سعدي يوسف آنَ التقيتُ عالية ممدوح في باريس ، مصادفةً ، وعلى غيرِ موعدٍ ، قالت لي بدون مقدّماتٍ . ارفعْ رأسك ! إن لم ترفعْ رأسك الآن ، فلسوف تنحني غداً ! قلتُ : رأيُكِ سليمٌ تماماً ، لكنّ عليّ أن أجد وسيلةً ! فكّرتُ ، وتفكّرتُ ، وأرهقتُ نفسي بحثاً عن وسيلةٍ تحفظني رافعَ الرأسِ ، منتصبَ القامةِ . أخيراً ، قلتُ لعالية : وجدتُها! تساءلتْ : أوجدتَها حقّاً ؟ قلتُ : وجدتُها وربِّ الكعبةِ !
* الأمرُ بسيطٌ : عليّ أن أقلِّدَ العقيد معمر القذافي . أن أرخي قلنسوتي إرخاءً على عينيّ ، لتمتنع عليّ الرؤيةُ إنْ لم أرفعْ رأســي . عليَ أن أرفعَ رأسي لأرى ! هكذا ، سأسيرُ منتصبَ القامةِ واثقَ الخطوةِ ، أمشي ملكاً ! * أوّل تطبيقي كان في جادة الشانزليزيه . كان نثيثٌ من مطرٍ خفيفٍ . والباريسيّاتُ لم يفتحنَ مظلاّتهنّ بَعدُ . قلنسوتي مرخاةٌ على جبهتي ، وعليّ أن أرفعَ رأسي لأرى ما حولي ، ومَن حولي : الباريسيّات بخاصّــة! كنتُ أمشي منتصبَ القامةِ ، رافعَ الرأس ، وإنْ وجدتُ صعوبةً أوّليّةً في التلاؤمِ مع المُعطى الجديد. * أنا مَدِينٌ للعقيد ! حاولَ الرجلُ أن يظلّ منتصبَ القامةِ ، فوجدَ الوسيلةَ الـمُـــثلى في إرخاء قلنسوته العسكرية . ليته بحثَ عن وسائلَ أجدى لنفسه ولشعبه كي يظل منتصبَ القامةِ مع شعبٍ حُرٍّ ! لكن الغرب الاستعماريّ لن يغفرَ للعقيد حتى رفعةَ الرأسِ المصطنَعة تلك ! الغربُ الاستعماريّ يسحقُ هذه الأمّةَ المنكودة بالقنابل والقنادر ... حتى الدانيمارك أرسلتْ طائراتِها لتهدمَ طرابلس على رؤوسِ أهلِها والعقيدُ القذّافي واحدٌ من أبناء هذه الأمّة . * سأظلُّ مَديناً للرجلِ برفعة الرأس وانتصابِ القامةِ ! باريس 08.09.2011
|