سعدي يوسف يبحثُ عن جنةٍ أُخرى منسيةٍ في برلين .... طباعة

 قيس مجيد المولى

أحيانا يتطلب تحوير اللغة المتداولة سلبها وقارها وسلبها أساسياتها ...
أي أن نطقها يكون تخيلها وهي بذلك لاتكرر أغراضها رغم ظهور مشاهد مشابهة هنا أو هناك ثم الناي عن الخيال المتسلط الكلي ربما يكون ذلك لإكتساب معاكس للغربة من الواقع أو ربما لإيجاد مساحة ما لقولبة الإشتياق والحنين ولاشك بذلك إذ يظهر البدء مسميات تعبيرية منتجة لزمن معاكس زمنا يعود به الغريب إلى نشأته من فم حمامة وساعة تدق ولاتدق ومحيط خال من النوافذ ....

رغم ذلك فالمجال الذي يتم التعبير من خلاله  عن ذات وحيدة يتقدم على مجال مخزونات الصور في الماضي ليبدو سعدي يوسف وكأنه يرحل إليها في كل طور صداقاته مع المدن وصداقات مافي المدن معه وهو حين يختار إسما يعني أنه إختار لحظة ما وليس اللحظة الأبدية لأن مجال الكيفيات لايعبر عنها بالحاجة لنزوة شكلية قصيرة  فهو دؤوب البحث عن تلك النزوات المدمرة التي ترج الذاكرة قبل رجها للجسد  ولذلك
لاأعتقد أن سعدي بحث عن فردوس في برلين أي بحث عن إستكمالات منقوصة بقدر عن بحثه عن خطوط كانت قد تقطعت لكنها بقيت معه وأتجه بها لأصقاع بعيدة  ليقدمها في تجربة خاصة تحت غطاء محكم النفاذ عند ذلك تمكن سعدي يوسف من تذوق الأشياء تارة ضمن بناء فني شامل وتارة ضمن إيجاز أجوبة لأسئلة بعيدة ليزاول حفره في أخدود الغربة الذي لاينتهي وهو في الوقت نفسه ينأى عن التماس المفروض في طبيعة الحدث وطبيعة توريد العقل الباطن للحالة الأنية لإعادة المجهول بمجهول أخر  لشعوره أن نهاية ما تستطع أن تجيبه إيجابا وليس سلبا عن مشغولياته التي يبعثها مرة عبر سراويل النسوة وعبر البرق والأرواح والورق ،لقد قدم في نصوص برلين البداية الثانية للرقص والسراب والحدس وبما أنه خطف من الطبيعة موجودات خاصة بها فأيضا خطف من الدلالات المعبرة عن اللون والصوت ماينسجم تماما مع الظهور المفاجئ لكل عناصر الإغراء والمتعة أن يكون الزمن هنا مقبولا في عدم ترتيبه حين تربط الذاكرة متشابه بعيدة بمتشابه قريب من أجل الحصول على تقارب مشهدين في زمنين مختلفين أو تقارب ذاتين غائبتين أو حتى لمحاولة وهو بذلك العزل المنظم ملاقاة أخرى لخلق تنافر ما بين مستويات من الإرسال تتفرق تارة وتقترب تارة أخرى وهو تقدير للإبتعاد بالشعر عن عالمين مكتشفين ضمن العالم الداخلي والعالم الخارجي وهذا السواء

يدعو الى المزيد من الكشف عن الشفافية المطلقة ضمن تقنية السرعة في القبض على الفكرة وتقنية التقريب البصري لدغم مشهد بأخر،
إن الأساس الذي وضعه سعدي يوسف في نصوص برلين هو العالم بشموليته لأن هناك شراكة ما مع كل المماثلات شراكة في العاطفة وشراكة في اللاثبات
وشراكة في معايشة الأحداث وشراكة في تذكرها ،

وهذه المرة يعيش سعدي على أرض ظاهراتية أي تلد ظواهرها من خلال مشغوليتها بالموجودات (الأصدقاء الحانة- البحيرة- الكنيسة-السوق- الجسر- القطارات-أجناس أخرى من قوميات مختلفة ....)فهناك صورة وحدث لكن الشاعر هنا يترك الأحداث هي التي تروي بعد أن يراها بشئ ويعيدها بشئ أخر وهذا المتحسس المتقدم بمثابة الوصلات المتناوبة في المنلوج الداخلي فالحكاية قصيرة لكنها معبرة

عن رغبة روحية مفقودة فلابد من تفكيك الماضي وتفكيك الطبيعة كما عبر جوتفرد بن ووضعهما ضمن مسار جديد يتم من خلاله صياغات بعض حاجات الإنسان الروحية بغيبة نبيهة عما يدور في هذا الكون ليتشكل من المفزع المفرح ومن البعد الإقتراب ومن العذاب الشعور بقرب لذة ما وليس هناك من مخرج لتلك القوى الروحية والجسدية إلا أن تستفز قوى إحساسها أن دقت الساعة أو لم تدق ؛

عنوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته

* هامش /سعدي يوسف ... نصوص برلين