السبت, 20 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 322 زائر على الخط
مقالات عن سعدي يوسف طباعة البريد الإلكترونى

علاء هاشم مناف

الحدث الشعري عند سعدي يوسف
بقلم : علاء هاشم مناف

ان النظرية الشعرية ..والصياغات المتحققة منها …تجعلنا نقف لنتعامل .. مع المراحل التاريخية بعينها لكي يشكل ناتج فعل التحول باتجاهات بعينها والتي تشكل الجانب الضدي ،المتباين ،ليشكل بدوره الفعل من الانساق . والمراجعة .. وعلاقاتها .. بالمعطيات ، والصيغ والاوضاع المتحولة . التي يحددها الوعي .. في اطار العملية الجدلية ، ومعطياتها واوضاعها … والمراجعة المستمرة  لعمليات التصاعد في الانساق وهي تشكل المنطق الجديد في تشكيلاته ليقدم الصيغ النسبية . والشاعر العراقي ((سعدي يوسف)) يؤكد اللحظات التاريخية  ،بالصياغات الشعرية ونسبيتها وهي تقتحم ، النظرية الفكرية والشعرية باسئلتها الاساسية والملحة .. بالصياغات الدقيقة ، التي تشكل المنطق الصوري ..بشكله القانوني 0

ان النظرية ،من منظورها المتناقض في نسبيته والذي يشكل الجواب الشافي .. على المرحلة التاريخية ، في اطار الموضوع الابستمولوجي ،وهو يمتد ليشكل كل التفاصيل والعلائق ، والمستويات المتجاورة حد الموضوعية والاستجابة لكل منعطفات النصوص الشعرية .. والا ماذا يعني التسرب الذي حصل في النص الشعري .عند الشاعر ((سعدي يوسف)) وهو يحدد دعواه الشمولية بمنطق اديولوجي وعبر صياغات تعد القانون الخاص بالنظرية ،  والتطبيق  الذي يحصل بتفاصيل التجربة ومدلول العملية الاطلاقية 0
ان القضية  المركزية في شعر ((سعدي يوسف)) هي عملية الانغلاق التي تحصل بمركزية العلة الايديولوجية ،وهذه العملية تنقلب الى منطق واضح..يؤكده الوعي الثابت بدعوى الشمول0والاطلاق الدقيق للمراجعة النظرية .. وبتاكيد الوعي المتناقض داخل النص الشعري الى القدرة الاستيعابية في الوعي النظري عبر المراجعة الدقيقة ودراسة المنظومات , والتصور الذي يهدف الى تحقيق نتائج توازي الحدث التاريخي وتحقيق منعطف يبرهن على خصوصية وخواص التجربة في إطار كل مرحلة تاريخية يقول سعدي يوسف :
هذا الكامنُ المأخوذ بالاشياء في قارته القديمة
والمختبئ في القلعة العظمى الذي ضنهُ الاطفال يوماً
كرة الاسمال يلهون بها ،
أو حسبته المرأة الصخر الذي يدلك رجليها .
ويتأكد الانفجار المتسارع في قصيدة سعدي يوسف عبر المتغير الابستمولوجي المستمر والصراع الذي يطغي على التفسيرات , والتأويلات والاعادة المستمرة في موضوع المساءلة والاعتراف الدقيق في المقاربات النظرية والضربات المتوالية التي تحدث في القصيدة .
أيها الطفل , الذي علّمه القرآن حرف العطف :
من يدخل في الحجرة , في مقتبل الليل ؟
من السلمان سلّمنا
صر عند باب السجن ,
مثل القمل فتَّشنا.
ويتأكد منطق الممارسة في الجدلية الحوارية الدائرة بين النص وقارئه وهو السياق الذي يؤكد منطق الممارسة وفي سلامة إلقاء المزيد من الضوء على المساحة الدقيقة لموضوع المساءلة والذي يتأكد من خلال هذه المواجهة للمنظور الشعري وحركة المواجهة من خلال المنظور السياسي , بالفعل والهواجس والتشخيص الذي مثل وجوداً فريداً في أنسجة التقابلات السيكولوجية .
والشاعر سعدي يوسف يتحدث دائماً عن الوعي النسبي في إطار منطقه الاجتماعي والسياسي والوعي الوجودي داخل العموم السيكولوجي .
إن الهتاف الشعري عند سعدي يوسف ليس فيه غموض بل فيه المنطق الابستمولوجي لتوضيح أصوله ومرجعياته التاريخية والتي ترجع الى الصياغات الفكرية الاولى والى أشياء يوضحها الدرس السياسي , وهذه المفارقة التي يتمتع بها الشاعر في إطار منطق المتحدث بإعتبارها النواظم الفكرية وبهتاف يأخذ شكله المتصاعد من ناحية الوضع التاريخي للانسان في العراق وما يواجهه من ممنوعات , ثم يأتي بعدها التحول في مجالات المنطق السسيولوجي .
ولم يترك لنا السجان حتى لمسة القرآن .
فالحضور يترك بصماته في لحظات الاكتشاف للاكثر جرأة ومرارة .
فاللحظة القدرية بواقعيتها السياسية عند الشاعر هي فعلاً أبستمولوجياً متكوناً من عناصر الموضوع في زمن محسوب بنسبية للحالة الانفعالية وهذا ما صنعه المنهج الفكري في عملية التغيير .
باب الحجرة المسقول باللّمس , وبالاعشاب المضطربة
ظل مفتوحاً على كل المصابيح .
هنا يبدأ التحول في النسق من منظور التطابق الفكري مع الحدث وباتجاه النسق الذي يصبح وثيقة سابقة للحدث وهو المفهوم الجديد لعمليات التعاقب , وطابعه الرئيس والدقيق في عمليات التغيير لنوعية الانسان وفي أنساقه وآليات تفكيره , وتحديد الخصائص النوعيه لهذا الانسان وهل هو مستعد لعمليات الاختيار بمعادلة وطنية واضحة .
تستقيم المشنقةُ
أبداً في آخر الحجرةِ ...
ثم تأخذ  القصيدة بالنمو وبالشكل الموضوعي لتأخذ صفة المسؤولية الدائمة على المستوى الوطني وتؤكد التصور بأن الحديث يتطلب من المسؤولية ما تعجز عنه القوى المضادة للفكر والحياة . هذا الدوام الثابت في قراره الوطني و عصر الثبات والتصور الموضوعي لمنطق الحدث , والمستويات المتغيرة داخل هذه الانساق .
والشاعر سعدي يوسف معني بشكل خاص بهذا الموضوع من منطلق التعاقب في خصوصية الاحداث التاريخية والشعرية , والحدث الشعري الذي يأخذ بالنمو المتسارع والمتصاعد بمستوى يميز الاستخدام الامثل لمنطق الحدث .
في سيارة من (نقرة السلمان) ...
الى رايات (بتروغراد)
في عينين من غزّة؟

سلمنا الى حراس (بعقوبة) ([1])

إن نسبية الموضوع الشعري المتغير بأداة التحول والحدث داخل القصيدة , فالمنظور الشعري يتحث عن الاستخدامات المتعددة في صنع النسق الفكري وتكوينه عبر متحولات كثيرة واستخدامات مطلقة وبصيغ نسبية متغيرة .
ان الحدث الشعري عند سعدي يوسف بحلقاته المتقدمة يأخذ المستوى المتصل دائماً بحلقات متوازنة وبموضوعية منصفة في التعبير عن وقائع الحدث .
يدخل الحجرة عشرون نبياً .
يحملون الورق الجاهز ، والقهوة , والاحكام
والليل الذي غادر ...
إن الارض التي يقف فوقها الشاعر سعدي يوسف سرعان ماتؤكد خصائصها وأصالتها عندما تتوضح عمليات التشعب باقتضاب واقعي ،وفني مرتبط بصياغات السرد الفني داخل النص الشعري ،فالواقعية عند الشاعر ،هي الوقائع الفعلية في النص والتي تتناول السرد المتيقن والدقيق للحدث على نمط قصائد شكسبير في السونيتات الشعرية المقتضبة والمتقنة ,يتحول بعد ذلك الى نمط تغيري ,وبمستويات تحدد خواصها وموضوعاتها النسبية المتغيرة بخصوص عمليات التعاقب بالــحدث
الشعري.فالصورة تتكرر بأستمارار داخل متون القصيدة

عشرون نبياً أحدقوا بالمشنقة
وضعوا الطفل الفلسطيني في دائرة الضوء :
عمود المشنقة .
أن التطابق في العملية الشعرية عند سعدي يوسف تأتي من التعددية في التجربة الشعرية , والمعالجة , والاختلاف , والارتباط داخل الحدث . وأن بنية الارادة داخل القصيدة هي قضية واضحة المعالم وتؤكد الحدث الشعري وكذلك الاسناد في منهج تأملي يتفق فيه مع منطق (هوسرل) ويدخل قليلاً في دهاليز (باربوس وبروست)
لو أني أهتديت الى بيتها
لاقل (جدلاً)
هل سأحفظ زراً على الباب ؟
كيف أرد الجواب ؟
وكيف أحدق في وجهها .
أن الحدث الشعري يغزو المشكلات الاتية ويحيل الصدارة ويحيل المشكلة اللغوية والفكرية وكذلك يحيل فلسفة الافعال المتجاورة التي تطرح دائماً اللغة المباشرة الى حلقة ألسنية لكنها توفر المألوف من الصور الشعرية مثل الغوص في الكلمات والدفاع عن وثنية الحدث بشكل فعلي وناضج . ماذا بقي من النص الشعري والامر على مقربة من أستقلال الموضوع للشاعر سعدي يوسف؟ وبالتالي أين هو منطق الشعرية اذا كان الحدث الشعري غير متوازن . وبقي (تودروف) يضيف التعديلات , والذاتية التي لم تأخذ مكانها الدقيق عند الشاعر . فكان سعدي يوسف نتيجة , ومقدمة , وحوار .
ركب الموج فيه وجاء التباعد من البداية وأختفى الحديث الطويل وأختفى الكشف عن القوانين , وبقي عمود المحاسبة المتوازن في إطار منهجية الشعر وفضاءات القصيدة المدروسة عند الشاعر , والحدث الشعري هو فضيلة من التواضع تنطلق دائماً من الواقع المعاش لتبدأ بالثبات وموضوعها التغيير بأستمرار .
يقف الطفل الفلسطيني في الحجرة
تصغي الانبياء
لصرير الحكم
تصغي الطبقة
للارادية ,
تصغي المشنقة .
أن تحليل الخطاب الشعري يأتي بالعمل الشعري الاشمل للحدث الشعري هكذا أكد (سوسير) منذ زمن في ان الزمن والحدث واللغة أشياء متقاربة وهي تؤكد المستوى الشعري الدقيق ليتوافق في تذويب العملية الشعرية وتوراتها وأنساقها المتصاعدة داخل صياغات الخطاب الشعري ويظل المقصد الشعري بأعتباره الاطار العام والمنهجي للخطاب وهو الصيغة المثلى للنظرية الشعرية وهي تأخذ شكل الوعي المتصاعد في خصوصيات الطبيعة الثقافية هكذا يتحقق الدور الانتقالي للحدث الى المواجهة بقصد تأكيد التصاعد للانساق الشعرية لتحتل الصدارة في الخطاب الشعري وتأكيد الحس الدلالي للحدث .
منذ عشرين عاماً وعامين
لي منزل بدمشق العتيقة
وجدرانه راحتاي
وأشجاره لهفتي .
أن الحضور الشعري يحقق الموضوع وبدرجة عالية من الوضوح وكذلك هو الحضور الدقيق والمستقل في الرؤية المنطقية للنشاط الشعري من منظوري التفسير والتغيير ودرجة الوعي الشعري عند الشاعر وهي العلامة الدقيقة في خصوصية الحداثة في الشعر والوعي المتيقض في نسيج القصيدة . فالقصيدة هي عملية التغاير المستمر في خواصها بالاعتماد على الاعمدة الافقية في تأسيس السلم العمودي لكي تبقى سلسلة القصيدة مترابطة.
ما صحف اليوم ؟
وفي القهوة أشرب نفسي
في الشاي أرى وجه أمرأتي.
فالاجابة على عدة أسئلة يعطي للصورة الشعرية تمايزها والتاكد من الاجابة على الوظيفة البنيوية للقصيدة بكل المستويات الفاعلة على مستوى العلاقات السيكولوجية والوظيفية , وهذا يتوضح من خلال التحليل لعناصر القصيدة في سياقات التجربة وبالمدى المنسجم مع القدرة والفعل الخطابي للنص الشعري أن التفاعل بين عناصر : المواقف الشعرية بأستخدام القدرة الدقيقة في التشبيه والعناية الفائقة باللغة وبالعنصر الشعري والمشاركة بالفعل الموضوعي والتشكيل النهائي من حيث الاعطاء للابعاد المؤثرة التي تتعلق بالفعل النهائي للحدث الشعري فالشاعر سعدي يوسف يختار الحدث الشعري الذي يحدد خواص المشاركة في الصورة النهائية , أساسها الهدوء الزاحف على النص وفق بركان إنفجاري لا محال ليضع الاستجابة الواعية والدقيقة رغم اشكالية النص الشعري المفتوح .
تحت ضوءٍ خفيف
لم يعد أحد يرهق البار..
والان يأتي الجميع :
محاسبة البار
والقهوجي الجميل
فتضل هذه العلاقة في إطار الصورة والباقات الشعرية عند سعدي يوسف هي المحرك الاساس في توثيق عنصر الكثافة والتوتر الدائم في أنساق القصيدة المتنوعة والتي تنتقل بترابطات وتداعيات تؤكدها تراكيب الحدث الشعري بعلاقاته الجيدة وتراكيب هذه العلاقات وموضوعاتها ، تأتي متبلورة بخصائص الخيال الذي تمليه التداعيات والاستجابة لدلالات الحدث المبهمة .

المراجع :
سعدي يوسف ديوان شعر الجزء الثاني .
----------------------------------------------------------
 
سعدي يوسف في الأخضر بن يوسف طائر يوائم بين أساطير الزمكان شاعر ألقي مراسيه في بؤر التاريخ
 بقلم: علاء هاشم مناف

في هذه المجموعة الشعرية ينتقل سعدي يوسف الي مسار اكثر موائمة في الكشف عن العلاقة الاسطورية للزمكان بأشتعال دقيق لجدلية الرؤية وبلهب أسطوري ساخن يمزج فيه الفعل الفني ببنائية رؤيوية تتطابق مع فرز المحاكاة العليا ومعالجة تتمثل بالبراءة لعصر من الانبعاث الروحي، وفي مماثلة بالبراءة لخواص المكان يضع سعدي يوسف منعطفاً سحرياً لبطله الذي ينتمي الي عالم البراءة المخلوق من مظهر دانتي والذي ينتمي في الوقت نفسه الي شرفة القمر وقصة الاحتفاظ بجدار النار الذي حرك هذه الثنائية مقهيً علي (شط العرب)...
قد كنت ذّوبت المرارة في فمي مُتَمطِّقاً بالشاي...
كان النهرُ ابيضَ
ثَمَّ أشرعةٌ، ولمحُ من نوارسَ لا تُطيقُ البحَر
رامبوقال...)
كان النهُر أبيضَ
والنخيلُ هوالذي نلقاهُ في اللوحاتِ حسبُ،
أتحسبُ الدنيا مضَّيعة ً؟
أن مواسم الازمنة التي روتها مفاهيم كانت قد تشكلت في حضور المرتكز التاريخي قنوات تامة ومفتوحة، حيث الاكتمال في انقسامية بالتقاء الماضي والحاضر والتطابق التجريبي في عقل التاريخ واستخدام العصب الروحي من مرتكزه الوسطي وكان للضعف الحتمي حالته التكوينية التي أججها الشبق النفعي الجنوني والصورة الاسطورية للرمز والحلم وبقي البطل الاسطوري يعرض التشخيص الارسطي داخل متون السرد الشعري، والفكرة هي التشخيص الدقيق للمحاكاة الثنائية للمكان والفعل التركيبي بأستعارته البصرية وصيرورته الفردية، بقي الحدث التعبيري في هذه الحكاية لانه وثيق الصلة بالرؤية، والتعبير النظري كان متصلاً بسعة بصرية أضفاها سعدي يوسف علي التواصلية للحدث بمشاركة "الزمكان" المتركز في تفاصيل الحدث.

سعدي يوسف في الأخضر بن يوسف طائر يوائم بين أساطير الزمكان
شاعر ألقي مراسيه في بؤر التاريخ

علاء هاشم مناف
في هذه المجموعة الشعرية ينتقل سعدي يوسف الي مسار اكثر موائمة في الكشف عن العلاقة الاسطورية للزمكان بأشتعال دقيق لجدلية الرؤية وبلهب أسطوري ساخن يمزج فيه الفعل الفني ببنائية رؤيوية تتطابق مع فرز المحاكاة العليا ومعالجة تتمثل بالبراءة لعصر من الانبعاث الروحي، وفي مماثلة بالبراءة لخواص المكان يضع سعدي يوسف منعطفاً سحرياً لبطله الذي ينتمي الي عالم البراءة المخلوق من مظهر دانتي والذي ينتمي في الوقت نفسه الي شرفة القمر وقصة الاحتفاظ بجدار النار الذي حرك هذه الثنائية مقهيً علي (شط العرب)...
قد كنت ذّوبت المرارة في فمي مُتَمطِّقاً بالشاي...
كان النهرُ ابيضَ
ثَمَّ أشرعةٌ، ولمحُ من نوارسَ لا تُطيقُ البحَر
رامبوقال...)
كان النهُر أبيضَ
والنخيلُ هوالذي نلقاهُ في اللوحاتِ حسبُ،
أتحسبُ الدنيا مضَّيعة ً؟
أن مواسم الازمنة التي روتها مفاهيم كانت قد تشكلت في حضور المرتكز التاريخي قنوات تامة ومفتوحة، حيث الاكتمال في انقسامية بالتقاء الماضي والحاضر والتطابق التجريبي في عقل التاريخ واستخدام العصب الروحي من مرتكزه الوسطي وكان للضعف الحتمي حالته التكوينية التي أججها الشبق النفعي الجنوني والصورة الاسطورية للرمز والحلم وبقي البطل الاسطوري يعرض التشخيص الارسطي داخل متون السرد الشعري، والفكرة هي التشخيص الدقيق للمحاكاة الثنائية للمكان والفعل التركيبي بأستعارته البصرية وصيرورته الفردية، بقي الحدث التعبيري في هذه الحكاية لانه وثيق الصلة بالرؤية، والتعبير النظري كان متصلاً بسعة بصرية أضفاها سعدي يوسف علي التواصلية للحدث بمشاركة "الزمكان" المتركز في تفاصيل الحدث.

قولي ان الناس يعيشون علي القارات القمرية كالناس.
قولي: ان لديهم أروقة وحدائق... وسوف تهدهدني كلماتك حتي الموت.
حين يتعاقب الحس الصوتي سيكولوجياً يبدأ التناوب داخل بصيرة عقلية وبحس بلاغي متفحص من قبل تشكيل المعني، ثم يعود بنا الي السياق الذهني في الصياغات الابداعية، والبطل الاسطوري حدد التركيب الثلاثي للابداع في الجرس والصياغات الفكرية القبلية والجانب التخييلي والتصويري وفق استعمالات تتصل بحركة التاريخ وحركة الاشياء وبانفتاحات منظورة تلتقي بالماضي وتعرج علي الحاضر بفاعلية جمعية تنبثق وفق منظورات مختلفة ومنقسمة لانها تكتمل بواقعية ومشروع مستقبلي لحركة التاريخ الاجتماعي، هنا يلأتي الخيط الرابط في المنحي المتعدد التصورات، ولد الزمكان في خاصرة الاشكال الفلسفي ومساره كان انماطاً في التعبير وفي الاشياء في مقهي" سيدوري "
في مقهيً سيدوري علي البحر:

المرساة فجراً، وهي تنتظر المسار ليلتقي البحارة الحكماء تحت سقيفة المقهي. وسيدوري تهيئ منذ أزمانٍ، موائدها، وتمشط شعرها، وتحاور المرآة...
سيدوري سمة بنائية ونزعة تكوينية سيكولوجية في مشروع العصر الاجرائي، والشاعر كونه بنسق من النواة الاكثر صرامة ونزوعاً للعلو، انها مقهي الفعل التعييني ورابطته التي مثلت التقاء الوعي بعلامات التجسيد اللساني الساخن للبحارة، انها تفسير نهائي لطبيعة اللقاء في ازمان مختلفة وحوارات توليفية في اللفظ وعشق سماوي يعيد مفهوم التقدير والتأمل في امتزاج انعكاسي مكون بالوعي وبأدراك للبنية الاجرائية تنعكس باللفظ لتلقي بأبخرة السفن وبتوافقية تركيبية كانت قد تمثلت بالمفارقة والمحافظة علي مستوياتها المنكشفة للخطابات عند البحارة حيث تعمل هذه الخطابات علي التجاوز والتفرد بالخصوصية البنائية، لان هذا التكوين من المكان يتعدي التكريس للبنية في اطار الحدث باتجاه السيطرة للارتقاء بحركة المعني بطريقة تدلل علي الخاصية التعريفية (لمقهي سيدوري) المتماسك في اشيائه وبنائه اللغوي ومستواه الجمالي الذي يمتلك الوشيجة التحديثية علي مستوي الوحدات التكوينية للحدث، ويأتي التشكيل للماهيات بالوصف لقصب السقيفة الذي كان مظفورا مثلما تظفر لغة الشعر وحتي الامساك بالخاصية الثنائية في خمور الجرار لان سيدوري بقيت تهيئ موائدها وتعدها لتتطابق مع هذا الاكسير من الترميز للعالم الاخر اوالعالم التأملي الذي لا يكتشف الا بالقدرة والصيرورة الواعية التي كونها هذا التطابق الروحي في هذه الثنائية في الجمال الساكن في ساقية البحارة الحكماء في الازمنة المتناهية في فضائها التجريبي، وبقيت سيدوري هي (الزمكان) والغموض والفناء لتلك التوقفات وبقيت سيدوري تقاوم الانزلاقات نحونزعة يوتوبية تصور الحاضر باحساساته، فاراد الشاعر ان يقرب هذا المشروع اليوتوبي (في سيدوري) وهوالمشروع الحلمي في انسانيته.
ان انكشاف الرؤية عند سعد يوسف يتمثل بالامتزاج المدرك بالرؤية الجمالية واليقظة الحامية في دور البلوغ داخل تجريبية جوهرية تسموالي مستوي التمثيل في خلق نغمة خاصة تجمع عمليةالتشابه والمشابهه في قصدية مكشوفة للمكان تحكمها استعارات للصورة الشعرية يستخدمها الشاعر لذلك الوصف الذي يثيره الانتباه وفي اجتذاب للتشابه الذي يقبل هذا الغرس حين يظهر عمق الانتماء لهذه الارض لانها رائحة الوجود وعبر الشيء في هذا العالم، وان الوصول الي هذا التمثيل وفق الحس الوجودي باندحار النظام السياسي واستبداله بالحس الانساني بعد ان تقهقر الاله ومات ولكن الشاعر لم يمت. من هنا اصبح التمرد الذي لازم الشاعر بصمت التفوق الحسي والحاجه الي دين انساني جديد باعادة تشكيل التاريخ من جديد وباختلافية وجودية تناقض منطق الحياة التقليدي
انها: (العقبة)

مراسيه في بؤر التحول التاريخي لكي يظفر بالفروض وتشكيلات الاكتمال المتمثلة بالوعي الامكاني للتاريخ، الا ان سعدي يوسف واصل هذا التمثيل الثنائي بالانفتاح علي الاستقلال التاريخي وتوقعاته وجعل هذا الانفتاح حركة كشف لصنع الارادات وتمثلها بالحس الاستدلالي الذي يعني الفعل في حركة التاريخ بمعني تنشيط الحالة الفعلية للتاريخ بقصدية وصيرورة تؤكد حقيقة الوعي الجدلي التاريخي وفق تقريرية واقعية تتمثل بالموضوعلت القائمة علي التجريبية الحسية وبانماط واعراف بنائية تشكل مضمون هذه الواقعية كذلك تفيد التشديد الذي تمثل بالاعراف التصويرية لمرتكز المحاكاة التي افردها المعني القيمي وترابطاته النظرية التي رجحت التمثيل بالتخريجات المنظورة والمهارات المنجزة سياسيا وتاريخيا.
فالذي يعنينا من هذه المماثلة هي اشكالية الصورة وتخريجاتها في اطار حافز المعني السياسي الذي يشدد عليه الشاعر:
سوف يئنُّ لورنسُ المهشّمُ عند احداها.
ليس في القلعةِ احدٌ / ليس ثمتَ حارس آثار /البحر وحده / والصيادون
تركوا زوارقهم الي المقهي /
الشمس تغرب في ايلات / والقلعة العثمانية تسهر مرتدية اسمالها
الفاخرة / لاقذائف من مدافع قديمة /
التأريخ والبحر / سوف تكون المنارة انيقة في كامرات السواح الذين لايأتون / الهلالُ الجديدُ


والشاعر يتأكد من الفاعلية التاريخية، ذلك بالانفعال بالتاريخ بوجودية تفصح عن ذلك العناء السيكولوجي وحصر شروط الفعل المنجز بنظرة حسية محسومة سلفا داخل الاعم المقصود وفق منهجية منظمة لحركة التاريخ الذي يسير بالعكس داخل جبرية تأويلية تتقولب بشكل عقيم وفق نزعة توكيدية تتشكل بالفرز والتخطي للحس الثنائي عند سعدي يوسف، هذا الاحتدام التواصلي عند الشاعر يشكل منعطفا خطيرا في الوعي التاريخي من ناحية الالزام المركزي لمنهجية العقل وخلاصاته (السيميولوجيه) داخل اشكالية دلالة المعني وتردداته باستعادة فعل التاويل بفكرة المقولات الثنائية السارية المفعول (بالفعل التاريخي) وبزمكانية تنشد المعني في مدي الاحاله التي تاتي وفق سياقات تحدد جدلية تلك الاستجابات التاريخيه.

