الثلاثاء, 23 أبريل/نيسان 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 700 زائر على الخط
سائقُ دبّابةٍ شديدُ السُّمْرةِ طباعة البريد الإلكترونى

سعدي يوسف

كأنْ لم يكُنْ بين الحُجونِ إلى الصفا  أنيسٌ ، ولم يسمُرْ بمكّةَ سامرُ

بَلى ، نحن كنّا اهلَها ، فأبادَنا   صُروفُ الليالي ، والجدودُ العواثرُ

*

السجونُ العراقية التي كنتُ نزيلَها هي :

سجن بغداد المركزيّ

سجن البصرة المركزيّ

سجن بعقوبة

سجن نقرة السلمان

وأنا لا أذكرُ ، الآن ، مراكزَ التوقيف ، وشرطة التسفيرات ... إلخ  ، خشيةَ الملل .

على أي حالٍ : أردتُ القولَ إن سجن نقرة السلمان كان خيراً من السجون الأخرى.

إنه بمنأى عن الناس .

الذئاب ، وحدَها ، هي التي تجوسُ .

جاءتني المرحومة ، والدتي ، حفصة ، زائرةً ، متحمِّلةً طول الطريق ، من البصرة إلى النقرة ، تحملُ معها قالب ثلجٍ ، ملفوفاً بالجونيّة ، وفي غرفة المواجَهة ، فتحت الجونيّة  لترى قالب الثلج ماءً !

لكني أعود لأقول إن " النقرة " كان خيراً من سواه :

السجن يعتمد مبدأ القاعات ، وهي مستطيلة ، مفتوحة على الساحة ، بلا أبواب . والحقّ أن القاعات كانت مَهاجعَ . نفترشُ بطّانيّاتٍ ، ونتغطّى بأخرى !

لكن الفضيلة العظمى للسجن كانت ساحته المفتوحة ، التي تبلغ ، في تقديري ، مساحةَ كيلومتر مربّع.

في الساحة كان التمشِّي طليقاً ، واللقاءُ حُرّاً .

والناس تعرف أن الهروب مستحيل .

حتى لو هربَ أحدٌ ( كما حصلَ مرةً ) فسوف تمصمصُ الذئابُ عظامه !

*

من المفيد أن أذكر أن هذا السجن بناه الجنرال غْلوبْ باشا ( أبو حنَيك ) ليردّ غارات الوهّابيّين!

*

بُعَيدَ 1963  شهدَ " نقرة السلمان " موسماً عجَباً !

جيء بالعسكريّين من السجن رقم واحد بمعسكر الرشيد ،  بعد أن نجَوا ، بمعجزة ، هي من مأثرة سائق القطار ، قطار الموت ...

*

على أي حال !

في أحد الأيام ، وأنا أتمشّى متمهلاً في الساحة ، تقدّمَ مني شابٌّ من العسكريّين الذين  قَدِموا في " قطار الموت " ...

كان يريد التعرُّفَ عليّ .

كان شابّاً شديدَ السُّمرة ، يكاد يكون في سيماه ، زنجيّاً .

سألتُه : لِمَ جاؤوا بك هنا ؟

قال : كنت سائقَ دبّابةِ .

استفسرتُ : لكن هذا ليس كافياً ليؤتى بك إلى هنا ...

قال : كنت شيوعيّاً !

استفسرتُ ثانيةً : هل قاومتَ الإنقلابيّين ؟

أجاب : لا ...

بل كنتُ سائق إحدى الدبّابات التي اقتحمت وزارة الدفاع !

قلتُ مستنكراً : كيف فعلتَ ذلك وأنت شيوعيٌّ ؟

أجاب بهدوء :

كان الضابط في بُرج الدبابة ، مصوِّباً مسدّسَه إلى رأسي !

 

لندن في 22.12.2018

 
akeer.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث