|
الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّــة |
|
|
ســعدي يوسف كان الشيوعيّ الأخيرُ مؤرَّقاً في ليلةِ الأحدِ ، الصديقةُ غادرتْ ظُهراً إلى باريسَ ، والمطرُ الخفيفُ يجيءُ أثقلَ ، لحظةً من بعدِ أخرى . والنبيذُ الأستراليُّ الذي قد كان يكْـرَعُـهُ بأقداحٍ كبارٍ كادَ يصرعُـهُ ! وجاءته المصيبةُ عند بطّـاريّةِ السيّارةِ . الأشياءُ قد همدت ؛ فماذا يفعلُ الآنَ ؟ الشيوعيُّ الأخيرُ مضى ينقِّبُ في الرفوفِ العالياتِ … وثَـمَّ أتربةٌ على الكتبِ العتيقةِ . ثَمَّ نسْجُ العنكبوتِ ، وما تبقّـى من جناحَي نحلةٍ . لكنه استلَّ الكتابَ ، وراحَ يقرأُ : أمرُنا عجبٌ ! مَلاكٌ جاءَ يصطحبُ الشيوعيَّ الأخيرَ إلى جِنانِ الـخُلْــدِ … قالَ لهُ : لقد طوّفتُ في الآفاقِ ســبعاً ، كي أصادفَ طاهراً . كان الذين رأيتُهم قوماً عجيبينَ … الصلاةُ وكلُّ شـيءٍ . غير أني كنتُ أسألُ عن عقيقِ سَـجِـيّـتَينِ : الطُّهرِ والعدلِ . السماءُ تفتّحتْ … فلننطلقْ ، لتكونَ في الفردوسِ بعد دقيقةٍ ! كان الشيوعيُّ الأخيرُ مكوَّماً فوقَ الأريكةِ هاديءَ الأنفاسِ مبتسماً … كأنّ روائحَ الفردوسِ تُفْـعِمُ قصرَهُ الليليَّ حقّـاً ! لندن 28.6.2006 |
|
الشيوعيّ الأخيرُ يذهب الى باريس (N) |
|
|
|
اخر تحديث الجمعة, 21 دجنبر/كانون أول 2007 15:01 |
الشيوعيّ الأخير يسبح في خليج عدن |
|
|
ســعدي يوســف قد طالَ ما ألقيتُ أثوابي وأتعابي على حجرٍ ، لأسبحَ في الخليجِ … إلى يميني شاطيءٌ مترددٌ بين الحصا والرملِ ، ألـمَحُ في يساري عالياً بين الصخورِ فناريَ الأعمى وكان البحرُ يهدأُ في الخليجِ وتلعبُ الأسماكُ بالألوانِ : أحمرَ ، أصفرَ … الفسفورُ يطفو ، والقواقعُ تختفي في الموجِ ؛ ثَـمَّ هسيسُ أطرافِ الســراطينِ الـخَـفِـيُّ وحبْلُ مرساةٍ تقَـطَّعَ قبل أعوامٍ ، وأهبِطُ … كنتُ ألتمِسُ انغماراً لا يفارقُني … انغماراً يجعلُ الـجسدَ امتداداً للمياهِ وللنجومِ اللامعاتِ هناكَ في القاعِ ؛ انغماراً لا تُـمَـيِّــزُ فيهِ بين يديكَ والشمسِ . الخليجُ يُطِلُّ من عدَنٍ على عدَنٍ ومن عدَنٍ على يَـمَـنٍ سيُبْــحرُ في الصباحِ ليبْـلُغَ الـجَـنّـاتِ …………................. …..…………………. ……………………… ما أبهى الـمَعادَ ! كأنني ما زلتُ في عدَنٍ ؛ وأثوابي وأتعابي على حَجَــرٍ هناك ! لندن 31/5/2006
|
|
الشيوعيّ الأخير يعود من الشاطيء |
|
|
ســعدي يوسـف كان الشيوعيّ الأخير يدورُ بين محطة الباصات والـمقهى الصباحيّ … النوارسُ لاتزال تدور زاعقةً فُويقَ الناسِ والطُّرُقاتِ والحِصْـنِ القديمِ ، ولا تزالُ صبيّــةُ الـمقهى تعدِّلُ شَعرَها المنفوشَ ليلاً ؛ - يا صباحَ الخيرِ ! لم أعرفْ بأنكَ ههنا … * قد جئتُ أمسِ ، لكي أعودَ اليومَ ! - قُلْ لي : أيّ شيطانٍ قد استدعاك ؟ يأتي الناسُ كي يستمتعوا بالبحرِ والرملِ الدفيءِ ؛ وأنتَ تعودُ كالمجنونِ ؟ * ليس الأمرُ هذا … قصّــتي كانت مفاتيحي ! . ………………….. …………………… …………………… أتعرفُ ؟ كنتُ بعدَ شتائنا القاسي وقضــقضةِ العــظامِ أُحِسُّ بلهفةٍ للبحرِ . كنتُ أريدُ أن أُلـــقي بأتعابي وأثوابي عــلى رملِ الشواطيءِ … نحنُ ملاّحونَ في المعــمورةِ ! البــحرُ المحيطُ يُـتِـمُّ رِحلتَـنا ويَبدؤها . أتحسبُني تركتُ البحرَ والرملَ الدفيءَ وفتنةَ الأجسادِ مختاراً ؟ كأنك يا صديقي لستَ تعرفُني ! ألَمْ أُخبِرْكَ ؟ ليس الأمرُ هذا . قصّـتي كانت مفاتيــحي . * أتيتُ إلى المدينـــةِ ( ولتـكنْ إيستبورنْ Eastbourne ) . واستأجرتُ غرفةَ منزلٍ . ومشيتُ نحوَ الشاطيءِ . الأمـواجُ كانت كالجبالِ . وثَمَّ ريحٌ صَرصَرٌ . والناسُ يرتعدون من بردٍ عرايا . فتنةُ الأجسادِ قد ذهبتْ مع الريحِ ! انتظرتُ دقائقَ … الموجُ العنيف يرشرشُ الممشى ، ويبلغُ أوّلَ المقهى . إذاً ، هل أرتمي في الماءِ أم أرتَـدُّ نحو غُرَيفـتي بالمنزلِ ؟ استجـمَعتُ بُقيا من حماقاتِ الصِّـبا ، وهبطتُ ، مثلَ قذيفةٍ ، في الماء . * هل كنتَ تدري أنني متمرِّسٌ بالغوصِ ؟ ذاكَ الصُّبحَ فــي إيستبورنَ غُصْتُ إلى قرارِ البحرِ . كان القاعُ أصلعَ . لانباتَ ولا قواقعَ فيــهِ . والأسماكُ قد رحلتْ إلى بحر الشمالِ … الكهرمانُ هناكَ . والمرجانُ ينبتُ في الجنوبِ . وهكذا قررتُ أن أعلو إلى حيثُ المقاهي والملاهي والهواءُ . لقد أطللتُ … أدركتُ الحقيقةَ . ليس في القاعِ العجيبِ ســوايَ . سوف أقول للناسِ ، الحقيقةَ . سوفَ أرفعُ في مقاهي البلدةِ البحريـةِ الأنخابَ . سوف أقولُ : مرحىً للشيوعيّ الأخيرِ ! ومـرحباً بفضيحةِ الأسماءِ والأشياء … مجدُكَ أن تغوصَ إلى قرارِ البحرِ مجدُكَ أن تقول ! * والآنَ تسـألنـي عن المفتاحِ ؟ سوف أقول شيئاً مضحكاً : ضاعت مفاتيحي بقاعِ البحرِ … لكني أخَـبِّـيءُ نسخةً أخرى بلبلابِ الحديقةْ ! لندن 4/6/2006 |
الشيوعيّ الأخير يشتري قميصاً |
|
|
ســعدي يوســف ظلَّ الشيوعيُّ الأخيرُ ، هو ، الفقيرَ ... فإنْ تَدَبَّــرَ أمرَهُ يوماً ، وصارَ الـمالُ يملأُ جيبَهُ ( تأتي مصادَفةً ) تأبّطَ مالَــهُ ومضى يبدِّدُهُ : المقاهي والمطاعمُ ، والصديقاتُ اللواتي صِرْنَ قد أحبَـبْـنَهُ تَوّاً … ورُبَّـتَـما تَـذَكَّــرَ أمْـرَهُ – أن يشتري ، مثلاً ، قميصاً ! ……….......... ….…………. …………….. كمْ أحَبَّ السوقَ ! تلكَ الواجهاتِ ، وباعةَ السِّـلَعِ المزوَّرةِ الصبايا العاملاتِ وذلكَ الصعلوكَ عند المدخلِ الخلفيّ للبارِ العتيقِ … وكم أحَبَّ مصاطبَ السوقِ ! العجائزُ ، والسكارى الصبحَ ، والأطفال … والشجرُ الذي ما زال يعبَقُ بالندى الليليّ … ينتبهُ الشيوعيُّ الأخيرُ : ألم أجيءْ كي أشتري شيئاً ؟ قميصاً رُبَّما ؟ …………….. …………….. …………….. يدنو من البارِ العتيقِ يمازحُ الصعلوكَ … يدعوه إلى كأسٍ ، وصحنِ فطائرٍ بالـجُـبْنِ ينتبذانِ زاويةً . ومثلَ البرقِ يقتنعُ الشيوعيُّ الأخيرُ بأن لونَ قميصِـه أبهى وأن تجارةَ القمصانِ ليستْ شأنَـهُ ؛ أن الحياةَ تريدهُ حُرّاً ، وأحمرَ أن لون قميصهِ سيظلُّ أحمرَ قانياً ، ولْـتَسقط القمصانُ إنْ كانت ستَعْرِضُ بَـيعَـه ، هوَ ، في مَزادِ السوقْ … لندن 5/6/2006 |
اخر تحديث الجمعة, 21 دجنبر/كانون أول 2007 14:50 |
|
|
<< البداية < السابق 1 2 3 4 5 6 7 التالى > النهاية >>
|
Page 7 of 7 |