نــيو أورليـــانز New Orleans طباعة

ســـعدي يوســـف

آهِ ، آهٍ … نامِــي
آهِ ، آهٍ … نامِــي
إنني نائمٌ
إننا نائمــان
في ســريرِ الـميــاه .
آهِ ، آهٍ … نامِــي

*
قد يستحيل الماءُ ناراً ، والرياحُ مَـعاوِلاً . لا نحن في فجر القيامةِ خُـشَّـعٌ  غَرثى ،
ولا نحن الأوائلُ في ســلاســلِـنا . فما انشَـقّتْ قبورٌ في الفلاةِ ، ولا تراءت
في الــمدى ســفُنُ العبيــدِ .كأنّ قُطْــناً ذائبــاً من جوزةٍ ســوداءَ
هائلةٍ تَـغـلـغَـلَ في عروق الصخر و الأسفلتِ أعمقَ … نحن ثُفْـلُ الأرضِ والمدنِ
التي كنّــا بنَـيناها . هي المستنقَعاتُ تظلُّ تطلـبُـنا ، تنادِينـا بأسماءٍ ظَـنَـنّـا
أنها نُسِـيَتْ مع النسيانِ ، والحربِ البعيدةِ قبل قرنَينِ . النجومُ شواهدٌ لقبورنا في الماءِ .
والصمتُ الـمـحيطُ صلاتُنـا . في الـبُـعدِ موســيقى . إذاً : إفريقيا السوداءْ .

*
آهِ ، آهٍ … نامــي
آهِ ، آهٍ … نامــي
إنني نائمٌ
إننا نائمــان
في ســريرِ المياه
آهِ ، آهٍ … نامي

*
للـمُـغَـنِّي الأعمـى سأُوقِدُ قنديلاً ، وللحافياتِ في الجَـمـرِ قنـديلَـينِ ،
نمضي مع الخرائطِ ، نمضي مع مَن دارت الدهورُ عليهِـم . عَـلَّـنا في فُـجاءةٍ
نَـبْـلُغُ الأرضَ التي لم تكُــنْ . أإفريقيا ؟ خضراءُ خضراءُ … أيها السيِّـدُ
الذي قال: أنتم ملحُ هذي الأرضِ . انتهى الكذِبُ الـقُـحُّ . انتهينا من هــذه
القحبةِ . الآنَ الطريقُ مفروشــةٌ بالقيحِ والقـيءِ  ،والسكارى وما هم بسكارى.
سنُغلِقُ الصفحةَ / التاريخَ . إنْ لم تكن بدايَــتُـنا اليومَ ، فأيّـانَ نــبتدي ؟
سوف نرضى بأن تعودَ لنا كلُ السفائنِ . احترقت كلُ الجسورِ . والماءُ نـارُ .

*
آهِ ، آهٍ … نامــي
آهِ ، آهٍ … نامــي
إنني نائمٌ
إننا نائمانِ
في ســريرِ الميــاه
آهِ ، آهٍ … نامــي

*
إلى كل ملهىً بالشمال ومربعٍ تنادت سِراعاً كالجواميسِ هـذه الطيورُ الحديديّـاتُ ، لم تَـتَّرِكْ
لنا سوى أن نظلَّ الظِلَّ .ليس سوادُنا بأغمقَ مِـمّـا تحتَ جِلْـدِ مُـتَـوَّجٍ من البِيضِ . هاتوا
سِحرَكُمْ ! إنّ مُـنْـتأىً تراه الحديديّـاتُ منأىً ومأمَناً … نراه اقترابَ الفصلِ ما بين أُمّــةٍ
وأُخرى .لقد كان الزمانُ مهدهَــداً بأُغنيةٍ منّــا . لقد كان الحريرُ نسيجَ ما بناهُ البِـيانـو.
الطبلُ يُقرَعُ !
دَمْ ، وَ دَمْ ، دَمْ ، دَمْ …
إنّ الطبلَ يُقرَعُ !
دَمْ ، ودَمْ ، دَمْ ، دَمْ …
إنّ الطبلَ يُقرَعُ !

*
لا تنامي …

لندن 5/9/2005