          العثمانيون كان لهم هنا مفصل البحر والصحراء.
والمدافع الاولي التي تدفع عن طريق مكة الطويل، ما قد يقذفُ البحرُاذاً لنهبط الي القاع... به البحرُ
المشهد واضحٌ. واضحُ كالسينما الوثائقية، وجارح،
وحزام الرصاص
لنحمل، مثل جملين غذاء رئتينا
ولنقذف في الامواه العميقة
حيث الزرقةُ ساحل.

ملخص سيكولوجي
وفي كل هذا المنحي ينطلق سعدي يوسف من الاسس الاجتماعيه السيكولوجيه، فالموضوع عنده هوالدرس بملخص سيكولوجي وحكمه تنتقل من مرحلة التلقي الي مرحلة التقويم الجمالي للقضيه المحوريه الخاصة بصدي هذا الشعور الذي افرده الشاعر لخلاصاته السيكولوجية المؤثرة في هذه القضية المحورية التي تقوم علي منطق التقسيم النصفي للتفاحة بالقياسات السيكولوجية ليختفي بجبال الخليج هذا المفهوم التصويري الاستاتيكي يتم بوسيلة فهم للحظة سيكولوجية تقدم الكثير من صيغ ومفاهيم لا شعورية تكمن خلف حدود المعني، ويستطيع الشاعر ان يلمس قوة الفعل السيكولوجي داخل الفعل الشعري بخطوات متقدمة لفهم المعترك الجمالي للحدث ومحاولاته المتقدمة في البحث عن اسس الاحكام الجمالية وهي محاولات تضع في الحسبان الموازنه بين الربط المحكم لحركة اختفاء نصف التفاحة هادئا في الجبال وبين الكشف عن القوانين الجمالية وإحالة هذه الاشكالية الي اعتمادات الطبيعة في الكشف عن هذا الاختفاء لنصف التفاحة في الجبال وتركه، هذا الربط لعمود النور ثم الانتقال الي شعور اخر بأن البحر لاموج فيه وان الاتجاه ارتكن عند الشاعر سعدي يوسف الي السماء التي احاطت بالحدث وباللوّن وبنصف التفاحة الذي غاب، ثم ينتقل الشاعر الي حدث اخر هوان ارتباط كل هذه القصدية بوصفها ارتباطاً محوريا بخّياطة الحي التي بقيت تطوي علي ساعديّ ً السماء قمصانها الارجوان، هذا الفعل الحكائي قام علي الربط المحوري الذي يقتضي التخمين لمعني النص في نوع من الاستقلاليه الدلالية وفقً صياغة للكتابة بتوافق المعني اللفظي لخواص النص وفق اطار المعني العقلي اوقصدية المعني وهو يحمل الصوت الحاضر في الصورة الشعرية وقد اصابه الخرس عبر تشكيل نصف التفاحة الذي اختفي، هنا تاتي العلاقة في اطار التناسب مع الصوت الخفي في النص مع الفهم الدقيق لخاصية المعني الذي ياخذ بعده التاويلي وهويزداد قوة داخل هذه الاشكالية المحورية القائمة علي التاويل الذي خلقه الانفصال التام داخل المعني المشّفر للنص الشعري باستذكار الصورة الشعرية التي تكونت بتعالق المعني التاويلي للفظ علي ضوء قصدية النص المتشكلة اصلا وفق مفهوم سيكولوجي للتاويل.

            مقدمة اتصالية
مايتعلق بالتصور الملفوظ واشكالاته الفكرية عند سعدي يوسف فهويعد مقدمة اتصاليةلاختيار هذا التدرج وفق تطابقات فكرية تلخص المقدرة والتجديد والفهم والالتحام والتماسك في تلك التوسطات لاعداد شبكة علائقية تقوم مقام ذلك النسق المتصاعد في اللحظة المتعالية، فالذي نقوله بخصوص هذا التماسك الحدسي وماهيته الحاضرة وتدرجاته الزمنية في اختيار الحدث والحديث الشعري.
هذا التأسيس المتأمل بانكشاف مستوي المقدرة الحسية للحظة اوالومضة الذهنية لانها نسيج وانتخاب للذاكرة في حدود البنية والتحقق الخطابي، فالبحث عن علاقة هذه الومضة بالتركيبة الفكرية وبالسياق المعرفي لانه انموذج تكويني لحضور المصدر الحسي بصيغته (الزمكانية) المرتبطة بهيمنة هذا النسق التعبيري وترابطاته بالحديقة والشوق لامرأة وبين هذا الحس القلق والمطابقة التي تسبق هذا الاستبطان وشروعه الذي يتكون بالقوة التعبيرية وبتزامنية هذا الشوق، وسعدي يوسف كان قد كون حساً اشتراطياً في القصيدة رغم وجود الخطاب المتفحص الاستنباط المرتبط بالجدلية النسقية وشروط الامكان الذي ينصب داخل حركة الحس وسعدي حدد (الزمكان الاختياري) والصيرورة الكونية التي تكون ذلك الاختيار والموائمة من خلال التنظيم السري للغة، ثم يأتي الاتصال عند الشاعر حسب درجات التأسيس الكوني للحدس وبمنظومة لسانية تستدعي اللغة المتعالية كونها لغة لسان تلازم التموضع الحاضر في مجس الضمائر في تشكيل التجربة الحسية الدقيقة.
يشربُ النَبتُ في شرفة البيتِ شاياً من الياسمين
الصباحُ تدلي بسُلّمِهِ وتسلقَ اوراقَهُ
وهوالآن يضْفرُ لي تاجهُ في الجبين ِ
الطريق الذي لا يؤدي ِّ، يُلَوِّحُ لي إذْ يلُوحُ
لن تَمُرَّ هنا الحافلات
إتئَّدْ
وأشرب الشايَ في شُرفةِ البيتِ
ولتتعلّمْ، ولومرَّةً،كيف تستقبل الطيرَ
بهذا الطراز من الكثافة تعمل الزمنية عند الشاعر في تشكيل حصة الافراط في الحس باتصال العلوبالاخص المقترب من الحس اللغوي وتكويناته العصابية التي تلابست في الحس الكوني، والملاحظ ان سعدي يوسف في هذه الومضات حقق فعل التأمل بشروط العموم الثقافي وتجربة اللغة الجدلية المحسوسة وفق صياغات المعاني، في العلوالانطلوجي المكثف من خلال الشبكة الاسنادية للغة كان قد تفرد بها سعدي يوسف عبر استهداف للمعني وبقنوات الذات الجمعية والروح التي تجاوزت الاستفهام التواصلي وركزت علي نواة الاكتشاف ومن ثم التجاوز لكل الاستفهامات المتعلقة بالاشكال اللاحقيقي.
ويعلن سعدي يوسف (حسه اللّوغوسي) كمقدمة عقلية متركبة بالاتصال للمطابقة وفق اشكالية تجريبية للمعني من وجهة النظر المرتبطة بتحرير الفعل العقلي من التصلب، واعادته الي قواعده الحقيقية، وضمان منطق الممارسة(للوغوس) داخل اساسيات الاتصال لفعل الحقيقة بواسطة المنظومة السيميولوجية.
دائماً في هذا الخريف الذي لا يشبهني في هذا الخريف الذي يشبهني
في هذا الخريف الذي........
أسألُ عن ورقةٍ واحدةٍ. ورقةٍ واحدةٍ، حسبُ.
لكن ماذا نفعلُ بالاغاني؟
ورقُ الحائطِ مثقلٌ بالاناشيد
أناشيد الموتي
واناشيد ُ من يموتون....
مثقلٌ ايضاً ببياض خفيَّ
يتوضح هذا الاتصال الكوني بالاشياء واللغة، وينحصر بالتوجس والحس والتفهم للفظة واتصالها الزمني، وبكثافة جمالية تأخذ بالحسبان الانعكاس الاتصالي في المعني البصري، والتجريب المحسوس والمرتبط بالحوار.
وقد حاول سعدي يوسف الاجابة عن النزعة الاتصالية باللغة الماورائية، والتسبيح بمقتضي التكوين للصورة الشعرية ازاء ما يحدث من تحول في الاستبدال بطريقة اجرائية، وهذا مبدأ أتخذه الشاعر شعوريا لتأكيد المعني اللفظي وفق حدوده التعريفية داخل كينونة هذا (المنلوغ) واقتضائه واتصاله بالماهية الشيئية وتعميم هذا التموضع داخل مقطوعة هذا السياق، واختلافاته في التشخيص المتبادل لعلاقة اللغة بالمعني التأسيسي دلاليا، وحصر المعني في المعني الاستعاري (الرمزي التاريخي)، وبنفس طريقة الدلالة الموحية لانسجة هذا الافتراض للغة. ولكن بقي الشاعر يتحدث عن الاجابة، والاعتقاد، وربط اللفظ بالمعني.
فتاةٌ هنديةٌ
ربما كانتْ زعيمة قبيلةٍ في البيرو
قبل ثلاثة آلآف عام
دخلت غرفتي، لثلاث لحظات فقط
لكنها لم تخرج
في اللحظة التي تتميز فيها الدلالة السيميولوجية:يقيم الشاعر برهاناً متقارباً ومتعدد المعاني، ومختلف بالخصوصية الفردية بوصفه خطاباً خفياً متقارب المعاني في جدل الواقعة وفي حدودها التعريفية التي تثير التمثيل اللفظي في المحاكاة العينية. وسعدي يوسف مهد لهذا الخطاب الطويل (للارتياب)، واستطاع ان يضع له بنية تعبر البعد الزمني لتدخل في المعرفة الحسية وتختفي وفي المنظومة اللغوية للخطاب، فاصبحت الاسبقية (انطلوجية) لنتائج واقعة لا محالة داخل كل هذه الافتراضات الموضعية المرسومة زمنيا.
اننا الان في حركة التتابع للنصوص (التزامنية) لشفرة النظام الوجودي الذي اصبح متركبا من فعل الخطاب (وتفرد المفصل اللغوي داخل زمنية الشفرة اللوغوسية) التي تفردت(بالاحتفاظ في الدلالة والمعني).
ثم بين الغصونِ، سماءُ طباشيرُ
هل أكتبُ اليومَ فيها أغاني السواد؟
المروجُ التي تكنزُ الخضرةَ أتّسعتْ:
هل تكونُ السماءُ، أذاً، في التراب الخفيض؟
لأحداقُِنا أن تحارَ قليلا ً
وأن تسأل الآن عمّا بدا ثابتاً.....
يبدوان (استيحاش) الشاعر حول هذا الاشتراك الحسي في صحوة مفارقة أثقلت فيه التدرج التكويني في الافصاح عن الية للصورة، وقد تشعب هذا الايقاع (ليستغرق) في التقنيات التناوبية في (تدخين القنَّب) و(أتنقّعَ بالشفتين) وهي صيغ تعبيرية تلخص النظرة الي الوقائع ــ بواقعية ــ تمتلك عالما خاصا بإضفاء الحس الشعوري من الناحية التجريبية، وقيمة التمثيل الواقعي الذي يمتاز به الشاعر في وعي هذا التماسك في اللحظة، وتقديم متون الوعي الحسي بخلاصات يقظة، وانموذج مدرك لمعيارية القص الحسي، والتحول الي التمثيل الاستبطاني، كذلك التغريبية في الحدث السيكولوجي لانه تمثيل يتخذ من الهاجس الحسي (مخرجا للنص الشعري).

النص التأملي
ان الرجع التمثيلي عند الشاعر ياتي في القص والمماثلة في الموضوع التصويري وهويخالف قول الحافز الفارغ، والشاعر يرغب في تشكيل واقعية حسية وبتصريح يقوم علي مأخذ الحافز السيكولوجي بأنكشاف العمق لمنظور الموسيقي المتمثلة بالحكائية البنائية وهي المدخل لكينونه الاصوات التي تندرج داخل نغمة متألقة تتضمن الحس التقسيمي للحدث والايقاع بضربة تعالج خلاصات البنية الموسيقية للشعر، ويعالج سعدي يوسف في هذه الانساق التعريفية للحس أهم افعال الاداة الذهنية التي تكيفت لمفهوم الادارك والذات التي تعرف حقيقة وعي اختصار اللفظة والحكاية حيث يتم رسمها عقلياً وبحس اكثر دقة في السببية التعبيرية للارادة، هناك استعارات بصرية تربط وحدة مركزية وحدة الحدث وتبدوالموسيقي في ذهن سعدي يوسف اكثر حيزاً في تصوير مكامن (الاذن والعين) لانهما يجريان مجري واحد في جرس تشخيص ولفظ كان قد ارتبط بالمشهد الشعري وصلته تأتي بالتعاقب وبألتقاطات تتناوب في المعني والمنطق والمحاججة. صحيح ان الاختيار بالنسبة للشاعر هوما يتعلق ببلاغة المعني المرصوف رصفاً دقيقاً لكن الرغبة التي احدثها سعدي يوسف في جوهر هذا الحس الزغرفي يفوق ايقاع البنية اللفظية من ناحية الاقناع التداولي المعروف،فتتشكل عند الشاعر الرؤية والسكون بجمال الحركة الاقناعية في التحول ودور الافعال التعبيرية (سيميولوجياً) يقرر الشاعر نهائية البناء اللفظي بوصفه منطق تنظيمي لخصائص متميزة في الوزن والطباق وهي تقع ضمن تفاصيل بلاغية وأنتاجية في التحكم والتنسيق والمبادرة والتأسيس والتدرج والتمثيل الذي يعد مركبّاً واحساسا لمزيج من الرؤية يقع في ايقاع تكاملي في (القهوة التي تبرد في الشرفة) وهي نتاج بنائي من النصوص يقع داخل شعرية واختيار للصور فهويعد موضوعاً متطورا في ثنائية الملاحم النصية من التأليف في الملاحم الحسية.
ان مفهوم العوالم الامكانية عند سعدي يوسف تستند الي اطلاق يضرب في حكاية التعاقب النصي وانما تلخصه التوقعات من حكاية يتصل بحركة اختلافية توضح المنطق الدلالي وفق عوالم التاريخ الحسي المتركبة باختيارات تنعكس في الحكاية التي تتقدم فرضيات تصويرة للحدث الحسي، و(قلعة هاملت) هي طريقة مدركة للحس في الحكاية وتصوراً يتطور بمصدرية قصدية تعالجها المداليل الملموسة بالعبور فهي معالجة لفضاءات ممكنة ومجردة ومتميزة بالجمال وهي بنية تتعلق بالمدي القائم علي التألفات والايقاعات المتوافقة مع التبيانات الدلالية والتوقعات الحسية المليئة برائحة التشظي الخضراء. ويبلغ النص في تصوراته الانطلوجية بان يتوجه الشاعر الي الماوراء في استخدام الامكان التحليلي ورصد تلك الانتقالات الذهنية باستخدام السياقات والعوالم التي تصور البنية التاويلية للحس الجمالي بصادره الملتبسة في غاية من التناهي التصويري الذي يشكل افتراض في الخيارات كاختلاف فائق في الوصف، وسعدي يوسف حاول نسج هذا المعني البنائي في (الدم، واللحظة، والقوقعة) باعتبارها استبيانات تنتقل من تصور ذهني الي منطق دلالي حسي يتركب بالجملة الشعرية علي مستوي الجرس في استعارة للعوالم المتناهية في اشكالها التعبيرية وخيارات التصور باختلافية غاية في الوصف.(واشباحُ البحارة في سفن غرقتْ في وتعبره احذية السواح).

          هنا ياتي التوافق الذي يشير اليه سعدي يوسف في المعني البنائي الذي ينطوي عليه هذا التصور في اعلي درجات الحسية الحدسية وباختلاف امكاني يفضي الي تقابلية في شبكة الاختيار والاستخدام الامثل (للسيميولوجيا النصية) وهي تقوم بالتشديد علي الحلقة الاختلافية من منطق غاية في البناء الحسي الحكائي وهويتمثل بنائيا من التفعيلات الدلالية التي تختزن التصور السيميولوجي النصي وفق اجراء يحدد المفارقة بين البني الاسلوبية واللفظ وقواعد التحليل والتاويل اللفظي الذي يرتكن الي اللزوم في المجانسة الحكائية للقص الشعري سرديا وبعاقبية نتطوي علي اعادة للخاصيات الضرورية وبأيحاء يشتغل علي المقولات المنهجية. ان العوالم التي يمضي بها سعدي يوسف تبدأ بمركزية أبنية العلامات ثم تتحول الي بني حسية تكوينية تعبر عن طور حياتي يتطابق مع صورة التصورالزمني وعلاقة الفرض المتعلق بالبناء الاجرائي (في ذلك النهار الممطر) وهومستوي زمني تكويني يعبر عن جذرية تعاقبية لتاريخ منظور للذات،ويتمفصل الزمن عند سعدي يوسف في لفظتين طريتين هما (النهار والمطر) وهما الغاية الحاضرة في الزمن التكويني وصورة (الكوجيتو) الذهني واجراءاته الواعية من خلال المفارقة في التشكيل اللغوي وتمفصلات العلامات والتضامن الثنائي للحدث ودلالته التكوينية في انعكاسية نظرية في (انا مضنيً بملائكة ينتظرون. الاشجار هي الاشجار ولكني ابحث عن ظل)فالذي يتأسس علي هذه الثنائية تفاصيل المجري الخطابي الشعري وكما يلي:
كانتْ في الشُّرفةِ . والشمس ُ أقامتْ في ركنِ حديقتها
بيتاً تلاوينَ العشبِ، وللورق اليابسِ. لم تكن المرأةُ تنتظر
أوتنتظرُ. المرأةُ كانتْ غائبةً. أنا وحدي كنتُ أُلملمُ
صورتها، والاعضاءَ، وذكري القبلةِ في زاوية المقهي
يوماً ما....

          الخطاب الشعري
ويتشكل الخطاب الشعري باتصال ينتمي الي النزعات الجوهرية داخل انشطة ذاتية حتي يصبح (مونولوغياً) تحت رحيق الجاذبية والعودة للاستجابات التأويلية، وهنا يتكشف التكوين الزمني برفقة تستند الي السعة الكونية وبأطار حركي يتصل بشروط التنظير الاداتي للخطاب وتمثيلا جدليا بالحسي وبمقتضي التمثيل الجوهري للصورة الشعرية وهي تصور هذه العوالم الامكانية في البناء السياقي لمكونات هذا السرد الشعري.
ما أنبتَ هذا الأخضر في الازرق؟ موسيقي
شمسٌ من جزرٍ ذات براكينَ. المرأةُ توشكٌ ان تتحرك،
أن تبدو، ان تتشكل ها أنا ذا ألمحُ خصلةَ شعري سبطٍ... مكتنزاً من شفةٍ سفلي.
ويتأكد هذا التخوم المتخيل من العوالم الحكائية ذات الخاصيات في الحدود الحكائية ، وسعدي يوسف مثل المعني التأويلي وقوة الاقتران في وظيفة التحديد (من الشفة السفلي) هذا التصور المكتنز بالمضامين الذي ربط المعني بالشفرة الحكائية ثم بالصورة الشعرية بقدرة معمارية في صياغة القص السيكولوجي والعثور علي المعني هناك زمنية في عملية الاتصال وكثافة لحركة المبادلات والتي تمثلت بالانعكاس التجريبي للمعني الذي يوجد الجدل الجوهري لخلاصات المعاني المحسوسة.
موسيقي. والشُّرفةُ تغدوشرفةَ بيتٍ: طاولةٌ صغري.
كُرسيان. زُجاجةَ خمرٍ. قدحان وحّباتٍ من
مشمش اسبانياً. في زاوية الشرفةِ نبتة صبار.
تلتفتُ المرأةُ. ها نحنُ اثنان. سنسكنُ في الشرفةِ.
سوفَ تجيء الشمس الي كأسينا. سوفَ نري اللحظةَ.
موسيقي...

--------------------------------------------------

البطل الأسطوري في شعر سعدي يوسف – ومحمود رويش
 بقلم : علاء هاشم مناف

عندما تكون الخواص في خلق الدلالة الأسطورية ، للمنهج ، الشعري ، في أحداثة (( للبطل الأسطوري )) في النصوص الشعرية المرهفة .. وهي تحدث ضرورة ، منطقية –وحيوية في الأثر الحياتي الكامل .. وعبر أنبثاق متطور في  ( الصورة – واللغة ) فهي في مقدمة الحالات المتداخلة ، في أنعاش التجربة المتمثلة بطقوسية ((شعرية)) كبيرة … تبدو منبثقة عبر دوافع متميزة بحيوية تخلق ، طروحات (( لغوية  –وصورية )) لتجد في هذا المضمار ، وثائق أنسانية لاتحصى ، وهي تأكيد للحياة المشحونة ، بخواص الفكر العميق (( للبطل الأسطوري )) الذي الية يرجع الشعور في عملية الكشف عن الأوهام التي تتباين بالإفراد في الوقوف عند حافة المواجهة القيمة .. وهي تطرق معنى الرصانة في ((منهج البطل الأسطوري)) وفي ((النواظم الفكرية)) المشحونة بالصياغات الشعرية – والشعورية والحدث في هذة المسألة ، من المسائل الجمالية ، التي يعالجها المعيار الموضوعي في الصورة الشعرية .. ونتاج محكم الاساس للعامل المتخيل … وهي المادة الرئيسية في الجمل الشعرية المنظومة … والأستعانة الدقيقة بالمحاكاة ، والأفعال المنطقية ، بقواعدها الجمالية وبخواص الجمل الشعرية ، وسياقاتها النسقية –والفنية ، بأطار من الوحدات الأدبية .. وهذا تأكيد لخواص العمل الأدبي من ((مسرحية وملحمه)) في جهد من الوعي – بألاحكام المتطورة ، وفي صياغة للخطة المناسبة في أستحضار الصيغ  التجريبية ، التي تشخص المنظومات الدقيقة ، في التجربة المشحونة بالمطابقة الواعية في عمق التأمل ، الذي يفضي الى رغبات ذات علامات تشخص التنوع – والاتصال في ((المغامرة الأسطورية)) وما بين هذه الحالات .. يكون الأيقاع ذو محصلات فاعلة في المعاني ، حتى تكون مادة مهمة في أحكام الأدوات ، وهي تنتج العمل المتميز في الأداء .. وبشكل يكتمل في وحدة الناتج الكامل المتمثل ((بالنقلة الشعورية -والشعرية)) وهي تفصح عن الجديد فغي تفسير المعنى الدقيق ((للبطل الأسطوري)) المحاصر في الوعي الشعري ، المتوهج في (( الصورة الشعرية )) الصادقة  وهي تفصح كذلك عن التوحد .. والتحليق المستمر في فضاء القصيدة .. وهي تتمركز لتولد ((  التناقض في المساحة التعبيرية )) وهي من اساسيات البلوغ في الاشياء – والاسطورة اللغوية .. كذلك مشكلات التأمل التي تتركز في المنطق الوجودي – للاسطورة الشاخصة في (( الصورة الشعرية )) .

لقد كانت خواص البطل الاسطوري ، وعبر تدقيق جمالي في المسلمات ، الرئيسية ، وتحقيقاً للبنية في الكشف عن المداخلات والسياقات المعرفية في تشاكيل عديدة ، لصفة غلبت على شاعرين خرجا من شرنقة النصوص الشعرية الجاهزة ، وبنيتها المختلفة وهما ((  سعدي يوسف – ومحمد درويش )) يبعثان و ينبعثان في نواظم – وانساق ، تضمنت (( الثبات )) الدقيق في التجربة الخاصة (( للبطل الاسطوري للاثنين )) وفي بناء القصيدة الحديثة .. واطلاق الفاعلية  الفكرية  في تجربة تغتني برؤية شعرية ، تتحرر من عبء الرغبة ، وضغطها باتجاه النواظم التي تعطي التسامي في العملية الشعرية ، وباطلاقية دقيقة في صورة تحدد دلالتها المنهجية في الحوار الى حد الروابط القدسية  بين (( التحديث – والتراث )) والتلازم الدقيق في العمليات الفكرية ، وفي السياقات ودلالتها العامة ، وتصور يحيل مرام اللفظ الى اطرافه الحقيقية ، لكي يحصل التواصل ، في المعنى – والبحث عن المراكز الدالة  من حيث متطلبات الوقوف على المعاني – والصياغات التي تتطلب التشخيص الدقيق لميلاد التوثيق (( للبطل الاسطوري )) (( باللغة – واللفظ )) (( والمعنى – واساليب الضرب )) من صيغ ، المجاز – والاتساع الدقيق ، في صياغة النص الشعري – ((  وتناص - اللفظ )) في      (( الدال – والمدلول ))  وهي تأتلف لتكوّن المنعطف ، المطلوب تحقيقه في العمليات الذهنية – والتلازم المتعاقب في (( الاصوات – والمعاني )) و         (( الصياغة والدلالات )) وحتى تظفر بالمعاني .. وقد يحدث التصور للبطل في (( مرام اللفظ )) لابراز حبكة المعنى .. فالحصيلة للمعاني العامة تتطلب :-      (( اللفظ داخل النص الشعري )) وبتناص يؤدي الغرض والفروض والمعاني .. وهنا تأتي مزية (( الصورة البلاغية )) للبطل الاسطوري عن طريق الوصف في المعاني – وطريقة النظم في صياغة الجملة – الشعرية في لفظ الدلالة – واختلافها في المواقع المحددة في (( تركيبة النص الشعري )) وتناصه في معاني (( الفصل والوصل )) (( كما يقول عبد القاهر الجرجاني )) .

