رباعيّــةُ الضوءِ البعيـــدِ طباعة

                        (1)

ضوءٌ بعيدٌ بين أغصانٍ مُعَرّاةٍ  ... أرى من فُرجةٍ في منتهى الصِّغَرِ
انثَنَتْ وسطَ الستارةِ ، لَمْحَ ذاك الضوءِ . كان الليلُ يَـنـتصفُ .
الحديقةُ تختفي.أشباحُها الأغصانُ عاريةً . أُحِسُّ على ذراعي لَسْعةً.
أتكونُ من بردٍ ، أم الأشباحُ وهيَ تَنوسُ تُرعبُني ؟ أَم الضوءُ البعيد؟

                          (2)

مُحَدِّقاً في عَتمةِ الزمنِ .انتبهتُ ... أكانَ  ذاك الضوءُ يأتي من زمانٍ
سالفٍ ؟ من نقطةٍ فُـقِئَتْ على إحدى الـمَجـرّاتِ ؟ الحـديقةُ
لا ضياءَ بها . وفي الـبُعْدِ البحيرةُ لاءمَتْ أمواهَها في البردِ والتمّتْ.
أصيّادون ؟ هل ذئبٌ يُقَضْقِضُ عُـصْـلَـهُ؟ أم أنني أتوهَّـمُ الأشياء؟

                        (3)

لكنّ هذا الضوءَ يأتي . بل أكادُ الآنَ ألْـمُـسُــه .يكادُ الضوءُ
يلسَعُ عينيَ الـيُســرى.أغادرُ فَرْشَــتي ، وأُطِلُّ بين ستارتَينِ.
الضوءُ غَـمّــازٌ ، وتلك الدوحةُ الجرداءُ تُفْسِحُ مَنفَذاً .أحسستُ
أنّ زجاجَ نافذتي الـمُضاعَفَ صارَ فضّـيّـاً ، وأني في  الـمَـدار.

                       (4)

يا مرحباً !
يا مرحباً بكَ ، أيها الضوءُ البعيدُ ، شقيقُ روحي !
مرحباً !
والآنَ أتبَعُكَ ...
السبيلُ إليك أنتَ.
النورُ يجعلُني خفيفاً ، طائراً
والنورُ يجعلُني شفيفاً .
................
................
................
لحظةً ، وأكونُ خارج بُرجيَ الـحَجريّ .
سوف أكونُ أنت!

لندن 19.11.2010