ســعدي يوســف مصادفةٌ مَحْـضٌ أن أتحدّث عن " كتاب الغصون " ، ونحن على أبواب الإحتفاء بيوم المرأة العالـميّ . الحـقُّ أنني كنتُ أودّ الحديث عن الكتاب ، قبل هذا اليوم ، لكنّ مشاغلَ عدّةً ( غالـبُـها تافهٌ ) أجّلتْ ما اعتزمتُــه . عنوان الكتاب " كتاب الغصون " وهو باللغة الفرنسية : Le Livre des Branches ، المؤلِّـفة هي : لويز وارِن Louise Warren وهي شاعرة من ولاية الكيبك الناطقة بالفرنسية في كندا . التقيتُ الشاعرةَ الكندية – الفرنسية ، في مهرجان شعريّ ، بأميركا اللاتينية ، إمّـا في كولومبيا أو في فنزويلا، كان اللقاء مفاجئاً لي ، فقد وجدتُـها ملِـمّـةً بما كتبتُ ، متتبعةً مفاصلَ أساسيةً من حياتي ، كما أنها تتابعُ
ما يجري في العراق متابعةَ الدنِفِ . قالت لي يوماً ، بدون أن تفصِح : أثرُ العراق عميقٌ في تكويني . أكانت توميءُ إلى تجربة شخصيةٍ ؟ خبرةٍ معيّـنةٍ ؟ * قبل أسبوعينِ تلقّيتُ بالبريد كتابها الأخير ، موضع الحديث . يتصدّرُ الكتابَ ثلاثةُ أبياتٍ من قصيدةٍ لي تُرجمت إلى الفرنسية يوماً ما : Le vent qui ne souffle pas le soir Et le vent qui ne souffle pas le matin M’ont confie le livre des branches Saadi Youssef الأصلُ العربي للأبيات: الرياح التي لا تهبُّ العشيّـةْ والرياح التي لا تهبُّ الصباحْ علّـمتْـني كتابَ الغصونْ * للكتاب قصة : الرسّـام ذو الأصل الهنغاري ، الكسندر هولان ، المتخصص بالطبيعة والطبيعة الصامتة ، تركَ للشاعرة ، محترَفه الباريسي ، كي تسكن هناك ، فترةَ غيابه هو في رحلةٍ معيّـنةٍ . لويز وارِن ( ومُعظَمُ أشعارها حول الطبيعة والشجر ) ، وجدت نفسَـها كالسمكة في الماء ، في محترَف هولان ، متفحصةً بعينٍ حاذقةٍ تفاصيل المكان والأعمال ؛ لم تترك تفصيلاً ، من المطبخ حيث فصوص الثوم اليابسة ، إلى الشرفة الصغيرة التي تطلُّ منها على العالَم ، إلى لوحته عن شجرات الجوز الثلاث ، إلى النبت الـمنزليّ ، والسجّـادة التي تشبه في أشكالها لوحة نساء الجزائر لدولاكروا … تسير لويز على أطراف أصابعها ! تكتب الشاعرة : لُـغزُ الشجرة الساخنة . إنه في سؤال الفنان ، أُحِـسُّ الشجرةَ ساخنةً . كيف أجعلُ الشجرةَ ساخنةً ؟ وهكذا عندما كنتُ في الـمُـحـتَرَف ، تابعتُ بنظري ثلاثَ مجموعاتٍ من أشجار الجوز ؛ حمراء ، بنفسجية ، زرقاء . وصرتُ أتأملُ مع نفسي ، بلوغي تلك اللوحات ، بالتركيز والإستغراق . كانت سـترتُـه على مسند الكرسيّ : نحتاً كاملاً . وددتُ لو استفضتُ في الإقتطاف من روضة لويز وارِن . لكني كسولٌ حين يتعلّقُ الأمرُ بالترجمة من الفرنسية إلى العربية . وبخاصة ، لغة لويز وارِن المواربة ! لندن 3/3/2005
|