سعدي يوسف
"خيّالةُ الفجر
دربُنا الدربُ الذي لا ينتهي
يا ظهورَ الخيل، يا بيت البهيّ
يا قميص الفجر، دعني أزدهي
فلقد أكشفُ يوماً وجهَها...
ها، ها، ها!
ربما كان لها البيتُ الذي ينهضُ أقصى السفح، مخضرّاً
غريباً في ضباب الفجر، أو كان لها البيتُ الذي يخفيه في
الوادي انعطافُ النهر، حيث السَّروُ مكتظُّ. و مَن يدري لعلَّ
الأهلَ راحوا مَعَ من راحوا... لماذا وحديَ الباقي على
العهد؟ على الصورة حتى لو نأتْ ألوانُها، و أمَّحتِ الذكرى؟
لماذا تنتهي الرحلةُ دوماً عند أبواب البيوت؟
*
مَن تناديني لتحيي القصبا؟
و تغِّنيني حجازاً و صَبا؟
أيها الفرسانُ: أبصرتُ الصِّبا!
إنه يصبغُ ورداً وجهَها...
ها، ها، ها!
هكذا كنتُ، إذاً؟ أضألُ نبتٍ يتراءى غابةً لي... أيُّ
غصنٍ يستوي كوناً وراء الكونِ... ايُّ امرأةٍ تغدو هي
المعبودةَ الأولى.... عجيبٌ أن أرى في لحظة الحب
الصباحي، انهمارَ الثلج! ماضٍ أنا في الدرب الذي ليس له
معنىً سوى الدرب... أهذا ما راَهُ فارسُ قبلي، و قد
أغمض عينيه على الحلم الشتيت؟
نحن إن جئنا نفضْنا الثلجَ عنّا
و انتظرنا فتحةّ الباب قليلاً و دخلنا
يا بنات البيت، يا دفءَ المُعَنَّى
من رأت منكنّ يوماً وجهها؟
ها، ها، ها!
كيف لم تسمعْ بنا القريةُ، منذ اللحظة الأولى لقتلِ
السبعةِ الفرسان في غابة أيّوبَ، تعالتْ صيحةُ الطيرِ و فَزَّ
الهدهدُ.... احتدَّ نداءُ الطَّيطوي...
أنتَ تقول: الناسُ لم تعرف بما كان هنا من أمرِنا...
يا خيبةَ المسعى!
ويا وحشةَ هذا الفارس الناجي من السيف!
إلى أين سيمضي؟
........................................
........................................
........................................
ربما فكَّرَ إذ مَرَّ على الحانة، ليلاً، أن يموت..."
14/12/1999
ديوان"قصائد العاصمة القديمة"2001."
|