كيف انتهيتُ إلى تلك الشقّـةِ ... |
|
كان الصيف البرلينيّ رائقاً. شمسٌ ناعمةٌ.شجرٌ مخضلٌّ بندى الليل.فتياتٌ أشباهُ عرايا. مقاهٍ مزدحمةٌ دوماً. وأكشاك مآكلَ ألمانيّةٍ تقليدية ، و "شاورمة" تركيّة. كنت أعرف العنوان. الشقة قريبةٌ من ألكسندر بلاسّــه ، وليست بعيدةً عن " سوق آسيا " المتخصص ببيع المواد الغذائية الصينية. أقرأُ الأسماءَ على لوحة أجراسِ الساكنين. اسمُها بين الأسماء. أضغطُ على الجرس. تنفتح بوّابةُ المبنى. أدخلُ . أقطعُ مدخلاً غيرَ طويلٍ. أجدُني عند الباب الخلفيّ لمطعمٍ تايلانديّ. أحدُ العمّالِ كان يتناول وجبةَ الظهرِ هناك. الوجبة ( المجانية افتراضاً ) متواضعةٌ جداً. أنا الآنَ عند بوّابةٍ ثانيةٍ من الحديد الثقيل تنفتحُ على سلالم . شقّة ديزي في الطابق الأعلى.الصعودُ مرهِقٌ ، ربّما لأني ارتقَيتُ الدّرْجاتِ متلهِّفاً. كان بابُ الشقّةِ مفتوحاً و ديزي واقفةٌ بالباب ، تبتسمُ ابتسامةً شبه ماكرةٍ: استدللْتَ ، إذاً ؟ * لن يضيعَ مَن يقصدكِ ! - كانت الشقّة تطلّ على ساحة ألكسندر بلاسّـه ، لكنهم بنَوا هذا الفندقَ البشع فحجبَ الساحةَ. الشقة بدتْ لي أصغرَ شقّةٍ رأيتُ في حياتي. غُرَيفةٌ واحدةٌ فيها زاويةٌ للطبخ ، وثلاجةٌ صغيرة. نافذةٌ واحدة. عند البابِ مرافقُ صحيّة ، ومَرَشّ استحمام. لديّ عقدةُ الضيقِ بالمكان الضيِّق ( كلوستروفوبيا ). قلتُ : لنخرجْ ! قالت: إلى أين؟ أجبتُ : إلى المدينةِ . إلى أي مكانٍ . دعينا نتناولُ الغداءَ معاً. * خرجنا من المبنى. ورحنا نتجوّلُ ، بلا مقصدٍ . أنا مع ديزي للمرة الأولى في برلين . كنتُ رأيتُها في لندن مرّتَين ، مصادفةً . لم تكن بيننا علاقةٌ. على أي حالٍ . دخلنا مطعماً في حيّ شعبيّ ببرلين الشرقية التي أطمئِنُّ إليها . طلبنا "شْـنِتْسِـلْ" ، وشــربنا زجاجةً كاملة من نبيذٍ أحمرَ ثقيل. عُدنا إلى الشقّةِ ، لنرقدَ متعانقَينِ حتى انتصفَ الليلُ !
|