ايُّـهذا الحنينُ ، يا عـدوِّي طباعة

 لي ثلاثونَ عاماً معكْ
نلتقي مثل لصّينِ في رحلةٍ لم يُـلِـمّـا بكلِ تفاصيلها ؛
عرباتُ القطار
تتناقصُ عبرَ المحطاتِ
والضوءُ يشحبُ ،
لكنّ مقعدَك الخشبيّ الذي ظلَّ يَشغلُ كلَّ القطاراتِ ما زال محتفظاً بثوابتهِ

بـحُزوزِ السنين
بالرسومِ الطباشيرِ
بالكامراتِ التي لم يعدْ أحدٌ يتذكرُ أسماءَها
بالوجوهِ
وبالشجرِ النائمِ الآنَ تحت الترابِ…
استرقْـتُ إليكَ النظرْ
لحظةً
ثم أسرعتُ ألهثُ نحو المقاعدِ في العرباتِ الأخيرةِ ،
مبتعداً عنكَ …

……………
……………
……………

قلتُ : الطريقُ طويلٌ ؛
وأخرجتُ من كيسيَ الخيشِ خبزاً وقطعةَ جبنٍ …
وإذْ بي أراكَ
تقاسمني الخبزَ والجبنَ !
كيفَ انتهيتَ إليَّ ؟
وكيف انقضضْتَ عليَّ كما يفعلُ الصقرُ ؟
فاسمعْ :

أنا لم أقطعْ عشراتِ الآلافِ من الأميالِ
ولم أطَّـوَّفْ في عشراتِ البلدانِ
ولم أتعرَّفْ آلافَ الأغصانِ
لكي تسلبني أنتَ … الكنــزَ
وتحبسني في زاويةٍ !

فاترك المقعدَ الآنَ ، واهبطْ !
قطاري سيســرعُ بي ، بعد هذي المحطةِ ؛
فاهبِـطْ
ودعنيَ أمضي إلى حيثُ لن يتوقّفَ يوماً قطارْ …

لندن 11/12/2003