أمضَيتُ ليلي أسمعُ المطرَ . المياهُ تدقُّ ألواحَ الزجاجِ . تكادُ تدخلُ . آهِ لو دخلتْ ! لقد غرقتْ شُجيراتُ الحديقةِ . والسناجبُ تختفي في الليل .ثَمَّ عواءُ ذئبٍ ! ربما ... لو كنتِ عندي لاكتفَيتُ بما تجودينَ : الدعابةِ والأغاني و الطفولةِ في الجنوبِ. فكيفَ أُمضي الليلَ ؟ أدري أنّ ألواحَ الزجاجِ ثخينةٌ . لن يدخلَ المطرُ المزمجر ُ؛ غيرَ أنكِ تدخلين !
* والريحُ ؟ كنتُ أرى الصنوبرَ مائلاً ، والكستناءَ الدّوحَ يَهدُرُ ، والسياجَ يكادُ يئنُّ. يا ما طوّحتْ بي الريحُ ! يا ما ورّطتْني في معاركَ لا أرى أفُقاً بها .يا ما انجرفتُ لأنني أهوى هواءَ الإنجراف ! الآنَ أشعرُ أن عُقدةَ محبِسي أمستْ تضيقُ ، وأن هذي الغرفةَ العليا بلندنَ ... طوفيَ المفتوحُ . هُبّي يا رياحُ ، وطَوِّحي بي في مهَبِّ البحرِ ... حيثُ الإنجراف ! * مَن يوقدُ النيرانَ في الليلِ ؟ النثيثُ ووافدُ الطّلِّ استباحا نارَ حطّابينَ مرتــعِدينَ برداً . لم يَعُدْ في الغابةِ السوداءِ حطّابونَ . لكني أرى النيرانَ تتّقدُ ! الظلامُ الـمُطْبِقُ انكسرَ. الحديقةُ أقبلَتْ . من أين تلكَ النارُ ؟ أهيَ قواربُ السكنى؟ اليراعاتُ المضيئةُ ؟ أهْـيَ ما أذكتْ قِلادتُكِ الطويلةُ مثلَ جِيدِكِ ؟ لستُ أهذي ... أنتِ واقفةٌ هنالك في الحديقةِ. أنتِ ناري ! * قد كنتُ ألتهمُ الترابَ . الطفلُ يلتهمُ الترابَ . ملاعقٌ ذهبٌ ترابُكَ أيها الطفلُ الفقيرُ. فما تقولُ الآنَ ؟ أنتَ هنا ، كأنك لم تغادرْ أغنياتِ أبي الخصيبِ ! ترابُكَ الـتِـبْـرُ الـمُـعَـفّـرُ بالروائحِ من أعالي النخلِ ، والسمكِ الـمُـهاجرِ في الربيعِ. أتبصرُ الفجرَ ؟ انتبِهْ ! هي ساحةُ المبنى وقد غُسِلَت ، طويلاً ، بالنثيثِ ووافدِ الطلِّ .المماشي لا ترابَ بها ... وداعاً ! لندن 17.10.2012
|