هــارْلِــمْ ، حيثُ لا جازَ ... |
|
|
في زيارةٍ للولايات المتحدة الأميركية ، قرّرتُ أن تكون نيويورك ، مضطرَبي الوحيد . لن أذهب إلى ولايةٍ أخرى. وهكذا كان. تكرَّمَ علَيَّ ، سنان أنطون ، مشكوراً ، بشقّته الجامعية التي تواجه مكتبة جامعة نيويورك ، والتي تكاد تلاصق ســاحةَ" واشنطن سكوَير" الشهيرة ، حيث ينتصب غاريبالدي مع سيفه ! أمضيتُ شهراً كاملاً في تلك الشقّة. كانت معي أندريا. إلاّ أنني كنتُ حريصاً على التفرُّسِ في تجاعيدِ المدينة العظيمةِ بطريقتي الخاصّة. هكذا كنت أنطلقُ في الصباح الباكر مع دفترٍ صغيرٍ ، لأشهدَ المدينةَ تستيقظ ، الذين بلا مأوى يستيقظون من نوم الحدائق. المسافرون المبكِّرون يغادرون محطة المترو في " يونيون سكوَير" ، والمقاهي تفتح أبوابَها. في تلك الساعة تكون نيويورك كأبهى ما تكون. * في أحد الأيام ذهبت إلى هارلِم. حيّ الســود المعروف. لا أدري كيف شبّهتُ الحيَّ بمدينة الثورة في بغداد ! الشوارع محفَّرةٌ . البيوتُ تكاد تتداعى . وبين كل ثلاثة بيوتٍ أو أربعةٍ ، كنيســةٌ ذاتُ اســمٍ. ليس في هارلِم مطاعم. أرهقْنا نفسَينا ، أنا وأندريا ، سَيراً وسؤالاً ، حتى عثرنا على مطعمٍ متواضعٍ يقدمُ نبيذاً رديئاً وطعاماً مقبولاً. كنا نسألُ هنا ، وهناك عن زاويةٍ للجازِ. عن مكانٍ لمؤلِّفي الجازِ الصاعدين. لا شــيء. أخيراً ، قال لنا رجلٌ : عليكما المجيء يومَ الأحدِ إلى الكنيسة الفلانية ، حيثُ يقَـدَّمُ جازٌ روحيّ ! Spiritual Jazz لكنني لم آتِ هذه المدينةَ لأستمع إلى الجاز في كنيسةٍ ... كان علينا أن نبحثَ عن زاوية الجازِ في القرية التي نحن فيها، قرية غرِنِتش . لا جازَ في هارلِم.
|