حانــة ستيلاّ لم تكن حانةً . ربما قبـل قرنـينِ كانت . ورُبّـتَما وُجِدَتْ قبلَ أنْ تُعصَـرَ الخمرُ . أعني كأن موائدَها رُكِّبَـتْ من ضلوعِ سفائنَ غارقةٍ من زمانِ البطالسةِ . الضـوءُ يدخل كالمتردِّدِ . لا شمس َ في مـصرَ . كان الزجاجُ القديمُ ثخيناً بفعلِ الترابِ الثخينِ . الزوايا محدّدةٌ لذويها . زوايا السجونِ الـتي تتعتّقُ فيها الجواربُ . ماذا ؟ القبارصةُ ارتحلوا منذ قرنٍ ، ولكنهم يسكنون القـناني التي احتفظت باسمِهِم : إنه القبرصيُّ . الشرابُ الذي يترنّحُ بين العَمى والبروقِ . ولكنها الحانةُ الحانةُ الحقُّ ... فيها انتظرْنا الزمانَ الجديدَ ، وفيها شهِدنا معاركَنا ، والقصائدَ تولَــدُ مُشْـرَبةً بالتمرُّدِ . كنّـا إذا ما ترنّحَ منتصفُ الليلِ ، نرفعُ سقفَ الأغاني . سيأتي إلينا الـمُـغَنّونَ من كل فَج ٍّ عميقٍ . ويأتي إلينا السقاةُ وقد أصبحوا الشاربِينَ . بلادٌ مؤقّــتةٌ بين منتصفِ الليلِ والصبحِ . لا بارَ في الحانةِ . البارُ يشبهُ أولى المتاريسِ . حصنٌ حصينٌ له حارسٌ واحدٌ . لن يمرَّ الهواةُ ... إذاً ، فلنكنْ مثلَ من دخلوا حانةً . ولنكنْ مثلَ مَن لم يرَوا حانةً . نحن في البرزخِ . الصبحُ جاءْ . لندن 27.02.2007
|