سعدي يوسف… حديث الشعر والحياة طباعة

رحمن خضير عباس

ونحن نجلس في حديقتنا الخلفية، قلت لسعدي يوسف :هل تدرّ عليك مؤلفاتك الكثيرةُ والمتنوّعة بعضَ المردود المالي؟

كان منهمكا بمراقبة السنجاب الذي يقتات بوريقات الورد المتساقطة، وكأنني بهذا السؤال أثرْتُ فيه بعض المواجع، ردّ بحزم، وهو يؤكد على مخارج الحروف بالإنكليزية التي يجيدها (never )

ومؤلفات سعدي يوسف غزيرة وكثيرة وثرية ومؤثرة. فهو من أكبر الشعراء العرب المعاصرين، وله الكثير من دواوين الشعر، التي كَثُرت وأعيدت طباعتها عدة مرّات، والتي تحوّلت إلى مجلدات من عدة أجزاء. ناهيك عن كتب النثر في مجالات مختلفة في القصة والسيرة الذاتية والحديث عن الأقطار والأمصار التي عاش فيها أو زارها، وكأنه ابن بطوطة الذي يتلمس جدران المدن المنسية، ويترك عليها جزءا من رؤاه، حتى نرى المدن والأشياء ذات معمارية فنيّة، تضاهي الأصل وتتفوق عليه من خلال لمسات اللون التي يسكبها بريشته المتفردة. إضافة إلى الترجمة والمقالة والسيرة الذاتية والنقد، وتناول سيَر كبار الشعراء والفنانين والأدباء من مختلف أصقاع العالم.

بحرٌ من العطاء الأدبي والفكري، لم يوّفر لصاحبه بعض حقوقه !

هي قسمة ضيزى، خاصة، إذا عقدنا مقارنة بين المبدع الأوروبي ( شاعرا أو أديبا أو فنانا) الذي يتمتع بكامل حقوقه ،والتي تدرّ عليه ما يستحقه،نتيجـــــة لجــــهوده الفكرية. وبين المبدع العربي الذي لا يستفيد من ابداعه.

حلّ علينا سعدي يوسف ضيفا كريما بصحبة زوجته إقبال ، الفنانة العراقية والأستاذة المتخصصة في المسرح.

كانت متألقة في حديثها الذي يشيع البهجة فيما حولها. كانا في رفقة أخي الدكتور ضياء خضير. الذي كان استاذ الأدب العربي والنقد في جامعات مختلفة وفي دول ومدن متنوّعة ومنها:

العراق والجزائر والأردن وسلطنة عُمان.

الحديث مع سعدي يوسف يلتقطك من سكون اللحظة، ويلقي بك في متاهات الأدب والفن والذكرى. تحدّثَ عن البدايات :

علاقاته المبكرة مع الشعر والحياة في تلك الظلال الوارفة التي تحيط بشط العرب وقراه، التي تتخلل النخل وتعشعش فيه.

بدر في قرية جيكور، وسعدي في قرية حمدان، التي لا تبعد عنها سوى القليل. كان سعدي في بواكير شبابه مأخوذا بالشعر الجاهلي.

حاول أن يبرهن قدرته الشعرية الأولى، بمحاكاة متين الشعر القديم ومعانيه، فنظم ما يُحاكي ذلك. لكنه كبح جماح التقليد، متلمسا طعم الحداثة التي استساغها منذ بواكير حروفه. كان لقاؤه برفيق دربه بدر شاكر السياب،قد أوقد فيه جمرة الهَمّ الشعري، وهمّ الوطن الذي حمله عبر المنافي. في رحلة طويلة وشاقة ، التي بدأت قبل ستة عقود ونيّف. ولم تنته لحد اللحظة الراهنة.

تحدّثَ سعدي معنا عن البياتي وشعره، وعن بدر شاكر السياب في بواكير شبابه، وكيف شكّل ظاهرة شعرية متميزة. عن مظفر النواب وقصائده باللهجة العراقية.

هل هي رحلة البحث عن الفردوس الذي فَقدَهُ إلى الأبد؟

سعدي يوسف، هذا الرجل الهادئ، الودود، والذي لا تسمع صوته إلا بصعوبة، لا يتكلم الا بعد أن ينتهي حديثك. يصغي إليك باهتمام، ثمّ يعقب بطريقته الخاصة. لا يقاطعك إبدأ. مع أنه يمتلك القدرة على التبجح والترفع والكبرياء،. ولكنه يتحدث معك كتلميذ يطمح إلى المعلومة المثمرة.

تحدث عن محطاته التي ازدحم بها قطار العمر، حيث سافر إلى الجزائر. واستقر في مدينة سيدي بلعباس لبعض الوقت. كان ذلك بعد أن حصلت الجزائر على استقلالها بعامين . تجربة ثرية بين غربة شاعر واغتراب بلد.

هذه التجربة خلّفت لنا أجمل قصائد الوجد والغربة والالتحام مع الوطن.

«الحنين وها أنت منهزمٌ أيهذا الحنين. أيهذا الأنين الذي أسميته وطنا «

إنه الحنين الذي رافق سعدي يوسف كشبح مُخيف، حتى أنه ظل أسيرا لخطوته المتوحدة وهو في زحام الخطى « أسير مع الجميع وخطوتي وحدي «

تحدّثَ سعدي معنا عن البياتي وشعره، وعن بدر شاكر السياب في بواكير شبابه، وكيف شكّل ظاهرة شعرية متميزة. عن مظفر النواب وقصائده باللهجة العراقية، والتي عبّر عنها عن هموم الإنسان الجنوبي،عن ابداع غائب طعمة فرمان وقدرته على استلهام الواقع العراقي رغم هجرته المبكرة إلى الاتحاد السوفيتي. وعن ادراكه للشخصية العراقية، والتي جسدها في روايته النخلة والجيران، وكيف أن الترجمة قد استهلكته.

عن فؤاد التكرلي وإسهاماته في اثراء الرواية العراقية. عن الإبداع العراقي في المهجر.

تحدث عن الأصدقاء والرفاق والمعارف والذين مروا على صفيح الذاكرة في بغداد. ومنهم عبد الأمير الحصيري. هذا الشاعر الشاب – آنذاك- الذي أتى إلى بغداد يرتدي حياء الريفي وتردده، ولكنه انجرف مع الخمرة التي سلبته قدرته على التوازن الروحي.

كنتُ في أغلب الأحيان ألتقطه من الشارع، وأحمله في سيارتي، ثم أمنحه سقفا يأويه. ولكنه يعود إلى إدمانه وتسكّعه في شوارع بغداد»

ولكنه أنقذني من الموت. ففي أحد الأيام. همس عبد الأمير الحصيري بأذني

«لا تسوق سيارتك الليلة لأنهم…»

ولكنني تجاهلت تحذيره، ولحسن الحظ كنت أقودها ببطء، واكتشفت ان جهاز (البريك) لا يعمل، وحينما أخذت السيارة إلى الميكانيكي. اكتشفنا أن يدا خفية قد نزعت البريك عُنوةً.

كان ذلك أيام التصفيات الجسدية الخجولة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، بأوامر من قيادة حزب البعث.

ثم يضيف :

اتصلت بعبد الرحمن منيف وشرحت له المضايقات التي أتعرض لها. وكيف أنهم أصبحوا يضعوني مابين مطرقة التصفية الجسدية، وبين سندان التبعيث، بعد أيام جاءني الجواب من ميشيل عفلق:

قل لسعدي أن يغادر العراق لأن وجوده غير آمن.

كانت وجهته بيروت حيث المقاومة والحرب الأهلية. وقد كان في آخر باخرة حملته إلى تونس بعد الاجتياح الاسرائيلي ومفاوضات خروج الفلسطينيين.

في صباح اوتاوة المضرج بالضوء. يستيقظ سعدي مبكرا،ليتلمس أهداب الشجر الذي يحفّ بالبارك الكبير المقابل لبيتنا. يبحث عن أشجار الميبل، وأوراقها التي أصبحت رمزا لكندا. يضحك للطيور التي تعاكس إيقاع خطواته.

وحينما يعود إلينا مبتسما، وهو يختزن لذة الهواء. نضحك ونتبادل أطراف الحديث الذي لا يُمَل ؛ حديث الادب والفن والشعر والحياة.

في اوتاوة ناشيونال گالاري. أقيم معرض للفنان غوغان.

كان سعدي يوسف متحمسا للذهاب اليه.فذهبنا معا،

يقع الگالري على ربوة في قلب مدينة أوتاوة، تقابل مبنى البرلمان مابين نهر اوتاوة وقناة ريدو. حيث تصعد الزوارق من النهر المنخفض حتى القنال المرتفعة، عن طريق المدرجات المائية. في عملية تجذب السياح وتشدهم في موسم الصيف.

شرحتُ ذلك لسعدي وضياء . لستُ متأكدا من إصغائهما لأنهما كانا – في تلك اللحظة – يعيشان الهمّ العراقي ويتحدثان عن الشعر والأدب والاحتلال.

تم إكمال بناء هذا المعْلَم الحضاري(national gallery ) عام 1988، وقد كان من تصميم المعماري الشهير موشيه صافدي، وهو من أصل يهودي.

يعتمد البناء على ركائز من أعمدة الجرانيت، بينما تغلفه الصفائح الزجاجية، التي ترتفع وتتقاطع وتتشبع بالضوء،مما يتيح لمساحات المعرض الداخلية أن تستحمّ بدفء الشمس. قد أصبح المعرض الذي اكتمل بناؤه عام 1988 من أهم معالم المدينة. يقابله من الجانب الآخر كنيسة نوتردام، وهي كنيسة كاثوليكية أثارت انتباه سعدي يوسف لأناقة بنائها. ولم يعلم أنّها تحتوي على بعض المنحوتات، وبعض الأسفار عن الإنجيليين والأنبياء الأربعة.

غوغان في القاعة المعتمة، مُجَسَدا في لوحاته الفنية التي رأيناها معا، والتي كتب عنها، أن معظمها كان يمثل تجسيدا لوجه الفنان أو بورتريتا له.

كان سعدي منبهرا بجمالية الگالري. ومنبهرا بفن غوغان، يتأمل لوحاته في عمق الجدران التي يسيل عليها ضوء شحيح.يتأمل اللوحات بأحاسيس من يستنشق عمقها والظروف التي أحاطت بها. أحسستُ أنه يعيد صياغتها.

كان يقف طويلا أمام اللوحات، يتلمس مشاعر غوغان في لحظة توهجه الفني قبل قرن من الزمان.

كان يقف طويلا أمام اللوحات، يتلمس مشاعر غوغان في لحظة توهجه الفني قبل قرن من الزمان.

غوغان الذي ترك للأجيال ضربات فرشته مغموسة بغبار زمنه ولهفة مشاعره.

خرجنا من المعرض، منتشين بعطره. كان الأخ ضياء خضير يمتلك قدرة كبيرة، على ادراك النقاط المُبهرة في تراثنا من حكاية وشعر ونثر، ولكنه يمتلك – في نفس الوقت – رؤية فنية. قال لي وأنا أبدي استغرابي من هفوات اعتقدت أني أرصدها في رسم اللوحة القديمة:

هؤلاء الفنانون، تمردوا على الكلاسيكية. وأصبح عبثهم مدرسة فنيّة.

كنتُ منهمكا في تأمل تمثال يجسّد أشهر مصور عالمي، وهو يوسف كاراش، أرمني هرب من المذابح العرقية ضد الأرمن. ولكنه وجد انسانيته في كندا فأصبح من أشهر المصورين في القرن العشرين. صوّر الكثير من مشاهير عصره، ومنهم ملكة انگلترا وتشرشل والمئات،فترك ثروة من الوجوه والصور التي سجّلت بعض ملامح القرن العشرين فنيّا. وكان لا يلتقط الملامح في بورتريته، بل يتعمق في روح الشخص الذي يريد تصويره، يغوص في بعض ملامحه الخفية، لذلك تركت صوره صدى كبيرا وكأنه لوحات فنية . كان تمثاله بقرب شاتو لورييه. ولقد التقيتُ به في نهاية التسعينات من القرن الماضي. شرحتُ لسعدي يوسف عن هذا الفوتغرافر الكبير، ولكن سعدي وبطبيعة شخصيته التي تميل إلى المرح. همس في أذني ضاحكا، وهو يتأمل تمثال الأرمني يوسف كاراش :

(تعال خلّصْني من أخوك، ذِبَحْنِي بالسادة).

ضحكنا معا، ونحن نتطلع إلى المصاطب المائية التي تمرر الزوارق من نهر أوتاوة حتى قنال ريدو. بينما يزدهي البرلمان بألوان العلم الكندي، استعدادا لعيد تأسيس كندا الذي سيأتي بعد أسبوع. وتمثال يوسف كراش يقبض على عتلة الكاميرا كي يؤرخ الروح فوتوغرافيّا.

سعدي يوسف يحتفي بالنكتة الذكية الموحية. ويشعر بسعادة وهو يستمع إلى ضياء الذي يمتلك مخزونا جميلا من الطرائف. وسرعان ما يتخليان عن الاشتباك الشعري أو التنظيري لصالح الطريفة التي تقطع علينا سبل الانكفاء على الفكرة.

تتحدث إقبال عن لحظة الخلق الشعري عند سعدي يوسف.

تقول: حينما أراه ملتصقا بالجدار، ساهما، أشعر بأنّه بكتب القصيدة بأنامله. آنذاك أغلق الباب عليه بصمت وانسحب بهدوء. إنها لحظة الخلق الشعري التي تجعل الشاعر مسمّرا على وهج لحظة الخلق الشعري.

قلتُ لها: أتذكر أن شاعرا فلسطينيا، لستُ متأكدا من اسمه، قد ذكر ما يُشبه قولك. يقول:

فتحت باب غرفة سعدي يوسف في الفندق الذي نسكنه معا، فوجدته ساهما. فانسحبت. كان في تلك اللحظة. يؤسس قصيدة (البحث عن خان أيوب) التي تعتبر واحدة من أجمل قصائده.

وإقبال محمد علي رفيقة الشاعر :

مناضلة وفنانة مسرحية ومترجمة.تخرجت من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، كانت صديقة ومعجبة بالفنانة الكبيرة ناهدة الرماح. التي شعرت بالعمى المفاجئ، وهي تقوم بدورها في مسرحية القربان للكاتب غائب طعمة فرمان.

تقول إقبال: كنتُ معجبة بدور المرأة. التي تجسّده ناهدة. وكنت أحضر عروض المسرحية بين الفينة والأخرى. وحالما تعرضت ناهدة إلى العمى. حتى استدعاني مخرج المسرحية الفنان فاروق فياض.

وقال لي : أريدك أن تأخذي دور ناهدة، وأنْ تتقني الدور خلال خمسة أيام. وكان ذلك أكبر تحدٍ لي، وذلك لأني يجب أن أحفظ الدور في فترة وجيزة، وأقوم بأدائه كبديل لفنانة كبيرة، اضافة إلى أنني أقف أمام ممثلين كبار مثل خليل شوقي ويوسف العاني وغيرهم، وكانت تلك الفترة من ألذّ فترات حياتي، فرغم الأرهاق الذي تعرضتُ إليه، ورغم قسوة التجربة ولكنني نجحتُ في تأدية ذلك الدور. وقد أشاد بي جميع من عمل معي ، كالمخرج ويوسف العاني وخليل شوقي، إضافة إلى الجمهور العراقي «

ورغم أنّ إقبال كانت تعيش المسرح بكل جوارحها. ولكن الردة السياسية/ الثقافية التي اقتلعت سعدي يوسف من (سبّاح )نخل ابي الخصيب. اقتلعت إقبال وغيرها من المثقفين العراقيين من أعز مايحبون والذين تركوا كل شيء وهاجروا إلى الشتات.

تحدث عن الموّال المغربي والذي اعتبره متميّزا، وقال بانه يحتفظ بتسجيلات قديمة له. وقد تحدثنا عن فن الملحون والطرب الأندلسي والغرناطي. كما تحدثنا عن البيوتات المغربية القديمة التي تحوّل أغلبها إلى رياض.

من ذكريات إقبال التي أبكتنا واضحكتنا. تقول:

« وصلنا من أحد البلدان الاشتراكية إلى عدن. ونحن مجموعة من العوائل والأفراد العراقيين. وكان جو عدن خانقا. ولم نعرف أين نسكن. وقيل لنا بأن أحد العراقيين يسكن في أحد شقق هذه العمارة.ففكرت أن يساعدنا في المعلومات عن السكن والحياة، صعدتُ إلى هناك وطرقتُ الباب، فإذا بعينين تتلصصان عليّ ولكنه ما أن تعرّف عليّ حتى فتح الباب.عانقني وهو يُجهش بالبكاء. لقد شمّ رائحة العراق، إنه المطرب فؤاد سالم الذي كان منفيّا في اليمن «.قال سعدي يوسف: أشتهي أكلة الكسكس. إنه يهيم بطعام شمال أفريقيا. اتفقنا معه. زوجتي (بديعة) فرحت، لانها تجيد طبخ الكسكس والذين يطلقون عليه الطعام. الطريقة الوجدية لطهي الكسكس هي التي نجحت في اتفافنا. وهذه الأكلة شائعة بين البلدان المغاربية. كلمة كسكس الأمازيغية تحمل بعض المعاني الطريفة والمضحكة فينا كشرقيين.

زوجتي بديعة أتقنت تقديم الكسكس الوجدي، وكانت فرصة أن نستعرض الحياة في المغرب.

تحدث عن الموّال المغربي والذي اعتبره متميّزا، وقال بانه يحتفظ بتسجيلات قديمة له. وقد تحدثنا عن فن الملحون والطرب الأندلسي والغرناطي. كما تحدثنا عن البيوتات المغربية القديمة التي تحوّل أغلبها إلى رياض.

تحدثنا عن إيحاءات اللهجة ومفرداتها، والفروقات بين اللهجتين المغربية والعراقية. تلك الفروقات في المعاني والتي تجعلنا نقع في مواقف محرجة أحيانا، ولكنها مواقف ظريفة وطريفة في أغلب الأحيان.

تذكرنا أغاني (الراي) الجزائرية، والتي انتقلت إلى المغرب.

تذكرنا الأغنية القديمة للمطرب الجزائري الشعبي دحمان الحراشي. والتي أثارت في وقتها شجون الغربة، لانها تتكلم عن معاناة العمال المهاجرين في بلاد الغرب، وقد كنا في بداية سفرنا وهجرتنا، لذلك وجدنا فيها صدى لغربتنا.

الأغنية تقول:

« يا الرايح وين مسافر تروح تعيا وتولي

شحال ندمو العباد الغافلين قبلك وقبلي»

يغادرنا سعدي فيترك مسيمه وذكراه وتألقه.

٭ كاتب عراقي

اخر تحديث الجمعة, 05 يوليوز/تموز 2019 11:32