ديوان (البند) سعدي يوسف يعيد الروح إلى بند ابن الخلفة ... طباعة

ضياء خضير

( البند) ديوان جديد لسعدي يوسف، بعث لي بنسخة منه قبل صدوره عن دار نينوى في العام القادم. وهو، ببنوده الخمسين، يمثل تجربة في الكتابة الشعرية جديدة ومغايرة، باعتماد الشاعر فيها على شكل شعري قديم وغير معروف على نطاق واسع لكتابة قصيدة حديثة. هذا الشكل هوما عرف بالبند الذي كان عامل البناء العراقي البغدادي الحلي محمد بن إسماعيل المعروف بابن الخلفة أولَ

من كتب فيه، فشاع في أجزاء أخرى من العراق والأحواز العربية. هذا البند الذي يكتب، كما الشعر الحر، على تفعيلة الهزج أو الرمل بجوازاتهما المختلفة، أو بامتزاجهما معًا، قد مثل، كما يرى بعض الدارسين، مرحلة وسطى بين القصيدة العربية الكلاسيكية بعمودها المعروف، وبين شعر التفعيلة الجديد المسمى بالشعر الحر. وقد كانت قصيدة السياب ( هل كان حبا) المبكرة المكتوبة على تفعيلة الرمل قد اتبعت هذا النوع من النظم الشعري الذي لا يختلف كثيرًا إلا في شكل كتابته عن القصيدة العمودية.

وعودة سعدي يوسف للكتابة في هذا (البند) هي في الواقع نوع من التأصيل، والإحياء، والعودة إلى الجذور الخاصة بهذا النوع من الشعر العراقي غير المعروف عربيًا. وهي، في الوقت نفسه، تجديد له وخروج به من الدائرة الدلالية والشكلية الضيقة التي ظل حبيسًا فيها في القرن التاسع عشر.

والشاعر يقول في المقدمة التي وضعها على هذا الديوان إنه يحاول أن يرد الفضل لأهله في هذا النوع من الكتابة الشعرية التي تعتمد التدوير، والكتلة، والتدفق، وأن التطبيقات الأولى ظلت أمينة على هذه الأسس الصعبة على الرغم من سذاجة متوهمة. وهو يقول إنه "شعر بحرية ليس كمثلها حرية في محاولته الكتابة بهذا الشكل. حسب الشيخ جعفر في قصيدته المدورة دفع البند إلى الأقاصي، بل صارت القصيدة المدورة أواسط السبعينات هي الشكل السائد، حتى أن عبد الوهاب البياتي طبّق ذلك، فلم يعد يكتب إلا المدورة، مدورة حسب الشيخ جعفر".

لكن البند، كما يضيف سعدي، "حمّال أوجه، وأنه يمكن أن يتجلى أبياتًا مدورة، وليس شرطًا أن يكون مثل مدورات حسب الشيخ جعفر الباذخة".

وواضح أن سعدي يوسف يقدم، بهذا، تسويغًا لعمله المختلف في قصائد هذا الديوان، أو مقطوعاته التي كتبت على أساس من النظام الإيقاعي السائد في هذا البند دون اتباع طريقته أو طريقة غيره في التدوير، والمحتوى الدلالي للقصيدة اتباعًا حرفيًا. وهو، هنا، يجرب أن يستخدم كأسًا قديمة بعد أن يملأها بشراب آخر لا يبدو معه الطعم والذوق مختلفين فقط، وإنما صورة الكأس نفسها ستبدو مغايرة أيضا.

واعتماد التدوير، والكتلة، والتدفق، التي تحدث عنها سعدي يوسف تبقى، كما سنرى، خصائصَ ثابتة للمقطوعات المرافقة لهذا النوع القديم الجديد من الكتابة الشعرية. فمجموع العلاقات المعقودة بين وحدات اللغة وعناصرها المختلفة تتجاوز طول السطر وكيفية توزيع وحداته الإيقاعية داخل النسق من أجل الحفاظ على علاقاتها النحوية والإسنادية، بصرف النظرعن مكان وجودها داخل السطر أو نوع نغمتهما وزخرفهما الصوتي. ومهمة التدوير في هذه القصيدة ليست شيئًا آخر غير هذه التلاحق أو التدفق والاحتدام الحاصل بين محتوى اللغة وإيقاعها الموسيقي أو الوزني من جهة، وبين طبيعة التركيب الذي تبقى فيه العلاقات الإسنادية والنحوية قائمة بين السطر والذي يسبقه أو يليه، حسب التوزيع الذي تقتضيه الضرورات الإيقاعية أو الوزنية، من جهة أخرى.

وبما أن وجود الوقفتين الدلالية والعروضية يكسر بنية الخطاب الشعري، فإن على قارئ هذا النوع من الشعراحترام الوقفة العروضية، لأنه لا يمكن تجاهل الوزن في خطاب منظوم متى تعارض العروض والتركيب، لأننا نعرف أن الوقفة الدلالية متحققة ما دام كل بيت متبوعا بوقفة قد تطول أو تقصر. ويمكن كذلك إهمال الترقيم (مع حرص سعدي يوسف الشديد عليه، ودقته البالغة فيه)، لأنه يثقل انطلاق القصيدة وتدفقها، وبالتالي كانت الضرورة تفرض التخلي عن الوقفة الدلالية خاصة، باعتبار أن عملية النظم الشعري تخالف قواعد الخطاب العادي، إذ هي تتطلب الوقفة حيث يرفضها المعنى، فيما تتخلى عنها حيث تكون مطلوبة.

ولتوضيح الصورة لا بد من إعطاء مثالين، أحدهما من بند ابن الخلفة القديم، والآخر من بند سعدي بن يوسف الجديد

1- من بند ابن الخلفة..

"ألا يا أيها اللائمُ في الحبِّ ،

دع اللوم عن الصبِّ ،

فلوكنت ترى الحاجبي الزجِّ ،

فويقَ الأعينِ الدعجِ ،

أو الخدِّ الشقيقيّ ،

أو الريقِ الرحيقي ، أو القد الرشيقي

....

أهل تعلمُ أم لا ؟

أن للحب لذاذات ،

وقد يعذر لا يعذل من فيه غراماً

وجوى مات ،

فذا مذهب أرباب الكمالاتْ ،

فدع عنك من اللومِ

زخاريفَ المقالاتْ ،

فكم قد هذب الحبُ بليداً

فغدا في مسلكِ الآدابِ والفضلِ رشيداً

..............إلخ"

 

1- سعدي يوسف

لكِ النُّعمى !

كأني في لياِليَّ الشمالياتِ منجرفٌ على أمواهِ

قصديرٍ، كأني في سفينة زئبقٍ . وكأن ما أرجوهُ

من وسَنٍ تناثر كالرذاذِ. أرى وجوهاً لستُ أرجوها ،

وألمحُ بين ثانية وأخرى ريشَ أجنحةٍ مدببةٍ ...

أفكّر أن أفيق بقطرة الويسكي، لكِ النعمى !

لقد أطللت أيتها الجميلةُ ...

إنني في لحظٍة سأنام..!

