كم قلتُ لكِ : الليلةَ لاتأتي ... أنا مَرمِيٌّ في أسفلِ بئرِ السُّـلَّـمِ . كم حاولتُ ( الأمرُ لعِدّةِ ساعاتٍ ) أن أخطو ، حتى أُولَى خُطُواتي ، لكني احسستُ بأني ملزوقٌ ، أني مخلوقٌ من سالفِ أيامِ الخَلْقِ ، بلا قدمَينِ ... أنا الزاحفُ . لا يمكنني أن أزحفَ . لستُ التمساحَ ، ولا يمكنني أن أسعى ، لستُ الحيّــةَ . مرميٌّ في أسفلِ بئرِ السلَّــمِ . أسمعُ من حيثُ انا ، المطرَ الـمُسّــاقِطَ ، أسمعُ بين الغفْلةِ والأخرى طيراً ليليّــاً هل أنا أسمعُ صوتي ؟ كم قلتُ لكِ : الليلةَ لاتأتي ... سيكون فراشــي خشباً بمساميرَ . الغابةُ في ما يبدو خلفَ بُحيرةِ قارونَ تعالتْ في شِبْهِ تهاويلَ .. نباتٍ يُسْــمى شجراً ، لكنّ الأغصانَ تُدَلِّــي أذرعةً ورؤوســاً . لن يأتي الطيرُ ، ولن أشهدَ أغنيةَ السنجابِ على العشبِ . الساحةُ مقفرةٌ منذ سنينَ ... قرونٍ ؟ قد كنتُ رأيتُ ، ولكنْ قبلَ سَبِعْمائةٍ ، ما أوشكَ أن يغدو مَرْكَــبةً لفضائيينَ . بساطاً للآتي . لكني الآنَ سجينٌ في بئر السلَّمِ هل أنا أسمعُ صوتي ؟ كم قلتُ لكِ : الليلةَ لا تأتي ... هل يتفكّرُ مَن في بئرِ السـّلـمِ ؟ أعني ما معنى أن يتفكّــرَ مَن في بئرِ الســلّـمِ ؟ في الساحةِ يحتشدُ المحتفلونَ . وثمّتَ أضواءٌ وتهاليلُ . نبيذٌ يُمْــتَحُ من بئرٍ . كانت شمسٌ ذاتُ وَقودٍ ذَرّيٍّ تتألّقُ في الساحةِ . ما معنى أن أتذكّرَ ، ضبطاً في هذي اللحظةِ ، أنّ العقعقَ أبيضُ / أسْـودُ ؟ أن الســلَّمَ يُمْكِنُ أن يُرقَى ، أنّ بلاداً كالبصرةِ يمْكنُ أن تُمْحَى في لحَظاتٍ ، أنّ عراقاًما لم يكُنِ ، البتّةَ ، بيتي ... هل أنا أسمعُ صوتي ؟ كم قلتُ لكِ : الليلةَ لا تأتي !
لندن 18.01. 2008
|