كلام على الماشي سعدي يوسف في بيتي طباعة

حسن النوّاب

هكذا انا ، اشعر بالتهيب والإرتباك عندما التقي بمبدع كبير لأول مرة ، وبرغم ان معظم المبدعين العراقيين الكبار اصدقائي والحمد لله ، ولكن صداقتي بهؤلاء الكواكب المضيئة بدروب البلاد لم تتحقق بسهولة على الإطلاق ، فحسب الشيخ جعفر توطدت صداقتي معه عندما وصلت الى عمان ، وكنت ازوره الى شقته المتواضعة بين حين وآخر ، ولم يكن يجلس الا معي في حانة صغيرة قرب مقهى السنترال ويصدف ان يكون ثالثنا علي السوداني ، بينما الشاعر حميد سعيد كانت صداقتي معه في منتهى النبل وقد شرفني بحضوره مع ولده مصعب يوم زفافي

كما حضر مجلس الفاتحة برحيل والدي رحمه الله ، ومازال حتى الآن يحرص على مراسلتي بحنان عجيب برغم حماقات الصعلكة التي ارتكبتها بحقه، لكنه برهن الى الجميع انه يمتلك قلبا كبياض فؤاد نخلة ،وتبقى لصداقتي مع الراحل يوسف الصائغ نكهة خاصة ، ولعل غرفته الصغيرة بوزارة الثقافة كانت شاهدة على تبادل وجهات النظر الجريئة بيننا حول الحكومة آنذاك ، كما انه يحرص على المبيت في غرفتي ايام المربد لأنه لايمتلك غرفة للضيافة كونه من سكنة بغداد وعلى الرغم من منصبه الرفيع كمدير عام للسينما والمسرح ؟؟ اما القاص محمد خضير برغم بعد المسافة عنه الا انه  يحرص حتى الساعة على متابعة اخباري من عديلي صباح الذي كان زميلا معه في التعليم ، ومناسبة الحديث عن علاقتي بهؤلاء المبدعين الكبار اطال الله بعمرهم والفردوس لمن رحل منهم ، ان الشاعر الكبير سعدي يوسف شاءت المصادفة ان اتبادل معه بعض الحوارات الخاطفة على صفحة فيس بوك ، وقد اذهلني تواضعه ، وفي حوار مقتضب معه قبل اسابيع كتب لي باللغة الإنكليزية : انتظرني سأطرق بابك ، وسارعت وكتبت له عنوان الدار ، وبت اترقب قدومه في الأيام المنصرمة ، لكني فوجئت بعبارة كتبها على حائطه قبل ايام يخبر الأصدقاء انه سيشد الرحال الى مكان آخر ، فكتبت له : ولكني انتظرك ؟ واجابني : سأكون عندك .. وهكذا جاء سعدي يوسف الى بيتي المتواضع ،جاهد حتى يزيل ارتباكي ، ولم يجلس الا دقائق في صالة الإستقبال الصغيرة طبع خلالها قبلات بصرية على خدود اطفالي ، ثم حمل حقيبته وطلب مني مرافقته الى حانة قريبة ، اخذته الى حانة القمر وكانت مناسبة ان يكون هذا اليوم من كل سبت ملتقى للشعراء الإستراليين في تلك الحانة ، وبلغة انكليزية حرصت ان لا اتلعثم فيها قدمت الأخضر بن يوسف اليهم ، استقبلوه بسرور وحرص بالغين ، وطلبوا منه ان يقرأ بعض قصائده ، واستجاب لهم وقرأ قصيدة باللغة الأنكليزية ، مما اثار اعجابهم واقترحوا عليه جلسة شعرية خاصة في السبت القادم ، واجابهم يسرني ذلك اذا ماجذبتني بيرث للبقاء حتى ذلك الموعد ، ولا ادري كيف سمع الأصدقاء بنبأ قدومه الى بيرث ، لم يتوقف رنين هاتفي الذي كان يشكو من عزلة كبيرة قبل قدوم شاعرنا الأخضر ، كانوا يسألون عن مكان تواجدنا ،وكنت اجيبهم ان هناك جلسة شعرية سأخبركم بها قريبا وتحضرون لرؤية شاعر الليالي كلها ، عندما جن الليل شعرت بالحيرة لأني بيتي الصغير لم يكن فيه اي سرير اضافي للضيف القادم ، ولذا حشرت العائلة بغرفة ومكثنا في الغرفة الأخرى نشرب زلال الملائكة حتى الفجر ، قرأت له بعض قصائدي وماعدت اتذكر شيئا ، استيقظت عند الظهيرة ، لم اجد سعدي يوسف في الغرفة ، خرجت افتش عنه بالحانة التي جلسنا فيها يوم امس ، يا الهي لااثر للأخضر بن يوسف ، عدت يائسا الى منزلي ولما فتحت النت وجدت على حائط صفحته هذه العبارة : عزيزي حسن سأسافر الى .. ربما مطلع السنة القادمة سأزورك ، وبت في حيرة من امري .. ان لم يكن سعدي يوسف .. ترى من كان في بيتي ليلة امس ؟

حسن النواب
عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته

اخر تحديث السبت, 15 أكتوبر/تشرين أول 2011 11:50