هو : حانةٌ صغرى ( أظنُّ نِزار قبّــاني بـ " طوق ِ الياسمينِ " استعملَ التعبيرَ : أعني حانةً صغرى ، لأول مرةٍ … ) لكنّ هذا البارَ في غربيّ إيلنغَ الفقيرةِ ( Poor West Ealing) ليس كما أحَبَّ نِـزارٌ ! البابُ الـموارَبُ ســوف يَــدخلُــهُ الزبائنُ منذ مقتبَـلِ الضحى ؛ لا ظِلَّ لامرأةٍ تُراقِـصُــهم ، ولا مـرأىً لخاصرةٍ تَـكَـسَّــرُ في الضياء الــنّــزْرِ ، لا زهرٌ يـباعُ موزَّعاً بين الــموائدِ لا حديثَ يدورُ لا جازٌ ولا لَـعِــبٌ … ………………………… ………………………… ………………………… و منذ سنينَ خمسٍ كنتُ ألقى في الضحى أشــياخَ إيرلندا متكأكِـئـينَ إزاءَ ســاقيةٍ وراءَ الـنُّـضْــدِ مبتسمينَ … كانوا ، شأنَـــهمْ دوماً ، يلفّــونَ السجائرَ صامتينَ ويحتسونَ البيرةَ السوداءَ . أحياناً ، أُحَـيِّــيهِم فأسْــتأني وأحياناً أُتابِعُ خطوتي ، متعجِّلاً ، لأكونَ عندَ الـنُّـضْــدِ … لكنّ الشــيوخَ يتابعونَ الصمتَ والتدخينَ أشــباحاً كأني ما مررتُ بهم … وكأنني شــبحٌ سـيدخلُ في الجدارِ ويختفي … …………………………………. . …………………………………… …………………………………… ما أطولَ الســنواتِ ! ما أنأى الــمَــدى ! ………………………………...... …………………………………… …………………………………… أمسِ انتهيتُ إلى حقيقةِ ما ظننتُ المســتحيلَ : عرفتُ أني صِــرتُ شيخاً صامتاً متطامنَ الحركاتِ من أشــياخِ إيرلندا … Lancaster 12.11.04
|