ثــلاثــةُ أيّــامٍ طباعة

اليوم الأول
 ربما كنتُ أنـفِضُ عن هــُدْبيَ الثلجَ .
 كان البياضُ العميمُ يساوي السماواتِ والأرضَ .
والنبْتَ والـخـَبْتَ .
 ما كنتُ أقدِرُ أن أتـمَـيّزَ فارعـةَ الدُّلْبِ عن دوحةِ الكســتناءِ .
الطريقُ التي كنتُ أعرفُ لم تــَعـُدِ اليومَ تـلكَ الطريقَ .
المدى الأبيضُ امتدَّ وامتَدَّ حتى
توارتْ تضاريسُ قريتِنا .
 قيلَ إن الثعالبَ قد تظهر الآنَ ،
 إن قـــطيعَ الذئابِ على عَتْبةِ
البابِ .
 أرهفْتُ ســمعيَ : وووووووووووو .
 وأرهفتُ سمعيَ : ووووووووووو.
سوف أُوقِدُ ناري إذا عسْعَسَ الليلُ .
 بابي حديدٌ .
 وفُـوَّهةُ البندقيةِ حِصْني الحصين .

اليوم الثاني
لم يـَجـِئْنا قطيعُ الذئابِ .
 الرجـالُ يقولون إن الذئـابَ التي أتْـخَمَـتْها خرافُ المـراعي
ستذهب نحو الكهوفِ القريبةِ .
 قـد تسألينَ : وأيـّانَ تأتي إلينا ؟
أقولُ لكِ الــحَقَّ  : إني
أراها هنا الآنَ .
 إني أراها هنا تخْمِشُ البابَ .
 هل تسمعين صـــريرَ المخالبِ فوقَ الـحديد؟
وقضقضةَ الـعُصْـلِ ...
 تلكَ النيوبَ التي سوف تنهشُ طفلاً لنا ، أوّلاً ،
 قبلَ أن تـــغتذي
لحمَــنا الـمُـرَّ ؟
 لا تسألي ، واهدأي .
هَيِّـئي الخبزَ والماءَ والتينَ .
أغطيةَ الصـــوفِ .
صفَّ الرصاصِ . الضِّمادَ .
الذئابُ التي تخمشُ البابَ لن تدخلَ  البيتَ .
حتى لو استعرَتْ بالجنون.

اليوم الثالث
أيُّ طَرْقٍ على البابِ ؟
أعرفُ أنّ المخالبَ تخمشُ ...
 لكنني أسمعُ الطَّرْقَ يشتدُّ  ، حتى كأنّ المطارقَ تنهالُ  .
 أسمعُ ما يجعلُ
القلبَ يرجِفُ .
هذا هديرُ الرجالِ الأُلى استذأبوا ، لا عواءُ الذئابِ .
اقفِزي أنتِ يا امرأتي ،  عبـرَ
ســورِ الحديقةِ ، ولْتأخُذي معكِ الطفلَ .
 باقٍ أنا . أتحصَّـنُ بالنفسِ لا بالنفيسِ . فإنْ خُلِعَ البابُ
أو هُدِمَ البيتُ صرتُ الجدارَ الأخيرَ ...
اذهَبي ، أنتِ والطفلَ ،
 ولْـتُبْـلِغي كلَّ أهلِ القرى أنني في الكمين ...

لندن 19.05.2007