|
الشيوعيّ الأخير يدخلُ في النفَق |
|
|
كان صباحاً صيفيّـاً حقّــاً ؛ جارتُهُ خرجتْ من بابِ الدارِ ، وقد كشفَتْ للشمسِ خميصَ البطْنِ بنصفِ قميصٍ ... والوردُ الإيرلنديُّ تَفَـتَّـحَ كالبرقِ ، وجاءَ النحلُ ليمتصَّ رحيقَ بنفسجةٍ وتَرَجَّحَ سنجابٌ من غصنِ صنوبرةٍ دانٍ وتَبَدَّتْ في الـمَرْجِ خيولٌ تلعبُ . ....................... ....................... ....................... كان صباحاً صيفيّاً حقّاً ... ويفكّـرُ " س " : لماذا أجلسُ وحدي ؟ فلأذهبْ صوبَ النهرِ ... أراقبُ موجاً يتطامَنُ بين نسائمَ هادئةٍ وزوارقَ من لوحٍ فضِّـيٍّ ، وأرى الفتَياتِ يُلاعِبْنَ الفِتيانَ على العشبِ وأسمعُ أغنيةَ الموسيقيّ الجوّال ، وأختارُ كتاباً من كتبٍ مستعمَلَةٍ وأسيرُ على مهلٍ أضحكُ للدنيا ! ...................... ...................... ...................... كان صباحاً صيفيّاً حقّــاً ... لم يتحرّكْ " س " ظلَّ على جلستِهِ بالشُّرْفةِ . لم يُتْـمِـمْ قهوتَــهُ لم يُنصِتْ للموسيقى . أمسِ ، تلَقّى ، عبرَ الإنترنَتْ ، الخبرَ : الأمريكيّونَ أقاموا حفلةَ قتْلٍ لعراقيّينَ شبابٍ . - أينَ ؟ - متى؟ * كارل ماركس تنبّــأَ : إنّ الـخُـلْـدَ الأحمرَ يحفرُ في النفقِ . لندن 09.06.2006 |
|
الشيوعيّ الأخير يُشعـلُ عودَ ثقّابٍ |
|
|
مقهى رصيفٍ في ضواحي لندنَ الغربيّةِ المقهى صغيرٌ فيه طاولتانِ : واحدةٌ بها شابّانِ وامرأةٌ وأخرى كان ينتظرُ الصديقةَ عندَها … قالت له ( ولْـنَفترِضْ أن اسمَها ليلى ) : أكونُ ، لديكَ ، في المقهى ، إذا انتصَفَ النهارُ ؛ فلم تجيءْ. مرّتْ دقائقُ عشــرٌ ، الشابّانِ راحا في سبيلِهِــما وتلكَ الـمرأةُ استلّـتْ كتاباً من حقيبتِها … وفَـكَّـرَ " س " : إنْ لم تأتِ ليلى بعدَ خمسِ دقائقَ … استغنَيتُ عنها ، عن ضفيرتِها ، وعن تلك المواعيدِ التي قد أخْـلَـفَـتْـها كلَّــها . ……………… ……………… ………………. لم تأتِ ليلى! المرأةُ الأخرى أشارتْ تطلبُ الثقّابَ. أدركَ " س " أنّ الأرضَ واسعةٌ وأنّ الخيرَ في ما اختارت الدنيا … تَحَــوَّلَ أشعلَ الثقّابَ أدنى وجهَهُ من وجهِ تلكَ المرأةِ الأخرى وقالَ : أتسمحين؟ لندن 13.06.2006 |
الشيوعيّ الأخيــر يُعَدِّلُ في النشيدِ الأممي |
|
|
كان الشيوعيُّ الأخيرُ يقولُ إن نشيدَنا الأُمميّ ملتبسٌ قليلاً … قرنانِ قد مَـرّا عليهِ تَخافَقَتْ في الريحِ والأمطارِ راياتٌ تعالَتْ باســمِـهِ وتَنَكَّسَتْ أخرى وما عادتْ نُحاسيّاتُ موسيقاهُ موسيقى الشبيبةِ في مسيراتِ الشــوارعِ … إنّ كلَّ مظاهراتِ اليومِ ، تبدأُ بالقَـيـاثِـرِ لا الطبول … و ثَـمَّ شـيءٌ قد يُقالُ عن الأغاني والفضاءِ وعن جنونِ الأغنيــاءِ … مضى الشيوعيُّ الأخيرُ يُـعَـدِّلُ الكلماتِ ، شيئاً ، إذْ يُغَنِّــيها : هُـبُّــوا ضحايا الإضطهادِ ضحايا هَولِ الأغنياءْ بُركانُ الفِكْـرِ في اتِّـقادِ إننا آيةُ الســماءْ … ………………….. …………………. ……………….. لكنَّ ما يضَعُ الشيوعيَّ الأخيرَ بمأزقٍ ، هوَ : مَن سيسمعُهُ إذا غنّـى ؟ إنْ كانت الكلماتُ من قرنَينِ أو من لحظةٍ أو مِن زجاجٍ … مَن سيسمعُهُ إذا غـنَّـى ؟ لندن 22.06.2006 |
|
الشيوعيّ الأخير يتطوّع .... |
|
|
أمضى الشيوعيُّ الأخيرُ ، الليلَ ، معترِكاً مع الجاثومِ ... كانت طائراتٌ تخطِفُ الأطفالَ من نُعْمى أسِــرَّتِهِم ، وتعلو في الهواءِ لتقذفَ الأطفالَ نحوَ بيوتِ أهليهِم ، وكان الوردُ والرمّـانُ يسترُ وجهَ " حَيِّ السـلَّـمِ " المنخوبَ بالطلَقاتِ ... ثَـمَّ مَساحبٌ للـمَرْكباتِ العسكريّةِ ثَـمَّ مدافعٌ طلعتْ من البحرِ السماءُ ثقيلةٌ حمراءُ شمسٌ في الهواءِ القرمزويّ تكادُ تذوبُ ... لُبنانُ الـمُـوَلْوِلُ يدفعُ الأمواجَ مُـدَّرِعاً ويغطِسُ في القرار ... ........................ ........................ ........................ يقولُ " س " : كأننا في 82 ... يا ما أعذبَ الذكرى ! تطَـوَّعْـنا وقاتَـلْـنا وكنّا نحرسُ الرمّانَ في بستانِ " حيِّ السُّـلَّـمِ " ... * شهداء عراقيّون كانوا أربعةً في حيّ السلَّـم قنّاصي دبّاباتٍ ورواةَ قصائدْ كانوا عشّاقاً لفلسطينَ رفاقاً في بغدادِ وأمسَوا أشجاراً في " حيّ السلّم " أربعةً كانوا في حيّ " السلّم " . بيروت 05.08.1982 .......................... .......................... .......................... الأعوامُ أيّامٌ وهاأنذا أُثَبِّتُ خطوتي متطوِّعاً وأسيرُ منحدِراً مع الأنهــار ... لندن 16.07.2006 |
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 التالى > النهاية >>
|
Page 6 of 6 |