كلّما حللتُ ببرلين زائراً ، التقيتُ مؤيّداً . أنا حريصٌ على الأمر ، لأن في لقاء الرجل تجديدَ صداقةٍ ، واستمتاعاً بأحاديث ، ومقاربةَ دعابةٍ . السبت الماضي أمضيتُ معه أربع ساعاتٍ . التقَينا في منطقة ببرلين الشرقية ليست بعيدةً عن محطة مترو " وارشــو " ، منطقةٍ للمقاهي والمطاعم ، وأهلِ الفنّ . كان الناس يتابعون كرة القدم . أمّا نحن ، الأثنين ، فلم نكن مسَمَّرَينِ إلى شاشة التلفزيون العريضة جداً . كان حديثنا مختلفاً. مؤيد الراوي يتساءل عن " أيّوبيّات " بدر شاكر السياب . أتحملُ معنىً دينيّاً ؟ هل المعنى الدينيّ في نصوص بدر الأخيرة مقصورٌ على فترة المرض ، أم أن له تاريخاً أسبقَ في نصوصه؟ يقارن مؤيد بين بدر وناظم حكمت ، وكيف أن ناظم حكمت ظلَّ قويّاً حتى النهاية ، بينما كانت الرياح ، حتى الخفيفة منها ، تتقاذفُ بدراً . يبدو أن المسألة ذاتُ إلحاحٍ . ما السبب؟ مؤيد الآن يعاني من وطأة السّكّريّ. بدأ بصرُه يَكِلُّ . ومشيتُه تضعُفُ . صارت الكتابةُ عسيرةً ، بل شبه مستحيلة . اقترحتُ عليه أن يملي على فخرية البرزنجي ، رفيقةِ حياته . قال : لا أستطيع . يجب أن أكتب ! * لمؤيد الراوي فضلُ وضعِ قصيدة النثر ، في وقتٍ مبكرٍ ، على المسارِ الجادّ ، مع ديوانه المرموق " احتمالات الوضوح " الصادر في العام 1974 . لا أحدَ يعود إلى هذه المعلومة. " شعراء" المكتب الثاني للجيش ، حوّلوا الأمرَ ( أعني أمرَ قصيدة النثر ) إلى مهزلة عامّــة مُـعَـمّـمـةٍ . برلين 13.07.2010
|