سعدي يوسف أصدرتْ دار فابر أند فابر اللندنية الشهيرة ، عملاً مسرحيّاً لديفيد هَيْر بعنوان " الأمر يَحْدُثُ " وهي العبارة الشهيرة التي قالها دونالد رمسفيلد ، وزير الدفاع الأميركي ، بعد أن أُبْلِغَ بأنباء النهب في بغداد بعد الإحتلال في 2003 . قُدِّمت المسرحية في العام 2004 على المسرح الوطني بلندن ، وقام بدور جورج بوش ، الممثل الشهير اليكسْ جَنينغز ، وديزموند باريت بدور دِكْ شيني ، وجو مورتِن بدور كولِن باول ، ورعد الراوي بدور صدّام حسين ... إلخ . كما قدّم " المسرح العام " في نيويورك ، العمل ، في 28 آذار ( مارس ) عامَ 2006 .
* لم يتسنَّ لي حضور المسرحيةِ ، لكني قرأتُ باهتمامٍ النصَّ المسرحيّ الملتهب . لقد أبدت الغارديان إعجابها بالعمل ، وبقدرة ديفيد هير على تحويل السياسة الأخيرة إلى دراما تاريخية. قالت الديلي تلغراف أيضاً إن المسرحية عملٌ ممتازٌ في المسرح السياسي . * تتحرك في هذا العمل المسرحي ، الشخصيّاتُ ذات العلاقة باحتلال العراق ، ابتداءً من صدّام حسين وليس انتهاءً بغوندوليزا رايس . الحوار يستند إلى مَحاضر رسميّة ، ومقتطفات من الصحافة والوثائق ، ويقول ديفيد هَير : لقـد اعتمدتُ الوثائقَ ، لكن مسرحيتي ليست وثائقيّةً . * وكي أقدّمَ مثالاً على طبيعة الوثائق المعتمَدة ، أذكرُ ما قاله نائبٌ عمّاليٌّ في جلسة البرلمان البريطاني : سوف يضرب بوش العراق ، مثل ما يضربُ سكرانُ قنّينةً ، كي يُرضي تعطُّشَه للسلطةِ والنفط. عليَّ أن أقولَ لرئيس الوزراءِ ، إن دورَ الصديقِ في مثلِ هذه الظروفِ ، ألاّ يقدِّمَ القنّينةَ للسكران. * في العرضِ المسرحيُّ ، يظهر على الخشبة ، وحده ، منفيٌّ عراقيٌّ ، ليقولَ : غادرتُ بلدي منذ سبعةٍ وعشرين عاماً . تمنّيتُ سقوط الدكتاتور ، وفي المنفى عملتُ لذلك . ثم قال دونالد رمسفيلد : الأمرُ يَحْدُثُ . ورأيتُ في هذه القولةِ أشدَّ تعبيرٍ عنصريٍّ سمعتُه في حياتي . لقد خُلِقَ فراغٌ . هل خُلِقَ عمداً ؟ أنا لا أستطيع أن أفهم . جاؤوا لإنقاذنا ، لكنْ لم تكن لديهم خططٌ . الآن جرى تعدادُ القتلى الأميركيّين . سُجِّلَتْ أعدادُهم ، ولُفّتْ توابيتُهم بالأعلامِ . كم عدد القتلى العراقيّين ؟ كم عددُ المدنيّين بين هؤلاء القتلى ؟ لم يُعْطَ رقمٌ . قتلانا بلا عددٍ . لقد عارضَ كثيرٌ منّا ، صدّام حسين ، لأنه أضَرَّ بالناسِ . وأنا ضد كلِّ مَن يُلحِقُ الضرر بالعراقيّين ، أيّاً كان. وسأفعلُ ذلك . وإنْ كان علَيّ أن أقول شيئاً ، فأقول : لقد صُلِبَ العراق. صُلِبَ بخطايا صدّام ، بعشر سنين من العقوباتِ، بالاحتلال . القصة ، بالأساسِ ، هي قصةُ بلدٍ أخفقَ في أمرٍ واحدٍ ، لكنه خطيئةٌ كبرى . لقد فشلَ البلدُ في تدبيرِ أمرِه، وهذا يعني أن الشخصَ الأسوأ في البلدِ صار حاكمَ البلدِ . حاكمُ البلدِ هو خطأُ البلدِ نفسِه . الناسُ يقولون لي ... أخبِرْ أميركا بذلك ! أنا أقولُ لهم : لا تتوقّعوا أن تفعلَ أميركا هذا ، لكم ، ولا غيرُ أميركا . فإنْ لم تفعلوها بأنفسِكم ، فهذا قدركُم . * أفكِّرُ بأهل المسرح في العراق ، وهم كُثْرٌ : لِمَ هم في وادي الصمتِ ؟ لِمَ استعذَبوا الرداءةَ ؟ من عبادة صدّام ، إلى عباءةِ الحُسين ... * أهذا هو قدَرُهم ، كما قال المنفيُّ العراقيُّ في مسرحية ديفيد هَيرْ ؟ لندن في 25.06.2015
|