الشيوعيّ الأخير يعودُ من الشــاطيء طباعة

كان الشيوعيُّ الأخيرُ يدورُ بينَ محطّةِ الباصاتِ والمقهى الصباحيّ ...
النوارسُ  لا تزالُ تدورُ زاعقةً فُوَيقَ الناسِ والطُّرُقاتِ والـحِصْـنِ القديمِ ،
و لا تزالُ صَبيّـةُ المقهى تُعَـدِّلُ شَعرَها المنفوشَ ليلاً ؛
- يا صباحَ الخيرِ !
   لم أعرفْ بأنكَ ههنا ...
· قد جئتُ أمسِ ، لكي أعودَ اليومَ !
- قُلْ لي : أيُّ شيطانٍ قد استدعاكَ ؟
يأتي الناسُ كي يستمتعوا بالبحرِ والرملِ الدفيءِ ؛ وأنت تعودُ كالمجنونِ؟
· ليس الأمرُ هذا ...
قصّتي كانت مفاتيحي !
.........................
.........................
.........................
أتعرف؟ كنتُ بعدَ شتائنا القاسي وقضقضةِ العظامِ
أُحِسُّ بلهفةٍ للبحرِ . كنتُ أريدُ أن أُلقي بأتعابي وأثوابي
على رملِ الشواطيءِ ... نحن ملاّحونَ في المعمورةِ !
البحرُ المحيطُ يُـتِـمُّ رِحْلتَنا ويَبدؤها . أتحسَبُني تركتُ
البحرَ والرملَ الدفيءَ وفتنةَ الأجسادِ مختاراً ؟ كأنك يا صديقي
لستَ تعرفُني !
ألم أُخبِرْكَ ؟ ليس الأمرُ هذا . قصّتي كانت مفاتيحي .
أتيتُ إلى المدينةِ ، ( ولْـتَـكُـنْ Eastbourne  ) .
واستأجرتُ غرفةَ منزلٍ . ومشَيتُ نحوَ الشاطيءِ . الأمواجُ
كانت كالجبالِ . وثَـمَّ ريحٌ صَـرصَـرٌ . والناسُ يرتعدون من برْدٍ
عرايا . فتنةُ الأجسادِ قد ذهبتْ مع الريحِ ! انتظرتُ دقائـقَ ...
الموجُ العنيفُ يُرَشـرِشُ الممشى . ويَبلغُ أوّلَ المقهى . إذاً ، هل
أرتمي في الماءِ  ، أم أرتدُّ نحـوَ غُرَيفَتي بالمنزلِ ؟ استجمعتُ
بُقْـيا من حماقاتِ الصِّـبا ، وهبطتُ ، مثلَ قذيفةٍ في الماءِ .
*
هل كنتَ تدري أنني متمرِّسٌ بالغوصِ ؟ ذاكَ الصبحَ في
إيستبورنَ ، غُصْتُ إلى قرارِ البحرِ . كان القاعُ أصلعَ . لا نباتَ
و لا قواقعَ فيهِ . والأسماكُ قد رحلَتْ إلى بحرِ الشمالِ ...
الكهرمانُ هناكَ. والمرجانُ ينبتُ في الجنوبِ . وهكذا قرّرتُ
أن أعلو إلى حيثُ المقاهي والملاهي والهواءُ . لقد أطْلَلْتُ ...
أدركتُ الحقيقةَ . ليس في القاعِ العجيبِ سوايَ . سـوفَ
أقولُ للناسِ ، الحقيقةَ . سوف أرفعُ في مقاهي البلدةِ البحريّةِ
الأنخابَ. سوف أقولُ : مرحىً للشيوعيّ الأخيرِ ! ومرحباً
بفضيحةِ الأسماءِ والأشياءِ ...
مَجْدُكَ أن تغوصَ إلى قرارِ البحرِ
مجدُكَ أن تقول !
*
والآنَ تسألُني عن المفتاحِ ؟
سوف أقولُ شيئاً مضحكاً :
ضاعتْ مفاتيحي بقاعِ البحرِ ...
لكني أُخَـبِّـيءُ نسخةً أخرى بلَبلابِ الحديقةْ !

لندن 04.06.2006