ويشكل المنعطف (( السيكلوجي ))  في صورة (( البطل الاسطوري )) ليشكل عملية التسامي خالصة في شيء محدث من المسؤولية – لتؤكد جملة من الانفعالات في دلالة  الصورة – بدلالة المنطق الشعري وانبثاقه في آصرة في الحدود الخيالية ، وهي عدة من السياقات الراسخة ، (( سيكولوجيا )) لكي تتحدد الصورة بمظهر (( اللغة – المتركبة )) من عدة صياغات (( سيكولوجية )) في    (( النص – والتناص الشعري )) عند الشاعرين (( سعدي  يوسف - ومحمود درويش )) .

وعندما تبدأ المخاظات في قلب المنعطف الشعري في دراسة((البطل الاسطوري))  وهو يقطع في اللحظات المركبة في (( اللغة والصورة – والمعنى )) وفي الارتباط بين الماضي والحاضر ، (( والحداثة والتحديث )) .. الى حد ما قدمته الفجوات في (( دلالة الحس )) وصيغة الانفعال في اطار بلورة جملة من الاشارات التي تتداخل (( في تناص الكائن الاسطوري )) ليعود الحس الشعري وهو يعبر عن اشارة – ورمز يتفجر في حاضر (( النص الشعري )) ليكون متسامياً في تناصه (( عمودياً – وافقياً )) الى ان يتحقق الاسلوب الشعري باطاره (( السيكولوجي )) وهو يرتقي (( سلم الصورة )) باستكشاف عدد المعاني الخفية (( لينسج البطل الاسطوري )) .

وحين ينطلق ليستوعب المظهر المعرفي (( لسيكولوجية المعنى )) باعتباره وصفاً ابداعياً كامنأ في (( تناصه – ومكوناته )) الثقافية التي تتمحور بايقاع يعالج منطقاً تشاركه حياته الابداعية وفي تجاوز حققته الكثير من المصادر وهي تنفرد بخواص منطقية ، من المصادر تقوم بتفصيل الامتلاك لانماط ولخواص تندفع في انسجتها التحليلية وهي تفصل الشكل الاسطوري للمعاني (في النص والتناص الشعري ) يقول سعدي يوسف : -

منذ ان كان طفلاً  تعلّم سّر المطر
وعلاماته :-
الغيم يهبط في راحة الكف
والارض تقنط
والنمل كيف يخطط ارض الحديقة …
والجذر يهتز في سره …
والشجر .
منذ ان كان طفلاً ، تعلم ان المطر
حين يأتي رذاذا …
فلا برق في آخر الافق
لا رعد في القلب … لا موجة في النهر
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
غير انك تعلم ان الحياة التي اتسعت
كالعباءة في الريح
سوف تسوق المطر
ليلة ، هائجاً كالجاموس …
سوف يجيء المطر
ولا برق في آخر الافق
لا رعد في القلب …
لا موجة في النهر
هكذا نتعلّم
او نتكلّم
او ننتمي للشجر .
في العمليات التحليلية يكون الحدس لتراكيب الصورة وللغات المتوقعة والغير معتادة على وضوح التوقعات ، بشيء من شرنقة الصيرورة ، يترتب العالم الاسطوري :- فوق جدائل البنفسج .. وهي تعرف التجاوز وتشعر المسار في انطلاقة تفتش عن صيغة الاختلاف في الاستثناءات والقواعد ودون خلاف يقيمان في الندرة القائمة في عمليات التسامي ، لتطلق الخواص للاستقطاب والانفعال ياتي ليؤكد السيطرة الكاملة لصيغة الاسطورة للبطل الذي سبق الصورة الشعرية في تفاصيلها يقول محمود درويش :-
لو كان لي عودُ
ملأتُ  الصمتَ اسئلةُ ملحِّنةً
وسلّيت الصحاب ..
لو كان لي قدمٌ ،
مشيتُ .. مشيتُ حتى الموت
من غابٍ لغاب ..
ماذا تبقَّى ايها المحكوم ؟
لو كان لي ..
حتى صليبي ليس لي
انيًّ  له  ، !
انَّ الليل خيمَّ مَّرة اخرى
وتهتفُ لا اهاب ؟!
يا سيداتي .. سادتي
يا شامخين على الحراب !
الساق تقطع والرقاب
والقلب يُطفأ – لو اردتم –
والسحابْ ..
يمشي  على اقدامكم ..
والعين تُسمل ، والهضابْ
تنهار لو صحتم بها
ودمي المملَّح بالترابْ !
ان جفَّ كرمكمُ ،
يصير الى شرابْ !

الخطاب الشعري يفهم بحدوده وخارج حدوده ، ويتم التواصل باستحقاق منفتح على العالم السفلي ليبين تجاور الادوار (العلوية والسفلية) ليتألف النظم الذي جاءت منه حدود المعنى لسبيل لا ينبغي التفريق بينهما .. فالخواص من حسنت الفاظه وهظم معناه عبر السبل التي احترفها التفريق ، فجاءت باطار معين وهي مجموعة معان (تعصمك من الحيرة)  كما يقول الجاحظ فهي الصدق في نسبتها في كل احاسيس المفردات حتى ترشحت (قطرة فقطرة) باحساس متميز ينكشف بوضوح ليعلو في فضاء النص .. بعدها يخرج بشكل متكامل في حدوده المتواضعة داخل عدة من التفاصيل وهي مقاييس تضطرب بين آونة واخرى .. وبطبيعة الحال يحتاج البطل الاسطوري الى عملية توثيق وتحديد المستويات ذات الانبعاثات المطلقة وبضرورات منهجية توصف عدة من الاغراض المتناظرة وفي تعريف الكيفيات لاثبات الادلة في متون من الكلام يقع فيه النظم موقع الكشف عن الصورة (في مزية جدلية) تنتصر للمعنى في سلسلة من التنافر ليشكل المعرقل الاول في عملية الافصاح عن شخصية البطل وهو يوضح الاستعارات والمجاز ، والمحسنات البديعية من حيث جريانها في اللفظ ، وهذا الموضوع يفاضله الغرض في البحث ليكون الصواب وهو النسبة في اظهار المذهب الرئيس في خواص الافكار والطبائع التي تؤلف التصور في استرجاع دقيق للاستعارة واللفظ ، وهي الدلالة في الايجاز على المجاز .

          في هذه الحالة يأتي موقع الصياغة وجمال النظم القويم والمعنى لتتوهج الشروط المركبة ، والخلاف المستفحل في (العملية الجدلية) فالتشخيص يبدي الملاحظة ومن المؤكد في الوجوب ان يتم تحديد المنطق (السايكولوجي) باعتباره يبدأ بالمقدمة وهي الخاصية في انجازات المعنى الكبير للاعمال والخواص المتحولة في سياقات تجعل عملية الوصف بالفرشاة وافية ودقيقة عند (البطل الاسطوري)
كان سعدي يوسف قد استشعر هذا الموضوع .. وتم تشخيص المناقلة ، في الاغتراب .. وتعميقه بشكل مباشر لجذور – البطل المغترب اجتماعياً دائماً في ((الذات – والموضوع)) وهي حالات متنوعة تستفيق .. على رؤية اسلوبية جديدة بابداع يتساوى بالحياة وبالصورة المستقبلية للبطل الذي يعيش داخل ((النص – والتناص)) الشعري . 

يقول سعدي يوسف
          بين منزله في (( المعرةّ )) والسوق ، درب يظلله شجر مترب وشناشيل بيضاء – بنيةّ كل باب رتاج ،
وكل الكوى تستدق منها نهاياتها مغلقات عن النور . كلب وحيد ، تكاد الرطوبة ان ترتمي حجراً في الرئات ،
الظهيرة واقفة . يعوي الكلب ، يهدأ . من غصت سقطت ورقة كالحجر .
          فخواص النسج الشعري تبدأ باحتفاظ الصورة بمكنوناتها ، فهي عملية افصاح عن مكنون الخيال عبر الصورة المتحققة ذهنياً وهي مفاهيم لقيم الحرية .. فهي تبدأ بالمكونات المتعددة – للاصالة ، في استنطاق دقيق لخواص التناص ، باستحكام  جمالي .. غاية في التمثيل ، والتناول المعرفي لخصائص المعنى الدلالي للنصوص الشعرية : وشعر(( سعدي يوسف )) قابل للاشكالات والتحولات .. بحدودها المتقاربة حيث استحالت الى العملية – الاسطورية والى تأصيل دقيق لمعنى البطل ..
ولكن بقي (( درويش )) يبحث عن المنطق الاستدلالي في مشروعه الشعري – الكبير باستحداث روابط دقيقة في عمليات التشريح والتحقيق لارجاع موقف العقل .. الى عملية التغيير في خواص النص الشعري .. واعادة بناءه على ضوء الحوار الدقيق مع البطل الاسطوري .. لقد ابتعد ((درويش)) كثيراً عن حالات التطابق ، الذاتي في وحدة النص – والتناص ..
          فكانت .. فرادته في عملية التكوين والبناء بنموذج يصلح لازمنه متغيرة .. فكانت اسهاماته في بناء ((نص شعري)) مركب من مسلمات رئيسية واضحة في ايديولوجيات اجتماعية تتمركز بالموضوع خارج العلّة بانفتاح ذاتي على ((التناص)) وبشكل خفيف ، يقول (( درويش ))

ملَّوحة ، يا مناديل حتى
    عليك السلام !
تقولين اكثر مما يقول
    هديل الحمام
واكثر من دمعةٍ
خلف جفنٍ ينام
على حلم هارب !
منفتحة ، يا شبابيك حبّي
    تمُّر المدينة
امامك ، عرس طغاة
ومرثاه ام حزينة
وخلف الستائر ، اقمارنا
     بقايا عفونة
وزنزانتي .. موصدة !
ملَّوثه ، يا كؤوس الطفولة
     بطعم الكهولة
          ان ادراك العلاقة الحسية .. والتي تدرك معنى العلاقات بين منطق الاشياء في تمثيلها للجمال الاسطوري ، وهو الذي – يقرر الاحتواء لنفسه ، في اطار الوعي بالذات – والموضوع وهي الحلقة المفقودة في فكرة الجمال ، وما يوصله الادراك من قيم ، واعتبارات وما يتأسس عليه ، من احتفاء بالشروط الواجبة تحقيقها .. وهي تستمد اعتباراتها ، من حرية العقل ، التي تضع اللغة الاجتماعية في المصاف الاول .. لا مجرد سياقات خيالية – خالية من الالتزام والتي يؤشرها ((مارسيل بروست .. وبرجسون)) وهي الدالة العقلية التي تتسامى مع الطبيعة ، ويكون العقل في هذه الحالة .. غير خاضع الى نسبية الحقيقة .
          فالعلة : تكون متوازنة .. ويضيف ((سعدي يوسف))
فكرت يوماً بالملابس …
قلت اني مثل كل الناس ، ذو عينين
       ابصر فيها شيئاً
ولكن مثل كل الناس ، لست اريد اربع اعين
      عينان كافيتان لي
بل … ربما ابصرت عن شخص ينام الان
او يخش انفتاحة مقلتية
          والحقيقة في ادراكها ، هي في ادراك كنة الجمال الاسطوري للبطل .. وهو يقف في الكلمة – وفي الجملة – ودون ان يقف عند موقعها ولكن في ذاتها – وفي وموقعها العام .. وهو حكم بين النسبة – والتناسب .. بمعنى الادراك للجمال في جرس الكلمة .. واطلاقها بصيغة جمالية لا تحتاج الى فضاء التأمل .
          فالصيغة الجمالية : هي عملية توجد في الكينونة – وطريق التأمل يفضي ، الى برهنة للانساق – والخبرة – والمدنية فالعلاقة في ادراك المعاني .. سيعطينا الموقف الجمالي للادراك الصحيح  ولموضوع التشبيهات ، في صورة الوعي ، الجمعي ، حسب درجة الكمال الجمالي في صورة الاسطورة للبطل وموقعه من ((الحقيقة – والطبيعة)) .
          (( ومحمود درويش )) يستمد جمالية بطله الاسطوري من واقع يزداد وحشية : بسبب الموقف الحاسم من الحياة – وتشخيصه الدقيق في الصرامة والتعقل – وشد الاوتار برقة متناهية ، ليبدأ العزق – ويبدأ النزال بمهارة الاثنين معاً .. عازف يحاكي الموقف والحياة ومنازلة مستمرة على ايقاع الوتر .. ((ومحمود درويش)) يبني موقفه ، الفكري على خواص موقف البطل الحقيقي في اطار الحقيقة والطبيعة الاجتماعية .
كانت اشجار التينْ
          وابوكَ …
                   وكوخ الطين
                             وعيون الفلاحين
                                      تبكي في تشرين !
المولود صبي
   ثالثهم ..
والثدي شحيح
ذرَّت اوراق التين
          انها الولادة ، البطل ، ومشكلة الاستحالة في نطاق البنية الشعرية ، وهي ترشح الواقع لتمنحه (( ديناميكية )) وتوقف في معنى التسامي بالنص – والتناص الشعري ، ليولد الحقيقة – والخيال ، بولادة متسامية عند حدود المعرفة وايقاعها ، المتناوب في عمليات التأمل ، والتعدد في المفاراقات ، وحدودها داخل هذا الشكل الموضوعي ، المتجانس … وبمستويات منفعلة تكتفي ، بالنفور والتعادلية في علاقة … وتتبنى المنحنيات الدقيقة للبطل في استكشافية عبر بيان (( النص الشعري )) .

المراجع
1.        ديوان محمود درويش : دار العودة .
2.        الاعمال الشعرية لسعدي يوسف من العام 1952-1977 مطبعة الاديب البغدادية .
-----------------------------------------------------
 ثنائية التطابق في البنية القصيدة الاخضر بن يوسف
بقلم : علاء هاشم مناف
 
ان سياق التوتر في قصيدة (الاخضر بن يوسف) هي انساق من كينونات لتصورات ورؤيا انسانية ورؤيا للمشاعر الدفينة لسياقات الحس والانفعال النفسي .. وهي تصور زمنين متجاورين يطغيان على حركة القصيدة بشكل مباشر ، فالمنهج في الاجابة على المعنى المرتبط بالفاعلية النقدية كما عند (بارت) فان حركة القصيدة هي دلالة في بنية الشاعر الفكرية فالرؤية عند الشاعر تنتمي الى الثنائية المطلقة في تركيب الاوجه الثابتة .
الاخضر بن يوسف ومشاغله
نبي يقاسمني شقتي
ليسكن الغرفة المستطيلة
وكل صباح يشاركني قهوتي والحليب وسر الليالي الطويلة
وحين يجالسني،
وهو يبحث عن موضع الكوب في المائدة
حين تترك ثنائية التقسيم ، في نقطة التقاطع (الشقة) في لحظة تتحدد سمات الهوية وصيغة الفعل المتوصد واللحظة الملتزمة في تشابك الانساق في السياق المكاني في الموت والتوازن ، والاستجابة لكل المجسات الحسية والدلالات التفصيلية ، والاطلاقية في الصيغ الوظيفية لاستجابتين مطلقتين فالتوازن يعني التوحد في الرؤية الدقيقة لكينونة الثنائية متطابقة وتولدها المتميز والتقدير للعملية التي اكدها (جولدمان) في انعكاسات الواقع الاجتماعي وتطوره باعتباره نموذجاً تصورياً واجرائياً لعمليات التحول في اكثر من محور باتجاه التصور الثنائي ، وشمولية الغرفة المستطيلة والمشاركة بمستويات التعدد ، في المحاور والبحث عن البنية المتجاورة وراء المحاور المتباينة .
وكانت فرنسية من زجاج ومعدن
وكانت ملابسنا في الخزانة واحدة
كان يلبس يوماً قميصي
وألبس يوما قيمصه ...
لكنه حين يحتد
يرفض ان يرتدي غير برنسه الصوفي
يرفضني دفعة واحدة
ويدخل كل المزارع!
يحرثُ
او يشتري سكراً
او يقول العلامة
ولما التقينا على حافة البار
اخرج من جيبه زهرة وانحنى
ان دراسة الاساليب المنهجية في الشعر الحديث والتي تتخللها التصورات الاجتماعية وشمولية التراكيب الاجتماعية في القصيدة والتي انعكست عبر ثنائية متولدة بشمولية هذا الازدواج يعطي للقصيدة الفعل العيني ، اضافة الى طبيعة التقاطع في الخلق الفني يفرز عدة ثنائيات متضادة جوهرياً وهي تتحرك بشكل فاعل ، حتى في عملية انقسامها داخل هذا الامتداد والرفض ، وحين يصل التصور الى حافة هذه الثنائية تبدأ الرحلة المزدوجة في الانطلاق العام ، فهذه الرؤية تخلق انفتاحات وتكشف عن مكنونات ، ذات ، تردد ، وانفتاح وانغلاق . فالشاعر بعمق هذه الرؤية والتصورات ، من خلال منطلق اطلاقي يتجسد في العمق والنزوع الاطلاقي وتصبح الثنائية المزدوجة والمنفتحة والالتقاء عند المنعطفات الخاوية ، وهي تعبر عن منطق هذا الانعطاف ، في تبلور الصورة ، في بنية من اللين .. والعمق والتعبير الطاغي في تحريك المغلق بالوردة في هذه الحالة تجعلني اكثر اقتراباً ، من ممالك الجن أي ضوء أي شمس ، داهمتك في عزلتك .. السلام شهد الصباح من العيون العسلية ، القت السلام ، في حضرة الصباح الجميل .. انها ابتهالات في نشيد الريح .. يتصل الكوكب الذي في غرفتك المسطيلة في هذا الزمن وهذا الشاطئ ، وهذا الواد ، نتلمس سر الكلام .. كنا واقفين على ذلك المنحدر الجميل كنجم خلد ، منذ زمن طويل .. وهي الفرنسية ، بشفاه وردية .. لو قبلتها لرفعت كل الصلوات للحجر المكسور للعيون هناك .. هي ذي الارض اوثان متحجرة تستقبل الاشياء كنجم غاب في العيون السود في وادي النجوم الخاوية .. الافلاك مكسورة في ممالكنا .. كنا .. نتلمس الطريق مندفعين ، في هذه الممرات ، بين الرغبة ، والقدرة ، والرفض والاحساس ، والاستجابة هناك حيث الشجر الاخضر ، وانسياب الينابيع فهل من شيء بعد ؟ انك تترع الكاس عبا من مرارتها لان الزمن واحد وليس الا المكان دوماً وبأبتهال النبي .. علني اطير باجنحة جبريل واضرب الهواء الذي هو الان ، اصغر ذرة من القيمة ومتقطع بحرية الريح البيضاء .. والريح وحدها هي التي تحمل رذاذ المطر الى القبور المكشوفة ، والمفجوعة بسيدة الصمت الممزق داخل الغرف المستطيلة .
هامساً انها لي … اتيت بها
عبر اسوار (وجدة) حيث الحدود
التي ماتزال معارك .. لكنها
ويقدم لي زهرة الاس … ملك
لك الان .. افعل بهال ماتشاء
سوى ان اراها بجيبك ذابلة …
اه ، وجده ، وجده … ان طريق (الصخيرات)
يغلقه الجرسُ الملكي .. اتيت بها
من هناك ، وخبأتها بين جلدي واحذية
الحرس الملكي التي اثقلتها المساميرُ
يكشف لي صدره مسرعاً ، ثم
يغمض عينيه .. وجدةُ .. وجدةُ ..
كيف تكونين لو جئت عندي !
يرافقني في زيارة محبوبتي
ثم يدخل قلبي
يقبلها في الجبين

في الابيات : الهمس المطبق بعبارة يشير الى النفس الخالية الى الجميع وتاتي مقاطع القصيدة ، لتؤكد مدار الانفلات (السيكولوجي) عبر الدلالات الرمزية ، في المعارك وزهرة الاس المغلق المكشوف في الجيب والذبول .. ويمكن التجاوب مع هذه المفرادات بما تنوب عنه الطبيعية البنيوية في التحولات التي اثقلتها المامير الصدئة والتوازي في بنية التجاوب والتوازي في ابنية المعقولات وليس في اطار المحتويات التجريدية ، والتجريبية ثم تاتي الحركات النهائية ، وهي الذاكرة المنغلقة في حس يبتعد عن طبيعة المساءلة ، في انغلاق معرفي ينعكس في الحبيبة ثنائية الكينونة التصورية .. ما يزال الغفران ، مثل هذه الحقيقة فوق مسار التاريخ ممرات كثيرة وبارعة الصنع وان التواءات الصخور العابرة ذات طموحات ، هامسة ، والفوضى ، اللونية اللدنه اثقلتها الحياة بمسامير صدئة في احذية السلطة .. والحياة تعطي بانتباه العقل المخبول . واذا اعطت السر المكنون في الفوضى الكونية .. وان المعطي مرغوب فيه في ذاكرة الاشياء ، تعطينا الايدي الناعمة ما يمكن ان يكون بالسرعة القصوى .. وما يمكن الاستبقاء والرفض الى ان ياتي الخوف .. ويرسم رغبته المفعمة بالشدة .
نسوراً طباشير ، فوق الجدار الذي يحمل النافذة وليدنو وان الخلاص لا ياتي بالرذيلة ، ولا بالشجاعة ، ولا بالخوف ولكن بطبيعة الاشياء التي تنجب البطولة وللفضيلة في ان هذا البكاء قد انهمر فان بحر البطولة الحامل للحب وللقضية كنت استحضر الشياطين لنشور منقوش على اللوح المحفوظ .. لقد اضفت اشيائي كطفل في هذه المعرفة الهامسة .
هل تلمسين بها الخضرة البكر؟
هل تسمعين بها النبض متدفقاً؟
قرب ذلك الغصن
لست نبيا .. حين تجولت عبر الشوارع ، والممرات المؤدية الى النوافذ الضيقة .. اذرع ترقد فوق المناضد تائهة اتوسل اتجول في الغسق البني ، والذي جعلني انظر الى ، المتوحدين وهم يطلون من نوافذ بعيدة ، والاصيل والسلام وصاحبة الأنامل المسقولة الطويلة .. بجانبي رايت اذرع طويلة تطوقني وعطر ينعبث ، من فستان السهرة في هذه اللحظة ابصرت الدخان المتصاعد ، عبر النوافذ المغلقة
رجال الجوازات خلف مكاتبهم
يحتسون النبيذ الرديءُ
خبرت كل العيون التي قيدتني بالاذرع والاساور في ذلك الشارع الذي كساه الشعر الليلي المعطر بعطره المعروف رايت النبي ، داخل مخزن زجاجي مستطيل يمسك .. لي طرف المعطف ، ويبتسم ويعد لي فنجان القهوة والحليب والشاي كل صباح

بقلم : علاء هاشم مناف
المراجع
المجموعة الشعرية الكاملة ، الجزء الاول ، للشاعر سعيد يوسف.
------------------------------------------------
جدلية الرؤية في شعر سعدي يوسف
 بقلم : علاء هاشم مناف

كان البروز المفاجئ للموضوعات التي حركت تشكيلات الأنشطة المتناهضة ، داخل الأنظمة التعادلية للمبحث الفلسفي ، هو يؤكد أهمية الدلالة ـ والموروث ، والحلقات التي تبرز فعاليات المظهر الدلالي ، بحسب لحظة التأمل في الزمن المتلابس ، في مجموعة من الأفكار التي تنسجها التجربة بعمق العملية الفنية.
         ومرة أخرى ، يتاح لفعل الايقاع الجديد في الصورة ، وهي تجسد النمط ، في حلقات اللاوعي ، وتكثيف (( الاندماج الدرامي)) انطلاقا من سببية ( الزمكان) المركب.. وجعل الحوار ، يتصاعد الى ذروته الدرامية حتى تتوثب الرؤية في أنطلاقة توجس تبرز على سطح النص لتحليل هذا الإحساس المرهف وهو ليستجمع الحدث الشعري بترابط متجانس في أطار (( الحدث السيكولوجي)) مع المطروح من ، مفاهيم جوهرية لتوضح التأمل الفلسفي في صياغات علمية ، وواقعية تؤكدها التجربة الحية حتى بلوغها المقاسات الحسية وهي تعتبر صيغ الرغبات ـ والإيرادات لتحيط كل الشهوات وتبدأ السيطرة الكاملة على التردد الذي يحدث عبر فوهة الرغبة الدفينة ـ وبصياغة دقيقة للزمن المركب بأندماج الافكار التحديثية وهي تتشكل ، لتقيس نجاح التجربة بواسطة الفعل الفلسفي المعاصر الذي شخص منطق الصورة في الأعداد والمعنى الجوهري .. فتبقى الصيغ الاعتراضية في عمق الاصداء على العكس في الطرق الثاني ـ في توهج المنطق الصوري وهو ـ العاكس الأمين لماضي العمل الفني ومعرفة خواصه الدينامية وهذا يتعمق بالتردد المعرفي بخواص التجربة.

         وفي أكثر الاحيان نجد الدافع الحيوي ـ هو الدافع الذي شكل المحور الرئيسي في العمل الانساني .. والتعبير يأتي من الاحساس الزمني وللترددات التي تشكل محاور هذه الاصداء والتموجات التي تحول الاشياء الى حركة تدب فيها الحياة لتشغل خفايا الزمكان والتحول الشعري بالنسبة الى شاعرنا المبدع (( سعدي يوسف )) ومعالجته الدقيقة للجوانب الفنية ـ والابداعية ـ ورخامات القصيدة التي تحفل بخواص الصورة ـ ذات الترددات الايقاعية في الاشياء كذلك تجعل هذا التردد ـ والتفرد في البناء الفني وعبر تحولات بينية معرفية ـ أتقنت استقلالية الاسباب .. وناصية القصيدة تفيض بألشروح .. وتعيين العبارات والتعليقات التي أنغرست في عمق الخلق الابداعي ، وهو تكتمل عبر الاستساغثة والاستحضار الدقيق ، في عمليات المخيلة .. وتأتي الصورة بسببية ، أستقلالية ( منغلقة ) على منعطفات سيكولوجية تفسر الكلية الطبيعية في الخلق الفني في القصيدة .. وهي تستحضر الخواص التي تم جذبها عبر الصورة  (( لعملية ذهنية )) تعالج ماضي وحاضر المتلقي الذي يتجذر بهندسة الصورة ـ والقدرة الشعرية ـ والشاعرية في تواصل مع الوقائع الدلالية وهي تستحضر المعترك الضمني ـ وسرعة أثارته من خلال الأنشطة (( السيكولوجية )) التي تكتنز بالحركة ـ والاشياء ـ وهما ما تزال تبحث عن التحليل ـ والإيضاح ـ والأيقاظ ـ والحركة ـ وفي التفاصيل الأسطورية ، واقتحام المفاهيم المسبقة في الشعر والبحث عن الخيارات في أفعال الخيال الذي يظهر بمواقف .. تتحدد فيها موضوعية الصورة في نشوة أزلية .. ومسار تعادلي يفسر العقم الذي يغمر الواقع الاجتماعي.

         والتأسيسي يلتقي ، بمنحنيات الإنجاز في الصورة .. وهو رفض التخفي في الأزمة اليومية .. وهذا الهدف الرئيس من عملية الاغتراب والبحث عن الإنجاز داخل الأنساق وخارجها.
فلا رؤية عند الشاعر هي المعدل الموضوعي في البحث عن الأزمنة الجديدة ، وفي استحضار دائم حتى في هياكل النصوص الشعرية فالثروة الأسطورية للصورة وهي ترسم الفقرات الطويلة في المعنى ونسج التركيبة للهيكل ، كان قد حركها الشاعر عبر قنواته المختبرية لكي تحدث فعلها التركيبي وبتفصيلات مألوفة لنمط العصر الذي نعيش فيه .. فكانت الأزمة .. هي نوع من الإتقان العنيد ، والذي أحتوى المفارقة بكل حالتها الظاهراتية..وفي أخلية .. تستقطب الآثار الدفينة للصورة .. وتكشف ، وتجسد ما تبقى للحالات (( السيكولوجية )) وهي تتقصى الأثر الخاوي ، لبناء الحس المرهف لبنة ـ لبنة .. ودراسة منظمة للأشياء التي تغذي الحواس.
مضى قبل شهرين .. في صمته
وغربته ، وندى صوته
         * * *
لقد كنت أجهل أين يريد السفر
وقد كان يكره حتى الوداع
يغني أغاني حزينة
        * *  *
عن النخل .. وعن رحلة في سفينة
وكان بعينية شيء مضاع
التقنيات الكبيرة .. تؤكد الجوهر ، والاستعانة القصوى لعمليات الوعي ، والاستعارة المستمرة للقوانين ذات الامتلاك المتعين في جمعه واكتماله ، وقوة التحديدات .. بشكلها البارز والنهائي .. وهي تكتنز المفروض في وحدة الوعي الجمعي ـ لتستقيم الصورة التكوينية ، وتنويعاتها بجهد يتحقق من خلاله : الفعل ـ والمقدرة ، في إطار التفاصيل المتحولة وبدعوه واضحة وجلية عن الشيء الذي يحتم على النص وعرض.. مسؤوليته .. وتعضيد فعل الوعي ، باعتباره منهجاً ذو قيمة ، وسرعة في البناء على مستوى أنشطة الصورة
كأنك أنت لم تولد لتبصرهم جميعاً
لتصيح بين الناس ، من أجل الذين يعذبون ويدفنون
في الصمت ، من أجل الذين يحررون
أقدامهم في بول مرضاهم ، ورغم القبح والماء المسمم يزرعون
يا قلب الحجري … أبصر كي تراهم
يبصرون.
أن روح التماثل في حدودها الموشحة ، بالوضوع .. والتي تتميز بالمنطق الجدي في وشيجة ، تتمتع بها خواص التجربة ـ الحية (( في الروح ، والعقل الكبيرين)) وفي صياغات تقر الفعل المترادف في سياقاته الصعبة باتجاه الترجمة الدقيقة للنص الشعري .. وهو يختمر من خلال المنطق في الصورة الشعرية ، لتستقيم المعادلة في الروح وهي تكتشف الإلزام التكويني الذي ينمو بدافع الاحساس والالتزام والمسؤولية كونه يستمد خواصه التكوينية بعناء وهو يزخر بالتناسب المنسق .. وهو يفضي إلى رؤية شعرية تنفتح على معامل الآخرين ، كأنها ضوء شمس وقد أنتشر على تلك الأنحاء من الحواس ـ والمخيلة .. في استرجاع يحكمه وضوح الرؤية في قلب المعنى ـ والنسج الذي يستمد خواصه من المنابع التي تحيط النسق في انسيابية تفتش عن الإيقاع الذي يزهو بموسيقى المفرد ـ والروح التي أصبحت .. شعلة شفافة تحيط ((الزمكان )) برسوم ، وملامح يتلابس معها الضوء المنعكس من صورة الأشياء ـ والحواس الخفية ، لتنطق بالصورة ببصيرة أخّاذة ، وهي تتحدث عن مصدر الألوان في النص الشعري . مهملة في أخر الساحة
أثوابك الفاتحة الخضرة
تلقي عليها عربات النقل ، والأحذية ، الغبرة 
ويضحك الأطفال في الساحة
ويدنون من اذرعك المعروفة المحروقة المرة
يغافلون الحارس المتعب : نواره
يا عمي الحارس ، هل آخذ نواره ؟
لكن اغصانك لن يلمسها الأطفال
لن يسرقوا من زهرها زهرة
فأنت بين الشيء والصورة
ضائعة الأسماء
ضائعة كالماء
ان عملية التلقي تتحدد بالرغبة ، والصعوبة التي تكتنف عملية صهر الاسترخاء في قصدية ، من الوعي المنساب بالهام ، وهو متصل ، بالوضوح ، التام ، في ظاهر المنطق الشعري وهو يوضح منعطف الحالة الأصلية ، وبتركيزا يتبينه الشاعر ..وهو مستغرقاً في روح الصورة ، ليمسك بعدها بأنشطة كبيرة البناء تحيط مشروع هذا الاستغراق وهو في وضع سابق في منتهاه .. وعلى هذا النحو المتنامي ، لخواص ونواظم القصيدة وهي تكتمل ، باكتمال الصورة وتتطبع بالمكونات ، ذات الموضوعات التي تشكل نقطة في الفهم الأول لمستويات الوعي .. وهو يتلمس الصعوبة الدقيقة في الفهم لان الشاعر ترك اثراً يجب البحث عنه .
في هذا المعترك ، يكون الاستحضار متلابس بجدلية مع الرؤية التي تفصح عن عدة محاور في التشكيل القديم كما هو الحال عند (السياب) وكذلك الشعراء الآخرين من المجددين والموروث يأتي في استشراق متعدد التجريبية
اعرف ان ذراعاً أتوسدها تحكم إغلاق مدينتنا
حين يدور السافل ، أشيب ، تحت الأسوار
واعرف انك حين نثرت رصاصاتي اخترت
المسموة منها …
اعرف ان عدوي قتلته أمراة …

والإفادة في الكشف عن :- الحد والتوسع الأعمق لهذا المبحث للقبض على الأشياء ، والإفادة ، من صنع التوازن ( بين الحداثة – والتحديث ) في النص الشعري .. في استحضار ، خواص الأسطورة (كما هو الحال عند جويس) والضبط المتوازن للسببية التعادلية .. والعبث الواعي الذي يدركه الشاعر من خلال الاستيقاظ المستمر

بيت على الذرى كان مسكوناً بأشباحنا زماناً طويلاً
وتركناه ، مسرعين الى السوق
اشترينا شقائقاً
واشُترينا ذمّةَ
هذه القبضة التي يمتزج فيها الوجود الكلي بالجزئي وهي الصحوة لاستحضار الغزارة المتفردة في عمق التصور واتجاهاته المتداخلة نحو التدفق المتوازن في المبحث الاسطوري من الوظيفة البنائية للنص .. وهو البحث عن الصياغات الإبداعية في عمق اللحظات من البناء الاجتماعي وما حققته عملية المفاضلة والتنقيب ، والبحث عن الجذور – والخواص بالمحنة المتأصلة في (التغريب ) والاختيار الشعري عند الشاعر : يكون قد تحدث عن الروح – والهاجس واللغة – والحركة للأشياء التي أوجدها منطق الوجود
أحس ، مسحنا وجهك الغامض بالأغصان
نمنحه الممكن من الألوان
واليوم ، حتى الغصن المخضّل بالإيماء
طاف على نهر النسيان .

ومن الإيحاء المتماثل في النص نستطيع ، ان نحدد الإيراد ، وهو في حقيقة المفارقة .. وهي ترتحل لتجعل الصورة تحكمها اللغة - والصورة ، والحركة حتى تنظم إلى المصدر في الترجيع المنطقي ، والوعي المركز بالانفعالات ، تتمحور داخل إشكاليات واعية من الأحاسيس وصيغ ، التعبير الدقيقة .
إذ أن (سعدي يوسف) يكثف عملية الإحساس بالأشياء والحياة ، من خلال منطق الاندهاش الواعي الذي يطغي على فضاء القصيدة ليستقبل الرؤية في الحنين إلى مشاهدة دجلة في صورة .. تلمس أعماق الشعور قبل أن يطغي على ضفاف القصيدة حقيقة العشق الجنوني

أقول : صباحاً لدجلة ..
أن الصباح الذي كان مغتسلاً هو والعشب يقتادني من يديَّ ، ويجلسني قبله :
هذه المصطبة
تضمك والناس …
إذن … أنت تقنع بالجلسة الهادئة
على ضفاف النهر
ها أنت تصغي الى خطوة منه مكتومة
كنت تصغي
إلى هاجس العشب تحت الحذاء الممزق
تصغي
إلى دورة الخبز في دمه … البارحة

ونستطيع ان نعي هذه الترجمة عبر كل هذه الترجيعات المتكررة وهي تحرك سطوح الأشياء ، وتلامس الأعماق .. فتبدأ الرؤيا تتخذ داخل الصورة حتى تصبح انعكاس لفصل الوجود داخل معاني تعبيرية هادفة الى صيغ عملية من الانفعال الوجداني في قلب المفارقة وهي تقتحم فضاء القصيدة .. لتعمق الشعور بعمق الحقيقة والكشف عن الأبنية التي وحدها النص الشعري داخل معاني الصورة ليعج بالمحاور الرصينة .. وهذا شعور يتركب عبر ، صيغ من التصور الصادق .. وفي تفاعل يفضي إلى الحالة الثقافية.

اعتم البحر
منذ الظهيرة
كان يعتم ، شيئاً ، فشيئاً ، وكان بريق الثياب الصغيرة
يختفي في العيون
يرتقي في ضباب الزوايا سواد العيون
والمرايا – النبيذ
المرايا – الدخان
المرايا – المرايا
في غموض الزوايا

فالنتيجة تأتي دائماً ، في استكشاف المنحى الشعري الذي يطرح مستلزمات (دراما الشعر) في الحفلات القدسية وهي تنقل الصورة لتتم العملية التعبيرية في حماس وتأمل باطني يتضح بسببية ، تنتقل في ثنايا الروح لتوضح مجموعة ارادات وبفطنة شعرية مرهفة .
فنتائج التحليل (السيكولوجي) تؤكد الجهد الذي بذل في نموذج التعبير وفي صياغة القصيدة في سلسلة من ، الأحاسيس كما تشرحها الرغبات – والإرادات – والشهوات في صدق الايمان والرغبة الجامحة في بناء القصيدة .

المراجع
1- الأعمال الشعرية 1952-1977
    مطبعة الأديب البغدادية
---------------------------------------------
 سياق الوحدة التركيبية في النص الشعري دراسة نقدية في شرفة المنزل الفقير لسعدي يوسف
بقلم :علاء هاشم مناف

 في هذه المجموعة الشعرية ينتقل سعدي يوسف الى مسار اكثر موائمة في الكشف عن العلاقة الاسطورية للزمكان بأشتعال  دقيق لجدلية الرؤية وبلهب أسطوري ساخن يمزج فيه الفعل الفني ببنائية رؤيوية تتطابق مع فرز المحاكاة العليا ومعالجة تتمثل بالبراءة لعصر من الانبعاث الروحي ، وفي مماثلة بالبراءة لخواص المكان يضع سعدي يوسف منعطفاً سحرياً لبطله الذي ينتمي الى عالم البراءة المخلوق من مظهر دانتي والذي ينتمي في الوقت نفسه الى شرفة القمر وقصة الاحتفاظ بجدار النار الذي حرك هذه الثنائية مقهىً على (شط العرب) ...
قد كنت ذّوبت المرارة في فمي مُتَمطِّقاً بالشاي ...
كان النهرُ ابيضَ
 ثَمَّ أشرعةٌ ، ولمحُ من نوارسَ لا تُطيقُ البحَر
رامبو قال ...)
كان النهُر أبيضَ
والنخيلُ هو الذي نلقاهُ في اللوحاتِ حسبُ ،
أتحسبُ الدنيا مضَّيعة ً  ؟
أن مواسم الازمنة التي روتها مفاهيم كانت قد تشكلت في حضور المرتكز التاريخي قنوات تامة ومفتوحة ، حيث الاكتمال في انقسامية بالتقاء الماضي والحاضر والتطابق التجريبي في عقل التاريخ واستخدام العصب الروحي من مرتكزه الوسطي وكان للضعف الحتمي حالته التكوينية التي أججها الشبق النفعي الجنوني والصورة الاسطورية للرمز والحلم وبقي البطل الاسطوري يعرض التشخيص الارسطي داخل متون السرد الشعري ، والفكرة هي التشخيص الدقيق للمحاكاة الثنائية للمكان والفعل التركيبي بأستعارته البصرية وصيرورته الفردية ، بقي الحدث التعبيري في هذه الحكاية لانه وثيق الصلة بالرؤية ، والتعبير النظري كان متصلاً بسعة بصرية أضفاها سعدي يوسف على التواصلية للحدث بمشاركة "الزمكان" المتركز في تفاصيل الحدث .
          الليل ببغداد يجيئ سريعاً. أسرع من صاروخ قيامتنا ، أسرع حتى من صاعقة الرؤيا
ولعل البطل يعرف الانبثاق داخل هذه الانقسامية للمنظور ، فهو يرجع في نظره للرؤية السائدة بوصفها أكتمالا لما ساد من تواصل تكويني في الماضي وشروعاً لتأريخ يأخذ شكل التاريخ العائق للتجريبية التاريخية ، فالفعلة هي تقطيع الاوصال وتشتيت الافكار في شروع لم ياخذ فيه تاريخ ضل وجهته بقطع الحدث المرجو دفعنا الى حدود المنفى وحمل البطل خطواته القصوى في خطورة المنفى بازمنة اسهم فيها في تبيان موقفه السردي المتعامد والمتعاقب داخل اصوات كانت قد شكلت نمطاً متناوبا لذلك المعنى من الرؤية .
لماذا ترخين ضفائرك الابنوسَ على زندي؟
ولماذا يتمشى زندك هذا العاجُ على شفتي َّ ؟
لماذا ترتعشين ؟
قولي : سنسافر ... قولي ان الناس يعيشون على القارات القمرية كالناس .
قولي :ان لديهم أروقة وحدائق ... وسوف تهدهدني كلماتك حتى الموت .
حين يتعاقب الحس الصوتي سيكولوجياً يبدأ التناوب داخل بصيرة عقلية وبحس بلاغي متفحص من قبل تشكيل المعنى ، ثم يعود بنا الى السياق الذهني في الصياغات الابداعية ، والبطل الاسطوري حدد التركيب الثلاثي للابداع في الجرس والصياغات الفكرية القبلية والجانب التخييلي والتصويري وفق استعمالات تتصل بحركة التاريخ وحركة الاشياء وبانفتاحات منظورة تلتقي بالماضي وتعرج على الحاضر بفاعلية جمعية تنبثق وفق منظورات مختلفة ومنقسمة لانها تكتمل بواقعية ومشروع مستقبلي لحركة التاريخ الاجتماعي ، هنا يلأتي الخيط الرابط في المنحى المتعدد التصورات ، ولد الزمكان في خاصرة الاشكال الفلسفي ومساره كان انماطاً في التعبير وفي الاشياء في مقهى" سيدوري "
في مقهىً سيدوري على البحر :
السفائن القت المرساة فجراً ، وهي تنتظر المسار ليلتقي البحارة الحكماء تحت سقيفة المقهى . وسيدوري تهيئ منذ أزمانٍ ، موائدها ، وتمشط شعرها ، وتحاور المرآة ... 

سيدوري سمة بنائية ونزعة تكوينية سيكولوجية في مشروع العصر الاجرائي ، والشاعر كونه بنسق من النواة الاكثر صرامة ونزوعاً للعلو ، انها مقهى الفعل التعييني ورابطته التي مثلت التقاء الوعي بعلامات التجسيد اللساني الساخن للبحارة ، انها تفسير نهائي لطبيعة اللقاء في ازمان مختلفة وحوارات توليفية في اللفظ وعشق سماوي يعيد مفهوم التقدير والتأمل في امتزاج انعكاسي مكون بالوعي وبأدراك للبنية الاجرائية تنعكس باللفظ لتلقي بأبخرة السفن وبتوافقية تركيبية كانت قد تمثلت بالمفارقة والمحافظة على مستوياتها المنكشفة للخطابات عند البحارة حيث تعمل هذه الخطابات على التجاوز والتفرد بالخصوصية البنائية ، لان هذا التكوين من المكان يتعدى التكريس للبنية في اطار الحدث باتجاه السيطرة للارتقاء بحركة المعنى بطريقة تدلل على الخاصية التعريفية (لمقهى سيدوري ) المتماسك في اشيائه وبنائه اللغوي ومستواه الجمالي الذي يمتلك الوشيجة التحديثية على مستوى الوحدات التكوينية للحدث ، ويأتي التشكيل للماهيات بالوصف لقصب السقيفة الذي كان مظفورا  مثلما تظفر لغة الشعر وحتى الامساك بالخاصية الثنائية في خمور الجرار لان سيدوري بقيت تهيئ موائدها وتعدها لتتطابق مع هذا الاكسير من الترميز للعالم الاخر او العالم التأملي الذي لا يكتشف الا بالقدرة والصيرورة الواعية التي كونها هذا التطابق الروحي في هذه الثنائية في الجمال الساكن في ساقية البحارة الحكماء في الازمنة المتناهية في فضائها التجريبي ، وبقيت سيدوري هي (الزمكان) والغموض والفناء لتلك التوقفات وبقيت سيدوري تقاوم الانزلاقات نحو نزعة يوتوبية تصور الحاضر باحساساته ، فاراد الشاعر ان يقرب هذا المشروع اليوتوبي (في سيدوري) وهو المشروع الحلمي في انسانيته .
سوف تكون ربّتهُ
وساقية ً تجالس ُ آهلهُ البحّارةَ الحكماءَ
سوف تقول سيدوري نبؤتها
وتعلن صوتها
أعلى من الصفصافة الاولى
وأعلى من سلالم ذلك الافق البعيد..
وسوف يجلس حولها البحارةُ الحكماء ُ 
في اسمالهم
وعلى جدائلهم بروق البحر ، والملحُ ...
ان انكشاف الرؤية عند سعد يوسف يتمثل بالامتزاج المدرك بالرؤية الجمالية واليقظة الحامية في دور البلوغ داخل تجريبية جوهرية تسمو الى مستوى التمثيل في خلق نغمة خاصة تجمع عمليةالتشابه والمشابهه في قصدية مكشوفة للمكان تحكمها استعارات للصورة الشعرية يستخدمها الشاعر لذلك الوصف الذي يثيره الانتباه وفي اجتذاب للتشابه الذي يقبل هذا الغرس حين يظهر عمق الانتماء لهذه الارض لانها رائحة الوجود وعبر  الشيء  في هذا العالم ، وان الوصول الى هذا التمثيل وفق الحس الوجودي باندحار النظام السياسي واستبداله بالحس الانساني بعد ان تقهقر الاله ومات ولكن الشاعر لم يمت . من هنا اصبح التمرد الذي لازم الشاعر بصمت التفوق الحسي والحاجه الى دين انساني جديد باعادة  تشكيل التاريخ من جديد وباختلافية وجودية تناقض  منطق  الحياة التقليدي
انها : (العقبة ) 
هي ايْلةٌ التاريخ
وهي الآن إ يلات التي جاءت بها الكبوات واللهجات ُ
وهي ، بنطقنا  ، وغمام استقتالنا :
العقبة
تشُفّ  كذرّةِ البلّور أحيان اضطراب النبض
ارض مقاتل لصحابةٍ ومجاهدين
وواحة مسكينة للسدْر
دربا نحو مؤتة والشام
وسعدي  القى مراسيه في بؤر  التحول التاريخي لكي يظفر بالفروض وتشكيلات الاكتمال المتمثلة بالوعي الامكاني للتاريخ ، الا ان سعدي يوسف واصل هذا التمثيل الثنائي بالانفتاح على الاستقلال التاريخي وتوقعاته وجعل هذا الانفتاح حركة كشف لصنع الارادات وتمثلها بالحس الاستدلالي الذي يعني الفعل في حركة التاريخ بمعنى تنشيط الحالة الفعلية للتاريخ بقصدية وصيرورة تؤكد حقيقة الوعي الجدلي التاريخي وفق تقريرية واقعية تتمثل  بالموضوعلت القائمة على التجريبية الحسية وبانماط واعراف بنائية تشكل مضمون هذه  الواقعية كذلك تفيد التشديد الذي  تمثل بالاعراف التصويرية لمرتكز المحاكاة التي افردها المعنى القيمي وترابطاته النظرية التي رجحت التمثيل بالتخريجات المنظورة والمهارات المنجزة سياسيا وتاريخيا .
فالذي  يعنينا من هذه المماثلة هي اشكالية الصورة وتخريجاتها في اطار حافز المعنى  السياسي الذي يشدد  عليه الشاعر:
سوف يئنُّ لورنسُ المهشّمُ عند احداها .
ليس في القلعةِ احدٌ / ليس ثمتَ حارس آثار /البحر وحده / والصيادون
تركوا زوارقهم الى المقهى /
الشمس تغرب في ايلات / والقلعة العثمانية تسهر مرتدية اسمالها
الفاخرة / لاقذائف من مدافع قديمة /
التأريخ والبحر / سوف تكون المنارة انيقة في كامرات السواح الذين لايأتون / الهلالُ الجديدُ
والشاعر يتأكد من الفاعلية التاريخية ، ذلك  بالانفعال بالتاريخ بوجودية تفصح  عن ذلك العناء السيكولوجي وحصر شروط الفعل المنجز بنظرة حسية محسومة سلفا داخل الاعم المقصود وفق منهجية منظمة لحركة التاريخ الذي يسير بالعكس داخل جبرية تأويلية تتقولب بشكل عقيم وفق نزعة توكيدية تتشكل بالفرز والتخطي للحس الثنائي عند سعدي  يوسف ، هذا الاحتدام التواصلي عند الشاعر يشكل منعطفا خطيرا في الوعي التاريخي من ناحية الالزام المركزي لمنهجية العقل وخلاصاته (السيميولوجيه) داخل اشكالية دلالة المعنى وتردداته باستعادة فعل التاويل بفكرة المقولات الثنائية السارية المفعول (بالفعل التاريخي ) وبزمكانية تنشد المعنى في مدى الاحاله التي تاتي وفق سياقات تحدد جدلية تلك الاستجابات التاريخيه .
الضباط العثمانيون كان لهم هنا مفصل البحر والصحراء .
والمدافع الاولى التي تدفع عن طريق مكة الطويل ، ما قد يقذفُ البحرُاذاً لنهبط الى القاع ... به البحرُ
المشهد واضحٌ. واضحُ  كالسينما الوثائقية ، وجارح،
وحزام الرصاص
لنحمل ، مثل جملين غذاء رئتينا
ولنقذف في الامواه العميقة
حيث الزرقةُ ساحل .
وفي كل هذا المنحى ينطلق سعدي  يوسف  من الاسس الاجتماعيه السيكولوجيه ، فالموضوع عنده هو الدرس بملخص سيكولوجي وحكمه تنتقل من مرحلة التلقي الى مرحلة التقويم الجمالي للقضيه المحوريه الخاصة بصدى هذا الشعور الذي افرده الشاعر لخلاصاته السيكولوجية المؤثرة في هذه القضية المحورية التي تقوم على منطق التقسيم النصفي للتفاحة بالقياسات السيكولوجية ليختفي بجبال الخليج هذا المفهوم التصويري الاستاتيكي يتم بوسيلة فهم للحظة سيكولوجية تقدم الكثير من صيغ ومفاهيم لا شعورية تكمن خلف حدود المعنى ، ويستطيع الشاعر ان يلمس قوة الفعل السيكولوجي داخل الفعل الشعري بخطوات متقدمة لفهم المعترك الجمالي للحدث ومحاولاته المتقدمة في البحث عن اسس الاحكام الجمالية وهي محاولات تضع في الحسبان الموازنه بين الربط المحكم لحركة اختفاء نصف التفاحة هادئا في الجبال وبين الكشف عن القوانين الجمالية وإحالة هذه الاشكالية الى اعتمادات الطبيعة في الكشف عن هذا الاختفاء لنصف التفاحة في الجبال وتركه ، هذا الربط لعمود النور ثم الانتقال الى شعور اخر بأن البحر لاموج فيه وان الاتجاه ارتكن عند الشاعر سعدي يوسف الى السماء التي احاطت بالحدث وباللوّن وبنصف التفاحة الذي غاب ، ثم ينتقل الشاعر الى حدث اخر هو ان ارتباط كل هذه القصدية بوصفها ارتباطاً محوريا  بخّياطة الحي التي بقيت تطوي على ساعديّ ً السماء قمصانها الارجوان ، هذا الفعل الحكائي قام على الربط المحوري الذي يقتضي التخمين لمعنى النص في نوع من الاستقلاليه الدلالية وفقً صياغة للكتابة بتوافق المعنى اللفظي لخواص النص وفق اطار المعنى العقلي او قصدية المعنى  وهو  يحمل الصوت الحاضر في الصورة الشعرية وقد اصابه الخرس عبر تشكيل نصف التفاحة الذي اختفى ، هنا تاتي العلاقة في اطار التناسب مع الصوت الخفي في النص مع الفهم الدقيق لخاصية المعنى الذي ياخذ بعده التاويلي وهو يزداد قوة داخل هذه الاشكالية المحورية القائمة على التاويل الذي خلقه الانفصال التام داخل المعنى المشّفر للنص الشعري باستذكار الصورة الشعرية التي تكونت بتعالق المعنى التاويلي للفظ على ضوء قصدية النص المتشكلة اصلا وفق مفهوم سيكولوجي للتاويل .
منظر
نِصف تفاحة يختفي هادئاً في الجبال
تاركاً في الخليج عموداً من النور
لاموج  في البحر
لكن كل السماءِ المحيطة بي
تنشر الآن قمصانِها الأرجوان    
نصفُ تفاحتي غاب
لكنني مثل خيّاطة الحيّ
مازلتُ اطوي على ساعديًّ السماء
وقمصانَها الارجوان

