Transatlantique-Meknes Hotel عُمرُ هذا النُّزْلِ عُمري : عُمرُهُ خمسٌ وسبعون ، وبِضعٌ من حروبٍ . ينهضُ النُزْلُ على مَشْــرفةٍ تَصْلُحُ أن تنصِبَ فيها مدفعــاً يمكنُ أن يقصفَ حَيَّ العربِ ، الأسواقَ والتاريخَ والزُّلَّــيجَ ... كانت هيأةُ الضبّاطِ في الجيشِ الفرنســيّ ترى في النُزْلِ بيتاً أو مَقَرّاً ، من هنا يمكِنُ للخيّالةِ السيرُ إلى ' وجدةَ ' ليلاً ، ثم يأوونَ إلى بردِ تِلِمسانَ صباحَ الغدِ ... كان العالَمُ المعروفُ في مُنبسَطِ الكفِّ ! ....................... ....................... .......................
ولكني هنا في البارِ ... أبدو ضائعاً مستَنفَداً في ولَهِي إذ أسمعُ ' الـعَرْبِيَّ ' يتلو أزرقَ الجازِ وإذْ ألمحُهُ يغمِزُ لي في آخِرِ الأغنيةِ . النُّزْلُ الذي أعرفُهُ لم يَعُدِ النُّزْلَ الذي أعرفُهُ ... ........................ ........................ ........................ اللحظةُ ، كالقطّةِ : إني أسمعُ ، البغتةَ ، خَطوي ، عبْرَ ممشى العشبِ أسمعُ الأوراقَ تَسّاقَطُ في الليلِ حفيفَ الطيرِ إذ يأوي إلى عُشٍّ بِــلِـــيفِ النخـــلِ ِمن صومعةٍ في البلدةِ انثالَ الأذانُ ... العالَمُ استكمَلَ معناهُ . وهذا النُزْلُ أيضاً ! لندن 02.04.2009 الشاطئ البربريّ Barbary Coast أقولُ الصراحةَ : هذي البلادُ التي كِدتُ أعرفُها مرّةً لن أتوقَ لأعرفَها الآنَ ... هذي البلادُ أخَبِّيءُ أعشابَها وأزِقَّتَها في جيوبي الكثيرةِ لن أسألَ ؛ الوردُ والســِرُّ لا يُسألانِ الحقيقةُ لا تُسألُ . الحُبُّ لا يُسألُ . الدربُ ما بينَ وجدةَ شــرقاً وسَــبْـتـةَ ، دربي العتيقُ الذي وطّأتْــهُ خُطايَ الخفيفاتُ أيّامَ كانت موائدُنا نَزْرةً وبيارقُنا عاليات ... لكَ الحمدُ ، يا شاطئي البربريَّ لك الحمدُ يا مَن وهبتَ الأصابعَ وقتَ النبات. لندن 09.04.2009 الـمَــدْبَــغـــــة سـُـلَّـمٌ ضيّقٌ ، وحديدٌ ، سيأخذكَ ... السُّلَّمُ الضيِّقُ ، الحلَزونُ ،سيبدأُ من آخرِ المخزنِ . السّترةُ الجِلْدُ ، ثَمَّتَ ،والشايُ أخضرَ ، تلكَ الحقائبُ مفتوحةٌ ، كفِخاخٍ ،ستسقطُ فيها عجائزُ برلينَ ... والشمسُ غائبةٌ أبداً ( ربما تُحرِقُ الجِلْدَ ) يأخذك السلَّمُ الضيِّقُ ، الحلزونُ ، إلى السطحِ : من ههنا تُـبصرُ الـمَدْبَــغــةْ : شمسُ إفريقيا تتمهَّلُ ، حتى تغورَ عميقاً بتلك القدورِ المدوَّرةِ . الماءُ يفقدُ ما هو للماءِ . للماءِ رائحةٌ كالمجاري التي في الحميمِ وللماءِ لونٌ ، وللماءِ طَعْمُ الرصاصِ . الرجالُ يدورون بين القدورِ ، عراةً إلى النصفِ . كانت جلودُ جِمالٍ على السطحِ تَنْشَفُ كان قطيعٌ من الماعزِ الغِرِّ ينزعُ أثوابَهُ قربَ ثورٍ بلا جثّــةٍ أتُرى دخلتْ في القدورِ خيولٌ من الأطلسِ ؟ الشمسُ باردةٌ شمسُ إفريقيا تتمهّلُ كي تُنْضِجَ الجِــلْـدَ كي تتفادى سكاكينَــنـا بالغياب... لندن 30.03.2009 جْوان في بار نُوفَـلـْتِــي ربّـما للمرةِ الأولى يرى الساقي ، جَمالُ ، امرأةً تجلسُ في كرسيِّها العالي بهذا البارِ ، كي تطلبَ منه كأسَ ' رِيكار ' ... لقد كان نهاراً رائقاً والشمسُ في يوم الربيعِ الأولِ ؛ الناسُ الذين اقتعَدوا مقهى الرصيفِ استمتعوا بالقهوةِ الآنَ تجيءُ الخطوةُ الأخرى : إلى البارِ ! .......................... .......................... .......................... كأنّ جْوانَ لا تدري بما يَحْدُثُ في البارِ ... لقد جاءَ الجميعُ ! اختفتِ الشمسُ وما عادَ بهذا الصَّوْبِ من ' مكناسَ ' مقهى ... وسماءٌ رَطْـبــةٌ تُمطِرُ رِيكاراً على رأسِ جــوان ، البارُ أمسى مسرحاً ... قالت جوانُ : ' الآنَ حانَ الوقتُ كي نمضي إلى الفندقِ ... ' لندن 08.04.2009 خِزانةُ جامعِ القرويّـين كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان بسيطاً خشباً لم تجرحْه يدٌ لتزخرفَه ، أو لتلوِّنَهُ . كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان على بابِ المخطوطاتِ السعديةِ يحرسُــها . لو كانت تلك القُبّةُ مُذْهَــبــةً من تِبْرِ السعديّينَ ! لكنّ القبّةَ عاريةٌ إلاّ من مخطوطاتِ النحوِ وكرســيّ محمدٍ الخامس ! لندن 30.03.2009 ســاحةُ الهَــدِيــم ( مكناس ) مولاي ، اسماعيلُ ، قِفْ ، نرجوكَ ... هذا حَدُّكَ ! ابتدأتْ منازلُنا الفقيرةُ وانتهى غالي قصورِكَ! ليس بَعدَ الساحةِ القوراءِ مِن هَدْمٍ ... أتعرفُ أننا نخشى الدخولَ إلى حدائقِكَ ؟ الصهاريجُ ارتوَتْ منها خيولُكَ غيرَ أنّ غِياضَنا ، الزيتونَ والليمونَ والنعناعَ ، جفّتْ ... نحن ، يا مولايَ اسماعيل ، شعبُكَ نحن لسنا في بلادِ السِّــيبةِ ... الراياتُ رايتُكَ المنابرُ كلُّها تدعو لكَ ، الغاباتُ مزرعةٌ لكَ الشطآنُ والوديانُ ، والنُّعْـمى ، وثلجُ الأطلسِ البحريّ . يا مولاي اسماعيلُ قِفْ ! نرجوكَ ... هذا حَدُّكَ ! لندن 07.04.2009 ســيّدي اللقلقُ ملأَ الرومانُ هذا السهلَ بالأعنابِ والأعمدةِ . الأَرْزُ الذي يكْمُنُ في الأطلسِ يُمسي سفناً أو عرشَ جنديٍّ ، وقد يصبحُ كأساً لنبيذ السهلِ باباً أو ســريراً ... نحنُ جَوّابونَ ، لم نغلقْ علينا أفُقاً لم نبْنِ بيتاً دارةً ، أو قلعةً ... نحن بنَينا مُدُناً في صحنِ حلوى وانتظرنا لحظةَ الإفطارِ ، آنَ التّمْــرةُ الجنّةُ . ما أشبهَنا بالنحلِ والنخلِ ! وما أشبهَنا باللقلقِ ! الســهلُ فســـيحٌ ... هل سيبني سيِّدي اللقلقُ عشّــاً بـينَ مكناسٍ وفاس ؟ لندن 01.04.2009
|