سعدي يوسف .... عملاق كشِعره طباعة

انا ياصديقي مغرمٌ في شعركم،
"حدّ العياء"
فأين انتم؟
العيش في ظل كلمات وصور سعدي يوسف نعمة ربانية.  وبعد 35 عاما من العيش بين سطوره شاء القدر العراقي ان يجمعني في نيويورك شخصيا بصاحب تلك الصور الشعرية الرقيقة الطيبة التي طالما اضاءت ايام غربتنا في الاقسام الداخلية وليالي نيويورك الموحشة. وما زالت كذلك حتى يومنا هذا، حيث اطبقت عتمة اقلام الخونة الانتهازيين المأجورين، خدام ومحابي الاحتلال والمستعمرين، ومااكثرهم واكثرانماطهم، على كل ما هو مضيء و صادق من ذكرياتنا وطفولتنا العراقية!

   ولكن مفاجئتي في نيويورك كانت اعظم. فشخصية سعدي يوسف كانت بجمال و قوة شعره. واشعاره التي ينطقها بفمه اصبحت كأغان وتقاسيم عود موسيقيةعذبة. واحياناً ملاحم وقصص قصيرة!
على غير عادة الشعراء في عهده، سعدي متواضع جدا. رقيق وشفاف وعذب.  ثاقب الذكاء وسريع الفطنة. ملّم بالتراث العربي والعراقي والاسلامي  واللغة لابعد الحدود. بل وملّم بالادب العالمي ولغاته، حتى ان اشعاره وكلماته الانجليزية بقوة وصدق ونكهة العربية.  سعدي لا يملك من زيف الشعراء ورياءهم ولو قطرة!
تكريما لسعدي يوسف، وجهت المنظمة العالمية (PEN) دعوة له لقراءة بعض اشعاره في مؤتمرها هذا العام المنعقد في نييورك. شاكياً برقة ثقل المنافي وضجيجها، قال سعدي في قراءته الاولى:
What am I doing in Paris?
واقول، ياسعدي كنتم في باريس، بل وفي غرب لندن اليوم، تعملون المستحيل: انكم تحافظون على انسانيتكم  ووطنيتكم الصادقة. انكم تحافظون على بقايا العراق في وجه مغول العصر وصلبانهم. انكم تحافظون على اشلاءنا المبعثرة. فالدجاح والسمك المطهي يدويا في مطبخكم الصغير أطيب وأفيد من كل موائد الخونة في المنطقة الخضراء وامثالها المنتشرة من اربيل وحتى ازقة النجف. وحانات القرية ووساخاتها انظف من اطهرهم، حتى بعد وضوءهم قبيل الصلاة. فهم اقزام منافقون وكذابون باعوا انفسهم بابخس الاثمان. اما انت فشيخ جليل. 
 واقول ايضا، ربما نعيش اليوم الذي نجلس فيه في شارع يوسف في البصرة او بغداد. ولكن، وفي اقل تقدير، قد يزع عراقيٌ ما، يومٌ ما، نخلة اسمها سعدي في غرب لندن او نيويورك. وربما اخرى في قلب المنطقة الخضراء في بغداد.  ماذا تريد اكثر من ذلك يا أخظر بن يوسف؟