أنا أقدرُ أن أفتحَ جَـفنَيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن افتحَ عينيّ…مســاءَ البارحــةِ التفّـتْ كلُّ وشــائعِ أيامي حولَ عروقي. ظلّـتْ تلتـفّ وتضغطُ ، تلتــفُّ وتضغطُ ، حــتى سالتْ شمسٌ بين يدَيَّ . على أُصُصِ الأزهارِ بدا الطُّـحْـلُبُ أخــضرَ في لونٍ مائيٍّ. مــاذا سـيُـغَـنِّـي صُــعلوكُ الحَـيّ؟ ستــندفعُ الزيناتُ مُـفـرقِـعةً من جهـةِ الغــربِ . الشّــمسُ تســيلُ . وآخِـرُ قنّـينةِ خمـرٍ شِـيلِـيٍّ رحَــلتْ. أنـا أقدرُ أن أفتحَ جَفنيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن أفتحَ ســمعيْ …الشارعُ مكتومٌ ، لَـكأنّ السيّـاراتِ علــى عشبٍ تَـدْرُجُ . والموسيقى من بئرٍ تخــرجُ . أهجِـسُ صلصلةً في الحنفيّــةِ ... سـلسـلةً من ذهبٍ تسقطُ من رفٍّ كي تتكوّمَ في طرفِ السجّــادةِ . هل يتكلـمُ هذا المصباحُ ؟ البابُ المؤصَــدُ صَــرَّ صـريراً … أعرفُ أنّ ينابيعَ ، ينابيـــعَ مُـغَـلْـغَـلةً ، تترقرقُ بين السبّــابةِ والإبهامِ ؛ تُرى … هل أســمعُـها ؟ أنـا أقدرُ أن أفتحَ جَفنَـيَّ دقائقَ لكني لا أقدرُ أن أســتافَ …و في بستانِ البيتِ ، قديماً وبعيداً ، في البصـــرةِ ، كانت أزهارُ الخشخاشِ . وعندَ مُـسَـنّـاةِ الماءِ تفوحُ روائحُ من سَـمكٍ وطحالبَ. كنا أحياناً ننهلُ من ماءِ الطَّـلْـعِ .أتعرفُ كيف تكونُ القيلولةُ تحتَ غصونِ التينِ ؟ وكيف تكونُ بَــواري الـمَـدْبسـةِ ؟ الليلُ سيهبطُ مثلَ ضبابٍ أزرقَ في "حمدانَ". سـيمتـدُّ اللبلابُ الـمُـزْهِــرُ في الدمِ … سـوف يكونُ شــــميمـاً . لندن 26 / 8 / 2002
|