يا لَـهذا العُـمْـرِ الذي طالَ ! طباعة

ســعدي يوســف

في يوم الأحدِ ، السادسِ من تشرينَ الثاني ، في الـــعام الـخامـسِ بعدَ الألفَــينِ   ...
وكان المــطرُ الصـامتُ
يدخلُ في القرميدِ ، كما يدخلُ زيتٌ صَدِءٌ  في خـشبِ المركبِ ،
في هذا اليومِ  ، تكونُ السنواتُ السِـتُّ هنا استكملَت الــعَــدَّ ، لكي تستقبلَ عامِـي السابعَ . ليس لديَّ ، و لا عندَ رفاقي ، ما يوجِــبُ أن نحتفــلَ . الليلةَ لن أتلـقّى باقـةَ ورْدٍ  أحمرَ حتى لو كانت ذاويةً ( أنتَ الأعرَفُ بالأمرِ ! ) . ولكني قد أتتــبَّـعُ أطـــولَ فِــيـلْــمٍ أمَــريكيٍّ يُـعْــرَضُ هذي الأيامَ ، بدارِ القريةِ  للأفلامِ المســتورَدةِ .
المطرُ الصامـتُ
يشــتدُّ الآنَ  ليغدوَ ذا صوتٍ  ، يشــتدُّ  لِـيُـنبِـتَ خَـمْـسَ  أكُـفٍّ تَـطرقُ كلَّ نـــوافذِ بيتي الرطبةِ . أنظــرُ : كان العالَــمُ  خارجَ بيتي ملتبِـساً ، لا يُقرأُ   ؛كان ركاماً  مِـمّـا انتعلَ الجُــنْــدُ الرومانيون ، ومـمّـا افتعَـلَ الأحباشُ وهُـــم ماضونَ إلى مـكّــةَ  . كان صيارفةُ الهيكلِ والتجّــارُ الأوغادُ  اعتمَـروا تيجاناً ذهباً وصفيحاً ذا لَــمَـعانٍ . كان الكتّــابُ مُـكِـبِّــينَ على ألواحِ الطِـينِ ( يُسَمّـى الواحدُ من تلكَ الألواحِ رقيماً )  ، كانوا ( أعني الكتّـابَ ) يُسَـمّونَ  أخِـسّـةَ سـادَتِهِمْ ذهَــباً ؛ أَمّـا الأوباشُ السادةُ  ( هل أذكُــرُهم ؟ ) فلقد كانوا مشدودينَ بحَـبْلٍ سُـرِّيٍّ يمتدُّ إلى روما وإلى إرَمٍ ذاتِ عِــمادٍ . يا عُــمـراً طالَ بلا معنىً أو مَــغْـنـىً :
هل تسمحُ لي لحَظاتٍ أن أُنصِــتَ للمطرِ ؟

لندن    6/11/2005