ويستدل سعدي يوسف (بالزمكان ) وهو معيار يفضي الى توقيت الخطاب الشعري ليسع للصياغة في تشكيل( الواقع والمعنى ) فهو يتناول الجدل الموضوعي للزمكان وقوة الاسناد في وصف المكان باستغناء عن مقولات عديدة لم تبدأ بالاسناد ، هناك وحدة جدلية في اللغة والتاريخ والتذكر داخل الوحدات المتميزة في الوصف للمكان ليستغني الشاعر عن الهامشية الخطابية في الشعر . هناك ملمح اسنادي ثري يشكله سعدي يوسف من المكان ثم الاخبار  عنه بالتاويل والاشارة والحسرة والفعل الارتباطي داخل هذاالاستقطاب الاسنادي الكلي لانه يحتوي القضية كلها لانها الواقعة التي اختفت داخل هذه المفصلية من المتاهة ، هذه البنائية من التواشج  غابت بتلك الهامشية للواقعة المكانية ، فالمكان لم يعد وجهاً  للتحقق المرئي بل أصبح هماً يوضح  طبيعة هذه الإشكالية في الفهم لان  المكان أصبح الآصرة الدقيقة للخطاب عند سعدي يوسف ، وبما  ان الخطاب أصبح الآصرة بسبب هذه الواقعة ، من هنا بقي المعنى الخبري لم يعد الاّ وصفة سابقة تضع المكان في ازمنة متعددة للهوية واصبح الاسناد الخطابي زائل بسبب التفاعل اللفظي الهجين للخطاب لأنه ابتعد عن حقيقة الواقعة المكانية وكبح المعنى وتجاوز القصدية بسبب انسلاخ الفعل المضموني للعقل وتطوره المكاني المرتبط بزمان مخصي لانه مثل المعنى الهجين وهذه نتيجة جدلية للواقعة المكانية المشتتة .
دهب / شرم الشيخ / نويبع / الغردقة / الدّرة / عيذاب /
الأسماءُ تتخاطف مثل اسماك البحر الاحمر/ تتخاطف  حتى تبلغ هرره ومُكلاّ حضرموت / تتخاطف حتى تتمادى ... الى صحار ومضيق هرمز /
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلاد التاميل / تتخاطفُ  حتى تتركنا مدوَّخين / اسماء وكواسج ودلافين / وحوّرياتٌ بحارةٍ ثملينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالخطر والعواصف سيأتي حجيُج مصر / ومن هناستحملُ الجمالُ /
اُلمَرفّلةُ كسوةَ الكعبةِ
التي كانت تنسج باناةِ غير مصّريةِ في متاهة القاهرةِ المِّعزِّيّة
نحن مليئون بالسُّم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 ويعود  سعدي يوسف  الى مفهوم المعنى في النص والواقع  الذي يفرز هذا المعنى بانعكاسية اقترانية  تحدد وظيفة التصور هذه من خلال حس دلالي يميز اشكالية البنية الخطابية في اللحظه اوالومضه العابره التي واصلها الشاعر بالتعبير الكلي لهذه الواقعة الكلامية لان المعنى قد انطبق بالوصف الفعلي للحدث .
  الفنار القديم
مطفاُ
لم يَعُدْ في صخور المواضع بحّارةُ
وحده الموجُ
يلمس كالقطّ كُرسيَّ مقهى .
دخانُ من الضفه الثانيهْ
والسفينة تقلْعُ .
من زورقٍِ يتخطّى الفنار القديمَ
شباكُ تدلّتْ
فكان التحليل الذي عبر عن فعل الومضه في الرؤية فهي تنطوي على اشكالية زمكانيه تتعلق ببنائية التصور والمجاورة للحدث الذهني الذي ألفه الشاعر بهذا الاتصال المصحوب بقوة المرور العفوي الذي يمتد من الناحيه الذهنيه بزمن أفقي تعنيه الرغبة في التحول من العمود الى الافق وبتقنية لغوية متساميه وتشخيص دقيق لجانبه الاختباري والاختياري والتدرج الاتصالي المتطابق مع المقدرة في التجديد الذهني لصياغة الحدث والومضه وفق تماسك متين لتلك الشبكة العلائقية في تشكيل لحظة الفكر كعمل اولي قبل الشروع في امتلاك قوة الفعل السيميولوجي من حيث حدوده الحسية وتفاصيلة الدلالية الراسخة في التجربة والعلو المتوافقين بالمعنى بعيدا عن السقوط في شباك الانجاز  الشعري الفارغ ، فبقي الاتصال الذهني يتعلق بعوالم الدلاله ولحظة الارتكاز في التدرج الزمني لبناء نص يقوم على التكوينات السيكولوجيه في ومضة تكوينيه معرفية يمتنها الامتداد البصري والذهني ، وقد جعل سعدي يوسف الهيمنه في هذه النصوص للحس الذي توازن بالحدث الشعري والمرور السهل الى الوجود وفق مؤشرات تزامنيه تقوم بتحقيق مستوى اعلى في التذكر والحفظ والانتخاب الدقيق للمجس الخطابي ومستوياته التمثيلية وحدودة البنائية عبر تنسيق زمني وفعلي مترابط باستبطان وقوة في التعبير وانساق مشروطة بعمليات الاتصال الذهني في الواقع التاريخي الذي كونته تلك اللحظه التي يتحدث عنها الشاعر
سنوقرُ سمعُنا عمّا يقولُ البحرُ
سوف نشيعُ عن شمس الغروب ِ
وملعب الامواج ...
سوف نكون اتباعاً لهذا او لهذا
نكتفي من كل قافلة ٍ
بخبّرةِ ملّةٍ
وبتمرتينِ..
وسوف ننسى كيف نرسمُ بالنجوم فُجاءَة الصحراءِِ
والطرق التي لاتنتهي...
مايتعلق بالتصور الملفوظ واشكالاته الفكرية عند سعدي يوسف فهو يعد مقدمة اتصاليةلاختيار هذا التدرج وفق تطابقات فكرية تلخص المقدرة والتجديد والفهم والالتحام والتماسك في تلك التوسطات لاعداد شبكة علائقية تقوم مقام ذلك  النسق المتصاعد في اللحظة المتعالية ، فالذي نقوله بخصوص هذا التماسك الحدسي وماهيته الحاضرة وتدرجاته الزمنية في اختيار الحدث والحديث الشعري .
قُلْ لماذا يُعذَّّبكَ الشوقُ لامرأةِ ؟
انتَ  في منتهاكَ...
الحديقة مخضرةٌ
والرفوف التي تتاملُ ملآى بما سوف تمضي بعيداً بهِ
والسماءُ انجلت ْ بغتة ً
والقميصُ الذي ترتدي الآن... َسْبطٌ  نظيفُ
وبعد دقائق عشر ستأتيك َ سيارة ٌ
لتغادر نحو المطار...
اذاً
قُل ْ : لماذا يعذبكَ الشوقُ لامرأة ٍ؟
هذا التأسيس المتأمل بانكشاف مستوى المقدرة الحسية للحظة او الومضة الذهنية لانها نسيج وانتخاب للذاكرة في حدود البنية والتحقق الخطابي ، فالبحث عن علاقة هذه الومضة بالتركيبة الفكرية وبالسياق المعرفي لانه انموذج تكويني لحضور المصدر الحسي بصيغته (الزمكانية ) المرتبطة بهيمنة هذا النسق التعبيري وترابطاته بالحديقة والشوق لامرأة وبين هذا الحس القلق والمطابقة التي تسبق هذا الاستبطان وشروعه الذي يتكون بالقوة التعبيرية وبتزامنية هذا الشوق ، وسعدي يوسف كان قد كون حساً اشتراطياً في القصيدة رغم وجود الخطاب المتفحص والاستنباط المرتبط بالجدلية النسقية وشروط الامكان الذي ينصب داخل حركة الحس وسعدي حدد (الزمكان الاختياري) والصيرورة الكونية التي تكون ذلك الاختيار والموائمة من خلال التنظيم السري للغة ، ثم يأتي الاتصال عند الشاعر حسب درجات التأسيس الكوني للحدس وبمنظومة لسانية تستدعي اللغة المتعالية كونها لغة لسان تلازم التموضع الحاضر في مجس الضمائر في تشكيل التجربة الحسية الدقيقة .
يشربُ النَبتُ في شرفة البيتِ شاياً من الياسمين
الصباحُ تدلى بسُلّمِهِ وتسلقَ اوراقَهُ
وهو الآن يضْفرُ لي تاجهُ في الجبين ِ
الطريق الذي لا يؤدي ِّ ، يُلَوِّحُ لي إذْ يلُوحُ 
لن تَمُرَّ هنا الحافلات
إتئَّدْ
وأشرب الشايَ في شُرفةِ البيتِ
ولتتعلّمْ ، ولو مرَّةً ،كيف تستقبل الطيرَ 
بهذا الطراز من الكثافة تعمل الزمنية عند الشاعر في تشكيل حصة الافراط في الحس باتصال العلو بالاخص المقترب من الحس اللغوي وتكويناته  العصابية التي تلابست في الحس الكوني ، والملاحظ ان سعدي يوسف في هذه الومضات حقق فعل التأمل بشروط العموم الثقافي وتجربة اللغة الجدلية المحسوسة وفق صياغات المعاني ، في العلو الانطلوجي المكثف من خلال الشبكة الاسنادية للغة كان قد تفرد بها سعدي يوسف عبر استهداف للمعنى وبقنوات الذات الجمعية والروح التي تجاوزت الاستفهام التواصلي وركزت على نواة الاكتشاف ومن ثم التجاوز لكل الاستفهامات المتعلقة بالاشكال اللاحقيقي .
ويعلن سعدي يوسف (حسه اللّوغوسي ) كمقدمة عقلية متركبة بالاتصال للمطابقة وفق اشكالية تجريبية للمعنى من وجهة النظر المرتبطة بتحرير الفعل العقلي من التصلب ، واعادته الى قواعده الحقيقية ، وضمان منطق الممارسة( للوغوس)  داخل اساسيات الاتصال لفعل الحقيقة بواسطة المنظومة السيميولوجية.
دائماً في هذا الخريف الذي لا يشبهني
في هذا الخريف الذي يشبهني
في هذا الخريف الذي ........
أسألُ عن ورقةٍ واحدةٍ . ورقةٍ واحدةٍ ، حسبُ .
لكن ماذا نفعلُ بالاغاني ؟
ورقُ الحائطِ مثقلٌ بالاناشيد
أناشيد الموتى
واناشيد ُ من يموتون....
 مثقلٌ ايضاً ببياض خفيَّ
يتوضح هذا الاتصال الكوني بالاشياء واللغة ، وينحصر بالتوجس والحس والتفهم للفظة واتصالها الزمني ، وبكثافة جمالية تأخذ بالحسبان الانعكاس الاتصالي في المعنى البصري ، والتجريب المحسوس والمرتبط بالحوار .
وقد حاول سعدي يوسف الاجابة عن النزعة الاتصالية باللغة الماورائية ، والتسبيح بمقتضى التكوين للصورة الشعرية ازاء ما يحدث من تحول في الاستبدال بطريقة اجرائية ، وهذا مبدأ أتخذه الشاعر شعوريا لتأكيد المعنى اللفظي وفق حدوده التعريفية داخل كينونة هذا (المنلوغ ) واقتضائه واتصاله بالماهية الشيئية وتعميم هذا التموضع داخل مقطوعة هذا السياق ، واختلافاته في التشخيص المتبادل لعلاقة اللغة بالمعنى التأسيسي دلاليا ، وحصر المعنى في المعنى الاستعاري (الرمزي التاريخي) ، وبنفس طريقة الدلالة الموحية لانسجة هذا الافتراض للغة . ولكن بقي الشاعر يتحدث عن الاجابة ، والاعتقاد، وربط اللفظ بالمعنى .
فتاةٌ هنديةٌ
ربما كانتْ زعيمة قبيلةٍ في البيرو
قبل ثلاثة آلآف عام
 دخلت غرفتي ، لثلاث لحظات فقط
لكنها لم تخرج
        في اللحظة التي تتميز فيها الدلالة السيميولوجية :يقيم الشاعر برهاناً متقارباً ومتعدد المعاني ، ومختلف بالخصوصية الفردية بوصفه خطاباً خفياً متقارب المعاني في جدل الواقعة وفي حدودها التعريفية التي تثير التمثيل اللفظي في المحاكاة العينية . وسعدي يوسف مهد لهذا الخطاب الطويل (للارتياب)، واستطاع ان يضع له بنية تعبر البعد الزمني لتدخل في المعرفة الحسية وتختفي وفي المنظومة اللغوية للخطاب ، فاصبحت الاسبقية (انطلوجية ) لنتائج واقعة لا محالة داخل كل هذه الافتراضات الموضعية المرسومة زمنيا .
      اننا الان في حركة التتابع للنصوص (التزامنية) لشفرة النظام الوجودي الذي اصبح متركبا من فعل الخطاب (وتفرد المفصل اللغوي داخل زمنية الشفرة اللوغوسية ) التي تفردت( بالاحتفاظ في الدلالة والمعنى ).
ثم بين الغصونِ ، سماءُ طباشيرُ
هل أكتبُ اليومَ فيها أغاني السواد؟
المروجُ التي تكنزُ الخضرةَ أتّسعتْ :
هل تكونُ السماءُ ، أذاً ، في التراب الخفيض؟
لأحداقُِنا أن تحارَ قليلا ً
وأن تسأل الآن عمّا بدا ثابتاً .....
                     يبدو ان (استيحاش ) الشاعر حول هذا الاشتراك الحسي في صحوة مفارقة أثقلت فيه التدرج التكويني في الافصاح عن الية للصورة ، وقد تشعب هذا الايقاع (ليستغرق) في التقنيات التناوبية في (تدخين القنَّب) و (أتنقّعَ بالشفتين) وهي صيغ تعبيرية تلخص النظرة الى الوقائع- بواقعية – تمتلك عالما خاصا بإضفاء الحس الشعوري من الناحية التجريبية ، وقيمة التمثيل الواقعي الذي يمتاز به الشاعر في وعي هذا التماسك  في اللحظة ، وتقديم متون الوعي الحسي بخلاصات يقظة ، وانموذج مدرك لمعيارية القص الحسي ، والتحول الى التمثيل الاستبطاني ، كذلك التغريبية في الحدث السيكولوجي لانه تمثيل يتخذ من الهاجس الحسي (مخرجا للنص الشعري ).
تعالي
كي أمتنعَ الليلةَ عن تدخين القنّب 
....والتبغ الهولندي
تعالي
كي استمع الليلة للموسيقى
من فخذيك المائستين
تعالي
كي اسمعَ رعشة أعماق ِ الدّلتا         
ضيقةًَ
... حول  غُصَينٍ
الآن تعالي
كي اضجعَ، حتى الصحو ، العينين
تعالي
.... يا ضامرة النهدين
ان الرجع التمثيلي عند الشاعر ياتي في القص والمماثلة في الموضوع التصويري وهو يخالف قول الحافز الفارغ ، والشاعر يرغب في تشكيل واقعية حسية وبتصريح يقوم على مأخذ الحافز السيكولوجي بأنكشاف العمق لمنظور الموسيقى المتمثلة بالحكائية البنائية وهي المدخل لكينونه الاصوات التي تندرج داخل نغمة متألقة تتضمن الحس التقسيمي للحدث والايقاع بضربة تعالج خلاصات البنية الموسيقية للشعر ، ويعالج سعدي يوسف في هذه الانساق التعريفية للحس أهم افعال الاداة الذهنية التي تكيفت لمفهوم الادارك والذات التي تعرف حقيقة وعي اختصار اللفظة والحكاية حيث يتم رسمها عقلياً وبحس اكثر دقة في السببية التعبيرية للارادة،  هناك استعارات بصرية تربط وحدة مركزية  وحدة الحدث وتبدو الموسيقى في ذهن سعدي يوسف اكثر حيزاً في تصوير مكامن (الاذن والعين) لانهما يجريان مجرى واحد في جرس تشخيص ولفظ كان قد ارتبط بالمشهد الشعري وصلته تأتي بالتعاقب وبألتقاطات تتناوب في المعنى والمنطق والمحاججة . صحيح ان الاختيار بالنسبة للشاعر هو ما يتعلق ببلاغة المعنى المرصوف رصفاً دقيقاً لكن الرغبة التي احدثها سعدي يوسف في جوهر هذا الحس الزغرفي يفوق ايقاع البنية اللفظية من ناحية الاقناع التداولي المعروف ،فتتشكل عند الشاعر الرؤية والسكون بجمال الحركة الاقناعية في التحول ودور الافعال التعبيرية (سيميولوجياً) يقرر الشاعر نهائية البناء اللفظي بوصفه منطق تنظيمي لخصائص متميزة في الوزن والطباق وهي تقع ضمن تفاصيل بلاغية وأنتاجية في التحكم والتنسيق والمبادرة والتأسيس والتدرج والتمثيل الذي يعد مركبّاً واحساسا لمزيج من الرؤية يقع في ايقاع تكاملي في (القهوة التي تبرد في الشرفة ) وهي نتاج بنائي من النصوص يقع داخل شعرية واختيار للصور فهو يعد موضوعاً متطورا في ثنائية الملاحم النصية من التأليف في الملاحم الحسية .
الفانوس المتدلِّي بين النبتِ المتِسلِّق لا يرسل نوراً
لكن عيوناً كانت تمنحهُ نور الشرفةِ ...
كرسّيان وطاولةُ (الكل بلاستيك)
وصينية قهوةْ .
لم تعبِ الشمس تماماً
والسُّرخسُ ما زال على الدوحة اخضرَ
سنجابٌ يقفزُ من أعلى ليغيب تماماً في الخضرةِ
آخر بيتٍ تبلغهُ عيناي سيوقدُ مصباحَ حديقتهِ بعد قليلٍ
والقهوة َ تبرد في الشرفةِ

