|
مُـوبي دِكْ |
|
|
Moby Dick تخطيط بالكومبيوتر 27.06.2010 |
اخر تحديث الخميس, 23 دجنبر/كانون أول 2010 21:53 |
|
رادِسُ الغــابةِ |
|
|
يأتيكَ الاسمُ من حيثُ لا تدري ، وآنَ لا تدري. تغمغِمُ في سِـرِّكَ ، فينفتحُ نعيـمٌ . هاهي ذي " رادسُ الغابةِ " ملتفّةٌ بأشجارِها وظِلالِها العميقةِ. نوافذُها تكادُ تَخْـفَـى من متعرِّشٍ ومتسلِّقٍ . خضرةٌ ذاتُ أفوافٍ وتدرُّجاتٍ وندىً. لَكأنَّ تونسَ العاصمةَ خلعتْ جُبّـةَ القاضي ، أو بِزّةَ الشرطيّ، ولاذت بالطبيعةِ خلاصاً. هنا ، ظلَّ عبد الرحمن بن أيوب ، يهدهِدُ " تِـبْــرَ الزمانِ " حُلماً على الوسادةِ والورق. هنا أيضاً ، ودّعَ محمد الصغير أولاد أحمد، شقاوةَ صِبا ، فأمسى ربَّ عائلةٍ. كلّما دخلتُ رادسَ الغابةِ تذكّرتُ أندريه جِيد في " قوتِ الأرض " وهو يصلِّـي لبلدةٍ جزائريةٍ لِصْقَ العاصمةِ ، أيضاً ، هي " الـبُـلَـيدة ". وهي لِـبْـلِـيده ، بالنّطقِ الجزائريّ. ما يُبهِجُ المرءَ في تونسَ ، أن الطبيعة لم تزَلْ موضعَ احترامٍ نسبيّ . مرّةً كنت مع محمد لطفي اليوسفي ، في سيّارته " الأودي" القديمة ، نخترقُ غيضةً، فيها أشجارٌ ما رأيتُ مثلَها من قبلُ. سألتُ : أيّ أشجارٍ هذه يا لطفي ؟ اجابَ : أشجارُ الفلّين . إنها محميّةٌ . * أحببتُ إحدى قريبات عبد الرحمن بن أيوب . كانت من " قرقنة ". لكنها لم تُحبِـبْـني . وقد فعلتْ خيراً ، لها ، ولي. " رادِس الغابة " لا تزال تتموَّجُ بضحكةِ تلك التي لم تُحبِبْني. كانت ضحكتُها مثل أجراسِ فضّةٍ. * قبل فترةٍ ، اتّصَلَ بي منصف الوهَيبي ، شاعرُ تونس الأصيل ، قال لي : البقاء في حياتك. محجوب العيّاري رحلَ... محجوب العيّاري ، الشاعر ، المتمردُ بطريقته ، رحلَ ضاحكاً ، بعد أن سهرَ طويلاً ، ودخّنَ ثقيلاً. محجوب هو مَن دعاني إلى " نابِل " لأكون في ضيافته ، في " نُزْلِ إيمان" حيث السيدة ليلى .العيّاري ، أخذني مرّةً إلى بستانٍ من بساتين " نابل" البحرية ، فيه نفحةٌ من " رادس الغابة" محجوب العيّاري كان مولَّهاً بـ " تونس العاصمة".بـ" رادس الغابة " تحديداً . |
الســاحةُ في الصــباح |
|
|
Hanne Solbek Platz يفتحُ هذا المقهى – المطعمُ ، في العاشرةِ ، البابَ المقهى- المطعمُ ، صينيٌّ ( حيث جلستُ إلى طاولةٍ فارغةٍ ) والساحةُ ( حيثُ مَداخلُ أرصفةٍ لقطاراتِ المدنِ الألمانيّةِ ) ما زالت موحشةً وتظلّ الساحةُ موحشةً حتى العاشــرةِ ... الفتياتُ سيأتينَ ، يسابِقْنَ حقائبَهُنَّ إلى الأرصفةِ السودِ ؛ سيأتي الأتراكُ بما زرعوا وسيأتي أكرادُ الأتراكِ بما صنَعَ الأتراكُ ، وتأتي الدرّاجاتُ لِـتُربَطَ كالخيلِ ( عليّ الآنَ مغادرةُ الطاولةِ ) ................. ................. ................. الساحةُ تستيقظُ لكنْ ، متأخرةً ... مثلَ امرأةٍ في الخمسينَ مُدَوَّخةٍ من ليلةِ حُبّ ! برلين 30.06.2010 |
