً ) حاوِلْ أن تجدَ المفتاحَ و لا تيأسْ ... ( إسماعيلُ يظلُّ الصامتَ ) ربّتما كان المفتاحُ بجيبِ الطيّارِ الحربيّ المخبولِ أو الرسّامِ البغداديّ الهاربِ من بطشِ رفاقٍ أوباشٍ في عدَنٍ ... أو أنّ المفتاحَ مع الصيّادِ المتمدِّدِ تحت الشمسِ بساحلِ أبْــيَــنَ ... (كان شيوعيّاً من " باب الشّيخِ" تخرَّجَ في رومانيا ) أو أن المفتاحَ بِجِــيْــدِ فتاةٍ كانتْ تتدرَّبُ في " مسرحِ بغدادَ الفنّيّ ". .................. .................. .................. المفتاحُ أهَـمُّ من البابِ المفتاحُ سيفتحُ كلَّ الأبوابِ الأبوابِ المؤصَدةِ الأبوابِ المرصودةِ أبوابِ جهنّمَ والجنّةِ والبيكاجي ... أبوابِ الـمَنفيّ ببرلينَ الشرقيّةِ : إسماعيل ! * إسماعيل ، هو إسماعيل خليل ، المخرج المســرحيّ العراقيّ. |
يومـيّـاتُ روما |
|
|
" يوميّات روما " ، أو " قصائد إيروتيكيّـة " ، هي مجموعةٌ صغيرةٌ من قصائدَ كتبَها الشاعر الألمانيّ غوته ، عن رحلته الإيطاليّة. القصائدُ نُشِرَتْ في حياته غير كاملة ، ولم تُنشَر كاملةً إلاّ بعد وفاتِه. بل أن صديقه الشاعر شيللّر الذي كان يصدِر مجلةً أدبيةً في فايمار ،هي" دي هورن" مارَسَ نوعاً من الرقابة ، وطلبَ من غوته الامتناع عن نشرِ إحدى القصائد ، كما حذفَ من قصيدةٍ أخرى. * بإمكاننا الآن النظرُ إلى الأمر كله في ظروف القرنين الثامن عشر و التاسع عشـر بألمانيا ، معتبرين دورَ المنصبِ الرسميّ ، والوضعِ الاجتماعيّ ، لغوته ، آنذاك. هذه القصائد الإيروتيكيّةُ ، متفاوتةٌ في صراحتِها.بعضُها يمكن إدراجُه في ما اصطُـلِـحَ عليه عندنا بـ " الأيريّات " ، مثل قصائده التي تمجِّـدُ بريابوس " المرادفَ اللاتينيّ للأيـــر . بعضُها يمكن إدراجُه في الشعر الفاضح ، مثل تلك القصيدة التي كتبَها عن فينيسيا " البندقية " مقارِناً بينَ ضيقِ أحدِ أزقّتِها ، وضِيقِ فرْجِ عشيقتِه الإيطاليّة . كأنه يؤكدُ قولَ تلك الأعرابيّةِ: يريدونه ضَـيِّـقاً ، ضَـيَّـقَ اللهُ عليهم ! بعضُها تُـمْكِنُ إحالـتُــه على السـرد ، مثل تلك القصيدة التي يروي فيها كيف تعطّلت العربةُ التي كان يسافرُ بها ، فاضطرّ على المبيت في نُزْلٍ . وهناك أقامَ علاقةًً مع فتاة الـنُّـزْلِ التي تسلّلتْ إلى فراشِــه حين انتصفَ الليلُ ، ولم يستطعْ أن يمضي في عملية الحبّ معها بعد أن قالت له إنها عذراء... وثمّتَ قصائدُ يتحدث فيها عن عشيقتِه الإيطالية التي كلّفتْـه عِشـرتُها ثروةً ، كما ذكرَ صديقٌ له ، وكيف أن تلك الشابّةَ كانت تختالُ وهي في العربة في طريقِها إلى الأوبرا ... إنه سعيدٌ بأن يروي تفاصيلَ الفراشِ وما يجري فيه ، كأن في الإعادةِ إفادةً ، كما يقالُ. وهناك كلامٌ عن ضعفٍ جنسيّ كان غوته يعاني منه ، ومن هنا جاءتْ رحلتُه الإيطالية باعتبارها نوعاً من علاجٍ يبدو أنه كان شافياً. بعد عودة الشاعر من إيطاليا ، تزوّجَ فتاةً في الثامنة عشــرة ! " قصائد إيروتيكيّـة" تُعتبَر من نتاج غوته ذي القيمةِ الشِعرية العالية من ناحية الصنعة الشِعرية ، ويُنظَـر إليها أيضاً باعتبارِها جزءاً من المهمّة التي نهضَ غوته بها باعتباره " محرِّراً " ، وفاتحَ آفاقٍ في الثقافة الألمانية ، والمجتمع الألمانيّ بعامّةٍ. |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالى > النهاية >>
|
Page 8 of 10 |