ان مفهوم العوالم الامكانية عند سعدي يوسف تستند الى اطلاق يضرب في حكاية التعاقب النصي وانما تلخصه التوقعات من حكاية يتصل بحركة اختلافية توضح المنطق الدلالي وفق عوالم التاريخ الحسي المتركبة باختيارات تنعكس في الحكاية التي تتقدم فرضيات تصويرة للحدث الحسي ،  و(قلعة هاملت) هي طريقة مدركة للحس في الحكاية وتصوراً يتطور بمصدرية قصدية تعالجها  المداليل الملموسة بالعبور فهي معالجة لفضاءات  ممكنة ومجردة ومتميزة بالجمال وهي بنية تتعلق بالمدى القائم على التألفات والايقاعات المتوافقة مع التبيانات الدلالية والتوقعات الحسية المليئة برائحة التشظي الخضراء . ويبلغ النص في تصوراته الانطلوجية بان يتوجه الشاعر  الى الماوراء في استخدام الامكان التحليلي ورصد تلك الانتقالات الذهنية باستخدام السياقات والعوالم التي تصور البنية التاويلية للحس الجمالي بصادره الملتبسة  في غاية من التناهي التصويري الذي يشكل افتراض في الخيارات كاختلاف فائق في الوصف ، وسعدي يوسف حاول نسج هذا المعنى البنائي في (الدم ، واللحظة ، والقوقعة ) باعتبارها استبيانات تنتقل من تصور ذهني الى منطق دلالي حسي يتركب بالجملة الشعرية على مستوى الجرس في استعارة للعوالم المتناهية في اشكالها التعبيرية وخيارات التصور باختلافية غاية في الوصف .( واشباحُ البحارة في سفن غرقتْ في وتعبره احذية السواح )
الخندق ذو الماء الاخضر تعْبرُهُ اغصانٌ وعصافيرُ
وتعبره احذية السّواح 
واشباحُ البَحارة ِ في سفن غرقت ْ..
أناأعبُرهُ ايضاً ،
لكني اتحسّسُ الواحَ الجسّر
احسُ بها ليّنةَ
ومباغتة ً
ماءًفي لون الخشبِ...
القلعةُ تسكنُ في القلعةِ
كالدّم في الدّم ،
انت ، اللحظةَ ،لن تتقري ّ ألواحاً او حَجَراً
لن تدخل من باب التاريخ
ولن تأنس باللوحات المعروضة في البهو
ولن  تسمعَ وشوشة البحر
الآن ستدخل في نفسكَ
كالحلزون اللائذ بالقوقعة ...
هنا ياتي التوافق الذي يشير اليه سعدي يوسف في المعنى البنائي الذي ينطوي عليه هذا التصور في اعلى درجات الحسية الحدسية وباختلاف امكاني يفضي الى  تقابلية في شبكة الاختيار والاستخدام الامثل (للسيميولوجيا النصية ) وهي تقوم بالتشديد على الحلقة الاختلافية من منطق غاية في البناء الحسي الحكائي وهو يتمثل بنائيا من التفعيلات الدلالية التي تختزن التصور السيميولوجي النصي وفق اجراء يحدد المفارقة بين البنى الاسلوبية واللفظ وقواعد التحليل والتاويل اللفظي الذي يرتكن الى اللزوم في المجانسة الحكائية للقص الشعري سرديا وبعاقبية نتطوي على اعادة للخاصيات الضرورية وبأيحاء يشتغل على المقولات المنهجية . ان العوالم التي يمضي بها سعدي يوسف تبدأ بمركزية أبنية العلامات ثم تتحول الى بنى حسية تكوينية تعبر عن طور حياتي يتطابق مع صورة التصورالزمني وعلاقة الفرض المتعلق بالبناء الاجرائي ( في ذلك النهار الممطر) وهو مستوى زمني تكويني يعبر عن جذرية تعاقبية لتاريخ منظور للذات ،ويتمفصل الزمن عند سعدي يوسف في لفظتين طريتين هما (النهار والمطر ) وهما الغاية الحاضرة في الزمن التكويني وصورة (الكوجيتو) الذهني واجراءاته الواعية من خلال المفارقة في التشكيل اللغوي وتمفصلات العلامات والتضامن الثنائي للحدث ودلالته التكوينية في انعكاسية نظرية في (انا مضنىً بملائكة ينتظرون . الاشجار هي الاشجار ولكني ابحث عن ظل)فالذي يتأسس على هذه الثنائية  تفاصيل المجرى الخطابي الشعري وكما يلي:
كانتْ في الشُّرفةِ  . والشمس ُ أقامتْ في ركنِ حديقتها
بيتاً تلاوينَ العشبِ ، وللورق اليابسِ . لم تكن المرأةُ تنتظر
أو تنتظرُ . المرأةُ كانتْ غائبةً . أنا وحدي كنتُ أُلملمُ
صورتها ، والاعضاءَ ، وذكرى القبلةِ في زاوية المقهى
يوماً ما ....
ويتشكل الخطاب الشعري باتصال ينتمي الى النزعات الجوهرية داخل انشطة ذاتية حتى يصبح (مونولوغياً ) تحت رحيق الجاذبية والعودة للاستجابات التأويلية ، وهنا يتكشف التكوين الزمني برفقة تستند الى السعة الكونية وبأطار حركي يتصل بشروط التنظير الاداتي للخطاب وتمثيلا جدليا بالحسي وبمقتضى التمثيل الجوهري للصورة الشعرية وهي تصور هذه العوالم الامكانية في البناء السياقي لمكونات هذا السرد الشعري .
ما أنبتَ هذا الأخضر في الازرق ؟ موسيقى
شمسٌ من جزرٍ ذات براكينَ . المرأةُ توشكٌ ان تتحرك ،
أن تبدو ، ان تتشكل ها أنا ذا ألمحُ خصلةَ شعري سبطٍ ... مكتنزاً من شفةٍ سفلى .
ويتأكد هذا التخوم المتخيل من العوالم الحكائية ذات الخاصيات في الحدود الحكائية  ، وسعدي يوسف مثل المعنى التأويلي وقوة الاقتران في وظيفة التحديد (من الشفة السفلى) هذا التصور المكتنز  بالمضامين الذي ربط المعنى بالشفرة الحكائية ثم بالصورة الشعرية بقدرة معمارية في صياغة القص السيكولوجي والعثور على المعنى هناك زمنية في عملية الاتصال وكثافة لحركة المبادلات والتي تمثلت بالانعكاس التجريبي للمعنى الذي يوجد الجدل الجوهري لخلاصات المعاني المحسوسة .
موسيقى. والشُّرفةُ تغدو شرفةَ بيتٍ : طاولةٌ صغرى .
كُرسيان . زُجاجةَ خمرٍ . قدحان وحّباتٍ من
مشمش اسبانياً . في زاوية الشرفةِ نبتة صبار .
تلتفتُ المرأةُ . ها نحنُ اثنان . سنسكنُ في الشرفةِ .
سوفَ تجيء الشمس الى كأسينا . سوفَ نرى اللحظةَ .
موسيقى ...
أن المدخل الحكائي للنص الشعري يعطينا جاهزية لتمثيل العلائق من منظور التجربة الوجودية في النشأة التكوينية للصورة المفعمة بالحس حيال ما يحدث من الهام لعوالم تبادلية تختصر الاشياء وفق منطق جمالي يرتبط بمغزى علائقي لتكوين معطي لغوي يمسك بالوظيفة التي تفظي الى اطار ثنائي في الرؤية ، وسعدي يوسف أفصح عن وقائع هذه العوالم بأستخدامه لغة سيكولوجية تعريفية وقائعية تتعلق بهذه الابنية الثقافية ومدى خاصيتها في أكتشاف تلك التراكيب التي تعين العكوس الموجبة بأقتضاء التمثيل البنائي للنص ليعود المتن الحكائي الشعري مستقلا استقلالا تاما عن المقدرات الواقعية لانها تنظوي تحت لواء النظرية الحسية للكون الدلالي الموضوعي. وعلى هذا الاساس يستنبط سعدي يوسف موضوعات الاقناع بأرتكاز في الشروط الوظيفية وبأقتران عقائدي انجازي يفعّل موضوع الحدث المكتشف بالتحليل النصي (في شرفة المنزل الفقير) ينطلق سعدي يوسف من مرجعية مسكونه بحالة الربط  الموصوف للجملة ضمن تحليل بنائي يشد موضوع التعريف بامكانية موضوعية للابلاغ عن الواقعة بتوافق يندرج في اطار الفروض والضرورة والصيرورة المستنبطة من التناول للصياغة بارتباط للموضع الذي يعالج المبحث (فالطلاء والسقف ) مفهومان موضوعيان للمكان الذي يعني مايعنيه الاداء الذهني لموضوعة التواصل وطبيعة التقدير لتلك الحالة من المحتوى وربطها باتلاف من المقولات الدلالية التي تقدم صنف من العلاقة والترابط وفق انطلاقات جزئية معبرة عن مفصل دقيق من النواة والذي تأكد بكلمة (المنزل الفقير) وسعدي يوسف يتقدم خطوة الى امام مع خطوتان الى الوراء لقراءة الاسهام المضموني الذي تحققه القضية المركبة والتي باتت تقع ضمن الصور الضمنية ، وتكمن الخطوة الثانية في هذا الحدث هو التحديد الدقيق للعلاقة الجزئية التي استُخدمت كخطوة اولى في النص  وبدلالة التحديد المفهومي للكشف الذي صاحبه التواصل في التصوير واللحاق بالقضية التي تربط الموضوعات الجزئية لتتسابق المضامين التي ارتبطت بهذه الموضوعات وقدمت الاشياء وفق مستوى التدرج من الناحية البنائية لانها الترتيب الاختلافي في عرض منظومة الترابط وهي تتحقق موضوعيا بجانبها الاخباري عن الشيء .
سوف ينفضُ عن ثوبه ماتساقط
ينفضُ عن راسه ماتساقط ...
أو ربما امتدت اليدُ حتى الحذاءِ،
ولكن اغنية الصبح
اغنية العمر
وتبقى هذة العوالم هي وجهة بنائية لمرجعيات ثقافية تتعقد عرفيا بالسعي الذي يربط اللفظ بالمعنى وفق حدوث لهذه الازمات المستوطنة داخل التفاصيل الجمعية وبنفس المقدار من التكلفة يقع في منظومة اللغة التي تصور الابنية المشروطة بتبادلية المقارنة والتحويل والتجانس الضروري لهذا المنزل وشرفته .
----------------------------------------------
صلاة الوثني
بقلم / علاء هاشم مناف

لقد شكل سعدي يوسف المعنى الحرفي في القصيدة وهو الجزء الرئيسي منها لكنه متعدد وقائم على صور ينتقيها الحس بإقتناع يشعرك بأن صلة الفقرات القصدية في الصياغة تتعدد بالتمثيل والخلق للمعنى المتواتر في ذهنية المتلقي فهو معنى تمثيلي حيوي يقوم على المحتوى والاحتواء وبتجريبية محكمة بالمقادير والمعاني الضمنية التي يقوم عليها (المنلوغ) الذي يلائم حركة المعاني الموضوعية بوعي ودراية وقراءة دقيقة لفاعلية البنية الذهنية حسياً ، ويأخذ التركيز بعرف سسيولوجي  طبيعي . أن شعرية هذه المقادير تأتي بالركون الى قانون توضحه ظواهر المنطق الحسي التي تجوب النص الشعري .
عشرات الآلاف من الأياف المائيةِ
تعقد سلمها بين أعالي الشجر المتطاول والممشى ،
والريحُ مواتية ٌ
والأزهارُ البيض ُ تطير مع الريح :
سأجمع ثلجاً في كفيَّ
وأدخلُ بيتي كي أنثر هذا الثلج المنسوج
على صمتِ ملاءاتي 
000
ووسادة ِ زاويتي
لن يتحولَ ماء الثلج دموعاً ،
ويبدأ الشاعر يحكم قبضته المنلوغية على الزمن وفق تفاصيل من البداهة والمغزى وكانت تتمثل سر هذا التأصيل النصي وحركته الدائبة في رسم المعنى ورموزه وفق منطق العلامات التي تؤشر الوجود الداخلي وأشكالاته وتلاشيه حين تدخل الجملة المنطقية وبتقنية عالية يبدأ جوهر اللغز الذي عرفناه متلابساً بهذه النصوص وليس منفصلاً رغم سياقات الايغال في تصريف المعاني داخل الجمل الشعرية لكن سعدي يوسف بطبيعة الحال يؤسس مقادير من القوة في البناء وبأساسيات الوظيفة البنيوية للنص وجعل النص مسترسلا وخاضعاً الى ارادة التقنية الحسية التي شاكلها سعدي يوسف وبمهارة عالية في النسق ولذلك جاء النفس الشعري طويل في حبكته ووقائعه المبدعه بفعل الاعتماد على صياغة وعي المفارقة التاريخية حسياً .
أن الأزهار البيضَ ستذبل بعد قليل – طبعاً – أنا أعرف ُ
أعرفُ أن الريح ستهدأ
أنّ الشمس ستصبح شمس الصيفِ
000
وأني سأسافر نحو بلاد لا أعرفها
لكن ، ما شأني والعالم ؟
تكفيني اللحظةُ
000 بيضاءُ هي اللحظة
فالاعتماد كان على افعال الوعي وموضوعات التفتح الطبيعي والاستزادة الدقيقة للمركبات الاسترجاعية والتجسيد الذاتي لحركة الارادة الموحية بأتجاه الاستشراف الذي ينثال بالذكريات المحصورة (بالزمكان) وتخرج وفق تأويلات مجازية وروابط بينية تتمثل بالتعالق المتحول وفق صور استرجاعية لحوادث وافكار واشكالات علائقية تتقولب في مرحلة تاريخية بعينها وطور من المرحلة الرومانتيكية مع الاستخدام الامثل للمغزى الفكري والتقابل بالملامسة لهذه الرموز بشكل شفاف وبقضية مباشرة احياناً وترديد المعنى احيانا وبشكل ملموس وهذا قد تمثل بالخزن للصورة الذهنية باسترجاع وخلط للعديد من التفاصيل سواء على مستوى السرد المباشر او الوصول الى الكيف عبر الوضوح والاستمرار بمنهجية المعنى وهذا يتردد وفق طباق موسيقي في النص الشعري لانه متأتي من التقنية البنائية لحركة وفعل الموجبات الحسية وتماسكها المستمر في نسيج العملية التاريخية في البنية والصورة وفق منظومة من التعليلات والشرح الموحي بإعتباره عظات تشد العاطفة التي تظهر متركبة في النص الشعري لا خارجة عن هذا التركيب ، فهي على العموم تقليعه تشد المتلقي للاستمتاع بالنص .
000 قد كنت ُ
ياما كنت آمل ُ
والخريفُ يلوّنُ الغابات ِ بالذهبِ
وبالجوزيّ
000 أو بالقرمز المكتوم
يا ما كنتُ آملُ أن أرى وجه العراق ضحىً 
وأنْ أرخي ضفائره المياه عليّ ،
أنْ أرضي  عرائس مائه بالدمع ملحاً
أنْ أطوّف في شطوط  أبي الخصيب ِ ، لأسأل الأشجار :
هل تعرفن يا أشجار أنىّ كان قبر أبي ؟
يذهب سعدي يوسف في عرضه للصوت المدوي الذي يسير بمقتضى ضرورة منهجية للسياق الشعري الذي اشتمل الحس الانتمائي للوطن بثوابت التمثيل ولغة التوصيل والتفاهم لان ما يحدث في العراق والذي هو مكان الصراع ما هو الا نتاج لرؤية تأويلية بنائية ويؤكد هذا التعاقب في الارتداد واحلال النقيض وبؤر التوتر التي تشنها الفلسفة المضادة لمفاهيم الوطن والوطنية ، وأن الجوهر في هذا التأمل هو مقاربة هذا التزامن وبلورة مفهوم جديد للتاريخ بتعادل مع الجديد في الصراع الاستعماري وآثاره بمقتضى هذا الحال والحصانة الفكرية حيال ما يقع من ردة واستنزاف يكون ضحيته العقل وقتل حركة التاريخ .
ففي قصيدة (أذهب وقلها للجبل ) هناك رسالة شعرية تتحدث عن انساق المكان وبفاعلية يجمعها الحوار الخفي والتعالق العام بين الحدث وزمن الاحاله سياق التصور وبصياغة تصويرية دقيقة هذا يعني ان هناك بنية سردية تعيد تصوير الحدث السياسي وبطريقة فعلية ازاء ما يحدث من انتهاك سافر للمكان وهو انموذج جوهري في التحليل ويشير الى الخلاصات السردية ومقاصدها التاريخية لكي يبقى الحس البياني للاستعارة الحية هو الطاغي على الموجود الشعري .
كيف ؟
أنت الساحةُ الآن ، ولا تدري بما يحدثُ في الساحة ؟
000 ما أسهل أن تغمض عينيك
ولكن الرصاص أنطلق ،
الدبابة (ابراهيم) في المفترق الاول
ما كنتُ بعيداً ، حين كانت (ساحة التحرير) تلتم على أشلائها :
والسمتية السوداء ، آباشي ، على رأسك
والبرجُ يدور
أنتبه العصفور
والمقتول 
ان مشكلة التصوير السردي وتعلقة  بالموقع المتقدم من الحدث يبرز المقصد الضمني الذي يتناسب مع الفروض المتعددة للاستعارات وتحليلاتها الزمنية خاصة في التقدم التفكيري في حين يبقى الشاعر  يروي المقوم البنائي بوصفه حبكة بنائية تتعلق بالمعنى بينما يكشف النص الشعري الصياغة التصويرية  للسرد التاريخي الذي يشكل التعالق  في الحياة الحياة الجديدة ، في المكان الذي يترك فيه وبه الشاعر مرة بالاشارة ومر بالمباشرة من استمرارية في جمع الخيوط المتناثرة لصدى العلاقة التجريبية التي عنها ينطلق هذا التعبير ، وان ماياتي من فرضيات هي اكثرها ضرورات تاويلية متوازنة في حدود وشروط المجس الزمكاني 0
والحائط ُ
لكنك لم تنتبه
الشمس على راسك تحمرُّ ، ولم تنتبه
الساحة بارود من الاعلى
دمٌ اهريق َ  في الاسفلِ
طابور من النمل
  000 ولم تنتبهِ
ويشكل سعدي يوسف من هذه الانثيالات و من تجريبية العناء التي تعبر عن نظائر في وصف مايجري للمكان من أثم وهذا يتعالق بشكل طردي مع الواقع التاويلي للاسطورة داخل سردية زمانية تمثل تشكيلا ثقافيا متبادلا في ضرورته بحيث يصير الزمن منطق قائم في ( الليلة ياتي طائف من آخر القصْباء )(وتاتي عبر مجرى الماء افراسُ النبي ) و( الطين من زقورة المنأى سياتي ) ( والخلاسيون والجرحى ، وما تحمله الفاختة ُ الاولى ، وما ينفثه الثور السماوي ُّ ، ويتاكد الارتباط التاويلي في مجموعة اعماق سحيقة يعيشها الشاعر بفعل العناء الغامض الذي يستند الى المفهوم الفعلي للنص الذي يتعين بالإجراءات التي تقدمها التجربة الشعرية وفق اقرار كامل بالكشف عن المصدرية التاريخية والوجودية حسب هوسرل  وهو مصير متصور  من الاشكال التاريخي الذي يتحقق بالملموس عند الشاعر ويتحقق كذلك بالمستوى الفعلي حين يكون السرد مرتبط بالاصول النظرية التي يعالجها الشاعر بمظهر من السياقات الجمالية التي تلتقي باشكالية الاتصال الذي يتعدى التحليل عبر اشتراط يشكله افق الشعري عند سعدي يوسف وباحالات متلازمة بالتميز الامكاني الذي يشكل افق التجربة السياسية 0
وياتينا عليُّ بن محمد 
هذه الارضُ لنا
نحن ، برأناها من الماء ِ
واعلينا على مضطرب ٍ من طينها ، سقف السماء
النخل َ
والذاكرةَ الاولى
وكنا اول الاسلاف ، والموتى بها
والقادمين : 
الارض لن تتركنا
000 حتى وان ْ كنا تركناها
ويتاكد الشاعر من هذه العوالم بتشكيلات النسق المطابق بالحدث ، والعالم الذي يخلقه هذا التلازم الحياتي في الاحالة التبادلية وما يعنيه الشاعر هو التقاء المعاني وفق تجريبية تحليلية تسمو فيها التجربة بسردية الخيال التاريخي الذي من مكوناته الحس الذي يشير الى المرجعية في وصف الاستعارة  لانها السطوة في المقدرة على الوصف وهي احالة مرجعية للخطاب الشعري الذي يفسر قضية الاستعارة باعتبارها تقنية عالية لتفسير الحدث التاويلي وباقتران يشكله الشاعر لتقويم الحبكة السردية داخل بنائية حكائية يجيزها التاويل عبر اشكالية زمكانية في السرد ، هذه العلاقة تربط المتلقي بالنص وفق علاقة تتحرك فيها المنظومتين التاويلية والظاهراتية حسب مفهوم هوسرل ، ويتم الانبثاق وفق حياة فعلية تقوم على الواقع التاريخي من ناحية التصوير والصياغة المتعلقة بالمنهجية التجريبية للشعر 0
في قصيدة صوت البحر ، هناك تقدير استمكاني يتضح من الناحية الظاهراتية داخل تضمين وتفعيل ينسجه الشاعر وفق اعادة دور المرحلة الحسية بفعل ميداني للحس في ميدان الصورة الحسية ، واوليات هذا الادراك عند هوسرل في تحليله للعالم (الغاليلي ) والذي تركز في القراءة الادراكية للحس وفعل  المالوف من المواقف في احلى وصف للبراعة  التاويلية داخل هذه  المفترقات الحسية التي تسجل الملاحظات التفكيكية وفق تقنيات للتاويل يستخدمها الشاعر وفق مشاهد ومسارات للوصف وباطار ضمني يعالج حقيقة النصوص الشعرية 0
ياصوت البحر الخافت
يا وشوشةً وهسيساً ، وحشائش فيروزا
وأغاني بحار اعمى
يابوابة بردي ًّ
وحصيرا ً من سعف ضفرته يدا طفل في الليل
وياريشا ً وسلاحف
يا مبتدأ الرحلة من فرط امرأةٍ
يا أرجاً يلمع في اشجار دائمة الخضرة ، شرقي ّ الصين
وياصوتي المتعب
ياصوت البحر الخافت 0
والذي يتاكد بهذه القراءة للابيات هي حالة التوافق الاختلافية والتي تجسدت (في اختيار المنظور  بالكتابة الشعرية ) فالذي يعنينا هو التفصيل الادراكي للمنظور الجمالي في تفاصيله التاويلية وفق شبكة المنظورات ، فالحكاية قد تمثلت المالوف للاشياء ، والتقنيات عند سعدي يوسف تقوم على الاحساس بالصلة الداخلية لعلاقة الاستحداث التاويلي بتقنية الايحاء الشيئية واستحضارها الذي  نسميه صورة المعنى وفق معادل موضوعي الذي يتاكد بالبؤرة الداخلية للافعال الذاتية وفق انموذج وثيق الصلة بالمعادل المتطابق واشعاره الرمزي وصورته الحسية التي تتمثل : بـ
يا صوت البحر الهادئ
ياصوتا ً اسمعه ُ يتسلل من قصب الكوخ
سلالاً  ملأى   بالسمك المتواثب والاعشاب 000
وسعدي يوسف يتحرك بايقاع اللحظة الشيئية والخاطر وهناك   الخفي من الاشياء داخل حركة النص يخرج وفق حكاية خاطفة وعابرة تحدد هذه التوليفة الاختلافية والقدرة في الكثافة لهذه اللحظة التي تستحوذ على معالم النص الشعري وفق تركيز  للرؤية والتفاعل السياقي التقني والحسي   والذي يعني التمثيل في التركيب الفعال وعلاقة هذا العالم المبني على اللحظة ومجرى الحدث التصويري من ناحية التعاكس المتلاشي في الاشياء وما تحدده الاعتبارات ( النيتشوية ) وهي تستطلع اللحظة التي يظهر فيها هذا الانتماء الى هذا الحاضر :
تلك القطراتُ الاولى تختبئ ُ الان
ولكن اين ؟
ترى ، اهي بذيل الغيمة ؟
او تحت وريقات البلّوط ؟
وفي هذا الايقاع يتم استرجاع الحاضر وفق منظومة حسية يتم تفسيرها
( انثروبولوجيا )  لان البنية النصية اصبحت في ارتقاء لانها تدفع العقل الى المخاضات في السبق والارتقاء الى عقلية قياسية تفصح عن اشياءها الحاضرة  وفق تشاكيل مركزة استرجاعية تؤهل حركة الاشياء للبت بهذا الاسترجاع :
شرع السنجاب يخبئ ُ تحت الارض مؤونته
مقترباً حتى من بابي
ما اجمل هذه الدنيا قبل المطر !
السنجاب يمر على السنجاب 0
وينعكس هذا التموضع باستقلالية في المعنى الارادي للنواة وفق تجسيدات تتبدل حيث يظهر السبق الكوني داخل حركة الاشياء شريطة ان يحمل النص خواصه الاسترجاعية في حركة الارتقاء في تشكيل الاستعارة خاصة عند الشروع لتاسيس سبق الوعي في تشكيل  المجس الحسي وتعاقبه وحدوده الاستئصالية للتفتيش عن المعنى داخل بوتقة الحسي المؤسس لمستوى التغاير في البنية ، ويتأكد سعدي يوسف بهذه الزحمة والتقابلية الثرية التي افرزها (باشلار ) بتركيبة الذات الفاعلة في الاشياء الحسية :
لماذا الكستناء تظل مثل النساء الجالسات على رصيف ؟
هو العمر
الذي وهب ارتفاع الاغاني ثم اوشك 0000
أي معنا ساساله ؟
كان يدا تهاوت على شفتي
وقالت : أي معنى ؟
وفي قصيدة الى شيخ عشائر الـ   يعيد سعدي يوسف الفعل الاجرائي بارتفاع  فعل المرارة  التي يتعين على الشاعر الملتزم بالفعل والهاجس الاسنادي للمكان المقدس استنادا الى مفهوم الوعي الاجرائي في التجربة الحسية ، وسعدي يوسف يستشهد بالغالب الايحائي لفكرة عالم الحياة المقدس كما هو بالطبع عند هوسرل يستعمله في الكشف عن الاصول المتعلقة بالتاريخ والحياة بشكل عام وهي تسير وفق زمنية سردية ثم تصبح على حافة ( الزمن التصويري المنهار بفعل التصوير المستقدم للانهيار ) على مستوى حركية التصورات القبلية التاريخية ، والشاعر حدد عولم الفعل المطهر على  المستوى القبلي لان القبيلة تمثل مستوى قبلي التزامي تجاه المكان  ودوافع ضمنية صريحة وواضحة عبر حركة التاريخ 0
سيكون الامر  كما تعرف معروفا
لا سر لديك 
ولا سر لدي ّ
الدنيا ، الان  ، غدت اضيق من حجر الضبِّ 000
الخيل تخب ّ بعيدا –
هذا الخطاب التجريبي يعيد فعل الاتصال بالحالة التي يجب الوصول اليها بالحس التجريبي الذي يساوي الفعل والنزوع نحو تجريبية جديدة للنص عبر تشكيل نسق المطابقة والتلازم في الاحالة التبادلية التي ينجزها المعنى بالتقاء حالات التجريب في زمكانية التجربة ، والشاعر يشير الى مرجعية معقدة تاريخيا من ناحية وصف الاستعارة بالخطاب المباشر ، ولكن سعدي يوسف حاول ان يقوم باسطرة الفعل الخطابي  وقد ميزه عن الحالة التاويلية المباشرة وهو التلازم بين حركية البناء للنص وتفاصيل التاويل للادراك الحسي من ناحية التجسيد للمنظور الادراكي وباختلاف  قبلية النص الشعري :
اعرف انك ملقى ً  :
وجهك للارض
وجزمةٌ جنديّ ً امريكيًّ  تسحق فقراتك َ حتى الارض ،
هذا الحوار مع شيخ العشيرة يعطينا قراءة تاويلية للحدث  داخل المشهد الحسي المدرك وحرفية الصورة المعروضة في العراق ، فالمكان عند الشاعر هو المعترك التجريبي في الخطاب وهو التماسك في الاختيارات ، وتبدو هذه الرؤية هي قراءة دقيقة لما يجري داخل معنى الخطاب وهو استيقاظ تعود ملامحه الى انثروبولوجية الوعي الجمعي للذات الحسية ومركباتها الطبيعية الصافية وإلا ّ مامعنى الانهزامية عند الاخر في خطابه الشعري ؟ ومامعنى التبرير لعملية الغزو للتاريخ ؟ ومامعنى اعطاء المبررات لهذا الغزو ؟ من هنا نقول ان الشاعر بدأ بتشكيل هذا الادراك بانبثاقة جمعية ودعوة للدخول في حوار مع الاخر عبر التعاطف في هذا الادراك وفق هيمنة فعلية للوعي الخطابي وخلاصاته الاستطلاعية والحث على اقامة مركب جديد من الوعي الجمعي للخلاص من الغزو للتاريخ .
زمانّ مختلف ٌ ؟
لابأس ...
اذاً ، الصق احدى اذنيك بارضك !
الصقها كي تسمع َ
الصقها كي تسمع ، مثل الخيل ، مغاور الخيل
والصقها كي تسمعني .
في صلاة الوثني يعاود سعدي يوسف المقاربة التي تشطر الخطاب في تركيب صالح للفعل التمثيلي ومستوى التقابل في الرؤية التي اعتمدت الانفتاح السيميولوجي على بنية الوعي الحسي ومقدار عمق التجربة التكوينية وانفتاحها التطبيقي في تأسيس الشعاع المنفتح داخل تنظيم من الاستقبال المعطي داخل تكوينية محدثة حسياً في تعاقبية تزامنية ، وهاجس داخل زمنية ، وهاجس ينظر  من بعيد في صيرورة التزامن التاريخية النص وسعدي يوسف واصل هذه الزمنية المطلقة بتعاقبية سبقتها مقدمات في استقلال هذا التسامي في الصلاة وهي طريقة من الانفتاح على الحقل الزمني لتلك اللحظة الاجرائية في ذلك المغزى الانثرولوجي النوعي الذي يشد هذه الثنائية الى آلية مشروطة باستبتاع ادراكي يمتد داخل جمالية اخلاقية يقوم بمسحها النص الشعري تحت اشراف المفارقة المتدرجة تحت اسم  الماء واسم المطر اللذان هما مقياسا لدرجة التلازم في تجريبية الصلاة لانها محور التعبير الحسي
يا رب الطير ، لك الحمد :
امنحني ان اتقرى بين يديك جناح الطير
امنحني نعمة ان اعرف نبض قوادمه وخوافيه
وان ادخل فيه
 لقد اوثقت ، سنين ، الى هذي الصخرة ، يا رب الطير :
ادب دبيبا
وارى كل خلائقك ارتفعت نحوك تحملها اجنحة
ألاي
امنحني ، يارب الطير ، جناحين
لك الشكر 
ويمضي سعدي يوسف في خاصيته الموضوعية بمدارية نصية في انشاء بنية  تقوم  عليها معالم متداولة من الناحية الحسية وهذه البنائية تضرب في العمق الحسي الاطلاقي بتكوينية شاملة  لتمثل جانبا من عالم التاويل باعتباره قطعة نصية متركية في عملية الصهر المحرضة على تشكيل الافعال وغرابة للغموض الذي يكتنف هذا التطابق وهذا راجع الى جرس التطابق في العملية التركيبية للنص 0
هو ذا  القطن الشتائي يغطي ساحة القرية
والطير الذي ظل يزور الكستناء ارتحل
الاشجار لا تهتز ّ
والنافذة الوسطى التي تمنخي اطلالة البرج ، كغيم
في قصيدة (الاستباحة ) يعود الشاعر الى مركزية الحدث وهي عودة الى المنظور المتعالي في تصوير العلاقة داخل مكان للموت الجماعي هناك استباحة للمنظور الحسي  واثارة لحركة الاشياء من موقع لتجسد بفعل الضرب للاماكن الدافئة التي تعج بالاطفال والنسوة والعناصر الفاعلة في هذه الاشكالية هي السمتيات الامريكية وهي تقصف اعشاش الحمام داخل البيوت القديمة ثم تخرج الترسيمات الاعلامية والصحف والزبلات الموجهه لتعلن عن كتمان الفعل ويبقى المتغيير تجسد بالقتل وسعد يوسف يضع مقارنه بين شبح السمتيات والقتل العمد لاعشاش الحمام والدفاع المتجسد في عنصر الوحشية السياسية وجنود الاحتلال وهم يجبون ازقة وشوارع بغداد وهذيان الصحف في الفراغ الاعلامي
السمتيات الاميريكية تقصف احياء الفقراء
والصحف المأجورة في بغداد
000 تحدث قراء اشباحا من ارض سوف تكون سماء
 هذا الحزتيت الفولاذ
وهو الشارب كاس دم  طافحة ممن فصيدوا 0

