يا صيّادَ السمكِ صِدْ لي ... ذهبيّـةْ ! * مع الفجرِ يصحو ، لـيُنصِتَ ... كانت سماءٌ خريفيّةٌ ، وأوائلُ صيفٍ . وكانت تحاورُهُ بالطيورِ ، الصنوبرةُ . الـدُّلْبُ يبدو كئيباً . وفي الـمُرْتَــبى ( جهةَ الشرقِ ) بُـرجُ الكنيسةِ . في الغربِ كان مَـمَـرٌّ الحصا ينتهي عند مقبرةِ الحملةِ الأستراليةِ . الـجُنْدُ يطوونَ تحت الترابِ النديِّ الخنادقَ والدمَ . والأمّهاتُ اللواتي ارتحلْنَ يجِئْنَ إذا عسعسَ الليلُ . لم تولَد الساحةُ القرويةُ بَعْدُ . السماءُ خـــريفيّـةٌ . * يا صيّادَ السمكِ صِدْ لي ... ذهبيّةْ ! * وهل ينـثرُ ، الآنَ ، عُـدَّتَــهُ ؟ ليس بينَ يديهِ الكثيرُ : قميصُ ذوي الحطبِ الأستراليّ . خـيطٌ طويلٌ دقيقٌ . وصنّارةٌ . ربما شبهُ طَـوّافةٍ تهجسُ النبضَ . عينانِ لَمّاحَــتانِ . وأُذنــانِ تعتبرانِ التقاسيمَ . ليس لديه الكثيرُ ، ولكنه عارفٌ أبداً أن في القاعِ ما يُرتجى . عارفٌ أنه كلّما أطلقَ الخـيطَ قَرَّبَ ما يرتجي . عارفٌ أنه عاجزٌ . أنه دونَ معجزةٍ . عَرَقٌ يتفصّدُ . كانت أصابعُهُ تتوتّرُ مبلولةً . يتوتّرُ خيطٌ رهيف . * يا صيّادَ السمكِ صِدْ لي ... ذهبيّـةْ ! * لماذا يرى الماءَ في غيرِ صورتِهِ ؟ كان خيطٌ له حَـدُّ موســى يشُقُّ الطحالبَ نصفَينِ ... يَفْرُقُ بيــنَ الذي قد نراه ، وذاكَ الذي لا نراهُ . وكان على صفحة الماءِ مضطرَبٌ مـن فقاقيعَ . والنورُ تلكَ الفقاقيعُ : حمراءُ ، خضراءُ ، زرقاءُ ، صفراءُ . دنيا . بنفسجةٌ . قرمزٌ . أيُّ رِعشةِ رؤيا ! وأيُّ ارتباكٍ ! وفي البغتةِ البِكْرِ تلمحُ ما يخطِفُ البصرَ ... الماءُ ينشَقُّ عن ذهبٍ ! * يا صيّادَ السمكِ صِدْ لي ... ذهبيّــةْ ! لندن 07.06.2007
|