ســعدي يوســف في أحد الأيام ، وبدون أي خطة ، أو هدف ، و ربما من الضجر الذي ألَحَّ عليّ في مدينة لِنتس النمساويةLinz ، وجدتُ نفسي في بلدة إنس Enns ، غيرِ البعيدة عن لِنتس ، والتي يقال إن النقود كانت تُسَكُّ فيها يوماً ما. تقع البلدة على نهر إنس ، وتُعتبَر أقدم بلدة في النمسا . يعود تاريخُها إلى العام 1212 م . كان الكلتيّون مَصّــروها حوالي المائة الرابعة قبل ميلاد سيدنا المسيح ، ثم احتلّها الرومان في العام الخامس عشر م ، وجعلوها مقاطعة رومانية . في العام 1192 صارت نمساوية بعد أن كانت موضع نزاع بين النمساويين والهنغاريين ، أدّى إلى بناء قلعتِها .
البلدة ترتفع 281 متراً عن مستوى سطح البحر . عدد سكّانها أحد عشر ألفاً . من أشهر معالمها ، البرجُ القديم المرتفع 60 متراً ، والذي لا يزال يحمل النسر ذا الرأسين ، نسرَ إمبراطورية النمسا والمجر ! * كنت أتمشّى ، بلا هدفٍ ، فتركتُ الساحة ، ودخلتُ في دربٍ ينتهي بعد حوالي خمسين متراً ، ليطلّ على الوادي . ليس في الدرب ما يستلفت الانتباه أو يسترعيه . هكذا استدرتُ ، كي أعود إلى الساحة التاريخية . وفجأةً رأيتُ اللوحة ! كانت لوحة نحاسٍ متوسطة الحجم : The American Eighth Infantry Division 1945 - 1995 فرقة المشاة الأميركية الثامنة 1945 – 1995 يا أُمَّ الله المقدّســة ! * إذاً ، جاء الأميركيون ، إلى هنا ، في الحرب العالمية الثانية ، بل في نهايتها تماماً ... ولم يغادروا المكان إلاّ بعد خمسين عاماً ! * أفكِّــرُ ، مكتئباً ، في ما نحن فيه . أفكِّــرُ في حجم الجريمة التي ارتكبَها العملاءُ العراقيون ( من متديّنين و ســواهم ) حين عقدوا مع الأميركيين صفقة احتلالِ البلد ونهبِ ثرواته ، وتشــريدِ أهله ، وإلغاءِ كيانهِ . هؤلاء العملاء سوف ينتهون ، نهاياتٍ شــتّى ، طبَـعيّـةً ، وغير طبَـعيّــةٍ . أمّا فرقةُ المشاة الأميركية ! لندن 21.9.2007
|