الأحد, 28 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 237 زائر على الخط
قراءات في السرد من الشعر إلى الرواية " مثلث الدائرة " طباعة البريد الإلكترونى

ناطق خلوصي

قاص وروائي وناقد ومترجم.

في انتقالة مثيرة من الشعر إلى الرواية  تتوهج ذاكرة  سعدي يوسف وهو يزج  بأبطال   روايته " مثلث الدائرة " في حالة استذكار ، يسترجعون فيها أياماً ذات مذاق خاص كانت قد مرت عليهم. ويبدو كأن الرواية تجمع ثلاثة نصوص وكأن كل نص يتصل  بالأخر  ببعض التفاصيل  الصغيرة  . زمانياً ،  كانت البداية  خلال الاجتياح اٌلإسرائيلي لبيروت ، في مدينة  كان  الناس يرحلون عنها  فيشعر طاهر المحمود ، أحد أبطال الرواية الثلاثة ، بأنه في عزلة وقد  انقطع التيار الكهربائي وكان الذين يمرون أمامه يرتدون زياً عسكريأ موحداً ويحملون سلاحاً ، فهم  في حالة حرب لكنهم على أبواب الترحيل!

هذه الرواية هي الأولى والأخيرة لسعدي يوسف وكانت قد صدرت عن " دار المدى " في طبعتها الأولى في العام 1994 وجاءت بـ 483 صفحة من القطع الصغير ، وكان قد انتهى من كتابتها في مدينة العقبة في 21 / 1 / 1994 كما ورد في ختام الرواية  التي توزعت على خمسة فصول تحمل أسماء المدن التي عاشت فيها شخصياته زمنها الروائي : بيروت  والبصرة وباريس وعدن ونيقوسيا ، كانت البداية من بيروت  حين يعثر  طاهرالمحمود ( الذي يتقمص  سعدي يوسف شخصيته على ما نرى ) على ورقة مثبتة على شجيرة ورد في الحديقة الصغيرة القائمة في مأواه ( وهو بيت في رأس بيروت كان ساكنوه قد هجروه )، تدعوه للمغادرة  وما لبث أن دخل عليه من أعطاه بذلة عسكرية وقطعة سلاح فأصبح في عداد المقاتلين ، وقاده إلى المرفأ حيث كانت سفينة " شمس المتوسط " قد تهيأت لاستقبال المقاتلين  في انتظار الترحيل . وفي غرفته في السفينة تبدأ رحلة الاستذكار.

يلتقي طاهرالمحمود صديقه عادل فتبدأ الذاكرة بالعودة إلى أيام الصبا والشباب وأيام نقرة السلمان وسجن بعقوبة المركزي حيث حل مع رفاقه في " غرفة المشنقة " التي تومض صورتها في ذاكرته " الغريب أنني لم أرتعش لمرآها . كان منامي قريباً منها بلا كوابيس ولا أحلام . لقد نمت عميقاً " ( ص 27)  .  كان طاهر  قد تعرّف في السجن وهو في البصرة على فاضل المرزوق وكان  قد جيء به وهو على شفا الموت  تحت تأثير سطوة التعذيب ووجد  أن  من واجبه أن يرعاه  ،   فرسم ، بالكلمات ، صورة للتعذيب الوحشي الذي كان الرجل قد تعرض له .  وما تلبث الرواية أن تستعرض شهادة فاضل هذا وشهادة عادل الذي كان ضابطاً عند اعتقاله لتجمعهما مع طاهر في نقرة السلمان ، مع الاشارة إلى رحلة قطار الموت .

تعتمد الرواية صيغة المذكرات فتستعرض ، من خلالها ، ما وقع من أحداث مع التوقف عند الشخصيات والقاء الضوء على ما تعرضت له والتحولات التي طرأت عليها  وشخصية عادل بشكل خاص  . وعادل هذا  ما يلبث أن يظهر في باريس مسكوناً بالوحدة ولا يعرف أحد كيف كان يدبر أمور حياته وهو في مدينة كبيرة مثل باريس.  وصل إليها قادماً من بيروت التي كان قد تم ترحيله منها إلى طرطوس السورية ، نجده يواصل حياته ، حتى يفاجئه مجيء  صديقته  البيروتية " أماني إلياس " باحثةً عنه وكان التواصل بينهما يتم بلغة الجسد. ويدخل التشكيلي " إيميل " على خط العلاقة بين عادل ومنى  في حين ظل طاهر غائباً تماماً وهو الذي كان قد استهل الروي. وعلى امتداد مئة صفحة ظل الملعب مفتوحاً أمام عادل ومنى لينتهي ألأمر بقرار منى العودة إلى بيروت  على نحو مفاجىء بصحبة إيميل وسط دهشة عادل ، مبررةً ذلك بأن لها وطناً تلوذ به في حين كان عادل بلا وطن آنذاك وقد انغمر في لجة النشاط البديل الذي يهدف إلى تشكيل تجمع للعراقيين المنفيين فوضع نفسه تحت سطوة مراقبة  السلطات الأمنية في باريس.

في الفصل الذي يحمل عنوان  " عدن " يغيب الراوي الأول هنا أيضاً ويحل محله " فاضل المرزوق " . ومثلما كانت منى إلياس بصحبة عادل ،نجد العدنية فاطمة التي سيكون لها حضور محدود في مجرى الأحداث فيما بعد ولكن بصحبة فاضل المرزوق فالحياة عند الروائي لا تستقيم دون حضور المرأة . لكن العلاقة بين فاضل المرزوق وفاطمة كانت شرعية فقد تزوجا بعد طلاقها من زوجها السابق . وعلى امتداد الزمن الذي استغرقه ذلك ظل سعدي يوسف يواصل التعريف بالمكان  والناس بخبرة مدهشة وقد عرّج خلال ذلك على قضية الانشقاق السياسي داخل الحزب الاشتراكي اليمني في عدن ثم النزاع المسلح بين طرفي الصراع . لقد أدى الاسراف في الحديث عن   هذا الصراع إلى تحول جوانب من النص السردي إلى وثائق سياسية تم إقحامها مما قاد إلى ترهل الرواية   بعض الشيء وجعلها تقترب من التقرير السياسي أو وثيقة من وثائق هذا الطرف أو ذاك من طرفي القتال ، زاد من تأكيدها استخدام الحروف الأولى لأسماء بعض الأشخاص وهو ما لا يتفق مع مواصفات نص روائي  اتخذ من التاريخ مادة له.

يختتم سعدي يوسف أحداث روايته ومصائر شخصياته في الفصل الأخيرألذي يحمل عنوان " نيقوسيا "حين يعود طاهر المحمود إلى الواجهة بعد غياب . يجيئه إلى دمشق من يحمل له رسالة من ابن عم له يدعى شعبان وهو رجل أعمال كبير  يدعوه فيها للإقامة في بيت له كان يملكه في قبرص  يحل فيه في زيارات متفاوتة المواعيد . عاش طاهر في ذلك البيت أياماً لم يكن قد عاشها من قبل أنسته مواجع ايام  البصرة وبيروت ودمشق .

وحيث كان لابد من وجود إمرأة هنا أيضاً فقد وفرها سعدي يوسف من خلال الألمانية ريناتا شتاينفيلد التي جاءت سائحة فتعلق طاهر بها وتعلقت به ووجدناها تقول : " حائرة أنا في أمري . أحببت طاهر " ( ص 371 ) و " حياتي هنا مع طاهر ذات معنى " ( 372 )،  وفي مواجهة هذه الحيرة عادت إلى بلادها واستقالت من عملها لتلتحق بطاهر. وفي نقلة مباغتة يزج سعدي يوسف بشخصية الفنان القبرصي فالنتينوس في الرواية وهو الذي كان قد عمل استاذًاً للخزف في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ، حيث يخلق مناسبة لزيارته لطاهر ليكشف له عن اهتمامه بالرسم.

ينتهى الأمر في آخر المطاف بقرار طاهر بالعودة إلى العراق ولكن إلى شماله مصطحباً ريناتا معه ليعاود اتصاله بحزبه القديم من جديد في خاتمة مسالمة يمكن القول بأنها تتقاطع مع بداياتها المسكونة بروح التمرد . ويبدو أن سعدي يوسف لم يجد ما يحفّزه على التواصل فأغلق باب السرد بعد  هذه الرواية.

________________________

إشارة  : شكراً جزيلاً للسيدة اقبال كاظم وقد وفّرت لنا نسخة أليكترونية  للرواية بعد ان تعذر علينا الحصول على  نسخة ورقية منها.

الطبعة الأولى: 1994 / 2000

اخر تحديث الأحد, 31 دجنبر/كانون أول 2023 11:10
 
portrait.JPG
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث