هارولد لامْبْ
أوردتُ في كتابي معلوماتٍ كثيرةً عن تفوّق جيوش المغول على الأوربيّين آنذاك.
كانوا أقدرَ على الحركة . سابوتاي ، قطع مع فرقته ، 290 ميلاً ، في أقل من ثلاثة أيّام ، في حرب هنغاريا.
وقال بونْسْ دوبون إن بمقدور المغول أن يقطعوا المسافة بين شارتر وباريس في يوم واحد .
وقال توماس دي سبالاتو متحدثاً عن المغول : "لا أحد يماثل المغول ، وبخاصة في الأرض المفتوحة ، في قهر العدوّ ، إمّا بالشجاعة الفرديّة أو بمعرفة فن الحرب ".
هذا الرأي أكّده الراهبُ كاربيني ، الذي أُرسِلَ مبعوثاً إلى خانِ المغول ، بعد غزو 1238-1242 الرهيب ، كي يتوقّف المغول عن ذبح المسيحيّين :
" ليس بمقدور أي مملكة وحدها ، أو إقليمٍ ، مقاومة التتر . التتر يحاربون بالخطط أكثر من القوّة الخالـــــــصة " .
وقد لاحظَ هذا الراهبُ الذي يبدو على إطّلاعٍ عسكريّ ٍما ، أن التتر كانوا أضعفَ بِنْيةً ، وأقلَّ عديداً من الأوربييّن. ومضي ليحثّ ملوك أوربا ، الذين يتولّون قيادة جيوشهم عادةً ، على إعادة تنظيم تلك الجيوش ، حسب النظام المغوليّ .
" يجب أن تقاد جيوشُنا حسب الأسلوب التتري ، وبنفس قواعد الحرب الشديدة . يجب اختيار ساحة المعركة ، إن كان ذلك ممكناً ، في سهلٍ مفتوحٍ ، تُمْكِنُ رؤيةُ كل شيء فيه من كل الجهات . والجيش نفسه ينبغي ألاّ يكون جحفلاً واحداً ، بل يجب تقسيمه إلى عدة فِرَقٍ . يجب إرسال الكشّافة إلى كل جهة . أمّا القادة فعليهم إبقاء جنودهم في حالة تأهُّبٍ ليلَ نهارَ ، ممتشقين سلاحَهم ، مستعدين للمعركة ، إذ أن التتر يقِظون ، دائماً ، كالشياطين. إن كان أمراء المسيحية وحُكّامها يعْنون حقّاً ، إيقافَ التتر عند حدِّهم ، فعلى هؤلاء أن يقفوا صفّاً واحداً" .
كما لاحظَ كاربيني أسلحة المغول ، ونصح العسكريّين الأوربيّين بتحسين أسلحتهم .
أمّا النِّصالُ ، فينبغي أن تُقَسّى ، على طريقة المغول ، الذين يغمسونَ الحديدَ المحمرَّ في ماءٍ ذي ملحٍ مُذابٍ ، وهكذا تكون النصالُ أقدرَ على اختراق الدروع . كما أوصى بتحسين الخُوَذ ، والدروع ، حمايةً للجندِ والخيل . أمّا غيرُ المسلّحين فينبغي أن يكونوا في المؤخرة ."
كما اُعجِبَ كابريني بنَبّالةِ المغول ، وكيف أنهم يجرحون الرجال والخيل بسهامهم ، وحين يتفرّق هؤلاء ينْقَضّ المغولُ ، ويُجْهِزون عليهم .
الملك فريدريك الثاني ، طلبَ العونَ من أمراء أوربا ، وكتبَ إلى ملك إنجلترا قائلاً :
" التتر أضألُ بِنْيةً منّا ، لكن لهم أطرافاً شديدةً ، هم يتحلّون بالشجاعة ، ومستعدّون دوماً لتنفيذ أمر الآمرِ ، واقتحام الهول . وعلينا القول ، آسِفِينَ ، إنهم كانوا يتدرّعون بالجِلْدِ والصفائحِ ، أمّا الآن ، فهم ذوو دروعٍ جيدةٍ ، غنِموها من المسيحيّين ، وهكذا حلَّ بنا عارُ أننا نُقْتَلُ بأسلحتنا . وأضيفُ إلى ذلك أنهم يمتطون جياداً أفضلَ ، ويتناولون غذاءً أشهى ، ويرتدون أرديةً أفخرَ ممّا نرتديه " .
في حوالي ذلك الوقت الذي كتبَ فيه رسالتَه ، استدعاه جيش الاحتلال المغوليّ الظافر ، ليكون هو وشعبه ، في خدمة الخان الأعظم ، كي يتمّ توفير حياتهم .
أمّا الملك فريدريك الثاني ، فعليه الذهاب ، إلى قره قوروم ، ليتسنّم أي مركزٍ رسميّ يريده .
كان جواب فريدريك في منتهى الظرافةِ . قال إنه على درايةٍ ممتازة بالطيورِ الجوارحِ ، وهكذا فهو مؤهّلٌ
لأن يكونَ صَقّارَ الخان .
ترجمة : سعدي يوسف
تمّت الترجمةُ في لندن 18.12.2016
|