سعدي يوسف.. عالياً.. عالياً طباعة

عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته
الحوار المتمدن - العدد: 1157 - 2005 / 4 / 4
في سابقة غير مألوفة في تاريخ توزيع الجوائز الأدبية على المبدعين العرب في حقول المعرفة والثقافة كافة، قامت مؤسسة العويس الثقافية في الآونة الأخيرة بسحب جائزتها من الشاعر العراقي «سعدي يوسف» التي نالها عام 1990 مع الإصرار على شطب اسمه نهائياً من سجلات المؤسسة بإجماع الإدارة.
جاء ذلك بعد نشره مقالة في أحد مواقع شبكة الأنترنت وصفتها الإدارة بأنها تمس شخصية الراحل

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بكلمات غير مستحبة بعيدة عن أهداف المؤسسة ونظامها الذي تعتمده في توزيعها الجوائز على نتاج المبدع وتجربته الأدبية الغنية، وأهميته على الساحة العربية بعيداً عن الانتماءات الفكرية والدينية والمواقف السياسية والإيديولوجية. لكن البيان الذي نشر على أثر هذا القرار كان متناقضاً مع نظام المؤسسة وقراره في نفس الوقت. فقد تحدث البيان في بدايته عن الشاعر العراقي سعدي يوسف من خلال دوره الريادي المتميز في النهوض بمستوى القصيدة العربية المعاصرة وتطورها، وتكريماً لدوره الإبداعي قد كانت من أحد أهم أسباب منحه الجائزة، وتأتي خاتمة البيان مناقضة لبدايته فتقول بأن الشاعر قد تجاوز في مقالته مفاهيم حرية التعبير وحق الاختلاف ولكل المفاهيم الأخلاقية في الحوار، ولايدخل ضمن الرأي الذي يمكن الاتفاق عليه كمقال نقدي قابل للحوار والاختلاف ولا في إطار التعبير الحر عن رأي الكاتب النزيه، بل في إطار الإسفاف والانحطاط الذي هبط إليه مستوى الشاعر، وهكذا وبكل بساطة تسحب الجائزة من الشاعر من قبل المؤسسة ضاربة عرض الحائط قرار لجان التحكيم آنذاك ومبادئ النزاهة في المنح والحيادية في العطاء وإعلاء الشأن الإبداعي كما يقال.
والسؤال الذي يطرح نفسه لو كان سعدي يوسف أي إنسان آخر مبدع أو غير مبدع من الغرب أو حتى من شرقهم هم هل تسحب منه الجائزة ؟ لكان الجواب بلا طبعاً.
إن هناك العشرات الذين أخذوا جوائز من مؤسساتنا الثقافية والآن ينعتوننا بأوسخ الكلمات والتعابير وليس بمقدورنا سحب الجائزة أو بأقل تقدير بالرد ولو بكلمة شرف.
يطلبون منا منذ الكلمة الأولى والقصيدة الأولى والخاطرة الأولى بالمديح ثم المديح ثم المديح وعند المحك يشبهون أنفسهم برواد الوحدة العربية وأبطال التضامن العربي ومن الرموز.... ويشبهوننا بالانحطاط وبائعي السياسة ومرتدي المواقف.
هكذا أنتم، ولكن هذا هو سعدي يوسف يصرخ بأعلى صوته ويسمو عالياً عالياً من خلال توقيعه على ديوانه الجديد «صلاة الوثني» بدمشق وبحضور الأصدقاء والرفاق الكثر الذين يجلونه ويكنون له كل الاحترام والتقدير الذي يساوي معنوياً ومادياً مئات الجوائز.
فلتحافظوا على صورة الثقافة العربية وعلى نقائها وإيجابياتها من خلال إبعاد كل المبدعين عنها لتبقى هذه الصورة فارغة من إبداعاتهم، ومترعة بكل مايثقلها من مدائح تبتغونها. فأي دور تنموي لبناء شخصية الإنسان العربي الذي ترسمونه وأنتم تبعدون سعدي يوسف وأمثاله عن جوائزكم.