اليوم الأول ربما كنتُ أنـفِضُ عن هــُدْبيَ الثلجَ . كان البياضُ العميمُ يساوي السماواتِ والأرضَ . والنبْتَ والـخـَبْتَ . ما كنتُ أقدِرُ أن أتـمَـيّزَ فارعـةَ الدُّلْبِ عن دوحةِ الكســتناءِ . الطريقُ التي كنتُ أعرفُ لم تــَعـُدِ اليومَ تـلكَ الطريقَ . المدى الأبيضُ امتدَّ وامتَدَّ حتى توارتْ تضاريسُ قريتِنا . قيلَ إن الثعالبَ قد تظهر الآنَ ، إن قـــطيعَ الذئابِ على عَتْبةِ البابِ . أرهفْتُ ســمعيَ : وووووووووووو . وأرهفتُ سمعيَ : ووووووووووو. سوف أُوقِدُ ناري إذا عسْعَسَ الليلُ . بابي حديدٌ . وفُـوَّهةُ البندقيةِ حِصْني الحصين . اليوم الثاني لم يـَجـِئْنا قطيعُ الذئابِ . الرجـالُ يقولون إن الذئـابَ التي أتْـخَمَـتْها خرافُ المـراعي ستذهب نحو الكهوفِ القريبةِ . قـد تسألينَ : وأيـّانَ تأتي إلينا ؟ أقولُ لكِ الــحَقَّ : إني أراها هنا الآنَ . إني أراها هنا تخْمِشُ البابَ . هل تسمعين صـــريرَ المخالبِ فوقَ الـحديد؟ وقضقضةَ الـعُصْـلِ ... تلكَ النيوبَ التي سوف تنهشُ طفلاً لنا ، أوّلاً ، قبلَ أن تـــغتذي لحمَــنا الـمُـرَّ ؟ لا تسألي ، واهدأي . هَيِّـئي الخبزَ والماءَ والتينَ . أغطيةَ الصـــوفِ . صفَّ الرصاصِ . الضِّمادَ . الذئابُ التي تخمشُ البابَ لن تدخلَ البيتَ . حتى لو استعرَتْ بالجنون. اليوم الثالث أيُّ طَرْقٍ على البابِ ؟ أعرفُ أنّ المخالبَ تخمشُ ... لكنني أسمعُ الطَّرْقَ يشتدُّ ، حتى كأنّ المطارقَ تنهالُ . أسمعُ ما يجعلُ القلبَ يرجِفُ . هذا هديرُ الرجالِ الأُلى استذأبوا ، لا عواءُ الذئابِ . اقفِزي أنتِ يا امرأتي ، عبـرَ ســورِ الحديقةِ ، ولْتأخُذي معكِ الطفلَ . باقٍ أنا . أتحصَّـنُ بالنفسِ لا بالنفيسِ . فإنْ خُلِعَ البابُ أو هُدِمَ البيتُ صرتُ الجدارَ الأخيرَ ... اذهَبي ، أنتِ والطفلَ ، ولْـتُبْـلِغي كلَّ أهلِ القرى أنني في الكمين ... لندن 19.05.2007
|