مؤهَّلاً للريادة في أكثر من مَنْشَطٍ .
كانت تلك الفترةُ ، محتدَمَ جدلٍ ، في السياسة والثقافة ، واختيار الطريق الأمثل .
وعندما يحتدمُ الجدلُ ويحتَدُّ ، يولَدُ النقدُ .
إذْ لا نقدَ في الأدبِ ، إنْ لم يكن ثمّتَ نقدٌ في السياسة والنظرةِ العامّة إلى العالَم .
اليومَ ، باستثناء الأكاديميا العراقية ، وحالتِها الخاصّة ، يختفي النقدُ تماماً ، لأنّ جدل الخيارِ الأمثلِ ، أمسى خطَراً
وحظْراً .
من هنا احتفائي بالكتاب ، لأنّ فيه ما يُذَكِّر ( إنْ نفعت الذكرى ! ) .
*
يتناول سامي مهدي ، سبعة أسماء يرى أنها قدّمتْ جهداً قي الطريق إلى الحداثة : عبد الوهاب البياتي ، نازك الملائكة،
بلند الحيدري ، سعدي يوسف ، محمود البريكان ، حسين مردان ، صفاء الحيدري .
أمّا بدر شاكر السياب فقد أفردَ له مكانةً خاصّةً في كتابٍ سوف يصْدرُ .
*
لي أن أقول ( بل عليّ ) ، إن الأمانة والدقّة التي تحلّى الكاتبُ بهما ، نادرتان في زمنٍ يتعجّلُ فيه الناسُ المعنيّون بمتابعة هذه الظاهرة الثقافية أو تلك ، حتى لا يكاد المرءُ يثِقُ بما قيلَ أو استُنتِجَ .
ولقد فرحتُ ، حقّاً ، لمكانةٍ أُفْرِدَتْ في الكتاب ، للشاعر صفاء الحيدري . في أيّامنا ، أيام الفتوّة ، كنا نرى في صفاء الحيدري ، أمثولةً للحرية والتجديد ، والمسْلكِ اليومي للشاعر كما تصوّرْنا .
*
شخصيّاً ، أتوجّهُ إلى سامي مهدي ، بالتحية ...
لقد أرهقتُه ، بسببٍ من تقلُّبِ وجهي في المسار الشِعريّ ، حتى كلّفتُه خمسين صفحة من كتابه المرموق ، لكن الرجل تحلّى بصبرٍ نادرٍ ، حدَّ أنه رأى في مسيرتي الشِعرية ما يستحقُّ التقدير الاستثنائي :
أصبحت القاعدة الذهبية التي يعتمدها في كتابة شِعره هي : اللاقاعدة.فهو يُشَكِّلُ قصيدته بناءً على ما تلهمه به اللحظةُ الشِعرية ، وهو يفعل ذلك بحرية مطْلقة هي حرية الشاعر الواثق من نفسه والمطمئن إلى سلامة خطواته.
( الصفحة 256 )
لندن في 28/1/2014