سعدي يوسف
إيريش هونيكَر ، آخرُ أمينٍ عامّ للحزب الإشتراكي الألماني الموحّد ، وآخر رئيس لجمهورية ألمانيا الديموقراطـية، قبل أن يُطيحَه الخائنُ الأعظمُ ميخائيل غورباتشوف ، مع مَن أطاح وما أطاح ، كان مفكِّراً مجتهداً ، ذا أطاريحَ غايةٍ في الدقّة ، والجرأة .
هونيكر هو صاحب مصطلَح " الإستعمار الوطني " ، أي الإستعمار البلَديّ ، أو المحلّي.
National Imperialism
وهو يربطُ هذا المصطلَح بما جرى في ألمانيا ، حين استولى هتلر على الحُكم ، ليعلن دكتاتورية رأس المال والعسكر.
قائدٌ شيوعيّ آخر ، في أهميّة هونيكر ، هو الإيطالي بالميرو تولياتي ، جاء برأي قريبٍ ممّا قاله هونيكر .
تولياتي كان يرى أن مصطلَح " الجماهير " ملتبسٌ .
بل يرى أن الجماهير ، بذاتها ، هي خطرٌ على الثورة .
وهو يجد بُرهانه في اندفاع الجماهير الإيطالية ، نحو موسوليني ، مؤيِّدةً ، ومقاتلةً في صفّ عدوِّها الطبقيّ .
هكذا نعود إلى المبدأ القديم :
الفئة القليلة .
هذه الفئة ، بدقّتِها ، وتصميمها ، ووضوح رؤياها ، وتخطيطها ، قادرةٌ على تحقيق الحُلم .
هكذا كان البلاشفة .
وهكذا كان الماويّون .
وهكذا كان ثوريّو كوبا .
بإمكاني القول إن هؤلاء كانوا في وادٍ ، والجماهير الغفيرة كانت في واد .
*
في بلدان كثيرة ، في أيّامنا هذه ...
نفتقدُ الفئة القليلة .
نحن في زمن الغوغاء !
لندن 17.11.2017
|