سعدي يوسف
أبحثُ عن هذا البارِ و تبحث عن هذا البار معي أرملةُ ضيّعت ابناً في الليلِ تُسائلُ عن ضفةٍ و رصيفٍ ينأى أمتاراً عن ضفةٍ و تُسائلُ عن أخشاب الهندِ وقد نبتتْ لبلاباً و نبيذاً و ملابسَ بحّارةْ ...
............ ............ ............ في أيامٍ تبدو الآنَ سماءَ خريفٍ و طيوراً متطامنةَ الطيرانِ... و لسعةَ بردٍ رطبٍ، في تلك الأيام دخلنا محتفلين إلى البار خفافاً و خرجنا محتفلين ثقالاً ثم نهلْنا ماءً يتقطَّر من سعف النخلِ مزيجاً بضباب النهرِ و بالملحِ و بالعَرَق المتبقي من أنخاب البارِ... ............ ............ ............ لماذا لم نجلس في الحانةِ حتى تبيضَّ سوالفُنا؟ و لماذا غادرناها قبل الغَبَش الباردْ؟ و لماذا لم نجلس في الحانةِ حتى تنجابَ فصولُ العالمِ عن فصلٍ واحدْ؟ فصلِ ربيعٍ أبديًّ و غناءٍ خالدْ؟ ............ ............ ............ إن طالت رحلتُنا، فلأنّ الحانة ضاعتْ؛ مَثَلاً: بيعتْ للتجار و للقوّادين أو غرقتْ أو دُكّتْ بمدافعَ من أممٍ شتّى و جيوشِ سماسرةٍ جشعين.. ............ .......... ............ لكنّا، لكني( أتحدَّثُ عن نفسي حسبُ) سأبلغُها حتى لو أفلَ العمرُ و خَلُّف لي بضعَ سنين!
ديوان "حياة صريحة"، 2001
|
اخر تحديث الإثنين, 15 غشت/آب 2022 06:51 |