الـمِـيــراث طباعة

في أواخر الثمانينيّاتِ ، أطَلَّ على المجموعة العراقية الصغيرة في قبرص " نيقوسيا " ، وكلُّها تحت خيمةٍ فلسطينيةٍ ، شخصٌ غريبٌ . شابٌّ يحملُ جوازَ سفرٍ أميركيّاً ، ويتخذُ السوادَ لباساً ، ويحمل أوراقَ رســمِهِ في حلِّـه وترحالِه .
هذا الشاّب  اسمه :
هيثم عبد الجبّار عبد الله
ليس من عراقيّ يخطئ في تشخيصِ الشابّ .
إنه ابنُ عبد الجبار عبد الله ، عالم الفيزياء الشهير ، أوّل عميدٍ للجامعة الوطنية، جامعة بغداد ، بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
كان هيثم يريد أن يطلَّ علينا ، نحن عراقيّي المنفى القبرصيّ . لم نحْسِن وفادتَه كعادتِنا . تحرير السماوي وحدَها اهتمّتْ به ، كما يليق.
التقيتُ هيثماً أكثرَ من مرّةٍ.
ثم رحلَ هيثم عنّا ، عائداً إلى نيويورك حيث يقيم.
في أحد الأيام أعطاني صديقٌ كان هناك، تخطيطاتِ بورتريه لي ، من عمل هيثم.
احتفظتُ بالتخطيطات.
*
قبل سنين أتيحتْ لي فرصة زيارة نيويورك . سألتُ تحرير السماوي( المرحومة) إن كانت لا تزال على اتصالٍ بهيثم . نعم . وأعطتْني رقم هاتفِه هناك.
أخذتُ تخطيطاتِه معي. ربّما أرادَ الاحتفاظ بها .
هاتَـفـتُـُه.
التقَينا في " القرية" على كأسَي بيرة.
فرِحَ برؤية التخطيطاتِ ، لكنه  آثَرَ  أن أحتفظَ بها ، أنا .
وماذا تفعلُ يا هيثم ، هنا ؟
قال: أنا أعملُ في متحف الميتروبوليتان !
أخبرتُه أنني زرتُ المتحفَ ، وأريدُ أن أذهبَ إلى متحف الفن الحديث " الموم" اختصاراً.
قال: سأرتِّبُ زيارةً خاصّةً لكما  ( كنتُ مع أندريا،  آنذاك ، وهي رسّامةٌ محترفةٌ ).
وقد صدَقَ حُرٌّ ما وعَدَ.

الحـقَّ أقولُ
إنّ هيثم عبد الجبّار عبد الله
تلقّى ميراثاً صعباً ثقيلاً
وعليه أن ينهضَ به ...
النجمُ الـمندائيّ ليس لُعبـةً يُتَـلَهّـى بها
وهيثم يعرف ذلك.

*

 في " المتروبوليتان "
وفي الجامـعـة ...
وفي مَظهرِهِ الزِّمِّـيتِ
يفعلُ ما يريدُ.
يفعل ما يرى أننا نريدُ.
ولم يخطئ .
لم يخطئ ، البتّـةَ

Image  

تخطيطات هيثم القبرصيّة

أحوالُ الكائنِ في مستوطنةٍ إغريقيّةٍ بالمتوسِّط

اخر تحديث الخميس, 23 دجنبر/كانون أول 2010 21:57