ســعدي يوســف وقالتْ لهُ : أســرَفْتَ ! كلُّ مدينةٍ حللتَ بها أغفلْتَ عن يومِها ذِكْــرَهْ كأن مَدارَ الكوكبِ اختلَّ سَــيرُهُ فلم يبقَ من ذاكَ الـمَدارِ ســوى البصرةْ … * ولكنني فكّــرتُ … إن صديقتي تقولُ صواباً ؛ كيف أنسى دِيارَها ، حديقتَها ، والشُّرفةَ ؟ الصيفُ أرسلَ الرسائلَ . والكرسـيُّ مازالَ يقصدُ البِـيانو . الفتـى الهنديُّ يلقي سلامَهُ ســريعاً، وأعلى دوحةِ الســرْوِ حطَّ طائرٌ عجيبٌ… أ مِن فردوسِ " لِــيــزا " أســافِـرُ ؟ * تعلّمتُ أن أحكي ، فلستُ مُـكَـتِّـماً هواجسَ لَـيلي الأربعيـنَ : أنامُ في جناحَي غُرابٍ . والسعالي ضجيعتي . ومن دميَ المسفوحِ لـونُ الحوائطِ … انتهيتُ إلى أن أرضعَ التيسَ . أن أرى تماسيحَ من قارٍ تغَنِّي . وأن أرى خــيولاً علـــيها من عــيونٍ حوافرُ … * وتـسـألُـني " لِـيزا " ، وقد أطبقَ الدُّجى : سـمعتُكَ تهذي … كنتُ أحسَبُ أنني أهيمُ بِوادي الجِــنِّ ! هــل كنتَ نائماً بِوادي الذئابِ ؟ الليلَ تختضُّ … ناضحاً شفيفَ دَمٍ … مستنفَـدَ الصوتِ . ربما سنفعلُ شيئاً في الغَـداةِ . كأنني أراكَ إلى حيثُ انتويتَ تغادرُ … * القصّـةُ ، وما فيها ، يا أصحابي ، ويا رفاقي ( لا أدري إنْ كــنتـم لا تزالون تستعملون كلمــة " رفيق " … لا يهمّ ! ) أن الشيوعـيّ الأخير ، ذهبَ قاصداً البصرةَ ، بــعدَ أن ودّعَ حبيبته " لِـيزا " التي أوصتْـه بألاّ يدخل البصرةَ ، بعد طولِ غياب ، إلاّ تحت الراية الحمراء . * في البصرةِ راياتٌ ســود في البصرةِ راياتٌ بِيض في البصرةِ راياتٌ من نخلٍ ذي أعجازٍ خاويةٍ … لكنْ في البصرةِ ، أيضاً ، وبلا أيّ كلامٍ ( أرجوكم ! ) : راياتُ الـملِـكةْ أعلى من كل الرايات ! ((المقصودُ بالملكة هنا : إليزابَث الثانية ( الأولى ، كانت تموِّل القرصانَ فرانسس دْرَيك في القرن السادس عشر ، الميلادي طبعاً ) وإليزابَث الثانية هي ملكة انجلترة والبـصرةِ وما جاورَها في القرن الحادي والعشرين )) * وهاهي ، ذي ، إذاً … أسطورةُ الراياتِ تتبعُ فُوّهاتٍ من بنادقِ أهلِها ! لكنني ، وأنا الشيوعيّ الأخيرُ ، أظلُّ أحملُ رايتي الحمراءَ … هل ضاعتْ بنادقُنا ؟ نسِيناها؟ اتّخذْنا غيرَها ؟ أَمْ أننا ضعنا وقد ضاعتْ بنادقُنا ؟ سلاماً للنصيرةِ ! للنصيرِ ! لفِتْـيةٍ رفعوا على الـقُنَنِ الغريبةِ والروابي ، الرايةَ الحمراءَ سوف نعودُ للقممِ ! الصباحُ الـجَهْـمُ يُطْلِقُ بُوقَنا : بوقُ القيامةِ نحنُ … أحراراً شيوعيينَ نرفعُ رايةً مرويّـةً بدمٍ وأوحالٍ وندخلُ أرضَنا … ……………….. ……………….. ………………. سنكونُ أجملَ من نهايتِنا … لندن 25/5/2006
|