          وسعدي يوسف وسع تاريخ الادراك الحسي حين تعرضت المسلة الى التدمير وتعرضت الثقافة الى الهتك هذا زمن السحق للحس الجمالي قد جعل الشاعر منظور يتشكل بالعمود والافق ليفصح عن حقيقة بركة الدم وهي تكبر من منظور مزدوج في
( القتل الاعلامي  في غاية البؤس ) فوجدنا في هذه (الهيروغليفية  ) من نصوص كان قد اتقنها سعدي يوسف حتى كانك تسمعها 0 وهي تنشد حين يضع الشاعر هذا المرتسم التمثيلي صوتيا وهو يصرخ بصمت وتزداد القراءة داخل هذا اللامالوف في تنظيم الحياة داخل هذا المكان ، وسعدي يوسف يقوم بتشكيل البنية الشعرية وفق تعدد ادراكي وحدود بالملاحظة وهي سمه طبعت ثقافة الشاعر السياسي وقد شكلها بالممارسة عبر المراحل التاريخية السابقة داخل معترك الاستساغة لهول ما حصل للمكان داخل ورطة  المسكوت عنه وغير الظاهر في الادراك الحسي اضافة الى الفعل الحسي المتشكل عقليا 0
وفي صلاة الوثني هناك تشعب وتناول للموضوعات بعد المعاينة اقتضاء تحدده الوقائع الفكرية في حدود الحس التعبيري الذي يشكله الرد الفكري للحدث ، فالعلاقة التي تلخص النظرة الاجمالية الاحتمالية ان الوقائع السريعة والفعلية والتي تتعلق بخاصية التصديق والنظرة التي تضع الحدث السياسي امام مفترق طرق عديدة فالحاجة الى التوافق المنطقي لجوهر القضية التي تتعلق بالمسألة المبدئية لا مجرد خيال اسطوري صنعته المنظومة السياسية وتحوله كيف ما اتفق حسب الظرف السياسي وتقنياته السردية فقصيدة( احد اصدقائي ) لسعدي يوسف يتحدث الشاعر عن مقدمات تتعلق بالاسس النظرية السياسية وما يتعلق بالمفهوم البنائي في البداية والوسط - والنهاية وهذا ينطبق على الفعل السياسي المبدئي وليس المحورالفعلي  الذي يعتمد على المتغيرات فيتوقع الشاعر بان المشهد السياسي الحالي للفكر البرجوازي - وهو دائم التصاعد في العالم حتى دخل في مرحلة الامبريالية لانها اعلى تصاعد الغزو العسكري للعالم والذي يعنينا في هذا المحور هو ( الشيوعي الذي مازال يعمل بالسياسة )[ في قبو المبنى سرا] ولم يتحول الى حس برجوازي صغير لان المحور الثلاثي في السرد في البداية والوسط والنهاية لم يتحول فيه الفكر الاشتراكي الى فكر راسمالي ولم يتحول الصديق الشيوعي الى برجوازي ولم يتحول الى عميل الى جهه المحتل لبلده 0

ظل كما كان شيوعيا
يعمل في قبو المبنى سرا
سين 000 ويسمى ( أي يتسمى )
يقرأ ما في الصحف الاولى
يستقريء تاريخ العالم والعمال
000 يطلب ما يستقرأه ولو في الصين
احيانا يتذكر من ظلوا معه في الدرب
فيفرح حين يعددهم
افذاذا
وملائكة في اعلى رعليين

واحيانا من خذلوه بمنعطفات الدرب

فيأس حين يصنفهم

موتى

000 ومرابين واعوانا للمحتلين

ويقول : الدرب طويل

 هذا النوع من التفكير يتشكل بانساق اصلية ليلتسق باعلى الوجود الانساني في الثبات والمشاهدة لعقل الحدث داخل الوعي الايديولوجي فاذا اضفنا الى هذه الزاوية الفكرية المتزمته فان من جانب اخر هو اتصال كوني لطاقة فرويدية عملاقة تقوم بتاكيد هذا الصراع من وجهة نظر تجريبية لما يعنيه المعنى من الاستعارة  لهذة الافكار، فالشاعر اراد ان يوضع هذا التدرج في الانساق الفكرية ويشير بشكل خفي الى المخزون الفكري الذي يفصله المعنى وفق انطلاقة سياسية للمضامين الفكرية الحساسة وهذا يدل على حقيقة الافكار من خلال التشكيلات الطبقية وصولا الى صيغ البنى العميقة التي تكشفها المنظومة الفكرية بشكل حاسم وكامل 0 داخل زمنية  وهاجس ينظر من بعيد في صيرورة التزامن التاريخية للنص وسعدي يوسف واصل هذه الزمنية المطلقة بتعاقبية سبقتها مقدمات في استقلال هذا التسامي في الصلاة وهي طريقة من الانفتاح على الحقل الزمني لتلك اللحظة الاجرائية في ذلك المغزى الانثروبولوجي النوعي الذي يشد هذه الثنائية الى الية مشروطة باستتباع ادراكي يمتد داخل جمالية اخلاقية يقوم بمسحها النص الشعري تحت اشراف المفارقة المتدرجة تحت اسم الماء واسم المطر اللذان هما مقياسا لدرجة التلازم في تجريبية الصلاة لانها محور التعبير الحسي .

----------------------------------------------

                                      يقظة الوعي الفكري (( الوقت – والثورة ))

دراسة في(( شعر سعدي يوسف – ومحمد درويش ))

بقلم : علاء هاشم مناف
ان حدود السمات ، والبساطة ، وعملية البحث في جذور الواقع الاجتماعي .. هي سمات وصفات ، من الدقة – واللّون ، في وقع الاعماق السحيقة ، والمتهيبة .. لرسم التنهدات الجمالية :-

لمنعطف يحاكي حالة التغيير في مناهج الحياة .. ليمنحها الوصف والثراء .. بشيء من القدسية من
 (( حاضر الزمكان )) وهو ، يخفي الحاضر المنساب في حكاية تجُمل حالة الحكم الكبيرة التي اصطفاها .. الصوت الداخلي.. بحدود المتعة المتكونة في ذاكرة النسيان ، باعتبارها ذاكرة أزمان تخفي وراءها
 (( موضوعية )) التخفي .. وقدسية الحلم الجميل ، لعالم مجهول .. وسحيق ، ينذر بالواقعة الكبرى .. وهي الواقعة الكبيرة ، بعنفوانها ، حين تفتح خزائن اللهب .. وهي تسترجع أصداء العذاب .. في موسيقى .. جنائزية تعلن عن (( موت الآلة )) في حجرته .. والبدء بمرحلة (( التوقيت )) لثورة الإنسان في كل مكان .. ونحن نبحث خواص (( شاعرين حددا الاسترجاع )) هما (( محمود درويش – و سعدي يوسف )) في خطوتين الى الوراء .. ونحو خطوة واحدة الى إمام .. وثيقة كبيرة لمنح أسطورة العصر (( طبيعة الصراع الجدلي – التاريخي .. ونحو خلاص الإنسانية من (( القهر – والاستلاب والتشخيص الدقيق لهذا الإطار الموضوعي .. وهو ، توضيح لهذا المسعى في كشف التوسع ، في التطبيق في عملية التناول ، للخصائص المختلفة للحياة – والعصر .. والإنسان وطبيعة التهديدات الخطرة .. وخصائص الصراع المريرة التي تحيط بإنسان اليوم .. وهو يؤكد حقيقة هذا الصراع بكل طاقاته وبهذا يكون من العسير تحديد هذه العلاقات .. وتطورها ..  لاسترجاع عمليات الترفق الدقيقة : إلا بإيجاد النواظم التي تستوفي شروط الافعال المضادة .. من خلال الأثر الفني في صيغته العليا .. وتحقيق التقريب المتعين .. حتى يصبح احابة وافية لحقائق الحياة المتحولة دائماً الى عملية تراجع ، واعاقة تقدم الانسان الى امام .

فالنقطة المحورية ، التي لخصها .. هذان الشاعران .. حيثُ وصلا الى استبيان منطقي .. عبر تفسير عملي لهذا الدوران الذي باعد الانسان .. عن موضوعة الرئيسي (( في الكشف والمراجعة )) والعبرة في استشراف حقائق الحياة ، والوجود عبر المألوف – واللامألوف في جملة من الخواص التي علقت بهذا الواقع .. وما توصل اليه هذا الانسان ، من حقائق .. وهي تحوي نفوذه القلق والمشتت .. وان مستوى الادراك لهذه الحقائق والاحلام هي من خواص المستقبل الانساني في (( اللون – والوصف – والطراوة – والعذوبة – والموت – والسعادة … والشقاوة – والالهام في عمق هذا الانسان ولحظات الضجر والمرارة .. وموت الاشياء في داخله )) حد التناقض بينه – وبين واقعه حتى اصبح ، يشكل عائقاً كبيراً داخله .
ونحن نتناول في هذا الموضوع والنظرة الدقيقة لهذان الشاعران في فقرات سياقية .. تعبر عن نظرة يقظة لعملية الفهم .. لقيمة ما يعنيه (( الوقت – والثورة )) و (( الموروث )) في الرؤية والتجربة الشعرية .. وما حدده نطاق التباعد الضروري حتى توضحت معا من الحياة القاسية في توضيح هذا المنعطف – (( للشاعرين )) في منفاهما .. في ان يجعلا الشعر مرتبط – (( بالوقت – والثورة )) والوعي بالانتساب المطلق للعصر لانه يحمل وعياً حاداً ونافداً .. وهو الوقت الذي اشتمل (( النضج الفني )) بالمقارنة مع محنة الانسان المحطّم والمستلب .
فالخواص الفنية جاءت ، لتؤكد .. قوة العلاقة والوضوح بين (( الشعر – والموسيقى – واللّغة )) في تعريف (( فالبري )) ليست – وسيلة .. بل مثالا واضحا .. وهي بالتالي وظيفة في مجالات متعددة .. منها (( الشعر )) ذلك ان الشعر في سياقاته – وانساقه .. يقترب بموسيقاه الشعرية : ليكون جاداً ودقيق الحساسية ، بعاطفة محددة في نواظم النظم …. خلاف الصيغ التحريرية الصاخبة ، التي تتميز بالقناع في حلم من لحظات ضجرة .. قامت على السطوح المستوية (( متخّللة التشكيل الرئيسي لوهم التوازن وهو يعيد حقيقة الاستمرار في تصعيد روح الوعي والمواجهة للحقائق .
ان الاسلوب الابتكاري لحقيقة الشعر : هو انظمة سيميائية تؤكد حالة اكتشاف (( النواظم الفكرية )) والذهنية المجردة في ميدان اللّغة .. ويحتل (( المنطق الشعري )) في هذا المصدر ميداناً مرموقاً .. من هذه النشاطات – والنواظم .
وفي الشعر تأتي الانطلاقة الاولى ، في خصائص الدلالة – واللّغة وهي مرتكزات تعمق ، المنطق المعرفي لخصائص (( النص الشعري )) غير ان الطريقة التي احتشدت فيها لحظات التأسي ، وصيغة ، التماثل عند (( محمود درويش )) و (( سعدي يوسف )) هي لحظات تصبح دون مفارقة .. تبحث عن الفواصل في اطار (( الوعظ في الحاضر – لتداخل الماضي )) ويأتي الحديث عن الومضات القائمة في القصائد .. وهي تعي مرحلة اجتماعية وسياسية دقيقة يقول (( سعدي يوسف ))
تساءلت حين دخلتُ المدينة عن خان أيوب ، مادلنّي احدُ ،
فالتفتُ ببعضي ، وتمتُ : لقد كان وجه المدينة ازرق …
أشجارها تستطيل وتكبر ، ولكنها تستطيل لتكبو …
                                 وثالثةً تستطيلُ
* *  *    **   *** 
تظل … عينيك … زرقاء
إنك في الشجر – الوهم ، والوخز بيتي ومكتبتي ، والسبيل الى سفح سنجار …
لملمتُ بعضي وسرتُ ،
لماذا يراني جنود الخليفة شخصاً غريباً ؟ لأني تحدثت في السوق كمّا وراء النهر ؟
*  *  * *  *  *   *   *
يراقبني الليل …
اعمدة الجامع الاموي : العتيقة … تراقبني …
* *  *  * *  * * * * *

وحين يكون الحوار صورة ، وبراهين في : انساق التوازن ، لتحول ، المنطق الشعري – الى هزات عنيقة .. وهو الشكل الدرامي الذي يتحول الى تشكيل بخط متحول ، وفاصل ، والى قوة شد منطقية يحرك ما علق بالواقعية من هزات عنيفة ، وهو موضوع شخصية ، الشاعر (( سعدي يوسف )) بعد ان خرج عن التقليد في المقاييس المتعارف عليها في (( الشعر الحديث )) وقديماً ((قال اليوت)) (( كان الضعف الذي حصل في ((الذات يشبه )) بقاءها على تقاليد غير منطقية وغير واقعية )) حيثُ كانت ، غير تقليدية .. وكان هدف الدراما (( الانكليزية )) لم يكن هدفاً محدداً وفي الموضوعات التي كانت مواضيع تنحى المنحى التجريدي ولكن بطبيعتها ذات تكثيف (( سيكولوجي )) محدد .. يتجسد هذا الاستقطاب عبر علل عميقة .. تدرك هذا الاكتمال .. والتجربة الشعرية .. كانت هي الادراك – والعودة الى الصيغة الشعرية ، المنظمة .. وهي تعبر عن الشروح (( السياكولوجية )) التي يتم العمل بها ، في عمق االمنعطفات  الفكرية ، والصياغة الكبيرة ، ودواعي الابتكار في الجمال الطبيعي والحق ان التجربة الشعرية هي الفعل الدقيق في الحياة في احدث استعمال للالوان .. وهو الكشف عن خواص المنطق الصوري .. وما حققه من ايحاء ثابت في صراعه ، الداخلي في (( حالته السيكولوجية )) وهي عملية التأمل في صيغ التغيير لينتج الصلة بالحقائق الحياتية والكونية ..
يقول (( درويش ))
عيونك ، شوكة في القلب
توجعني .. واعبدهُا
واحميها من الريح
واعتمدها وراء اللّيل والاوجاع .. اغمدها
فيشعل جُرحُها ضوءَ المصابيح
*  *  *   *   *   *   *   *
ولكنيّ نسيتُ .. نسيتُ يا مجهولة الصوتِ                            
رأيتُكِ أمس في الميناء
مسافرة بلا أهل .. بلا زاد
ركضتُ اليكِ فالأيتام …
اسأل حلمة الاجداد :
لماذا تُحسبُ البيَّارة الخضراء
الى السجن ، الى منقى ، الى ميناء
*  *   *    *   *
ياتي السيق الجمالي للمرحلة المؤشرة  … ومقاييسها المحطمة .. وان مكامن الهزة العنيفة في أن يرى (( محمود درويش )) في العودة الى منابع الحدث ، اليومي .. والمنفى الذي تعدد – وتنوع ، والاغتراب الذي شل الحياة الشعرية بعنفوانها وهو الصراع الحاد  والجاد .. باتجاه المشاهد التي واجهها الموقف من البطل الاسطوري في اعنف ازمة يعيشها الحاضر في اهمية ،والنفور وعلى كل المستويات التعبيرية – ونطاق التجارب ، الاجتماعية .. وهي تؤكد هذا المنحى .. وان ، قراءة دقيقة لحوافز ( التقنية الشعرية ) وهي تبني احكامها على جملة من المعايير البيانية ، المتخيلة .. وان احد هذين الخطين ، هو (( مهد الوعي )) الشعري من اجل بناء لحظة ، يعيشها الشاعر – والمتلقي في تجربة من الوعي الناضج – ذات نتائج متطابقة مع التأمل – والرغبات المختلفة والصلاة والرغبات وعملية الاهتمام بالحالات الواقعة .. في حين يلتقيان المتعامدان في القمة العالية .. هذه القمة هي التي .. تبلور وعي الانتاج الشعري ، الذي تطابق مع حقائق الرؤية – والاداة – والمادة والتجربة الحية .. هذه العملية هي قمة الاعتماد ، في الوحدات المضطربة اجتماعياً ، في كل مرحلة تاريخية .. وانت تقرأ الجديد في المنظومات الشعرية .. وانت تقوم بعملية مسح للقوة الذي تمثلت .. في الرجع المتمثل والخاص باشعار (( سعدي يوسف – ومحمود درويش )) أي جديد هو امتداد لما سبقه من خلاصات رائدة .. والشعر بالتجربة قد ، يكون شيء قام على اشياء ومن عدة اشياء واقعة .. بختارها الشاعر ليوضح موقفه من تفاصيل قامت في الحياة .. ويعني كذلك ان التجربة في موضوعاتها الدلالية .. هي عباره عن تشكيل من المسائل الفكرية – والاجتماعية التي تستجيب لصيغ الموضوعات الجمالية ، وطبيعتها الانسانية .. ولا يمكن حصر التجربة في موضوعاتها – الذاتية .. والموضوعات الانسانية المصاحبة .. ربما تكون عدة من المواضيع التي يكتشفها الشاعر او يحسها .. ويحولها الى نافذة يطل منها لمشاهدة التجربة التي بلغت مداها بالمراجعة – المنطقية للانتاج السابق من الشعر .
وتبقى تجربة (( الشاعران (( سعدي يوسف – ومحمود درويش )) – تستوعب النواحي المتعلقة بالحياة – والكون – والاشياء – بفصول بعيدة .. وبوحدة عضوية داخل (( الجدلية الشعرية والشاعرية )) وهي تتأثر بالحدث – وبوحدة الهدف الانساني – والادراك الذي ينسج النظرة الثاقبة في وحدة التحامها في (( الصورة والتراكيب )) و (( البنية الحية في الوظيفة الشعرية )) التي تشتمل اجزاءها .. وحدة القصيدة .
يقول (( سعدي يوسف ))
مضى قبل شهرين … في صمته
وغربته ، وندى صوته
لقد كنتُ اجهل اين يريد السفر
وقد كان يكره حتى الوداع
يغني اغاني حزينة
عن النخل … عن رحلة في سفينة
وكان بعينيه شيء مضاع .
فالعّلة الفكرية تبقى ثابتة في وحدة الكيف ، التي تحولت الى منطق شعري – يطرح (( سيكولوجية )) يعبر عن الصلة الدقيقة في التوحد والاغتراب .. وفي تراكيب القصائد ونحو سببيه تقوم على المساءله (( عن الوقت – والثورة )) ولعل الجهد المبذول لبلوغ المراكز الدقيقة في التعبير عن الآراء الفكرية المتطورة بالتعبير – السياسي بصورة كلية تسهم اسهاما  فعالاً ، لكشف مداخلات الحياة الاجتماعية في طقوس يعبر عنها بالمرارة – والالم رغم ان (( درويش )) طغت عليه الشفافية (( الموغلة بالمرارة )) كذلك (( سعدي يوسف )) طغت عليه الحساسية الحاضرة بقلق يتحول الى منطق في الحياة دائماً .. ولكل من الشاعرين (( درويش – وسعدي )) يحملان هم الشعب العربي في واقع مؤلم .. وهما يبحثان عن (( الوقت والثورة )) ويتساءل كل منهما عن التشاكيل في صورة الواقع المخزون في (( النص الشعري )) وهي عدة من الخلاصات التي تجمع من (( المدارس العديدة في الشعر )) وهما يحركان المتراكم من التجارب في تجريبية – جمالية )) ويتم توضيح هذه النقلات – والانقلابات السريعة .. بضربات فنية دقيقة بالفرشاة .. وفق مرجعية دقيقة للعديد من الاسئلة الملّحة من الناحية الاجتماعية والسياسية ودقة مدركة لعظم المسؤولية الملقاة على عاتق الشاعر (( يقول درويش)):
ونقول الان اشياء كثيرة
عن غروب الشمس في الارض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
ليلة تمضي ، ولا تاخذ من عالمنا
غير شكل الموت
في عزَّ الظهيره .
في اطار هذا التحول تبقى مداخل النبض الشعري .. وهو المحور – الكبير في صراع الاجيال من اجل التطور – والتصاعد في القدرة – والحدث في صور تحقق الابعاد الاجتماعية نتاج تفاعل داخل حلقات الصراع منحنياته الصغيرة – والمغامرة باوسع – مدياتها .
لقد كانت عملية التنوع في الاساليب الشعرية عند (( الشاعرين )) هو نقطة التحول في الخواص الفنية – والرغبة العارمة وهي تتمثل بنقطة الوجوب كحالة (( اليوت – وجويس هي الرغبة ، العارمة في عملية البلوغ بالتعبير .. والاجادة فيه والمثل يسري على (( سترافنسكي – وبيكاسو )) بنفس الحافز في الكشف عن اسلوب واحد ، ومن ثم الانتقال الى كشف متوافق مع الحالتين بحيث أصبحت مفهومات مستمدة من نمطين (( ليتقوقعا )) في – نمطية معينة باتجاه تحول اكبر .. وسياقات في البحث انضح .. وهي دلالة اكيدة على الوعي التاريخي لسياقات البحث عن النصوص الناضجة .. وبصيغ فنية متطورة واساليب جعلت من الحس الفني منعطفاً لتجارب عديدة .. وفي جميع الفنون والاداب واستطاع الشاعر ان يكون احساسي متيقظا .. بفقدان الامان في الحياة .. وبانهيار الانسان نحو الدرك الاسفل .. وبانهيار الحضارات .. وموت الاشياء والشعور بالسوداوية انه الموت – والخوف والغربة – والتمرد – والثورة .
يقول (( سعدي يوسف ))
نحن في الكتب الاجنبية نرحلُ
او نشتري الشعرَ
او نلمس الثورة امرأة" …
نحن نبني سقوف المقاهي التي هبطت في المياهِ
نحن نضحك :
- كأسين
- اكثر
لكننا سوف نبكي
مثلما كان آباؤنا
يضحكون ويبكون
رمز التجريب ، والشعور بالتشتت في حالة التشاؤم ونحن تشهد الانهيار تدريجياً لموروث هذا الشعور الذي بقي يصف – النهاية دون المقاومة دون الوجود الحقيقي بتجارب العصر المنهارة بسطوحها الاجتماعية ، وحالة القساوة .. والقلق – والادمان على الحزن والانهزام دائماً بقلق يستحيل الى هتاف ضد  الانكسار .. وهو استطراد كان يؤكده درويش في تجربته الشعرية .
(( يقول درويش )) :
هكذا يكبر الشجرْ
ويذوب الحصى …
رويداً رويداً
من خرير النهر !
المغني على طريق المدينة
ساحرُ اللّحنَ .. كالسهرْ
قال للريح في ضجر :
دمرينّي ما دمتِ انتِ حياتي
مثلما يَّدعي القدر –
واشربيني نخب انتصار الرفاتِ
* * * *
 
