سعدي يوسف صلاح صلاح ( مولودٌ ببغداد ، عام 1962 ) ، ويعيش حاليّاً في هاملتون بكندا . كتب صلاح حتى الآن خمس روايات هي : تحت سماء الكلاب ( 2005 ) ، 350 صفحة – بوهيميا الخراب (2009 ) ، حوالي 500 صفحة ، – أوراق الزمن الداعر (2010) 320 صفحة – إستلوجيا (2012 ) 252 صفحة. الرواية الخامسة التي أتمّ كتابتَها للتوّ ، ولم تُنشَر بعدُ ، تحمل عنوان : كيف تقتل الأرنب . رواياته الأربع الأولى ، تجري أحداثُها في العراق ، أمّا الخامسة التي لم تُنشَر حتى الآن ، فتتخذ من المشهد الكنديّ مسرحاً لأحداثها بالرغمِ من أن اهتمامها الأساس يتصلُ بالمهاجرين العراقيين في كندا .
* من الممكن القول إن روايات صلاح صلاح تندرج تحت العنوان العريض لرواية السيرة ، لكن المتكلِّم فيها ، يؤدي الدورَ الصعبَ لمن نصّبَ نفسه شاهداً على مرحلة بكل تعقيداتها وفضائحها ودمويّتها . هذا المتكلمُ ( الراويةُ ) ليس شاهداً متفرجاً . إنه في صُلْبِ الحياةِ الملعونةِ ، ضحيةٌ مثل الضحايا الآخرين ، بل أن لعنتَه لأَشَدُّ ، إذ هو مستمرٌّ تحت وطأتِها ، بينما ثمّتَ آخرون يختفون وقد تعدّدتْ أسبابُ اختفائهم ، بين موتٍ عاديٍّ ، وموتٍ عنيفٍ . لَكأن صلاح صلاح ، العراقُ مُشَخّصاً ، بلامعقوليّته ، وقسوتِه ، وأركيولوجيّةِ يومه وأهلِه : الراوي ، منتسبٌ إلى تنظيمٍ بعثيّ للطلبة ، لكنّ أمّه شيوعيةٌ سوف يعدمها البعثيون بعد تعذيب في السجن ، وهو في الحرب العراقية الإيرانية ، ملحقٌ بقيادة الفيلق في البصرة ، لكن أصدقاءه يكرهون القتال . هو يقترب من الحزب الشيوعي ، لكنه محررٌ في صحيفة " الإتحاد " الناطقة باسم حزب جلال الطالباني . يذهب في دهوك إلى مقر الحزب الشيوعي ليرى " رأس المال " مهترئاً في ركنٍ من المبنى ، ثم يتصل بجماعة إياد علاّوي العميلة. رواية ( تحت سماء الكلاب ) مثلاً ، تحكي عن شماليّ العراق ، بعد حظر الطيَران ، والصراع بين زعيمَي الإقطاع الكرديّ ، بارزاني وطالباني ، وكذلك عن متاهة الأحزاب ، الأصيلِ منها والعميل ، ومكاتب التجسّس المختلفة ، ومن بينها مكتب الموساد غير البعيد عن مــــقــر الحزب الشيوعي العراقيّ في شقلاوة. ( بوهيميا الخراب ) هي عن العراق المهزوم ، وفترة الحصار . ( أوراق الزمن الداعر ) عن مسلسَل العذاب الذي يمرُّ به فتىً في مرحلة التكوين . ( إستلوجيا ) تكاد تدور حول علاقة الإبن بأمّه ذات النهاية المأساوية ، الأمّ الشيوعية التي أعدمَها النظام بعد تعذيبها في السجن . * تأسرُني رواية " تحت سماء الكلاب " بخاصّةٍ ، ذلك لأنها تقدم للقاريء والناس ، شهادةً شخصيةً موثّقةً عن منطقةٍ عراقيةٍ في زمنٍ عائمٍ غائمٍ حتى اليوم ... " في زاخو تتداخلُ الحدودُ ، تتداخلُ المسافاتُ ، أحدُ الذين تعرّفتُ عليهم في مدينة أربيل ، وهو عضو قيادة الإعلام في الإتحاد الوطني ، شاهدتُه في مدينة زاخو . وللعلاقة القوية التي كانت بيننا ، اعترفَ بأنه الآن بصدد السفر إلى إسرائيل ، بعد أن وافقت الدولةُ العبريةُ على يهوديّته الجديدة . كان سعيداً ، وقال إنه تحرّرَ الآن من الإسلام إلى الأبد ... " تحت سماء الكلاب ص 23 * الحقائقُ التي يبْسِطُها أمامَنا ، صلاح صلاح ، تبدو أغربَ من الخيالِ ، لكنها حقائقُ أثبتَ الزمنُ صلادتَها . مثلاً : " أثناء خدمتي العسكرية في البصرة عام 1986 ، تعرفتُ على شخصٍ كرديّ من مدينة زاخو وتوطّدتْ علاقتي به. بعد سنواتٍ طويلةٍ التقيتُ هذا الشخص في زاخو عام 1996 . وعندما دار الحديثُ عن أجهزة البارستن ، قال لي ، وهو الذي له أخٌ قياديّ في جهاز الباراستن ، إن كريم سنجاري قائد هذا الجهاز تدرّبَ على إدارة هذا الجهاز في إسرائيل التي أشرفت هي بنفسها على تأسيس هذا الجهاز واختيار عناصره ، ومنهم مسعود البارازاني الرئيس الحالي للحزب الديمقراطي الكردستاني " . ص62 * ليس في " تحت سماء الكلاب " شخوصٌ روائيةٌ ، كما ألِفْنا ، عادةً ، في الروايات . لَكأن الحياةَ ذاتَها ، بكل ثرائها ، وعنفِها ، ودمويّتِها ، وبهائها ، تتبدّى لنا ، في بانوراما بالغةِ القسوةِ والوضوح : المناضلون العرب في أربيل الذين يسلِّمهم جهاز الباراستن البارزاني إلى جلاّدي صدّام حسين ، ليُعدَموا فوراً ، أو أولئك الذين يموتون تحت أنياب الكلاب وتعذيب المحققين الإسرائيليين في سجون الباراستن . رياض ابراهيم ، الشاعر ، الذي يذوي ، ليموت كمداً في زاخو ، وهو ينتظرُ عبوراً لن يتحقق ، إلى سوريا أو تركيا . والمحتالون من شذّاذ الآفاق ، وسماسرة السياسة ، الذين ينعمون برخاءٍ لا مثيل له في زمنٍ فاجرٍ تحت سماءِ الكلاب . * سلاماً عليك يا رياض ابراهيم . سلاماً أيها الوطن ونحن نفرُّ منك إلى المجهول الآخر . سلاماً يا جبالَ بَخير وشقلاوة. سلاماً لمكتبات الجوع المزمن والكتُبِ المصادَرة. البيشمركة ينتشرون على الطرقات . البيشمركة ينامون تحت كل المسمّيات . شعرتُ بالاختناق وأنا أقدمُ أوراقي لمكتب الحدود . أطفالي صامتون . ص 341 "تحت سماء الكلاب" * الحقّ أن الوضع الراهن في شماليّ العراق ، هذا الوضع الملتبس ، يحتاجُ إلى أكثر من وسيلةٍ لتحرّي جذوره ، ومتابعة نهاياته التي ستظل غامضةً إلى حينٍ . وأظنُّ " تحت سماء الكلاب " ستكون عوناً في هذا المسعى . تورنتو 15.05.2014
|
اخر تحديث الجمعة, 16 ماي/آيار 2014 00:30 |