مهرجان في الأقاصي طباعة

Image
فاضل العزاوي ......... تصوير صموئيل شمعون
الى الصديق الكبير الشاعر سعدي يوسف في مهرجانه السبعيني
مثلما في الأساطير قبل وصول الزمان
على الماء سرتُ، ورائي تسف الطيور، لأصنع معجزتي
رائيا في مسيري البحار العصية ترزح تحت نعالي
بأمواجها الصاخبات، مغنية في الرياح
اذ الشمس تنهض من نومها في يميني
وفي خيمة الليل يأتلق القمر المتنزه بين الغيوم
لينثر فضته في يساري

عابرا أفقا يتفتحُ في زرقة الأرض تسطع، هادرة في الفضاء بأفجارها
مثل قوس ترف عليه النوارس، صاعدة
أطلقتها يد الله من سجنها
لتذكرنا بالحياة التي تتجدد فينا بأحلامها
كل يوم.

للحياة أقول أنا نهرها المتدفق، غيمتها الممطرة
في الصحارى اليباب
وفي الأبدية كلمتها المضمرة
تقتفي خطواتي الدهور وتمشي ورائي البشرية
قادمة من كل حدب وصوب
لأمسح ميراثها الدموي بممحاة روحي
وأكتب تاريخها من جديد بحبر دمي
فاتحا باب بيتي لكل الذين يمرون بي.
 
حاملا على كتفي ضحايا العصور
أمر كبرق على العالمين،
وحين يحل الظلام الشفيف على الجرف والمنحنى
وينام الشتاء على باب كوخي
أمد يدي، فرحا بحياتي،
كطفل الى الشمس - ان شئتُ - أقطفها وردة تتفتح
أقذفها في مدار الفصول
أضيءُ بها الكون آن وصولي
وأمضي الى الريح أطلقها تتلوى
كأفعى تفح على غصنها
لتدل الربيع الى غابتي
في أعالي الجبال ووديانها
والطيور الى ضفتي
تتحدر من ألف قوس يزقزق لي
في السماء، مودعة شمسها الغاربة
لأبوح بآخر أسرار قلبي
أنا الثمل المحتفي بحياته في هذه الحانة الصاخبة.

اذ تمر المواكب، عابرة قوس نصري
وتنبجس الذكريات كنهر يفيض سيولا من النور
من كوة للحنين الى كل ما مر بي
في حياتي القصيرة، هادرة في شوارع روحي
وتأتي الشعوب، مبهرجة بنياشينها
من مهب الرياح الى حفلتي
أمتطي فرسي، قاصدا خيمتي في الأقاصي
لأبسط للمتعبين السكارى بخمر المحبة مائدتي
ناثرا كلماتي سلالم أسلكها كنذير
الى كل مستقبل أرتقيه
لأغري به في عبوري
ملائكة تتنزل بين المجرات في فلكها
يتعقبها قدري 
وأمامي الحياة، أراها تسير مجللة بالجمال الى عيدها
في هوادجها ذهبي
فأقوم أشق ممر العصور الى أرخبيل العواصف،
أستقبل الصاعدين الى قمتي العالية
لأباركهم واحدا واحدا
وعلى ساحل البحر أتركُ شمسي تضيءُ
بفانوسها الأبدي
لضيوف حياتي الطريق
قادمين الى مهرجاني قوافل من كل فج عميق.

للزمان أقول: أنا شاعر الكون في فجره الأزلي
أقتفي نجمتي وحدها
لأدل البرابرة التائهين
الى قلعتي النائية.

كلما مسح الليل ظلي
جعلت الكواكب جسرا
تسير عليه القوافل بعدي وقبلي
مشيت الحياة الى نبعها
أنا شاعرها الوثني السعيد
لأرد لها دينها،
بادئا سفري من جديد.

اخر تحديث الأربعاء, 07 نونبر/تشرين ثان 2007 11:05