|
الصّيفُ ناعمــاً |
|
|
تدورُ طويلاً في المخازنِ كلّما أتتْ مخزناً دارتْ قليلاً وفكّرتْ قليلاً ولم تلمُسْ ولم تشترِ ... ....................... ....................... ....................... الضحى ربيعٌ ، كأنّ الصيفَ راجَـعَ نفسَهُ فهَبَّ خفيفاً. ليتَها ، الصبحَ ، قد نضَتْ غلائلَها واختارت البحرَ ! ليتَها ! ولكنَّ مَن تهوى بعيدٌ... تـلَـبّــثَـتْ ومدّتْ يداً : أوّاه ، لو كان ههنا ، يداعبُني تحتَ القميصِ . سأشتري القميصَ ... وأرضى بالذي أتحسس ! برلين 30.06.2010 |
محمّــد عـفـيـفي مطَــــــر |
|
|
30. O6.2010 الشعراءُ يرحلون هكذا ، صامتينَ ، منسيّينَ. هل سيذكرُهم أحدٌ ؟ في هذا الكرنفالِ الجنازيّ لأمّـةٍ أُخرِجَتْ ، قهراً ، من التاريخ ، لا أحدَ يذكرُ أحداً . مصرُ ذاتُ خصوصيّةٍ هنا أيضاً. قبل محمد عفيفي مطر، مَن كان يتذكّرُ محمد صالح؟ وقبل محمد صالح ، مَن كان يتذكّر صلاح عبد الصبور ؟ * محمد عفيفي مطر ، مات بما مات به ملايينُ المصريين ، منذ كانت مصرُ ، ومنذ كان النيل . مات بفايروس الكبِد الوبائي. ربما كان عفيفي أكثرَ تعرُّضاُ للإصابةِ بالوباء ، بسببٍ من طبيعةِ غذائه ، اللصيقةِ بفقرٍ حقيقيّ. محمد كان يعيش في القرية ، في الغيط ( بتعبيره ) ، وكان إذا حلَّ بالقاهرةِ جلبَ معه غذاءه: جُبناً قَريشاً ، وأعشاباً من الحقل ، بصلاً وثوماً وكّراثاً وجرجيراً . كان يقول لي : ظلَّ الفلاّحُ المصريّ ، لا يتناول من الساخنِ غيرَ الشاي. * لا أعتقدُ أن شاعراً مصرياً لقِيَ من العنَت والظلمِ ، ما لقيه محمد عفيفي مطر. لقد اعتُقِلَ ، وعُذِّبَ ، حتى كاد جسده يتهدّمُ تماماً. ظلَّ أعواماً خاضعاً لعلاجٍ قد يُصلِحُ ما أفسده التعذيبُ من عصبٍ وعظمٍ ولحمٍ. أمّا تهمتُه فهي انتماؤه إلى حزب البعث. * كان بيني وبين الرجلِ بُرودٌ ما ، بسببٍ من سياجٍ سياسيّ صفيقٍ كان بيننا. في إحدى زياراتي ، للقاهرة ، اعتذرتُ له ، وقرأنا معاً في أمسيةٍ من أماسي معرض القاهرة الدوليّ للكتاب. وأظنني ، بِتُّ ليلةً ، ضيفاً عليه ، في شقّته المتواضعة ، التي تحاذي النيل. وكان غذاؤنا بعضَ ما جاء به من " الغيط " : الجبن القَريش والجرجير. رحلَ محمد عفيفي مطر. عفيفَ اليدِ واللسانِ. |
|
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالى > النهاية >>
|
Page 7 of 10 |