مرت عليه سبعة أيام، و هو لا يكتبُ. كان يقرأُ حتي توجعه
عيناهُ. يتمشى ظهراً في الحديقةِ.
و ليلاً... يتمشى على رمالِ وهرانَ البحريةِ.
قالت له صديقتهُ: إنك لم تنمْ منذ ستةِ أيامٍ.
قال لها: لم يبقَ من الأصدقاءِ غيرُكِ
إنه- على أيّ حالً- شخصُ غيرُ متزنٍ، و إن بدى شديدَ الهدوءِ.
و لأنهُ غيرُ متزنٍ، و لأنه مشتتُ الذهنِ، و لأنه لم ينم منذ ستةِ
أيام... لم يستطع أن يكتبَ قصيدةً. إلا أنه دوّن هذهِ الملحوظات
خَشيةَ أن ينساها:
ملحوظات
* لا تقلبْ سترتَكَ الأولى حتى لو بَلِيَتْ.
* فَلْتبحثْ بين ترابِ الوطنِ الغالبِ عن خاتمكَ المغلوبْ.
* لا تسكنْ في كلماتِ المنفى حين يضيقُ البيتْ.
* لا تأكلْ لحمَ عدوُ.
* لا تشربّ ماءَ جبينْ.
* لا تنهشْ رائحةَ مَن يُطعمكَ الأزهارْ.
* للضيفِ الدارُ، ولكنْ ليس له أهلُ الدارْ.
* مَنْ يسأل يُعْطَ... سوى الحبّ.
* في الشيخوخةِ قد يبدو الشعرُ الأبيضُ أسودْ.
* يتبدئُ الخائنُ بالمرأةْ.
حسناً ها هو الأخضر ُ بنُ يوسفَ أمام مَهَمَّةٍ أكثرَ تعقيداً مما كان يظنٌ
صحيح أنه يكتبُ القصيدةَ يفكر مليا بمصيرها ...إلاّ
أنَّ الكتابةَ تصبحُ يسيرةً عندما يستطيعُ التركيزَ على شيٍْ، لحظةٍ،
رجفةٍ، ورقةِ عشبٍ ...
أم الآن فهو أمامَ وصايا عشرٍ. لا يدري أيَّها يختار...
و الأهم َّ من هذا كلهِ: كيف يبتدىِءُ؟
النهاياتُ مفتوحةٌ دائماً، و البداياتُ مغلقةُ.
______________________________
كيف كتب الأخضر بن يوسف قصيدته الجديدة - شعر - سعدي يوسف
الناشر: دار الآداب - بيروت
الطبعة: الأولى 1978
|