"نابل “ في الشتاء تتجمّعُ الأمطارُ في كانون طولَ العامِ تنتظرُ المدينةُ قطرةً ، وتَئِنُّ . يبدو الـمَرْجُ بُنِّـيّـاً وأزرقَ في المساءِ . وفي المساجدِ سوف تَستسقي الصلاةُ الـنَوءَ . هل تأتي إلينا القيروانُ ثقيلةً بالقَحْطِ والتاريخِ ؟ نحنُ هنا السواحلُ ، عِرْقُنا ذَهبٌ : أغارقةٌ ، ورومانٌ ، أمازيغٌ ... هنا ، في المعبدِ المنهارِ ، في ليلِ اليراعاتِ الـمُضيءِ ، نقومُ : حوريّاتُنا يضحكنَ في الـحَـمّامِ ، يستعجِلْننا . تتجمّعُ الأمطارُ في كانون ... في الكورنيشِ ، صيّادونَ لم يَحْنوا الجباهَ لسطوةِ الأنواءِ ، بضعةُ فِـتْـيَةٍ تــاهوا مع الفتَياتِ . في الكورنيشِ ذكرى أو رسائلُ . كان كِشْكُ مثلّجاتٍ يحتمي بالريحِ . سوف نكون ، في مَغْنىً ، هنا ! " الروتوندُ " ماثلةٌ ، هي الكورنيشُ والبحرُ ، الـمَقامُ بلا وَلِيٍّ ، والولايةُ دونَ والٍ . إنّ " نابلَ " تحتمي بالبحرِ ، " نابلُ " تدفعُ الصحراءَ عنها ، والأذى ... تتجمّعُ الأمطارُ في كانون ... كان السوقُ مفتوحاً ، وكان المطعمُ الشعبيُّ ( لَبلابي وصحنٌ تونسيٌّ ) مقفراً . هيَ جَوعةُ الزرزورِ . لا سوّاحَ . لا أشباحَ . أحياناً يوَدُّ الـمـرءُ أن يُصغي إلى ما ليسَ يُسمَعُ .... هل صليحةُ ههنا ؟ سأسيرُ في السوقِ . الدكاكينُ الصغيرةُ مثقلاتٌ . قالَ لي ولدٌ يُرَبِّي لحيةً : إن البضائعَ كاسداتٌ . لا زبائنَ . " نابلٌ " ، كالنسوةِ الإغريقِ ، تهجعُ بانتظارِ البحرِ ... مَنْ يأتي غداً ؟
تتجمّعُ الأمطارُ في كانون ...
لندن 06.01.2008 ·نابل ( نيابوليس الإغريقية ) مرفأٌ تونسيّ على الرأس الطيّب .
|