ســــفيـنـــةُ الأشــباحِ |
|
|
مسـرحيّةٌ في فصلٍ واحدٍ الأشخاص : نوريّة ( صاحبة الحانة ) نوري ( بحّارٌ متقاعدٌ ) القبطان غوري ( صوتٌ فقط ) المكان : حانةٌ على البحر. الديكور: طاولتان وأربعة كراسي من الجريد أو الخيزران. يُستعمَل الخيشُ للستائر وسواها ، والقصب أيضاً. ( نوريّة خلف البار ، جالسة على كرسيّ عالٍ . يظهر نصفُها الأعلى فقط ) نوري ( يدخل ) : يا مساءَ الذهب ! نورية ( تقف ) : مَن ؟ نوري ؟ ( تقبِّلُه على خدِّه ): قالوا إنك مفقودٌ ... نوري ( مع ضحكةٍ خفيفةٍ ) : أنا ؟ هل سمعتِ بشمسٍ فُقِدَتْ في أحد الأيامِ ؟ نورية( مداعبة ): الشمسُ مفقودةٌ دائماً في الليلِ يا نوري ! هل تشربُ شيئاً ؟ نوري : قهوةٌ سوداء. نورية ( ضاحكة ) : ماذا جرى ؟ قهوة سوداءُ هكذا ،مرّةً واحدةً ؟ نوري ( كالمعتذر ) : أسمَـعوني كلاماً كثيراً عن الأكبادِ ، يا نوريّة ... نورية : لكنك لم تشربْ من ماء النيل ! أنت تشربُ من عروقِ العنبِ ! سأحضرُ لك ألذَّ قهوةٍ سوداءَ في العالَم... ( تذهب خلف البار ) نوري : أفضّـلُ القهوةَ مُرّةً . نورية ( تأتي بالقهوةِ ) : هل تعوّدتَ على المرارةِ ؟ نوري( يجلس على الطاولة الأقرب من البار ليحتسي قهوتَه ) : عوّدوني . مَن يريدُ المرارةَ ؟ نورية: والآن ؟ ما قصةُ سفينةِ الأشباحِ ؟ نوري : هل تقصدين السفينة " نوح 2 " التي غرِقَتْ ؟ نورية : نعم . تلك السفينة التي قيلَ إنكَ غرقتَ معها ... نوري : مَن أخبرَكِ أني غرقتُ ؟ نورية : القبطان غوري . جاء إلى هنا قبلَ شهرٍ تقريباً . أفرغَ قنّينةَ فودكا كاملةً ... و بدأَ يثرثرُ ! ( يُسمَعُ صوتُ رعدٍ خفيفٍ مع مطرٍ منهمرٍ ) القبطان غوري ( صوت فقط ) : قنّينةُ فودكا واحدةٌ لا تحلُّ عُقدةَ لساني ... أنا لم أكن أثرثرُ . السفينة " نوح 2 " غرقتْ فعلاً ... نورية( نصفُ فزِعـةٍ ) : نوري !أتسمعُ ؟ أهو القبطان غوري يتكلم ؟ أرجوكَ . أخبِرْني ! نوري ( في هدوءٍ كاملٍ ) : نعم . صوتُه . الصوتُ النذلُ . القبطان غوري ( صوتٌ عميقٌ ) : النذلُ مَن استغابَ . نوري ( هادئاً ) : النذلُ مَن غابَ . لماذا هجرتَ السفينةَ ؟ لماذا تركتَها للريحِ والأنواءِ ؟ ألستَ القبطانَ ؟ القبطان غوري : عرفتُ أن السفينةَ متهالكةٌ ، وأنها لن تكملَ الرِّحلةَ . نوري ( مستنكِراً ) : لكننا بحّارتُها . كنا قادرينَ على إصلاحِ العطبِ . غيرَ أنّ " نوح 2 " تظلُّ بحاجةٍ إلى قبطانٍ . قبطانٍ يستدلُّ في الليلِ البهيمِ . القبطان غوري : كلامٌ فارغٌ . أي ّ نجومٍ هذه ؟ السفنُ ، اليومَ ، تهتدي بالساتيلايت . وأيّ بحّارةٍ ؟ كنتم عُصبَةَ سكارى ، وأوباشٍ ، ومقامرينَ على نسائكم . أردتُ أن أنظِّفَ العالَمَ منكم ، ومن سفينتكم المنهَكة. نوري ( يضربُ الطاولةَ بفنجان القهوة ): هذا الكلامُ يلفُّ حبلَ المشنقةِ حولَ رقبتِكَ السمينةِ ... القبطان غوري ( يقهقه ) : هل قهوتُكَ قهوةٌ خالصةٌ ؟ وللمناسَبةِ . نعم . أنا قلتُ لنوريةَ إنكَ مفقودٌ ... بحّارةُ " نوح 2 "جميعاً يُعتبَرون مفقودين. القبطان غوري لا يكذبُ ! نورية ( موجهةً كلامَها إلى نوري وهي جالسةٌ خلفَ البار ) : أنتَ المفقودُ ، الموجودُ ، يا حبيبي يا نوري ... أتريدُ قهوةً ثانيةً؟
القبطان غوري ( متعتَع الصوتِ ): افتحي له قنّينةَ فودكا على حسابي ... نوري : هديةُ الخائنِ مسمومةٌ . القبطان غوري : أنا الآن في كاليفورنيا ، يا مسكين ! نوري ( يخاطب نورية ) :أسمعتِ يا نورية ؟ لقد أغرقَ سفينتَنا " نوح 2 " ليكونَ في كاليفورنيا ... نورية : أتقصدُ أنهم اشترَوهُ ؟ اشترَوه بالمالِ ؟ القبطان غوري : الآنَ أُسدِلُ الستارَ عليكما أنتما الإثنين ... أسدلُ الستارَ عليكم جميعاً ... ( ينقطع الرعدُ الخفيفُ والمطر ) نورية : اذهبْ إلى جحيمِكَ ... ( تخرج من وراءِ البار ، وتجلسُ إلى طاولةِ نوري ) ســـتـــــار كُتِبتْ في برلين بتاريخ 12.06.2010
|