بينَ مُـقامـي ( أعـني بَـيـتي في القرية ) ، والـبَــرِّيّــةِ ، رَسْــمُ ســياجٍ خـشـبٍ . كان سياجاً ينهشُــهُ السُّـــرْخُـسُ والـطُّـحْـلُبُ والـمطرُ الدائمُ . أحياناً يبــدو أخضرَ . أحياناً يبــدو بُـنِّـياً . يتحوَّلُ أزرقَ في الأحلامِ . وأسْــوَدَ في الكابوسِ . وأبيضَ حينَ تضيقُ الدنيا . ( الملحوظةُ ) : أقصدُ فِعلاً ، وبلا أيِّ مُراوَغَةٍ أو أوهامٍ ، أو أيّ تقاليدَ لنا في التعبيرِ ، سِــياجاً فِعْـلِـيّاً . كلَّ صباحٍ يدنو منــي . يوماً في سِــيماءِ غزالٍ . يوماً مع ثعلبِ فجــرٍ . لكنْ … أبداً في هيأةِ طيرٍ . منذُ الرابعةِ ، الفجرَ ، يناديني باسمٍ من أســماءِ الطيرِ : أَفِــقْ يا غافِــلُ ! وافتَحْ عينَيكَ ! أَلَــمْ تهجِسْ هذا الكونَ ؟ ألَــمْ تتحسَّــسْ نبضَ الدَّوحِ ؟ أَلَــمْ تَـسْـتَفْ ضَوعاً سِـرِّيّـاً ؟ سَــرِّحْ طَــرْفَكَ بِضْعَ ثوانٍ … أَوَلَـمْ تتخاطَفْ في الـبُــعْـدِ مياهُ بُحيرةِ قارونَ ؟ ألَـمْ تَــرَ قافـلةً لِــمَـغارِبَــةٍ ماضِـينَ إلى الكـنْـزِ ؟ فكيفَ تقـولُ ، إذاً ، إنك أَعْــلَـمُ بالسِّحـرِ من السّــاحرِ ؟ لا ! لاتقلِبْ سُــحْـنَتَـكَ ! السُّـحْــنةُ ليستْ كالسُّــتْـرةِ … والـمنـزِلُ ليسَ الـمَسْــكنَ . أنتَ تُراوِغُ نفْـسَكَ ! هل تســمعُـني ؟ هذي الجدرانُ الأربعةُ القرمــيدُ … أتحسـَـبُها عازلةً ؟ هي أوهَى من نسْــجِ عناكبَ في رأســـي . هل تعْـلَـمُ أن فتى الفِتيانِ هو القادرُ أن يَعـبُـرَني قَــفْزاً كي يدخلَ فـي الـبَــرِّيَّــةِ ؟ هل أبصرتَ البـرْقَ الآنَ ؟ غريبٌ ! هل سُــمِـلَتْ عيناكَ ؟ وهذا الرعدُ ... ألَــمْ تســمعْــهُ ؟ غريبٌ ! هل وُقِــرَتْ أُذُناكَ ؟ تراوِغُ نفسَكَ ! أرجوكَ ، اســمَـعْني … أنا لستُ ســياجاً لـلـبَــرِّيّــةِ ؛ أنا رَسْــمُ ســياجٍ في الـبَــرِّيّـةِ ... أمّــا أنتَ … فَـمَـنْ أنت ؟ لندن 21/5/2005
|