فبصرف النظر عن الاختلاف في طبيعة الكتابة والرؤية التي تحكم هذين النصين، والتي قد تجعل مثل هذه المقارنة غير جائزة أصلا، يمكننا أن نرى هنا الكيفية التي يبدو فيها التركيب النحوي والعروضي المختلف في المقطعين أو المقطوعتين. إذ على الرغم من وجود تعالقات نحوية بين بعض الأسطر في بند ابن الخلفة نجد أن الطابع العام للتركيب النحوي والعروضي لجملته الشعرية هو الامتداد الأفقي والبساطة التي يكتفي فيها كل سطر بجملة تامة أو تابعة يمكن قراءتها عروضيا وحدها دون العودة إلى ماقبلها وما بعدها من فواصل تشير إلى تعالقاتها وارتباطاتها النحوية السابقة واللاحقة. وحتى الجمل غير التامة أو الكلمات الواصفة المعطوفة على جمل أو كلمات سابقة، تبقى على استقلالها العروضي من حيث انفرادها غالبًا بسطر كامل في هذا البند؛ في حين يبدو الأمر مختلفا في المقطوعة الثانية، مقطوعة سعدي يوسف؛ حيث نجد شيئًا من التعقيد والتداخل في التركيب النحوي والعروضي يزيد على ما رأيناه في البند السابق، على الرغم من اشتراك البندين كليهما في استخدام تفعيلة الهزج (مفاعيلن) بجوازاتها المختلفة من خرم، وحزم، وحذف، وكفّ، هذه الجوازات التي وفرت لسعدي يوسف بالفعل قدرا أكبر من الحرية في النظم وتلاحق الأفعال وتدفق الألفاظ وتدويرها بين سطر وآخر دون حساب لوقفة عروضية أو إسنادية تنتهي بانتهاء السطر. وحتى إذا كان هذا الفصل أو التمفصل المكاني الذي يقتضيه الوزن قد تم بين الفعل ومتعلقة شبه الجملة المتمثلة بالجار والمجرور ( ما أرجوه – من وسن) أو بين المضاف والمضاف إليه ( ألواح – قصدير). وهو أمر لا يقتصر وجوده على البند، بل هو موجود في قصيدة التفعيلة الجديدة منذ ظهورها في منتصف الأربعينات من القرن الماضي من أجل توفير مرونة وحرية أكبر في النظم. ولكنه يتخذ، كما هو واضح، مدى أكبر في هذا النوع من الشعر، ربما بسبب المرونة الكبيرة التي يوفرها تكرار تفعيلة الهزج وجوازاتها المختلفة التي تجعل الإيقاع في هذا الوزن أكثر انسيابا وقدرة على المواصلة. وهو ما يجعل من هذه القصيدة أو المقطوعة مختلفة عن السابقة التي يظل فيها التدوير جزئيا ومحدودا، فيما يبدو التدوير في هذه الأخيرة كليا يصنع ما يسميه سعدي يوسف (الكتلة). التدوير الذي لا يقتصر على التلاعب بشكل القصيدة، وإنما بمحتواها الدلالي الذي ينطوي على واقعة عقلية أنطولوجية، لا يمكن اختزالها في نوع من الزخرف الصوتي القائم على تكرار أصوات بعينها . فهو يتصل، كما يقول حسب الشيخ جعفر، ب"الزمن الدائري الذي يجد نفسه في القصيدة الدائرية أو المدورة، ولكن ليس الزمن العائد الى النقطة الأولى متوقفا عندها، إنه يتقدم أبدا في دورانه، إنه شيء من حركة الكون الدائرية .. إن القافية تنهزم رغم سحرها أمام هذا الإيقاع، إيقاع الأشياء الاعتيادية نفسها، إيقاع التاريخ في التصادم والتداخل والحركة الدائمة."

ونحن نجد في قصيدة سعدي المكتوبة على هذا النمط من الكتابة الملامحَ الأسلوبية والرؤيوية الخاصة التي اعتدنا في السنوات الأخيرة على رؤيتها في مجمل شعره. مع شيء مما يمكن أن نسميه وحدة عضوية أو موضوعية تقوم في هذا الديوان على أساس تناول مقطع أو مقاطع مختلفة من حياة الشاعر اليومية المؤطرة بالعزلة الوجودية والعاطفية، ومحاولة البحث عما يكسرها في العلاقة مع البشر والطبيعة التي يبدو فيها الطير وورق الشجر مكونًا واحدًا.

