أين الغابة يا أيتها الزهرة التي حديقتها بين قوسين؟ سعدي يوسف في فيلم وثائقي ـ درامي: طباعة

علي البزّاز
18/06/2008
Image
 السينما اقرب الفنون الي الشعر، كلاهما يستعير مفردات الآخر بالتعبير: توّصف القصيدة المرئية ذات الاهتمام بالنظر اكثر من الكلام، بأنها قصيدة بصرية تعتمد الصورة في بنائها، اي لغة السينما، اما اللقطات الجميلة في الفيلم، فتُقرن بالشعر، ما يسمي السينما الشعرية.
الكلمة والكاميرا اتقاء لكيد الرديء.

أنهي المخرج العراقي المقيم في الدانمارك جودي الكناني، بالتعاون مع زميله المخرج باسل علي عمران المقيم في بولونيا، المراحل الاخيرة من تصوير فيلم الاخضر بن يوسف الذي يستشرف بصرياً عالم الشاعر العراقي سعدي يوسف معتمداً الي جانب الوثيقة ومقابلات مع الشاعر، استنطاق قصائده دراميا: قصيدة تنويعات استوائية، بمطلعها: ما الذي قد فعلته بنفسك، كانت بلاد الجزائر واسعة مثل افريقيا من مجموعة (الاخضر بن يوسف) 1972، أهو ندم يشهر بالوطن وقتذاك ام عرفان صريح لوطن ثانٍ، هو الجزائر. قصيدة تكوين 34 آخيت بين الحجارة والمستحيل وستكون القصيدة الطويلة إعلان سياحي لحاج عمران لما لتنبؤاتها كما يعتقد المخرج جودي الكناني من ارتداد انعكاسي علي الواقع السياسي للعراق، هي اصابع الدراما، تشير الي افكار الشاعر سعدي يوسف السياسية وموقفه من الاحتلال، ومن ثقافة الضد والقبول. واختيرت اماكن التصوير قدر ما تسمح به ميزانية الفيلم المتواضعة (امكانات شخصية غير مدعومة من جهة حكومية او اهلية) البصرة مدينة الشاعر، لندن مكان اقامته الحالي، دمشق حيث يرقد ولده حيدر، ومدينة فذبك في الدنمارك التي تشتهر بمينائها وغاباتها، اذ يحاول الفيلم، الاقتراب من عوالم مدينة البصرة معوّضاً النخيل هناك، ولكن، هيهات، فشتّان بين نخل السماوة، نخل السماوات وغابات الدنمارك.
يقول المخرج جودي الكناني لـ القدس العربي عن سبب اختياره الشاعر سعدي يوسف عرفت الشاعر شخصياً في عدن، وقصائد ه تثير فيّ الحماس الدرامي كسينمائي، اذ اتلقي صداها كصور شعرية مطواعة للمونتاج، وهو اقرب اليّ بيئياً ليس بمعني الجغرافيا، بل بالعمق الحضاري لها . اما زميله باسل علي عمران فيقول ان سعدي يحفظ تاريخ العراق منذ العهد الملكي ولغاية الآن، فأردنا تكريم حمله لهذه الامانة وعن تجاوب الشاعر مع الكاميرا يقولان ادهشتنا سرعة انسجام الشاعر مع الكاميرا وكأنه، يقف امام الورقة البيضاء التي الفها، ونحن مقتنعان جداًً بالمشاهد الدرامية التي ادّاها بمهارة قلم وورقة . إذا، لا عداوة بين الشعر والسينما، بل ثمة تعبير مشترك، لما للشعر من طاقة علي البوح، وما للسينما من عين، تبصر هذا الكشف وتجعله مرئياً، وهذا ما عبّر عنه المخرج الروسي تاركوفسكي، منظّر السينما الشعرية حين اتحدث عن الشعر، فانني لا انظر اليه كنوع ادبيّ، الشعر هو الوعي بالعالم، طريقة خاصّة للاتصال بالواقع، هكذا يصبح الشعر فلسفة لترشد الانسان طوال حياته. من خلال الصلات الشعرية يتمّ تصعيد، وتعميق الشعور، ويصبح المتفرج فعالاً اكثر، انه يصبح مشاركا في عملية الحياة وها هو الشعر دون الفنون الاخري حاضرفي سينما ايزنشتاين. الفيلم تحريرحقيقيّ وكامل للغنائية المسجونه في الاشعار . يحاول المخرج الكناني (درس السينما في رومانيا 1982 ـ معهد كارجيالي، من افلامه عندما تغضب الجنرالات روائي 1991، المعرض الجوال وثائقي 2000، الضحية وثائقي ـ درامي 2003، رحلة الي الينابيع 2005 وثائقي) في فيلمه هذا تقصي الانتباه الواسع الذي يثيره الشعر في عالم الكاميرا، والالتفاف علي الوثيقة التاريخية، سواء اكانت واقعة ام نصاً، بجعل مخيلة درامية لها. فقصيدة الشاعر ولدي حيدر ليست رثاء شعرياً فحسب، بل بصرياً يتولي المونتاج تنفيذه: الشاعر يقرأ هذه المرثية علي شاهدة القبر، وبمونتاج متوازٍ، هناك من يقطّع اشجار الغابة التي تتهاوي امام المُشاهد شجرة بعد اخري، بشكل تدريجي، تشبه مراحل الاحتضار.
فيلم الاخضر بن يوسف 45 دقيقة بالتعاون مع شركة سلوموشن الدنماركية، يتوقع عرضه الفني في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2008.
ناقد من العراق
عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته

اخر تحديث السبت, 21 يونيو/حزيران 2008 14:15