هكذا تم تحقيق جدل الحوارية في الشعر بين (( سعدي يوسف – ومحمود درويش )) في لغتين شعريتين في لفظ واحدٍ بامتزاج الوعي القيمي .. وتعبيرية تأخذ المنحى البطولي للموقف الأسطوري – لكل منهم ، ضمن حقيقة موضوعية تدخل في رهان الإبداع الشعري بحوارية دقيقة وبنسيج يؤكد – منهجيته في عمليات التداول الحوارية المبدئية ، باتصال تجريدي ناضج .. يشكل موضوع التصور للمنطق الشعري ودلالالته – ومكوناته النوعية في خواص شعرية تتجدد وتتحذر بالنص الشعري النابض بأشكاله وأنواعه بفعل الأشكال الرمزية – والأحداث – والأماكن – واللحظات لترميز حالة (( الوقت – والثورة )) وتطور المنظومة المنهجية للشعر .. لذلك يبقى موضوع الحوار – والمقارنة الشعرية .. وهي حالات متقاربة ومقترحة خاصة في ضوء عدة من الممارسات .. في النصوص الشعرية الحديثة .
 بقلم : علاء هاشم مناف
 
الهوامش
1- محمود درويش .. المجموعة الشعرية الكاملة : دار العودة
2- سعدي يوسف .. الاعمال الشعرية من 1952 – 1977
-------------------------------------------------------
1429هـ                بابل                2008م
الرؤية الإيقاعية عند سعدي يوسف
بقلم: علاء هاشم مناف

إن منطق النظرية الشعرية يتولد بتضامن النقائض ..في حدود نسبيتها. لتفسير الجوانب التي تفعل التفسير المعرفي..للنص الشعري وهي تشتمل على الصيغ العلائقية والطموحات التي تكون العملية الصورية في إطارها التجاوري وحيث الصيغ والموضوعات المباشرة وغير المباشرة وهي الأستجابة الفنية لخواص النظرية.
فالصياغة الأبداعية..والتجديد الذي يتأكد صعوده الخاص والعام..وهو المحور المتعين في إطاره القانوني الذي يحكم النص الشعري بشتى الدلالات النظرية.. وهي التي لا تنغلق على المدلول الاطلاقي، والشاعر(سعدي يوسف) وضّح عليّة النسق الشعري في إطار من الوعي الفكري وثبات الدعوة الشمولية والأستجابة المباشرة التي لا تقبل التراجع في صياغة منطق نظري للنص الشعري، الذي يستجيب لعمليات التغيير، من منطلق الوعي المخالف للنظرية التقليدية في الشعر ولذلك تضمن المنفى عند الشاعر(سعدي يوسف) شبكة من التعالق والعلاقات والقوانين من حيث توفر النظرة المتطورة وعلاقة الحياة بشكل مباشر لتغيير (الزمكان) بقوانين الكشف للاشياء وأعادة ترتيب..وتركيب القوانين المطلقة، ومعرفة الأصل المطلق( كما يقول نيتشه) فاحالم في خطابيته القيّمة يضع الوجود تحت سيطرة العقل الجمعي للذات، وبالتالي يضع الوجود الكلي في خطابية قيمة.
في زاوية
تحلُمْ
ينتفضُ الهُتافونْ
عنكَ
وينهشك البيروقراطيون السفلة.
لكن عليَّ بنَ محّمدْ
بكتائبه الزنجّية
ينهضُ بين العِرقَ وبين العرقِ
(قرنفلة ًمشتعلةْ)

إن النظرة الحيوية لهذه الصورة، التي تؤكد الكثافة والدقة وهي تضيء المساحة الدقيقة للنص، وتصور الآفاق التأريخية بحيوية الفكر المعاصر، في الظاهر، والباطن، وهي تؤكد كذلك، المعطيات النفسية في التحليل للصورة، والكثافة الحضارية التي تتحرك فيها..ويأتي الهتاف الخطابي الذي له، قيمة الشعار..فهو البنية للصور الشعرية في المفهوم النظري، ولإستيعاب القيمة الاستعمالية، وضمن معياريتها التقريرية، والتصويرية، حيث تحرر العمل من الخصائص الاستلابية، وتوصل النص إلى الإفصاح عن المعنى الفكري والتأريخي، والمستوى الدلالي، وهو البعد البنيوي للنص، وهو الصورة الدقيقة لقيمة النفي الضمني..وهو التقرير الرئيسي للمعنى، ويبقى نتاج العمل في النص وهي الصورة الدقيقة لقيمة النفي الضمني..وهو التقرير الرئيسي للمعنى، ويبقى نتاج العمل في النص هو انهيار القيمة المنحرفة.
وترى هذا الملمح الجمالي، عند تناغم، هذه العناصر، ونهوضها. لتعميق البنية الفنية للنص، وأحكامه من الناحية الجمالية ليأخذ مداه، في الفضاء الناهض، في القصيدة ليكون استقصاء ترابطي، واستنتاج للصورة في القصيدة، ليكون استقصاء للعملية الشعرية حتى تكون في مستوى فاعليتها(السيكولوجية) والدلالية ويتعمق الحوار في النص، في تناغم خفي في القراءة المعمقة للنص.. والقراءة للنص لا تأتي من درجة الصفر..لذلك نرى ملمحاً جمالياً متجدداً وقائماً بين النص والقراءة.
أنه اليانسون الطريَّ
أرضنا القروية،
أسنان أطفالنا والذهول البهيّ.

          في الوجهة الثانية من هذا الملمح قائم وفق العلاقة، وأن آخر طرفي العلاقة هو التغيير.
          أي جذرٍٍ سينقضُم؟
          والموتُ واليانسون الطريّ
          قريةُ للطفولةِ
          أو  جرعةُ للذهول

                   إن عملية الترابط والاستنتاج للنص الشعري تأتي عن طريق القراءة ..وهي التي تعيد تركيب الدلالة عقلياً في العملية الجمالية وعلى المستوى (السيكولوجي) و(الوظيفي)..وإن الحيوية في النص هي القدرة على كشف ترابط الإنساق وتجاورها وحركة عناصرها.. وأحد ارتباطاتها وهي تتولد على شكل أنساق، تنهض بالبنية على مستوى الصفاء والنقاء.

       أين التقينا بهذا الفتى؟
          أيّ ماءٍ سقانا....
          أي خبز أكلنا معاً ...
          أي عشب يعلمنا كيف نحزم ثم نرحلُ؟

          من خلال هذه الوحدات ..يتم تحديد الفاعليات المعنوية والوظيفية وعمليات النفي في العملية السيكولوجية ..فالبداية تم تقدير التعبير الشعري بأتقان والثاني بالتعبير الطبيعي المخزون، والثالث بالعطاء الذي يمثل الدلالة التي قصدها الشاعر.. باستخدام هذا التعبير الوظيفي..هناك محور الخلاص في الفتى ومحور في الماء، باعتباره مادة الحياة..ومحور في الفاقة والطعام والعشب والرحيل، وهي مستويات ..من التواصل وإن بدى فيها تناقض ..ضمني فهي بالمحصلة النهائية علاقة تناص ضمنية داخل النص الشعري، وفضائه الذي هو وليد التناقض من الأفعال والعلل والمعلولات.

       في الحياة التي لا تمسُ التويجاتِ
          سافرت عشرين عاماً
          كنت أرقبُ ما يصل الريشَ بالقلبِ
          والطين باللؤلؤةُ
          غير إن التي كنتُ سافرتُ فيها
          غادرتُ
          والتويجاتِ
          في إطار المنهج (السيكولوجي) هناك عمليات من الملابسة، والتفاعل وعلى كل المستويات وحركتهما، وفي البنية للصورة النظرية، وفي أختيار المشبه به في إطار من الأنسجة الدلالية المتقدمة والمرتبطة بهذه الوحدات التركيبية نلاحظ التراكيب في النص.
       ( في المياه- والتويجات) وهي جزء رئيسي من عملية النفي الموضوعي إلى إن فاح عطر الوردة في الغربة (الريش والقلب) ملتحم بميسمها..بعد أن فاح عطرها وشذاها ويوحي الطير باللؤلؤة ..بذات المستوى من الرؤية ..ويشد الأول الثاني في الاتجاهات والدلالات..وذلك من خلال الحقل الواسع وكأنه مصدر لمصهّر من الياسمين للمرئي في عالم الواقع. فالحبكة والنغم الدرامي..يأتي عبر التحولات في النص الشعري وهي المفردة..وهي المستوى الأول والثاني فليتحم وينعكس بدلالات يعاد خلقها من جديد بمفردات حية تتحرك داخل النص وبشك متميز .

       للهدوء المبارك
          هذي الخطى الملكيةُ
          والشرفة العالية أبصر في نبضات الحديقة
          دورة النمل
          أو ذرة الجلْنَارْ
          غير إني إذا ما تولى النهارْ
          إرتقي بالنعاس الذي لا يفاجئُ
          أو بالنعاس الذي انتقي 
          بشرفة عالية ْ
          عبثاً يستريحُ المحاربْ
          إن الدراسة الدقيقة للبنية الشعرية في عالم يهبط بمستوى الصورة..فهي المفتاح الرئيسي لمستوى الأيحاء..والمستوى الأول فيه يكون إيحاء لكافة المستويات..ذات النفس الصوفي المتشابك( بالرائحة – وبالموت- وبالحياة) فيأتي النص مؤلف من خلفية.. وكتركيب مكثف في سياقات متشابكة لصيغ النظرية ..وهي التي تشكل اللحظة الحاسمة في كثافة التعبير..ووضوح الصورة الشعرية المشحونة بالمركبات(السيكولوجية) والمسحة الصوفية باعبتارها أحد العناصر الفاعلة في بناء النص الصوفي. وبالبنية التي توضح الهوية الشعرية عبر الصور المركبة..وحيت نحدد هذا الاتجاه ..يمكن أن نضع في حسابنا..تركيب الصورة الشعرية عبر قرب المسافة بين التشبيه والاستعارة وهي عدة تساؤلات قامت على عدة حدوس متعددة من وعي مختلف ومتعدد واضح الأدوار في صياغاته وأبعاده مثلت الصيغ الجمالية ذات المعنى العقلي في البنية الشعرية.
          تبدو المنائرُ غير ما الفَ الهواء
          أهِلّةُ في الأرض انشبتِ النهايات الدقيقة.

إن منظور التولد للعناصر والعلاقة بينهما..تخضع لعمليات الأنفعال يأخذ جانبها العاطفي(كما يقول برجسون) وهي عمليات اهتزازية وفي العملية الثانية تحدث عملية تصور وهو نظام غير ثابت والزمن يأتي مفهوم مجرد والوصول إليه يقع ضمن مفهوم التزامن ذات المستويات الاجتماعية والعقلية.. وهي تظل حاضرة من غير أنفعال لكنها ترتبط بالحدس الانفعالي الذي هو السبيل إلى الحالات المطلقة وهذا يحدده المنطق الزمني الناضج والعلاقة بين عناصره وهو بالمحصلة النهائية هو استنتاج مجرد.
إن العودة إلى هيكلية الحكاية يعني العودة إلى المسافة(الزمكانية) فرسم المرحلة التأريخية والواقعية، وتضع النص في زمن متطور من النمو الفكري لتنهض في فضائه النداءات ولينهض في سديمه معراج الأرض في صيرورتها لتكون علاقة وشعوراً يؤكد التجربة المباشرة في عملية التطور الزمني التاريخي.. وهي نظرة واسعة أو النظر إلى هذه النصوص التي تتكون في أزمنة متقاربة وكأنها خطاب تأريخي:
أيها الساعون كالحّيات جاءت ساعة الصلوات فأختبؤا ....
وفي الصحف التي سطرتُم اختبؤا
وفي الكتب/ المقاهي/ المشرب/ المبغى / النخبة / البترول/ أرداف النساء/ مدرسة التجسس/
                 غرفة الاعدام /
قديما فرق (كولردج) بين الوهم والخيال..فالتقسيمات قامت على التسليم بالقدرة على صهر كل الانفعالات والادراكات وكل الحدوس في بوتقة واحدة لتقديم صورة متلاحمة تعبر عن حركة الانفعال والعلاقة بين النواظم بأنتظام العناصر والمفاهيم هذه المداخلات وتحديد المنطوق في النص والتفاعل مع وعي العلاقة النصية عبر المزاوجة والفعل الموضوعي من اطار ومنظور فكريين، أو في إطار نظرة إخلاقية ، فتموت الإلهة في المقاهي والحانات وشقة اللوطي مفتوحة للخائفين والصحف على صدر صفحاتها الأولى تنعى الوطن المحكوم بالاعدام..إن الاستعادة لأفق الدلالة، هو معيار مثالي...لقد فقد (نيتشة) أفقه كون إن النهاية واضحة. إن اله (نيتشة) يموت لأن المعارف لم تعد تحتاج إلى الخلود.
في كل الذي احببتم ..
أختبؤا
لئلا تبصروا وجه التي أُعتُصبتْ
وقُطع جسمها قِطعاً.
إن النص في كشف حضوره الفكري، من علاقة النص بالبنية والمرجعية للواقع الاجتماعي، من حيث الموجودات ومن خلال الجسور الفكرية والنفسية...حيث الحضور اللغوي والفكري والاجتماعي، والصياغات المتكونة أصلاً من تركيبة الموجودات وأواصر الأشياء الدقيقة التي لا تظهر إلا للذين يمتلكون الرؤية والأداة والكشف عن هذه العناصر من خلال مركب النص وما يحويه من معانٍ..ورموز..وعلاقات ..لتتحول إلى مادة حية وأجسام مادية خاضعة للتقييم الدلالي والفكري.
(تلفزيون)
يتحدث عن تل الزعتر
ويغني للفتيات الشبقاتْ
وللغلمان بحانات النهرْ
إن فعل التعبير هو التعبير عن الموجودات الموضوعية وليس الحالة الذاتية، بل القيمة الفكرية والخلقية، وهي الصياغة والتركيب المتحول نتيجة تحولات كيفية، من المسؤولية إلى الكلمة، إلى التركيب، والصياغة المنهجية القواعدية لانسجام الحالة المادية الحية...وبذلك، يؤكد(الشاعر) دلالة منهجية للرؤية في الخطاب الشعري وللتركيب الجديد لتحديد وتكثيف رؤية مختلفة في الفضاء الشعري خارجة عن المألوف، ولتثبيت الصياغة التعبيرية الصحيحة التي تكّون مسار المواقع السياسية الثابتة في النص.
(المدينة)
يسقط تل الزعتر
في صرعات العرق الثلجي
وينهض تل الزعتر
في الشبق الباحث عن شفة عاهرة
في أخرالليلْ.
عنوان الدفن..يسقط هذا الكون الفكري ينهض ليسقط باتجاه عامودي في التركيب، وافقي باتجاه التعبير اللغوي، وينهض في صياغة التعبير الاجتماعي..
لينهض السوسن، من على (مسلة الأشرفية) ويتصاعد النسق التصويري نموذجاً مجرداً جمالياً.
ليشرح الشاعر رؤيته إلى القضية من خلال مستوى جماع العلاقة الأبداعية، وصياغة رؤية فكرية ابداعية تستعين بجواب الايقاع المأساوي لعالم يصعد بشكل متلاحم، ويقدم رؤية دقيقة للمناقلة بالمتشابهات التوليدية، فالشاعر اختار المناقلة بمستوى البنية التصويرية للفضاء الشعري..والشتاء الثلجي الذي غطى الأرض والنساء في آخر الليل ..لكي يمتطي الجذور بحريق النساء والأطفال المشردين على مشارف الخوف لا مشارف الوطن، بل بأتجاه الريح التائهة ويظل الصخر الأحمر ينتظر الفصول
بدلاً من رايات الثورة
رفعوا رايات ذكورتهم
ثمة وقت للتحول، هل القرارات تطبقها وجوه وأيدي ثاكلة نعم ثمة وقت للقتل بطول وبشكل مستمر...وكذلك وقت الأعمار وسوف يكون وقت للثورة..حقا لقد خبرت قرارات الثورة رايت الثورة ..تأكل رجالها ..أرفعو رؤوس قتلاكم على أسنة الرماح، والبقية في خريطة الذبح.
إن عملية التراكيب في النصوص الشعرية تأتي عبر انسجة اجتماعية ووقائع ملموسة باتجاه الرؤية الواحدة، الرؤية الفكرية المسيطرة بسلّم خصائصها التأريخية، والثقافية، وبنيتها الجمالية أنها صوت الراوي، لتوحيد الأصوات والأقنعة، والنظرة من الوقائع الاجتماعية المخصصة لقيادة الشارع السياسي بأتجاه التغير.
                              (رقم بابلي)
تحت الأسوار              ولدنا
وعلى الأسوار             نموت
لم نعرف في               بابل
غير القتل لأجل           القوت

إن الصيغة الجديدة لكتابة النص الشعري وهو التحريض المباشر والمتحقق بالصياغات النظرية وهو الكشف الجديد للنص الشعري من خلال الموضوعات التي ترفع من شأن النص الشعري وتعزز منطق النظرية الشعرية.
وفي جانبها الأفقي الذي يتخذ النظرية هو الموضوع الرئيسي والشاعر أراد إن يؤسس منطقاً فكرياً واجتماعياً لتعزيز منطقية النص عبر الرؤية الفكرية..نمضي إلى شوارع دهنية نصف مهجورة ونتصفح تأريخ ينمو بحريق الأزمنة الفارغة..ولدنا وعبرنا، داخل عربات الحمل . ويوصلنا الخوف عبر شارع الموكب، حاملين جثث قتلانا في حوار مع أنكيدو ذو الصوت الواحد، لنحمي الحصن...ونقاتل الأعداء، قبل تناول الطعام، وقبل مجي الدخان الأصفر ليملأ الشوارع .
إن بنية الراوي لعدة أصوات، وأيقاعات، متعددة يعطينا (ديالوك) جاهز في تشكيلة الأصوات الأفقية، (لأجل القوت) وهي بنية أصطراعية، راقية في عالم يأتي ويذهب.

 (الجيكولور العجوز)
تتعثر كسرةُ الخبرٍ في فمه الأدردْ
عود الثقاب يغور بكهفٍ في اللثةِ
ما أوحش هذه الليّلة
ما أوحش هذا الكرسيّ.
ما أوحش رائحة الأخشاب وقد نخرتها الأرضةْ.
إن العمل الشعري الحق، هو الذي يحدد مستويات عديدة في صيغ من التلاحم، في البناء الداخلي لتحقيق درجة عالية من قيمة العمل الأدبي..وهو المعيار من حيث أرتباطه بالأبنية الأخرى ذات الضرورة والمستوى فيما يتناوله صياغة البنية من منظور اللوحة (التشكيلية) وهي بقدر ما تنطوي على منطوق فكري يستند إلى مفاهيم الفن التشكيلي..فالمضمون في الشكل الأدبي يتحدد في عدة اتجاهات وزوايا..فهو في النواظم الشعرية...هو كشف عن خواص وإستيعاب ينطوي على صيغ أستيعابية تحدد البنية النصية..وعلاقتها بالوعي الاجتماعي والفكري فهو الكشف المرتبط بالأدراك والحدس التصوري بتراتيب واقعية
 (وسعدي يوسف) ادرك هذا الموضوع عبر ادراكه للعلاقات البنيوية للمنطق الشعري وتلاحمه من خلال الالتزام بالواقع وتشخيص الخلل فيه.. ولو فرضنا إن (سعدي يوسف) ، يقول كلاماً أخر غير هذا الكلام...فهو من الناحية التشخيصية هو التعبير عن الهاجس الذي يصور عملية النفي الإنساني داخل الشخصية المراد تصويرها، أو الموضوع المراد تحديده في هذا الفضاء الشعري.

هذا هو ضوء غبش الشعلة الأزلية الأولى فوق الوجوه المتعبة، ويعد صمت الأزمنة، هو انطلاق إلى الأمكنة الأسنة، والصراخ في محاجر وكهوف، الأصقاع التائهة ..الصراخ والعويل في ليل الوحشة الروحية..إن الأمور
المتعلقة بالزمن المادي الحاضر هو زمن متخيل أو عابر هكذا تبدو الأمور عكسية..فالمكان هو مكان النص المرتهن بالزمن اللغوي، والسردي، والدلالي، يقول (آليوت) ( في ارض اليباب) :

ما من ماء هنا بل الصخر وحده
الصخر دون ماء والدروب الرملية
الدروب تتلوى في صعودها بين الجبال
وهي خيال صخر بغير ماء
لو كان ثمة ماء لوقفنا وشربنا
تتقدم الرحلة..في زورق سديمي( لهيرمان هيسة) في النصف الباقي من اوربا لأنقاذها من الجنون...وحالة اليأس الوحشية عند صلب المسيح، ثانية في أبشع صورة، عرفها التاريخ الحديث في التصوير، والتعميد..والموت عبر اسيجة الحياة.. فالعدمية عند (نيتشة) مكتملة.
وهي تمتلك تلك الدلائل الأساسية..إن علم الحداثة المتقدم هو نداء إلى الانصراف والاستقالة ليسمع عند (هيدجر) بشكل بالغ البدائية وهو يتكلم عن ضرورة التخلي عن الوجود بوصفه (القفز إلى الأعماق) السحيقة.
إن الوقوف عند حالة التقنية لا يعنى، الاستسلام ولا تحفظ لقوانينها، الثبات.. فما هي التقنية هي ليست شيئا أصوليا فعملية فهم الماهيّة، هي وضعها تحت حراستنا أننا مع النداء...الذي يوجه المعلومات على شكل وسائل لتوضيح معنى الموروث الذي ننشده والذي تنتمي إليه التقنية الحديثة بوصفها الأنجاز المتماسك.
ثلاث قصائد عن الأشجار:
أيكون للأوراق أن تنمو بلا شجر؟
أو وريقة تلتم حول خطوطها
سرّيةُ أولى؟
إن النص الشعري الأصيل كما هو معروف ينطوي على رؤيا دقيقة للمفاهيم الشعرية والقيم الاجتماعية الصحيحة والتضحيات والصعوبات التي هي حجر الزاوية في الأداء الإنساني فالنص الشعري...يحدد قضية الصراع عبر عناصر الجدل وقوانينه بوصفها، هي المحاور الرئيسية في عملية الصراع، وإن أدراك الطبيعة الجمالية لهذه الأحاسيس والتنوع المتلاحم الذي يركز على عملية البحث من أجل تأسيس دلالة أبداعية تعزز الأواصر داخل القصيدة ..الشاعر يوضح، بشكل جلي الضربة الفنية في القصيدة، من خلال القصائد عن الأشجار.
أيكون الصوت العالي في أعماق الذكرى أنين في أحد الفراسخ القريبة سهول متناهية في الصغر تتفجر، تتصدع لكنها تلتئم بسماءها البنفسجية ويتغنى بالعشية بميلاد الحياة.
بين البيت والمقهى
وبين النار والجدران
نبضه خطوة أولى؟
النساء العاريات، بنصف أغطية، ينثرن شعرهن، الطويل، الفاحم..بلون البشرة الخلاسية وكنغم أوتار المغني في البار الخشبي المفتون باللون البنى نثرن العطر في الطرقات الليلية يضحك مبتهجاً للبحر سكون الماء.
وسكون البحر معلولاً
وقلتُ لعل غصناً ثالثاً ينمو
فيضفر كلّ أوراق الغصون شجيرة.
ويستمر الشاعر(سعدي يوسف) ببناء الانساق الشعرية العالية..والتي تخللها إيقاع، بكثافة جمالية بعيدة عن حدة الرؤية في الصورة الشعرية..ويدل بدوره على قوة البناء والتنوع ويظهر الضعف في مستويات الأدراك للعناصر المضادة والسريعة، والتي تستبد بتأثيرها عبر مستويات عديدة من التنوع في مملكة الشمس، ضوء خافت ، تظهر عيون الحكم المجنونة، والصوت، خافت في نشيد الروح، تجعل من الريح الميتة أضرحة تدب فيها الحياة، حتى ولو، باعد الخريف الأغصان في تلك الساعة ..أنها ترتجف بدقة كالملكوت عند المخاض.
والأوراق
والموت الجميل
 تصنع أرضا وأوتاراً ومملكة للموت..والبشر الخائفين من الخرافة.
إن عملية الابداع ، التي تكون متغيرة في استخدامها في عملية الوعي بدلالة المركزية في الأبداع..وهو السعي المتلائم، في وحدة منتظمة، من العناصر ذات الأنتاج، الفكري بوصفه أمكانية صحيحة لخصها الخطاب الشعري..في جميع تجلياته وفي الكشف عن المسكوت عنه في النص الشعري.

المراجع
ديوان الشعر
سعدي يوسف _ الجزء الأول
--------------------------------------------------------------------------------
(1) يقصد سجن بعقوبه في العراق.

اخر تحديث السبت, 13 دجنبر/كانون أول 2008 02:18
 
Arwad.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث