سعدي يوسف ... ذُعرُ الأجوبةِ أمام أسئلة التيَّه طباعة

 قيس مجيد المولى

يرى راكيتوف أن العالم المحسوس يقع خلف فكرة بحيث أن الإنسان وموجوداته هي شئ ما مقابل أشياء أكبر وأعظم حين يراد الوصول لغاية الوجود الإنساني ، وبلا شك فأن عملية التحولات الحسية غير مرهونة بضرفية ما وإنما مرهونة بفعل المتغيرات النفسية ومغايرة الحاجات لأمكنتها وأزمنتها أي أن عملية الإدامة لكل ما يؤثر في الخيال والذي تقع عليه العينان أو ذلك الذي يُسبر في أعماق الباطن هو المدى المقصود الذي تتحرك في مداه غير المقفل تلك الرؤى والأفكار والإستعدادات لرسم بيانية غير مقدرة على واجهة المخيلة وبالتالي تحريك قواها المنتجة لتوفير الطاقات المناسبة والتي تتلائم مع مامضى من البعد الزماني من حيث إستحضار عودتها بالتنسيق مع ماهو أت من الأزمنة المتوقعة والتي تحمل صيرورة ما للتدليل على قابليتها في تغييب أو إعادة الإيصال مابين الأصوات والصور والحوادث وما سيكون قابلا للتوقع أو قابلا للإفتراض ضمن مهمات تشكيل المشهد الشعري ،

فمن حيث الدخول في أساسيات هذا المفهوم أدام سعدي يوسف مهماته ووسائله التي تمس جوهر التطور البشري عبر النظر لماورائية الإنتاج النفسي والمعطيات التي لايجد بها من الضرورة أن يمس مركز الواقع مسا مباشرا للحفاظ على الخلاصة الروحية والتي تهئ له المزيد من طُرُق الفِرار والإنتقال من التنظيم المنسق الذي يجاب عن أسئلته بالتحديد والإختصار إلى البناء الحكائي والذي يحظر فيه أشكلا مألوفة بوقت غير جمعي ليعيد نشره مابين زمنين قادرين على التعرف على بعضهما البعض ،
إن نزاهة النص لدى سعدي يوسف يكمن في رصد الحدث للذاكرة وفي تتابع الإرساليات التي تأتي في أغلب الأحايين من مناطق معزولة تُكونُ مداخل تقريبية
لرصد فعل حركة البناء الشعري وقياس طاقاته ومديات تأثيرها في متوالياتها اللاحقة وقد تكون بعضُ مفردات في نهاية نص ما من نصوصه قابلة على شحن المتلقي ببداية جديدة للعودة من جديد بقرأة جديدة للنص :
كنا في قاع سفينة شحنٍ
أسرى وعبيداً
نتكومُ فوق حبال يقطرُ منها زيتٌ أسود
وننام على أذرعنا مذعورين
قطعنا البحر العربيّ
قطعنا البحر َ الأحمرَ
ودخلنا في المتوسطِ ..
كانت أيدينا كملابسنا، يقطرُمنها زيتٌ أسود
يتقطَّر منها عرقٌ
وهواءٌ .. ودمٌ
...........
...........
..........
أي بحار مازال علينا أن نقطعها
في قاعِ سفينة شحن ..؟
أن الخروج على النمط التكييفي سمة من سمات الشاعر سعدي يوسف ،كونه يضع الظروف الإجتماعية والسياسة تحت عدسة مصغرة ومتحولة رغم عظمة تلك الظروف فأبعتقادنا أنه لايشعر شعريا بأصرة صميمية معها كون مناخه مشبعا بأغراض كونية متعددة كما أن إسترجاعاته للدلالات المكانية ليست لكشف أو إقتباس مؤثراتها عبر مرحلة ما لكنها تبقى لدية ركيزة تقديرية لفعل تقديري بنائي جديد إي إستقرائية علة الحدث للنظر إلى المجهول وبالمقابل فأن هذا التغيير أوبالأحرى هذه الإنقلابية لإجتياز (الحدث الزمني – والحدث اللازمني ) هو إضاءة الخيط الموصول بين عالم الواقع اللامعقول والعالم الذي مافوقه لذا ينتعش النص ينتعش بالنقيض هذا النقيض الذي لايريد أن يكون هناك حدثا غير الحدث الفجائي الذي يستلهم شوارد الأحداث التي مضت ،
لتتشابه هذه الرؤيا والرؤيا الهيجيلية التي تاتي من المتغير المتحرك ضمن صيرورة متواصلة لكنها غير مرتبطة بكليتها :
من بلد ستدور إلى أخر
ومن إمرأة ستفر إلى إمرأة
من صحراءَ إلى أخرى
لكن الخيط الممدود مع الطائرةَ الورقية
سيظل الخيط المشدود إلى النخلة
حيث إرتفعت طائرتك الأولى
أمام هذا الإنصات للكائن المتحول والطبيعة المتحولة قدم سعدي يوسف مجموعة من أسئلة التيه والتي أختبر بها معطياته تلك المعطيات التي لم تجد إلا أجوبة مذعورة أبقى أمامها الفضاء مطلقا ومفتوحا للمزيد من النكبات كون قضايا الإنسان لاتلتئم إلا بعذاباته الروحية وضياعه في مجهوله الأبدي ،
عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته

اخر تحديث الثلاثاء, 02 نونبر/تشرين ثان 2010 16:20