خـــديــعــةٌ ؟ طباعة

ســـعدي يوســـف

أنا أسكنُ  ، حقّـاً ، في مأوىً لِكبارِ الســنِّ .
( لقد جاوزتُ السبعينَ )
ولكنّ مُـقامي ، يُــقْــرأُ : Sheltered House
ليس تمـاماً  ما كان يُـســَـمّى " دار العَـجَــزةْ " …
أعني أنيَ في منزلــةٍ بين الـمنزلــتَين  !

*
عجيبٌ !!!

*
إنْ كان مقامُكَ هذا ، فلماذا تخدعُـنا ؟
تكتبُ عن بيتٍ في الريفِ ( كأنكَ من عائلةٍ مالكةٍ ! )
وتداعبُ غفلتَــنا إذ تحكي عن مَـرْجٍ وحدائقَ
عن ثعلبِ فجرٍ
وغزالٍ  برِّيٍّ عبْــرَ سياجٍ
وسناجيبَ
وتكتب عن شُــرفاتٍ ونوافذَ
عن أشجارٍ غامضةٍ
وخيــولٍ تقتطفُ الزعترَ عِــلْــفاً
وبُـحيراتٍ يترقرقُ فيها سمكٌ ذهـــبيٌّ  ، وحَصـاً
ومراعي أشَــناتٍ  ، و… إلخ …
………………..
………………..
………………..
أنا أسكنُ ، حقّـاً ، بين الـمرئيّ  وما ليسَ يُرى .
أسكنُ في اللحظةِ
حيث الشــيءُ ســواهُ
وحيث الـمرأى لستُ أراهُ .

*
عجيبٌ !!!

*
هل لي أن أسألَكَ ؟
الناسُ ، جميعاً ، من أدنى البصرةِ ، حتى أقصى المغربِ
أدرى بكَ حتى منكَ …
إذاً ، فِـيمَ خديــعـتُــهُمْ ؟
ولماذا تمنح كلَّ نحاسٍ صدِءٍ  لوناً ذهَــباً ؟

*
أنا أسكنُ ، حقاّ ، في ما لا يُســكَــنُ أكثرَ من يومٍ …
وأنا – إنْ شئتَ الحقَّ – أغادِرُ  ما أنا فيهِ  ، اللحظةَ تِــلْــوَ اللحظةِ .
أي أني أحملُ تربةَ هذي الأرضِ إلى أرضٍ أخرى
أرضٍ  لا تخدعُــنا ؛
أرضٍ فيها ألوانُ مَــجَــرّاتٍ
وخيولٍ
وبحيراتٍ يترقرقُ فيها سمكٌ ذهبيٌّ  …
يترقرقُ فيها الناس !

لندن 27/11/2005