هذه القصائد أو المقطوعات الخمسون المختصرة، المكتوبة خلال شهرين والتي انتفت منها الفضلة، وكتبت ضمن شكل هذا (البند)، وتحت عنوانه تمثل، في مجموعها، نوعًا من المواجهة بين الشاعر وذاته المستوحدة في تلك الأرباض الإنكليزية الباردة والماطرة، في هذه المرحلة المتأخرة من حياته التي لم تعرف الاستقرار في مكان أو زمان دون غيره. فهو يشعر يوم الأحد مثلا أنه بلا أحد، وأنه يبدو مثل (عرق الكرمة المقطوع) يظل محتميًا بصمته حيث ترتعش العروق وحيث صوته..

مواجهة يومية قاسية تقتضي أحيانا استدعاء سريعا لأجزاء من تاريخ الشاعر وسيرته الشخصية في العراق الحاضر الغائب والذي لا يتذكر منه غير (ليلاه المريضة) التي تبقيه (نضوا عليلا لا يقوم ولا يحوم)، مع أنه يتذكر ، مضطرا ربما، أبو (الخصيب - البيت والبستان) و(جيكور الطفولة ونهرها العميق)، والجزائر – البلاد التي  (استوطنها واستهواها)، و(جنة المأوى) فلسطين التي ضاعت، وضاع معها سنوات من العمل والأمل والرفقة النضالية البهية، و(بلاد الشام والعرق المصفى والنبيذ وذلك الضوع الدمشقي)، ومرايا ضفاف السين في باريس وخبز الأهلة والمقهى التي قبل فيها ليلى والدهشة التي عقدت لسانه في حينها عن الكيفية التي أدخلت فيها كل تلك الطراوة في التنورة السوداء الضيقة... وغير هذا وذلك من ذكريات تقتحم  بين حين وآخر ساحة هذا (الأمير المتوّج) الذي يشعر، منذ قصيدته الأولى في هذا الديوان، بأنه خرّب حياته، وأنه لم يعرف، شأن سلفه ذائع الصيت أبي الطيب المتنبي، أيَّ أرض كان يقصدها، وأنه مجرد (أمير فوضوي) فقد التاج ولم يجد للاستقرار سبيلًا ، مع قراره الأخير بعدم الرحيل، ورغم أنه يحس أحيانًا أنه (ساكن في غيمة)، يمتلك (مفتاح) الرحيل إليها وهو قابع في زاويته لا يريم :

الأمير متوجا..

"لمن خربت يا سعدي حياتك؟

أيّ أرض كنت تقصدها؟

وأيّ رعية أوشكتَ ترعاها؟

هي الأيامُ

قالوا منذ دهر إنها دولٌ

إذاً

ما أنت والدولُ؟

الأمير الفوضوي، متوجًا

أنتَ

.............

.............

.............

اللآلئ في القرار!"

ولعل هذه اللآلئ التي تبقى في قرار القصيدة، وفي قرارة حياة الشاعر في آن معا، قد جاءت لتعادل الخراب الذي حلّ بحياته، وجاء التساؤل عنه في مفتتحها. وهي تتلخص، إذا أمكن القول، في الموقف الإنساني والكلمة المعبرة عنه. فما يهم عند سعدي يوسف هو سلامة الموقف وشرفه، وجمال القول وصدقه، لا بطولة القضية، ورجالها من محترفي النضال.

وهذا العالم الذي يعرف سعدي أنه منحطٌّ، ويشبه (المذأبة) تساوى فيه (الطهر والعهر) وليس فيه أمجاد أو أحداث بطولية، عالم موجود وبالإمكان تفحصه بدقة، ورصد حركته كما يبدو صباحًا في الهواء الطلق من موقع الشاعر الجالس على مصطبة عتيقة تواجه شاطئ القناة القريبة من الدار، أو داخل البار الإنكليزي القريب الذي يمكن للشاعر المنفرد أن يتبادل بعض الكلمات مع صاحبته، يسألها وتسأله، وتعرف ما يريد من شراب (يكمل به دينه)، أو هو يقبع مغمضَ العينين وراء نافذة الغرفة (الحفرة الأليفة) المعلقة في أعلى الدار...

بحث حميم ومتواصل عن التجربة الشخصية المتلذذة بما ترى، ولا تملك غير ما ترى من هذه التفاصيل بعد أن أيقن الشاعر، مثل صاحبه اليوناني ابن مدينة الإسكندرية المفقودة قسطنطين كافافي، بأن إيثاكا ليس لديها ما تهبه إياه بعد رحلته الطويلة، وأنها فقيرة على الرغم من أنها لم تخدعه، بعد أن جعلته حكيمًا مدركًا لمعنى الوجود من حوله. وهو لا يملك في النهاية غير أن يكون (مطمئنا)، (رضيّا) بما قسم له، وهو يجلس مغمضَ العينين عند نافذة الحديقة ليرقب الفجر الذي ما عاد فجرًا في تلك الأصقاع الشمالية الكيئيبة، بعيدا عن أبي الخصيب وجيكور الطفولة، وعن نعيمة المغربية التي لمحها مرة وهو قابع في مقهى بمكناس القديمة:

" رضيّا

مغمض العينين

تجلس عند نافذة تطل على الحديقة.

إنه الفجر القديم

الفجر الذي ما عاد فجرًا :

قد تساوى

الفجرُ

والظهرُ،

تساوى الطهرُ

والعهرُ،

تساوى البيت والمبغى،

ولكنك ما زلت رضيا

مغمضَ العينينِ

تغفو عند نافذة مضبّبةٍ

وتحلمُ..."

و(الأمير المتوج) الذي رأيناه عنوانًا عريضًا في مقطوعة البند الأولى، واكتشفنا بعد ذلك أنه مجرد (أمير فوضوي) لم يعرف سمتَ الأمراء، ولا ابتذال تاريخهم، يتحول في النهاية إلى مجرد (فقير أعمى) ، متخذا من الأمير بوذا الذي ترك الملك والمملكة ذاتَ فجر، مثالا ونموذجًا.

هدف هذا الفقير الذي نزع التاج وتخلى عن كل الأمجاد الزائفة هو أن يتمكن رغم عماه المعلن من الرؤية، وأن يسمي ما يراه من حاضر الوجود الظاهر والمتخفي من حوله، وأن يكون شاهدًا أمينًا على نقل هذه الرؤية داخل اللغة التي توحّد، خلافا للغة القديمة، بين المقول الشعري والمقول الفكري، على نحو يمكن أن تتأسس فيه ما كان يسميه هيدغر (العقلانية المضادة) التي يلخصها بيت هلدرلين القائل : " إن الذي يفكر في الأكثر عمقًا، يكون الأكثر حبًا للحياة".  وفي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها القاريء لأغلب القصائد القصيرة أو المقطوعات التي تؤلف هذا الديوان الشعري هو أنه لا يختلف عما كان يقوله هلدرلين في قصيدة معروفة له كتبها في وقت متأخر :

"في أيام الشباب كنت أستيقظ جذلًا

وأبكي في المساء،

والآن في عمري المتقدم

أبدأ نهاري مرتابًا

ولكن آخره بهيج ومقدس عندي".

 

وهو قول لا يختلف كثيرا عما يقوله سعدي يوسف في هذه المقطوعة بعنوان (رضا):

"إذا ما أطبق الليل

على الغابة ، حيثُ الغرفةُ الُعْليا التي أسكنُها

أهجس أني دائخ

لا ألَماً

أو سأَماً ...

أشعر أني دائخٌ من كل ما أغدقه الكون علَيّ

الليل ظل الجُنّة

الجَنّة

والجذر العميق..

كم رجوت الله ألا أستفيق!"

اخر تحديث الأربعاء, 13 نونبر/تشرين ثان 2019 08:47